أخنوش يواجه أسئلة النواب حول السياسة التعليمية الاثنين    الدخان الأسود يتصاعد من الفاتيكان.. الكرادلة لم يتوصلوا لاختيار البابا الجديد    المملكة المتحدة تجدد تأكيد التزامها بتعميق الشراكة مع المغرب    السكوري: العمل عن بعد سيدخل تحت مظلة مدونة الشغل قريباً    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    "كان" الشباب... المنتخب المغربي ينتظر وصيف المجموعة الأولى لمواجهته في ربع النهائي    محكمة الاستئناف تقلص عقوبة محمد زيان إلى 3 سنوات نافذة    معلومات استخباراتية تحجز على طنين من مخدر الشيرا وتوقف ثمانية أشخاص بالعرائش    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    مهندس سابق ب"غوغل": غزة تشهد أول "إبادة جماعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي"    توقعات بإعلان اتفاق بين أمريكا وبريطانيا حول الرسوم الجمركية الخميس    وزير الدفاع الباكستاني: التوتر مع الهند قد يؤدي إلى حرب نووية    بوعشرين معلقا على حكم زيان: تخفيض العقوبة ليس مفرحا.. وكنت أنتظر البراءة    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    البطولة.. انتصار واحد يفصل الكوكب المراكشي عن العودة إلى القسم الاحترافي الأول    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    طقس الخميس: أجواء حارة بعدد من الجهات    محاكمة ناشطيْن من "حراك الماء" بفجيج    تعزيزا للسيولة.. بورصة الدار البيضاء تستعد لإطلاق سوق جديدة للمشتقات المالية    ديكلان رايس بعد خسارة آرسنال ضد باريس سان جيرمان: "بذلنا قصارى جهدنا.. وسنعود أقوى"    الذكرى ال22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن: مناسبة لتجديد آصرة التلاحم المكين بين العرش والشعب    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    اعتصام وإضراب إنذاري عن الطعام للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان    ماكرون يستقبل الشرع ويسعى لإنهاء العقوبات الأوروبية على سوريا    كيوسك الخميس | خارطة طريق لإحداث 76 ألف منصب شغل    العرائش: اتهامات بسرقة الكهرباء تلاحق شركة النظافة وسط صمت جماعي مثير    صادرات المغرب من الأفوكادو تثير قلق المزارعين الإسبان ومطالب بتدخل الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    المجلس الجماعي للجديدة يصادق على جميع نقاط جدول أعمال دورة ماي 2025    إحباط محاولة جديدة للهجرة السرية على سواحل إقليم الجديدة    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات الإسبانية بعيون مغربية
نشر في لكم يوم 19 - 04 - 2019

شهدت العلاقات المغربية الإسبانية في العقد الأخير أفضل فتراتها وعاش البلدان شهر عسل دام أكثر من خمس عشرة سنة، لم تؤثر فيه تداعيات الأزمة الاقتصادية ولا تغير الحكومات من يسار ثاباتيرو إلى يمين ماريانو راخوي قبل مجيء حكومة سانشيز المؤقتة بعد ملتمس الرقابة الذي أنهى ولايتين من تدبير الحزب الشعبي.
ويكفي متابعة الدينامية السياسية التي تشهدها إسبانيا في الحملة الانتخابية الحالية للوقوف على أهمية الانتباه إلى الموعد الانتخابي ليوم 28 أبريل 2019، خصوصا أن المغرب يبقى حاضرا بقوة، ليس فقط في السياسة الخارجية لجميع الأحزاب، ولكن أيضا كورقة انتخابية، خصوصا في يد اليمين واليمين المتطرف، الذي يبحث في العادة عن عدو خارجي لدغدغة المشاعر الوطنية وتحميله مسؤولية مشاكل الداخل، وإحراج التحالف الماسك بالسلطة، هذا التحالف، كيفما كان لونه السياسي، يكون في العادة عارفا بالأهمية الاستراتيجية للجار الجنوبي.
توافق براغماتي
تعود متانة هذه العلاقة بين "الجارين الحذرين"، بتعبير نبيل الدريوش، إلى التوافق بين وجهتي نظر الحكومات التي تعاقبت على المغرب وعلى إسبانيا في العقدين الأخيرين، والتقارب بين القصر الملكي بالرباط وقصر ثارثويلا بمدريد، والذي بدأ في الألفية الجديدة مع الملك خوان كارلوس واستمر مع الملك فيليبي، وإلى العلاقات الاقتصادية المتقدمة التي جعلت إسبانيا الشريك الاقتصادي الأول للمملكة؛ بالإضافة إلى التعاون الاستثنائي بين الجهاز الأمني المغربي ونظيره الإسباني، والذي أعطى نتائج ملموسة في مجال محاربة الإرهاب والاتجار بالبشر، وكذا التوافق حول ملفات استراتيجية مثل اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الذي يستفيد منه بالدرجة الأولى أسطول الصيد الإسباني، وأيضا ملف محاربة الهجرة العابرة للمتوسط…
هذه العلاقة الثنائية استطاعت ان تنضج وتقف على قواعد صلبة يحكمها المصير المشترك وعلاقة رابح رابح، وتعززها أرقام التبادلات الاقتصادية، إلا أنها، مثل أي علاقة على الصعيد الدولي، تخضع لمنطق المصلحة الثنائية، وتحكمها توجهات الفاعلين فيها. واليوم ونحن على بعد أقل من أسبوعين على إجراء انتخابات عامة إسبانية، من غير المفاجئ أن تتأثر هذه العلاقات الثنائية الاستراتيجية بنتائج صناديق الاقتراع وما ستفرزه التحالفات السياسية في الجار الشمالي.
بعيدا عن لغة المشاعر والعلاقات التاريخية، فإن هذا التقارب البراغماتي الذي فرضته الجغرافيا وساهمت فيه رغبة كل طرف في تعزيز مكانته داخل الخريطة القارية، لا يعود فقط إلى التوافق وتبادل المصالح حول الملفات سالفة الذكر، بل أيضا إلى التغاضي العقلاني عن بعض الملفات الساخنة والمعقدة، التي قد تعيد إثارتها عقارب الزمن السياسي إلى حقبة اليميني خوسي ماريا أثنار، الذي أسقطته صناديق الاقتراع ثلاثة أيام بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف محطة قطار أتوتشا بمدريد سنة 2004.
عودة العراب أثنار
بالحديث عن خوسي ماريا أثنار وبعد خمس عشرة سنة من أفوله السياسي لن يعود الزعيم اليميني، الذي لا يخفي عداءه الإيديولوجي للمغرب، إلى صناديق الاقتراع في 28 أبريل للتنافس الانتخابي، بما أنه ليس مرشحا في أي لائحة، لكنه قد يعود إلى التحكم في كواليس الحكومة الإسبانية، ودائما بواسطة صناديق الاقتراع.
فإذا كان زعيم الحزب الشعبي السابق ماريانو راخوي، الذي أطاح بأثنار من رئاسة الحزب وتبنى نهجا مخالفا لنهج سلفه وسجلت حكومته الأولى وكذا الثانية تقاربا منقطع النظير مع الجار الجنوبي، فإن الزعيم الحالي بابلو كاسادو، وإن كانت تحوم شكوك حول شهاداته الجامعية، لكن لا أحد يشك في كونه التلميذ النجيب لأثنار، وخليفته في السياسة الذي استفاد من دعم الحرس القديم للفوز برئاسة الحزب الشعبي. ولكي يظهر مباركته السياسية لكاسادو لا يتردد أثنار في القول بأن المحامي الشاب يتوفر على جميع الخصائص التي تجعله قياديا سياسيا في المستقبل.
من جهة أخرى، فإن حزب فوكس اليميني المتطرف، الذي أصبح سريعا تحصيلا حاصلا في الساحة السياسية الإسبانية، إسوة بنظرائه في باقي الدول الأوروبية، وإن كان لا يعلن، لدواعٍ انتخابية، قربه من الحزب الشعبي ومن خوسي ماريا أثنار، حتى وإن كانت جل قياداته تخرجت سياسيا من الحزب الشعبي، لكن الغريب هو أن يتبادل الجانبان مشادات كلامية في وسائل الإعلام.
لكن هذا التدافع الانتخابي بين الإخوة الأعداء مرده إلى أن قادة حزب فوكس يعتبرون أن أثنار وحزبه ليسوا باليمينيين كما يجب أن يكون اليمين، ويلومون بابلو كاسادو بأنه يميني وسطي، لأنه يريد أن يتكرم على الحوامل من المهاجرات الموجودات في وضعية غير قانونية بأوراق إقامة إلى غاية أن يضعن حملهن إذا، وفقط إذا، قررن منح أطفالهن لإسبانيا ومغادرة البلاد! وهذا الموقف غير كاف لزعيم فوكس سانتياغو أباسكال، الذي يريد بكل بساطة بناء جدار عازل في سبتة ومليلية لمنع وصول أي شخص من إفريقيا. ليس هذا فحسب، بل على المغرب أن يمول بناء هذا الجدار.
في انتظار طائرة رئيس الحكومة
وإذا كانت استطلاعات الرأي، التي سبقت انطلاق الحملة الانتخابية الإسبانية، بوأت الحزب الاشتراكي العمالي الحاكم الصدارة، بعيدا عن الحزب الشعبي، فإنها لم تعطيه الحكومة. وبقراءة سريعة لاستطلاع الرأي الذي أجراه مركز الأبحاث السوسيولوجية بإسبانيا، فإن الحزب الحاكم لا يمكنه أن يحصل على أغلبية الأصوات، وسيكون مجبرا على الدخول في تحالفات من الواجب عليه حسمها سلفا بتقديم ضمانات كافية لباقي الفرقاء، خصوصا "اتحاد بوديموس" وبعض الأحزاب الإقليمية، سواء في الباسك أو في كطالونيا، والكل يعرف مدى صعوبة الرضوخ لمطالب هذه الأحزاب القومية التي قد تصل إلى الاعتراف بإجراء استفتاء لتقرير المصير.
وفي حال عدم حسم رفاق بيدرو سانشيز لتحالفاتهم لقيادة إسبانيا، فالراجح هو حالة "بلوكاج" جديدة شبيهة بما عاشه ماريانو راخوي سنة 2015، وإلا فإن سيناريو انتخابات الأندلس الإقليمية في دجنبر الماضي قد يعود على مستوى الحكومة المركزية، بحكومة تحالف يميني، بمشاركة فوكس، ويرمي باليسار المتصدر خمس سنوات أخرى في المعارضة.
وبالعودة إلى العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، فإن الأخيرة قد أثبتت صلابتها أمام رياح التغيير السياسي في قصر المونكلوا؛ وسواء تعلق الأمر بحكومة يمين-وسط يرأسها زعيم الحزب الشعبي (الحديث هنا عن راخوي: 2011-2018)، أو حكومة يسار يترأسها الحزب العمالي الاشتراكي (2018-2019)، فإن المغرب يشكل دوما "الأولية القصوى" بالنسبة إلى خوسي مانويل غاريا ماركالو، وزير خارجية راخوي، ويبقى هو "حجر الزاوية" في السياسة الخارجية الإسبانية بالنسبة إلى رئيس الدبلوماسية الحالي، جوزيب بوريل. فهل ستغير صناديق الاقتراع هذا الثابت في سياسة مدريد الخارجية؟ الجواب ستحمله لا محالة أول زيارة خارجية لرئيس الحكومة الإسبانية المقبل.
*إعلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.