انتقادات لإقصاء الحكومة ملايين المغاربة من التغطية الصحية والدعم المباشر ودعوات لإحداث قانون "تمويل الحماية الاجتماعية"    "تنكر الحكومة" يدفع الشغيلة الصحية لشل مستشفيات المملكة    كريم خان: تلقيت تهديدات وزعماء أبلغوني أن الجنائية الدولية أُنشئت لأفريقيا وبلطجية مثل بوتين وليس للغرب وحلفائه    ألف درهم للتذكرة.. نفاذ جميع تذاكر حفل أم كلثوم بمهرجان موازين    تصريحات عدائية ترسخ عقدة رموز النظام العسكري الجزائري من النجاحات المغربية    انعقاد مجلس للحكومة بعد غد الخميس    ميارة يجري مباحثات بالرباط مع رئيس المجلس الوطني السويسري    وزارة الإقتصاد والمالية… فائض في الميزانية بقيمة 6,1 مليار درهم    التضخم بالمغرب يواصل مسار الانخفاض    ارتفاع ب 18 بالمائة في أبريل الماضي بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء    سويسرا: لا وجود لتمثيلية "البوليساريو"    "مايكروسوفت" تستعين بالذكاء الاصطناعي في أجهزة الكومبيوتر الشخصية    محاكمة أمير ألماني وعسكريين سابقين بتهمة التخطيط لانقلاب    الشامي: بنحمزة صوت لمنع تزويج الطفلات.. ورأي المجلس حظي بالإجماع    عملية مرحبا 2024 : اجتماع بطنجة للجنة المغربية – الإسبانية المشتركة    إدانة نائب رئيس جماعة تطوان بالحبس النافذ            الجائزة الكبرى لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم لكرة المضرب .. إقصاء المغربية آية العوني من الدور الأول    الرباط: افتتاح الموقع الأثري لشالة أمام الزوار    الدولار يتأرجح والعملات المشفرة ترتفع    الحكومة تتوقع استيراد 600 ألف رأس من الأغنام الموجهة لعيد الأضحى    والدة كليان مبابي تخرج عن صمتها بخصوص مستقبل إبنها    نجم ريال مدريد يعلن اعتزاله اللعب نهائيا بعد كأس أوروبا 2024    الاتحاك الإفريقي يدين الأحداث التي أعقبت لقاء نهضة بركان والزمالك    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    شاب مغربي آخر ينضاف للمفقودين بعد محاولة سباحة سرية إلى سبتة    انطلاق مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي    أكثر من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    أزيد من 267 ألف حاج يصلون إلى السعودية    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بأكادير تحطم الرقم القياسي في عدد الزوار قبل اختتامها    في مسيرة احتجاجية.. مناهضو التطبيع يستنكرون إدانة الناشط مصطفى دكار ويطالبون بسراحه    إميل حبيبي    مسرحية "أدجون" تختتم ملتقى أمزيان للمسرح الأمازيغي بالناظور    تصفيات المونديال: المنتخب المغربي النسوي يواجه زامبيا في الدور الأخير المؤهل للنهائيات    اجتماع تنسيقي لتأمين احترام الأسعار المحددة لبيع قنينات غاز البوتان    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: أكنسوس المؤرخ والعالم الموسوعي    صدور كتاب "ندوات أسرى يكتبون"    بلاغ صحافي: احتفاء الإيسيسكو برواية "طيف سبيبة" للأديبة المغربية لطيفة لبصير    هاشم بسطاوي: مرضت نفسيا بسبب غيابي عن البوز!!    غير مسبوقة منذ 40 سنة.. 49 هزة أرضية تثير الذعر في إيطاليا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    نقاد وباحثون وإعلاميون يناقشون حصيلة النشر والكتاب بالمغرب    "الفاو"‬ ‬تفوز ‬بجائزة ‬الحسن ‬الثاني ‬العالمية ‬الكبرى ‬للماء ..‬    رئاسة النظام السوري تعلن إصابة زوجة بشار الأسد بمرض خطير    49 هزة أرضية تضرب جنوب إيطاليا    صلاح يلمّح إلى بقائه مع ليفربول "سنقاتل بكل قوّتنا"    نجم المنتخب الوطني يُتوج بجائزة أحسن لاعب في الدوري البلجيكي    رغم خسارة لقب الكونفدرالية.. نهضة بركان يحصل على مكافأة مالية    تفاصيل التصريحات السرية بين عبدالمجيد تبون وعمدة مرسيليا    أكاديميون يخضعون دعاوى الطاعنين في السنة النبوية لميزان النقد العلمي    الأمثال العامية بتطوان... (603)    تحقيق يتهم سلطات بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوث أودت بنحو 3000 شخص    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفارقات ‬التجربة ‬التنموية ‬الصينية
نشر في لكم يوم 24 - 04 - 2019

سبق ‬وأشرنا ‬في ‬أكثر ‬من ‬مناسبة، ‬إلى ‬أن ‬نهوض ‬الصين ‬كان ‬نتاجا ‬لتوافر ‬عوامل ‬داخلية ‬مواتية، ‬وفي ‬مقدمتها ‬الاستقرار ‬السياسي ‬ووجود ‬بيروقراطية ‬فعالة، ‬وقد ‬لعب ‬الحزب ‬الشيوعي ‬الصيني، ‬والذي ‬يهيمن ‬بشكل ‬منفرد ‬على ‬السلطة ‬السياسة ‬في ‬الصين ‬منذ ‬1949 ‬إلى ‬حدود ‬اليوم، ‬دورا ‬محوريا ‬في ‬صياغة ‬إصلاحات ‬1978 ‬وقيادة ‬التحولات ‬اللاحقة، ‬و ‬نجح ‬دون ‬شك ‬في ‬الصعود ‬بالصين ‬إلى ‬القوى ‬العظمى ‬بعد ‬أن ‬أخرجها ‬من ‬دوامة ‬التخلف ‬و ‬تكالب ‬القوى ‬الأجنبية ‬عليها، ‬بدءا ‬من ‬حرب ‬الأفيون ‬والاحتلال ‬الأجنبي ‬لبعض ‬أقاليم ‬الصين، ‬و ‬الاحتلال ‬الياباني ‬لعموم ‬الصين ‬في ‬مطلع ‬القرن ‬الماضي.‬
و ‬الحديث ‬عن ‬هذه ‬التجربة ‬الرائدة، ‬الغاية ‬منه ‬إعطاء ‬نموذج ‬للفعالية ‬و ‬للمرونة ‬و ‬التدرج، ‬وخاصة ‬لبلداننا ‬العربية ‬وللأنظمة ‬الحاكمة ‬من ‬المحيط ‬إلى ‬الخليج، ‬فلا ‬يكفي ‬التوفر ‬على ‬شرعية ‬تاريخية ‬أو ‬ثورية، ‬بل ‬ينبغي ‬تدعيم ‬هذه ‬الشرعية ‬بإنجازات ‬ملموسة ‬على ‬الأرض، ‬كما ‬أن ‬الديمقراطية ‬وفق ‬المنظور ‬و ‬التجربة ‬الغربية ‬ليست ‬هي ‬الخيار ‬الأوحد ‬لتحقيق ‬التنمية ‬و ‬التقدم، ‬فممكن ‬لأنظمة ‬‮«‬شمولية‮»‬ ‬وفق ‬توصيف ‬الأدبيات ‬السياسية ‬الغربية، ‬أن ‬تحقق ‬إنجازات ‬تنموية ‬تعجز ‬عن ‬تحقيقها ‬الأنظمة ‬الديمقراطية ‬المنبثقة ‬عن ‬صناديق ‬الاقتراع، ‬و ‬هذا ‬الأمر ‬يقتضي ‬إعادة ‬النظر ‬في ‬العلاقة ‬بين»اللبرلة ‬الاقتصادية‮»‬ ‬و»اللبرلة ‬السياسية‮»‬، ‬و ‬‮«‬التحديث ‬السياسي‮»‬ ‬و ‬‮«‬التحديث ‬الاقتصادي‮»‬، ‬وإلى ‬أي ‬حد ‬تقود ‬إصلاحات ‬السوق ‬باتجاه ‬ترسيخ ‬الديمقراطية، ‬وحقوق ‬الإنسان ‬وتحول ‬علاقة ‬الدولة ‬بالمجتمع ‬؟.. ‬
لذلك، ‬فإن ‬استحضار ‬تجربة ‬الحزب ‬الشيوعي ‬الصيني /‬الدولة ‬الصينية ‬يضعنا ‬في ‬قلب ‬هذه ‬العلاقة، ‬فالدولة ‬الصينية ‬تمارس ‬وظيفتين ‬في ‬غاية ‬التناقض: ‬فهي ‬من ‬جهة ‬‮«‬معلم ‬للرأسمالية‮»‬، ‬ومن ‬جهة ‬أخرى ‬‮«‬حام ‬للمجتمع‮»‬، ‬ولتبسيط ‬هذا ‬التناقض، ‬سنعطي ‬مفارقتين ‬توضحان ‬سلوك ‬الحزب/ ‬الدولة ‬في ‬الصين:‬
المفارقة ‬الأولى : ‬الحزب ‬الشيوعي ‬خلال ‬حقبة ‬الإصلاحات ‬التي ‬انطلقت ‬منذ ‬1978، ‬لا ‬يصرح ‬بأنه ‬يطبق ‬الرأسمالية، ‬التي ‬طالما ‬اعتبرها ‬أس ‬الرجعية، ‬لكنه ‬بالفعل ‬يعيش ‬اليوم ‬في ‬عصر ‬الرأسمالية: ‬فاستغلال ‬العمال ‬المهاجرين ‬بكلفة ‬جد ‬منخفضة، ‬وصعود ‬طبقة ‬المنظمين، ‬كل ‬هذه ‬الظواهر ‬من ‬سمات ‬الرأسمالية ‬و ‬ليست ‬من ‬سمات ‬‮«‬البروليتارية‮»‬…‬
المفارقة ‬الثانية: ‬الصين ‬بالرغم ‬من ‬أنها ‬تنعم ‬باقتصاد ‬يبدو ‬على ‬أنه ‬في ‬صحة ‬جيدة، ‬لكنها ‬لازالت ‬تعاني ‬من ‬نظام ‬شديد ‬الضبط، ‬فالنظام ‬السياسي ‬قديم ‬وتقليدي، ‬لكنه ‬مع ‬ذلك، ‬فعال ‬ومؤثر ‬في ‬توفير ‬الاستقرار ‬للمجتمع ‬الصيني، ‬فهذا ‬الأخير ‬أصبح ‬‮«‬ممتلئ ‬بالتحديث‮»‬، ‬فهناك ‬انفتاح ‬من ‬قبل ‬الجميع ‬على ‬نمط ‬للحياة ‬ذو ‬مواصفات ‬حداثية.. ‬لكن ‬بالمقابل، ‬لا ‬زالت ‬مقومات ‬ما ‬قبل ‬الحداثة ‬تطبع ‬المجال ‬السياسي، ‬الذي ‬لا ‬زال ‬يوظف ‬خطابات ‬ومواقف ‬تعود ‬للحقبة ‬الشمولية. ‬
ولتوضيح ‬هذه ‬المفارقة ‬سوف ‬نتناول ‬دراسة ‬الحزب ‬الشيوعي ‬الصيني، ‬من ‬خلال ‬إعطاء ‬موجز ‬تاريخي ‬عن ‬نشأته ‬وتطوره ‬الأيديولوجي، ‬ودوره ‬في ‬الحياة ‬السياسية ‬لجمهورية ‬الصين ‬الشعبية، ‬تم ‬سننتقل ‬إلى ‬رحلة ‬في ‬أعماق ‬هياكله، ‬لتناول ‬في ‬مابعد ‬العلاقة ‬بين ‬‮«‬اللبرلة ‬الاقتصادية‮»‬ ‬و»اللبرلة ‬السياسية‮»‬، ‬والى ‬أي ‬حد ‬تقود ‬إصلاحات ‬السوق ‬باتجاه ‬ترسيخ ‬الديمقراطية، ‬وحقوق ‬الإنسان ‬وتحول ‬علاقة ‬الدولة ‬بالمجتمع ‬؟ ‬
فالكثير ‬من ‬الملاحظين ‬إعتقدوا ‬بأن ‬انطلاق ‬الإصلاحات ‬الاقتصادية ‬في ‬الصين، ‬والتحول ‬نحو ‬اقتصاد ‬تتحكم ‬فيه ‬أكثر ‬آلية ‬السوق ‬و ‬الحرية ‬الاقتصادية، ‬سيجعل ‬الحزب ‬الشيوعي ‬يلعب ‬دورا ‬هامشيا ‬على ‬مسرح ‬السياسة ‬و ‬الاقتصاد ‬في ‬الصين.. ‬لكن ‬ما ‬حصل ‬هو ‬العكس، ‬فالحزب ‬الشيوعي ‬والدولة، ‬هما ‬منبع ‬صنع ‬القرار ‬السياسي ‬والاقتصادي ‬في ‬الماضي ‬و ‬الحاضر.. ‬كما ‬أنهما ‬يلعبان ‬دورا ‬محوريا ‬في ‬صياغة ‬وتنفيذ ‬التحولات ‬الماكرو ‬اقتصادية – ‬اجتماعية ‬في ‬الصين. ‬
وما ‬يثير ‬الانتباه ‬في ‬التجربة ‬السياسية ‬للصين، ‬هو ‬أن ‬البلاد ‬شهدت ‬تحت ‬سيطرة ‬الحزب ‬الواحد ‬إصلاحات ‬مؤسسية ‬و ‬سياسية، ‬حاولت ‬المزج ‬بين ‬محاسن ‬الليبرالية ‬الاقتصادية ‬وبين ‬‮«‬القيم ‬الآسيوية ‬في ‬الحكم‮»‬ ‬و»الأطر ‬الماركسية ‬اللينية‮»‬، ‬فالحزب ‬الشيوعي ‬الذي ‬كان ‬متمسكا ‬بفكرة ‬الراديكالية ‬السياسية ‬طوال ‬الفترة ‬‮«‬الماوية‮»‬، ‬تمكن ‬من ‬تطويع ‬الاشتراكية ‬المحافظة، ‬وجعل ‬منها ‬‮«‬جسر ‬عبور‮»‬ ‬لتبني ‬إصلاحات ‬ذات ‬نزعة ‬ليبرالية ‬‮«‬بمفردات ‬اشتراكية‮»‬. ‬
وبالرغم ‬من ‬أن ‬الدولة ‬تخلت ‬عن ‬السيطرة ‬الكاملة ‬على ‬الاقتصاد، ‬وفتحت ‬المجال ‬لفاعلين ‬غير ‬‮«‬دولاتيين‮»‬، ‬إلا ‬أنها ‬لازالت ‬تلعب ‬دورا ‬مهما ‬في ‬مجال ‬المراقبة ‬والإشراف، ‬كما ‬تم ‬الانتقال ‬من ‬النزعة ‬الجمعية ‬والتي ‬تشكل ‬أس ‬الاشتراكية ‬المحافظة ‬إلى ‬النزعة ‬الفردية ‬التي ‬تشكل ‬أس ‬الليبرالية. ‬
فالدستور ‬الصيني ‬لازال ‬يعتبر ‬أن ‬المهمة ‬الأساسية ‬التي ‬تواجه ‬‮«‬..‬الأمة ‬الصينية..‬تحث ‬قيادة ‬الحزب ‬الشيوعي ‬الصيني ‬والتوجيهات ‬الماركسية- ‬اللينينية ‬وأفكار ‬‮«‬ماو ‬تسى ‬تونغ‮»‬ ‬ونظرية ‬‮«‬دنغ ‬شياو ‬بينغ‮»‬ ‬والفكر ‬الهام ‬للتمثيلات ‬الثلاثة، ‬هي ‬مواصلة ‬الالتزام ‬بدكتاتورية ‬الشعب ‬الديمقراطية ‬والطريق ‬إلى ‬الاشتراكية، ‬والمثابرة ‬على ‬الإصلاح ‬والانفتاح ‬على ‬العالم ‬الخارجي، ‬وتحسين ‬المؤسسات ‬الاشتراكية ‬، ‬وتطوير ‬اقتصاد ‬السوق ‬الاشتراكي ‬وتطوير ‬السياسة ‬الديمقراطية ‬الاشتراكية ‬وتحسين ‬النظام ‬القانوني ‬الاشتراكي ‬، ‬و ‬تحديث ‬الصناعة ‬في ‬البلاد، ‬والزراعة، ‬والدفاع ‬الوطني ‬و ‬العلوم ‬والتكنولوجيا ‬، ‬وتعزيز ‬التنمية ‬المتناغمة ‬، ‬لتحويل ‬الصين ‬إلى ‬دولة ‬اشتراكية ‬مزدهرة ‬وقوية ‬وديمقراطية ‬ومتقدمة. ‬
إننا ‬أمام ‬‮«‬مفارقات‮»‬ ‬تعترض ‬وجهتنا ‬في ‬تحليل ‬الواقع ‬السياسي ‬في ‬الصين، ‬فهو ‬واقع ‬هجين، ‬فالسياسات ‬المطبقة ‬تحمل ‬في ‬طياتها ‬نزعة ‬ليبرالية ‬لكن ‬بلون ‬اشتراكي.. ‬وإذا ‬ما ‬حاولنا ‬توصيف ‬التجربة ‬السياسية ‬الصينية ‬سنجد ‬بأنها ‬تجربة ‬حاولت ‬الابتعاد ‬عن ‬المحافظة ‬الاشتراكية، ‬والاقتراب ‬من ‬اليسار ‬الليبرالي ‬إنها ‬‮«‬الدولة ‬الكينصينية ‬‮«‬ … ‬
وسميتها ‬بهذا ‬الاسم ‬الهجين ‬‮«‬الكينصينية‮»‬، ‬لأن ‬الإصلاحات ‬التي ‬تبنتها ‬الدولة ‬الصينية ‬منذ1978، ‬تقترب _‬إلى ‬حدما _ ‬من ‬النموذج ‬الكينزي ‬للاقتصاد ‬المتطور ‬Keynesian Model of Developing Economy ‬، ‬والذي ‬يدعو ‬إلى ‬تقوية ‬دور ‬الدولة ‬في ‬توجيه ‬الاقتصاد ‬الوطني، ‬وتوظيف ‬أدوات ‬السياسة ‬المالية ‬لتحفيز ‬النمو ‬الاقتصادي، ‬وان ‬لا ‬تتخلى ‬الدولة ‬عن ‬كل ‬أدوارها ‬لصالح ‬السوق، ‬وهو ‬ما ‬يمكن ‬استنتاجه ‬من ‬خلال ‬تحليل ‬بعض ‬نماذج ‬السياسات ‬العمومية ‬المتبعة ‬في ‬المجال ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬بعد ‬1978 ..‬
فالدولة ‬الصينية ‬عملت ‬على ‬مواجهة ‬التحديات ‬التي ‬واجهتها ‬منذ ‬1978 ‬بتبني ‬أسلوب ‬فريد ‬في ‬اللامركزية ‬بين ‬البيروقراطية ‬المركزية ‬والبيروقراطية ‬المحلية.. ‬والواقع، ‬أن ‬نمط ‬إدارة ‬شؤون ‬البلاد ‬يصعب ‬فصله ‬عن ‬الخصوصية ‬الديموغرافية ‬والجغرافية ‬والتاريخية ‬والثقافية ‬للصين. ‬فالحجم ‬الكبير ‬لديموغرافية ‬وجغرافية ‬الصين، ‬جعل ‬من ‬اللازم ‬تفتيت ‬المشاكل ‬وإحالتها ‬للبيروقراطية ‬المحلية، ‬التي ‬تتولى ‬تدبير ‬الشأن ‬المحلي، ‬وتعمل ‬على ‬توفير ‬السلع ‬العامة. ‬
وهو ‬نفس ‬الأسلوب ‬الذي ‬تم ‬تبنيه ‬في ‬الحقبة ‬الإمبراطورية، ‬فالمركز ‬كان ‬دائما ‬يحرص ‬على ‬الابتعاد ‬قدر ‬الإمكان ‬عن ‬التدخل ‬في ‬الشؤون ‬المحلية، ‬وعمل ‬على ‬إعطاء ‬الحكام ‬المحليين ‬صلاحيات ‬واسعة. ‬لذلك، ‬فإن ‬فهم ‬حاضر ‬الصين ‬يمر ‬ببوابة ‬ماضيها، ‬ولعل ‬هذه ‬أهم ‬حكمة ‬ينبغي ‬على ‬الشعوب ‬العربية ‬إستعابها ‬و ‬الحرص ‬على ‬التقيد ‬بها، ‬فالتنمية ‬والتغيير ‬و ‬التقدم ‬و ‬التحديث ‬و ‬التحضر ‬و ‬الصعود ‬للقمة، ‬لا ‬يعني ‬بالضرورة ‬القطيعة ‬مع ‬قيم ‬المجتمع ‬و ‬معتقداته ‬وماضيه ‬و ‬إنجازاته ‬التاريخية ‬والحضارية…‬و ‬سنحاول ‬في ‬مقال ‬موالي ‬إن ‬شاء ‬الله، ‬توضيح ‬ذلك ‬بقدر ‬من ‬التفصيل.‬. ‬و ‬الله ‬غالب ‬على ‬أمره ‬و ‬لكن ‬أكثر ‬الناس ‬لا ‬يعلمون…‬
إعلامي ‬و ‬أكاديمي ‬متخصص ‬في ‬الإقتصاد ‬الصيني ‬و ‬الشرق ‬أسيوي..‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.