اعتقال طالبة " 21 سنة" بالرباط خططت لعملية إرهابية باسم "داعش"    انعقاد الجمعية العامة العادية لغرفة الصناعة التقليدية لجهة طنجة تطوان الحسيمة    قيوح : المغرب يجعل من الربط القاري أداة استراتيجية لتحقيق السيادة الإفريقية    الدفاع المدني في غزة يعلن مقتل 23 فلسطينيا في غارات إسرائيلية    تدنيس القرآن في قمة الناتو يغضب الجاليات المسلمة بهولندا    تفاصيل تجريب "تقنية جديدة" لمواجهة الغش في الدورة الاستدراكية للباكالوريا    سقوط سور إعدادية يودي بحياة راعي غنم وقطيعه    غضب واستفهامات بعد وفاة "راعي الغنم" القاصر.. أين الحقيقة؟    اجماع وبوعادي في معرض تشكيلي مشترك بمشرع بلقصيري    بودشار يمتع الرباط بكورال جماهيري    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    مجموعة العمران تطلق جولة "Al Omrane Expo – مغاربة العالم 2025" من بروكسيل    المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية يدين هجوما مسلحا قرب ثكنة للمينورسو ويحمّل البوليساريو المسؤولية    اعتصام لقوات تابعة لمرتزقة البوليساريو احتجاجًا على التهميش والإهمال الصحي العلم الإلكترونية – متابعة    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    توقيف شخصين لإهانة الشرطة وتخريب مرفق عمومي بابن جرير    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة ممكن خلال أسبوع    قناة عبرية: مصدر سوري يكشف عن توقيع إسرائيل وسوريا اتفاقية سلام قبل نهاية العام    مونديال الأندية: مواجهة مرتقبة بين سان جرمان وميسي.. وبايرن يصطدم بفلامنغو    ألونسو: دياز يتمتع بروح تنافسية عالية    انطلاق بيع تذاكر كأس إفريقيا للسيدات بالمغرب    2419 ملعب قرب مبرمج لتعزيز البنية الرياضية بالمغرب    جمال سلامي    برلماني جزائري يؤكد التلفيق للمغرب    أخنوش يدعو النقابات إلى اجتماع لجنة إصلاح التقاعد في يوليوز المقبل    تقنين جديد لإنتاج وتسويق الخل بالمغرب    أين اختفى الاتحاد الإفريقي..اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية يوقع في واشنطن    نظام إيران يشيع عسكريين وعلماء    عملية توقف "داعشية" بمدينة الرباط    جريمة قتل أم تستنفر الشرطة بمكناس    وزارة العدل الأمريكية تضغط لإقالة رئيس جامعة    مصادر طبية تنعى 66 من أطفال غزة    مراكش تحتضن المنتدى الدولي للشباب بمشاركة واسعة من دول العالم الإسلامي    نقاش في جنيف يدين انتهاكات تندوف    المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي: لا الاتحاد ولا أي من دوله الأعضاء يعترف ب"الجمهورية الصحراوية" المزعومة    مونديال الأندية: جماهير غفيرة وأهداف غزيرة في دور المجموعات    المغرب وتركيا يوقعان بإسطنبول على مذكرتي تفاهم حول السلامة الطرقية والممرات البحرية    زلزال بقوة 6,1 درجة يضرب قبالة سواحل جنوب الفلبين    البوليساريو تلقت ردا حاسما بعد استهدافها السمارة    رحيل الإعلامية والممثلة المغربية كوثر بودراجة بعد صراع مرير مع المرض    كرة الطائرة / اتفاقية تعاون بين CAVB و AIPS إفريقيا …    المغرب يرفع وتيرة الاستثمار في قطاعات استراتيجية ذات جاذبية عالمية    بالفيديو.. كاظم الساهر يسحر جمهور موازين في ليلة طربية خالدة    ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 9,5%    الذهب يتراجع مع صعود الدولار        ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    ضجة الاستدلال على الاستبدال        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقط القناع عن القناع عن القناع ... يا صاح
نشر في لكم يوم 12 - 03 - 2012

بمجرد ما شرع في نشر و تعميم لوائح المستفيدين من رخص النقل بين المدن عبر الحافلات،حتى بدأت تتساقط أسهم كثير من الشخصيات العمومية، ليس في بورصة الدار البيضاء، وإنما في الذاكرة الجمعية للشعب المغربي، وبدأت تنهار معها منظومة القيم الدينية والأخلاقية ، لبعض" رجال الدين"، وعلى رأسهم وأكثرهم إثارة للجدل، عبد الباري الزمزمي، وكثير من"الفنانين" و"الرياضيين" و"السياسيين"، و"رفيقين" التحقا في السنوات الأخيرة، بالرفيق الأعلى ...
وحدها أسماء لامعة، و نجوم ساطعة في العلياء، ظلت وفية لقيمها ومبادئها، أبرزها، فنان الشعب احمد السنوسي الملقب ب"بزيز"، ورياضي "ولاد الشعب" سعيد اعويطة.
سقط السقوط ، وأنت تعلو فكرة
ويدا...(محمود درويش)
ولكن، حذار من أن ينساق الرأي العام الوطني وراء الضجة الإعلامية التي أحدثتها عملية نشر لوائح المستفيدين من هذا الصنف من رخص النقل، فيتم نسيان الأهم،بما يعنيه من تعبئة وترافع وضغط، خاصة من طرف جمعيات المجتمع المدني ذات الاختصاص في مجال محاربة الفساد . إن فضح هذه الكائنات الطفيلية، لايمثل سوى بداية لمسلسل طويل ومعقد عنوانه الرئيس إسقاط الفساد والاستبداد ، خاصة وأن ما خفي أدهى و أعظم . وبالتالي لا ينبغي أن تكون هذه المبادرة غير المسبوقة، بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة. فالفساد كل لايتجزأ وبنيته متجذرة في مؤسسات الدولة. وعلى الحكومة الجديدة أن تذهب إلى ابعد مدى ممكن في محاربتها للفساد بمختلف أشكاله، وخاصة في مجال اقتصاد الريع.
وإذا كان أول الغيث قطر، فان وزارات أخرى أعلنت عن عزمها نشر لوائح أصناف أخرى من الريع، تستفيد منها جمعيات التنمية المحلية التي تبدد أموالا طائلة بدون جدوى (وزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني) وجمعيات المهرجانات، وكذلك الأمر بالنسبة للصحف والمجلات(وزارة الاتصال). والبقية تأتي لا محالة...
إن الشعب المغربي، الذي عانى ويعاني كثيرا وطويلا، من ويلات الفقر والأمية والبطالة وكل أشكال الإقصاء والتهميش، الحاطة من كرامة الإنسان، ينتظر بفارغ الصبر أن تفتح كل ملفات الفساد، ويحاكم كل المفسدين، وترجع كل الثروات المنهوبة، وكل الأموال المهربة، وكل الأراضي الفلاحية المسلوبة.
الا أن الإرادة السياسية وحدها لاتكفي، مادامت جيوب مقاومة الإصلاح كثيرة، ومتوغلة في شرايين الدولة ومؤسساتها. و من هنا نفهم لماذا تراهن الحكومة الجديدة، وكذا بعض الفاعلين الاجتماعيين وبعض الباحثين الجامعيين، على استمرار احتجاجات حركة 20 فبراير في الشارع، ولكن بقدر معلوم، حفاظا على مصالح وامتيازات . الأمر الذي اعتبرته جماعة العدل والإحسان استغلالا للحركة، من أجل خدمة أجندة سياسية معلومة، أو من أجل التنفيس عن حالة الاحتقان الاجتماعي، التي كادت أن تبلغ ذروتها في الشهور الأولى من كرونولوجيا الحراك المغربي، ما حدا بالجماعة إلى اتخاذ قرار الانسحاب من الحركة بتاريخ 18 دجنبر 2011 .
يمكن كذلك أن نقرأ مبادرة نشر لوائح "Lgrimat" ، وما سيتلوها من مبادرات وإجراءات أخرى، من منظور تفاعل الحكومة مع حركة 20 فبراير و ديناميتها ، ومحاولة الاستجابة لأحد أهم مطالبها، متمثلا في إسقاط الفساد . وللتذكير فقط، نشير إلى أن حزب العدالة والتنمية، كان قد اقتبس من الحركة شعار إسقاط الاستبداد و إسقاط الفساد، إبان حملته الانتخابية الأخيرة.
ولبعض الأكاديميين الذين يعتقدون أن حركة 20 فبراير قد شلت نهائيا الا من ديناميتها وفكرتها، نقول انه لفهم مغلوط ،عن قصد أو عن غير قصد، لظاهرة اجتماعية ما تزال في طور التشكل والتكوين. وبالتالي فانه لايجوز، من منظور علم اجتماع الحركات الاجتماعية، أن نفصل بين الحركة وبين ديناميتها، فهما معا في تفاعل وتلا قح مستمرين . ولبعض الصحافيين "المستقلين" الذين يميلون حيثما تميل الرياح، ويخدمون في الغالب الأعم أجندة خصوم الحركة ( طلب أحدهم من الحركة في إحدى افتتاحيات جريدته، أن تطفئ شمعتها الأولى والأخيرة )، وللذين يسعون باستمرار لوضع العصي في عجلة الحركة حتى لاتدوس مصالحهم وامتيازاتهم الريعية. لكل هؤلاء تقول الحركة : حذار، فذاكرة الشعوب قوية، تدرك من معها و من ضدها،كما تعرف من هم في ترددهم حائرون.
وللإشارة فقط، فقد دعا المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير إلى تنظيم تظاهرات ومسيرات حاشدة وسلمية، يوم الأحد 25 مارس 2012 المقبل بسائر مناطق البلاد، وذلك من أجل إنجاح اليوم النضالي الوطني الثالث عشر.
وعلى الذين يراهنون على عامل الوقت، أن يعلموا أن الوقت سيف ذو حدين. فالمترددون لسبب من الأسباب، لا محالة بالحركة ملتحقون، إن عاجلا أو آجلا، وهذا مالا يمكن أن تخطئه عين ملاحظ. فحاملو الشهادات المعطلون ما فتئوا يضفون طابعا سياسيا على مطالبهم الاجتماعية،خاصة بعد ما رفضت حكومة عبد الإله بنكيران مطلب الإدماج المباشر في الوظيفة العمومية، ووعدت بإجراء مباريات نزيهة لملء حوالي 26000 منصب شغل مقترحة في مشروع القانون المالي لسنة 2012.وبالتالي فان المعطلين، سواء منهم حملة الشواهد أو حملة السواعد، يعتبرون أن الحل الملائم لمعضلة الشغل، لايمكن أن يكون الا سياسيا، فصارت حركاتهم الاحتجاجية تتقاطع مع احتجاجات حركة 20 فبراير، خاصة في المسيرات الاحتجاجية الأخيرة التي نظمتها ا لحركة بمناسبة ذكرى ميلادها الأولى.
الفئة الاجتماعية الأخرى المرشحة لتعزيز صفوف الحركة، تتمثل في ساكنة الأحياء الشعبية المهمشة التي هدمت فوق رؤوسها البيوت، بدعوى عدم احترامها للقوانين الجاري بها العمل. إن المقاربة الزجرية التي أقدمت عليها الحكومة منذ تنصيبها، رغم طابعها القانوني، تفتقد إلى الرؤية المتبصرة لمعالجة المشكل. فهي تقف عند حدود النتائج، ولا تحاول معرفة الأسباب الكامنة خلف استفحال ظاهرة البناء العشوائي.ان المقاربة الأمنية لهذه الظاهرة الخطيرة، لايمكن الا أن تؤجج مشاعر التذمر والسخط والاحتجاج ، و التصادم العنيف مع القوات العمومية،والذي قد يصل حد الموت(كما في حالة المرأة التي توفيت في مدينة القصر الكبير). ناهيك عما يترتب عن ذلك كله من اعتقالات ومحاكمات وأزمات شتى لاحصر لها.
إنك لتجد فقراء هذا الوطن يبحثون باستمرار، في هوامش المدن الكبرى، عن فرص تمكنهم من بناء مساكن، مهما كانت غير لائقة. وهم الذين خبروا كيف تشتغل بنيات المخزن ، وكيف تنسج الروابط بين مواسم الهجرة القروية من جهة، وبين المواسم الانتخابية والرشاوي والاتاوات من جهة أخرى . كما أنهم تمكنوا في الشهور الأخيرة، من استغفال السلطات الإقليمية والمحلية التي انصرفت بشكل كلي إلى مراقبة وقمع احتجاجات حركة 20 فبراير، وراحوا يشيدون بناياتهم في كل أرجاء البلاد، طوبة طوبة، لتدكها الجرافات فيما بعد، دكا دكا.
وختاما يمكن أن نخلص الى أن حركة 20 فبراير، قد تمكنت منذ انطلاقتها،وعبر مسارها الديالكتيكي، من القيام بتشخيص دقيق للداء الذي تعاني منه الدولة عندنا ، والمتمثل أساسا في ظاهرتي الاستبداد والفساد. فلا مجال لتنمية حقيقية الا بمحاربتهما، ولاسبيل لتقدم المجتمع والدولة الا بإحقاق الحق،والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.