بوريطة يحل ببغداد لتمثيل الملك محمد السادس في القمة العربية ال34 والقمة الاقتصادية والتنموية    الاتحاد الأوروبي يجدد التأكيد على أن لا الاتحاد ولا أي من دوله الأعضاء يعترف ب'الجمهورية الصحراوية' المزعومة    بنعبد الله يأسف لِبوار فكرة ملتمس الرقابة بسبب "الأنانيات السياسية"    الشباب المغربي بين الطموح والتحديات    الرميد ينتقد توحيد خطب الجمعة: المساجد أصبحت إذاعة وطنية والخطب بلا روح    الدرهم يرتفع بنسبة 0,4 في الماي ة مقابل اليورو خلال الفترة من 08 إلى 14 ماي(بنك المغرب)    ‬الشعباني: نهضة بركان يحترم سيمبا    بنسعيد: مؤتمر وزراء الشباب والرياضة للدول الفرنكوفونية.. المغرب ملتزم بالعمل من أجل تنفيذ سياسات طموحة لفائدة الشباب    شرطة بنصالح تخلد ذكرى التأسيس    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    اكزناية.. حريق بمحل أفرشة يثير الهلع بدوار بدريويين    أسرة الأمن الوطني بسلا تحتفي بالذكرى 69 لتأسيسها    اليماني: تحرير أسعار المحروقات خدم مصالح الشركات.. وأرباحها تتجاوز 80 مليار درهم    للجمعة ال76.. آلاف المغاربة يشاركون في وقفات تضامنية مع غزة    الناصري يؤكد طرده كاتبة بالوداد عام 2019 وينفي فصلها بسبب شهادتها ضده    تفاصيل الشروط الجديدة للحركة الانتقالية بالتعليم    وزير العدل يعتذر في طنجة لأسرة المحاماة    شراكة تعزز وصول ذوي الإعاقة البصرية إلى المعرفة البيئية    انتخاب لكبير الحاميدي كاتبا محليا للحزب بتمارة    موسم طانطان: شاهد حيّ على ثقافة الرحل    ترامب يُنهي جولته الخليجية بصفقات قياسية    أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.. مشتل يسهم في تألق المنتخبات المغربية    أبرز تعديلات النظام الأساسي ل"الباطرونا"    الوزارة تكشف موعد مهرجان العيطة الجبلية بتاونات    "الكاف" يكشف عن تصميم جديد لكأس عصبة الأبطال يوم الخميس المقبل    حادثة سير مميتة تودي بحياة مسنّ بمدارة تانوغة ضواحي بني ملال    الحرارة تعود إلى مناطق داخلية بالمغرب    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    ترامب: كثيرون يتضورون جوعا في غزة    أوراق قديمة عصِيّةَ الاحتراق !    25 سنة من الأشرطة المرسومة بتطوان    عن المثقف المغيّب والمنابر المغلقة..!    تيكتوك... حين تعرّت الشخصية المغربية أمام العالم!    المغرب يواجه جنوب إفريقيا في المباراة النهائية لكأس أمم إفريقيا للشباب    تغازوت تحتضن مؤتمر شركات السفر الفرنسية لتعزيز التعاون السياحي المغربي الفرنسي    لازارو وزينب أسامة يعلنان عن عمل فني مشترك بعنوان "بينالتي"    في عز الموسم.. أسعار الفواكه تلهب جيوب المغاربة وتثير موجة تذمر    ريال مدريد يهنئ برشلونة بلقب "الليغا"    إسرائيل تسلم واشنطن قائمة "خطوط حمراء" بشأن الاتفاق النووي مع إيران    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر: الاقتصاد العالمي يواجه تحديات عميقة وتباطؤاً في النمو عام 2025    على هامش افتتاح المعرض الدولي للصحة ..دعوات رسمية تحث على استغلال البيانات وتقدم مجالات التشخيص والعلاج (صور)    واشنطن تؤكد اهتمام القيادة السورية الجديدة ب"السلام" مع إسرائيل    متحف البطحاء بفاس يستقطب آلاف الزوار بعد ترميمه ويبرز غنى الحضارة المغربية    تقرير: 33% فقط من النساء المغربيات يمتلكن حسابا بنكيا    جوردي ألبا يمدد عقده مع إنتر ميامي إلى غاية 2027    نداء إنساني من ابنتي الكاتب بوعلام صنصال: لا نعلم أي شيء عن حالته داخل سجنه بالجزائر    من طنجة إلى مراكش.. الصالون الوطني لوكالات كراء السيارات يتوسّع وطنياً    الزيارة لكنوز العرب زائرة / 1من3    تيزنيت تحتفل ليلاً بصعود الأمل و"الريزينغ" يشعل ساحة الاستقبال وأجواء فرح لا تُنسى ( صور )    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    تزايد عدد المشردين يقلص الدخول إلى مطار مدريد    ابتلاع الطفل لأجسام غريبة .. أخطار وإسعافات أولية    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حلقات في فهم الحركات الاجتماعية
نشر في لكم يوم 29 - 03 - 2012


" من النضال الطبقي إلى النضال المعولم "
الحلقة -1-
تقديم:
من الصعب أن تتابع دينامية الاحتجاج الجارية في عالم ما بعد انهيار المعسكر الشرقي وسيرورة الثورات الجارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، دون أن تكون حاملا لمشروع فكري أو مجتمعي ، منخرطا في الصراع على الطريقة الغرامشية في فهمه للمثقف العضوي ، قادرا على تحيين و تطوير فهمك ومنهجك وآليات تحليلك للتطور، متجردا من أي ولاء عقائدي جامد ، طالما أن الثابت عندك هو قدرتك على التحيين و الاستمرار في مراكمة الفهم ، ومن ثمة إعادة النظر في العديد من المنطلقات، بما فيها تلك المقدمات التي ظن فريق أنها دائما تعكس نفس النتائج و التوقعات أو اعتبرها بمثابة الحتمية من منظور ميكانيكي : المنظورات الماركسية أو القومية و الإيمانية العقائدية أو المفاهيم الليبرالية أو حتى ما بعد الماركسية المعنونة بزمن الحداثة أو ما بعد الحداثة ..أو تلك وضعت نهاية التاريخ " الفوكويماوية ".
ما يعنينا في هذه الحلقة من المقال ، إعادة طرح التأطير النظري لتجارب الحراك الاجتماعي و استثمار النتائج التي صاحبت التنظير لها و التعريف بحلقاتها الصغرى و الكبرى مدارس علومها الاجتماعية و الإنسانية
تاريخ وتشكل الحركة الاجتماعية
الحركة الاجتماعية: أقدم حركة في التاريخ
تعمل الحركة الاجتماعية باعتبارها كلا طبقيا غير متجانس، جامع لفئات متعددة الانتماء ، تلعب أدورا طلائعية وريادية في ملأ الفراغ الناجم عن تراجع دور الأحزاب و النقابات والمؤسسات السياسية وفي ذلك تقدم مساهمة دسمة في صياغة خصائص التاريخ المعاصر بعدما فشلت في صياغة تاريخها القديم ، أكثر مما تقوم به حركات دينية أو سياسية أو طبقية أو قومية ، ولأن نشاطها من حيث دورات التاريخ ظل متناسقا وحيويا ، فإن آلة التأريخ لكل طبقة أو فئة أو نخبة مهيمنة الخطاب ، عملت تعسفا على إنكار حقيقة وجودها الذاتي والموضوعي للحركة ..ولعل التناقضات المأزومة التي صاحبت تطور عجلة الرأسمالية جعلتها تفرز وتحضى بحيز من التمظهر ، بل يشكل خروجها من دائرة العفوية و المحلية إلى الطابع التضامني و الشبكي المعولم إضافة نوعية وكمية .
ظلت هاته الحركة الاجتماعية طيلة القرنين الأخيرين ، تحمل شعارا جامعا ، قد تختلف المفردات حسب كل جغرافية لغة أو اتجاه فكري إيديولوجي ، إلا أنه يحمل نفس المضمون المرتبط أساسا بمطلب جوهري للاحتجاجات : الحرية ،الإخاء ، المساواة وهو نفس الشعار الذي يتبلور اليوم في مطلب : كرامة ، حرية ، عدالة اجتماعية..
في كتابه " الاضطراب الكبير" ، يقول اندريه غندر فرانك ومارتا فويتس عبارة تاريخية عميقة ، لفهم حجم التضليل الذي مورس على الحركة الاجتماعية :" لأن التاريخ يكتبه المنتصرون ، فإن تاريخ المقهورين ...لم يخفيه فقط الأفراد المنتصرين بل كذلك المنتصرين في الحركات الطبقية و القومية خلال سيطرتهم الظاهرية طوال قرنين من التصنيع وتشكيل الدولة...غير أن تاريخ حركات الاحتجاج الاجتماعية الأخرى تعرض للقمع و الإخفاء بما يشبه المؤامرة التي حاكها هؤلاء المنتصرون الطبقيون و القوميون، بوجه خاص تاريخ التداخل بين تلك الحركات الطبقية و القومية بمن فيهم الذكور من الطبقة العاملة " (1)
الحركات الاجتماعية: هويتها وتشكلها
حركة الاحتجاج الاجتماعية تشكلت في ارتباط مع أنماط الإنتاج المتعاقبة ، وطغت في كل حقبة طبقات وفئات اجتماعية مهمشة مطالبة بالتغيير ، كان معبرها أو تمظهرها يتداخل فيه السياسي أو الديني أو القومي . أقدمها حركات النساء المضطهدات و العبيد (ثورة سبارتكوس ، القرامطة و الزنوج ..)، و الفلاحين ، و الحرفيين أو التجار الصغار ، أو السكان الدين أرهقتهم الضرائب أو جور الحاكمين ...
مع ظهور نمط الإنتاج الرأسمالي طفت طبقة جديدة " العمال المأجورين " ،وما صاحبه من إفراز لفئات اجتماعية جديدة أو متجددة : المياومين ، حركات الجماعات المحلية ،المدافعين عن البيئة ، حركة السلام ، السكان الأصليين ، حركة الفلاحين التي ستعيد إنتاج تشكلها الجديد على ضوء حركة التحرر من الاستعمار أو مناهضة الرأسمالية، العاطلون عن العمل ، نظر إليه باعتباره جيشا احتياطيا ،ومع تفاقم أزمة الرأسمالية سرعان ما سيتحول إلى بطالة جماهيرية و مقنعة ، المحرمون من السكن و المهمشون ، المهاجرون ، حركة النساء المنظمة و المتعددة المراجع والتصورات ..ثم الإضافات النوعية التي ساهمت بها الحركة المناهضة للعولمة .
إن تطور الوعي الجماهيري و مساهمة الرأسمالية في بدايات تشكلها وما رافقها من ثورات بورجوازية ، وعمالية ، أفضى إلى نوع من فسيفساء تحصيل دروس البناء ، فمن الخصوصية و المحلية إلى النضال العالمي ضد أسباب الفقر و البؤس الاجتماعي و البطالة و التهميش والمطالبة بالحياة الكريمة ...الخ كلها محاور ارتبطت وتلاقحت مع مطلب السياسي و الاقتصادي لتشكل مطالب شعبية ، ولأن الحركة الاجتماعية هي مجموع التراكم الكمي و النوعي لمكوناتها فإن التاريخ الحديث أمكنه رصد نقط تحول، ليس فقط في الكم من حيث الاحتجاج و المطالب و التنظيم بل في الانتقال من العفوية إلى التنظيم /ومن المحلية والوطنية إلى الشبكات العالمية / من المطالب الجزئية إلى المطالب الكلية – من الانفجار المحدود إلى دائرة الثورات القومية الكبرى / من السلبية و العزوف إلى الوعي بالمهام و المساهمة في وضع برامج الاندماج ...
إن كل حراك اجتماعي عفوي أو ظرفي يفضي بالضرورة إلى حركة اجتماعية طالما لم تلغى أسباب الاحتجاج الرئيسية ، ولأن إمكانية بلورة نمط إنتاج اقتصادي قادر على إشباع رغبات الاحتجاج هو في حكم الطوباوية و المثالية الذهنية المطلقة ، فإن بقاء الحركات الاجتماعية سيظل على طول تاريخ الاحتجاج وفي ارتباط وثيق بعجلة الإنتاج لدى الإنسان في مختلف محيطات تواجده : الفرد والجماعة / القبيلة و القرية / الحي و المدينة / الجهوية و الوطنية / الإقليم و القارة..
إن هده السمات المبرزة للحراك الاجتماعي ، لا تعد بالضرورة تعبيرا عن مرض في المجتمع ،حسب ما تدعيه بعض النظرية المؤسسة ، فاعتبار المجتمع مريض ، يفترض وجود مواصفات معينة لمجتمع سوي .
الحركات الاجتماعية: المفاهيم و المقاربات
المحطات المؤسسة للحركة الاجتماعية الجديدة .
يظهر أن النقاشات الصاخبة بين الماركسية و الليبرالية ، أفضت في جوانبها إلى مدارس تعيد النظر في المنطلقات و الأحكام الجامدة ، لتؤسس لنفسها إضافات نوعية في رصيد الفاعلين التاريخيين في الاحتجاج ( الطبقة العاملة ) وحقيقة موقع الحركة الاجتماعية في تحديد دورها ( من فعلها الثانوي إلى ارتقاءها للعب دور رئيسي في حسم الصراع الاجتماعي و السياسي ) .مستحضرين غنى الأدب التحليلي الذي راكمه التحليل السوسيولوجي وانتقاد بعض رموزه – ألان تورين و بيير بورديو - فكرة ما بعد الحداثة باعتباره فكرا هداما للنمذجة العقلانية ، وعليه فإن زاوية معالجة الحركة الاجتماعية ينبغي أن يمر من رصدها كنسق من التفاعلات في علاقتها مع المحدد الاقتصادي الذي يحدد تناميها ، بعد أن فشلت النظم الديمقراطية الليبرالية في تحقيق مطالبها التاريخية : الإخاء ، المساواة ، الحرية (2) .
لقد ساهم علم الاجتماع في رصد أهم المحطات الرئيسية في تطور الحركة الاجتماعية وما رافقها من مساهمات نظرية ، مختزلة إياها في ثلاثة :
المحطة الأولى ما قبل 1968 : التراث المرتبط باجتهادات منظري علم النفس الاجتماعي والتي انطلقت مع استعمال المؤرخ والباحث الألماني لورينز فون ستاين lorenz von stein سنة 1842 لمصطلح الحركة الاجتماعية باعتبارها تتشكل من مكونات الاحتجاج الرامية إلى البناء و التغيير (3) ليليه منظرين ساهموا في وضع أسس جديدة لفهم الصراع الاجتماعي و الطبقي : هيغل – ماركس - كانط – غرامشي – ونظرية السلوك الاجتماعي مع بارسونز ..
المحطة الثانية 1968-1989: طغى عليها منظرو حركة الموارد البشرية ومنظري الحركات الاجتماعية الجديدة
المحطة الثالثة من 1989 -2007 الإضافة النوعية التي أضافتها الحركات المناهضة للعولمة و أدب المنتديات الاجتماعية المنظرة لتطور الحركة .
ونضيف لها المحطة المفصلية والقوية في تاريخ الصراع الاجتماعي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويبدو أن ما قدمته الحركة الاجتماعية الجنينية في تأثيرها على محور المركز الرأسمالي من ارتقاء سريع من الاحتجاج وفق برامج انتقلت من الإصلاح إلى الثورة المستمرة ، يحتاج إلى دراسة جريئة وفق منظورات جديدة (وسنخصص حلقة خاصة في فهم هذا التطور ).
المحطة الرابعة انطلقت مع الأزمة المالية 2007الى ما بعدها : وتشكل محطات مفصلية في إعادة خلخلة العديد من النظريات وإضافة نوعية في البحث ، من حيث إعادة تناول مفهوم الجماهير المجرمة و سيكولوجية الجماهير و إعادة تجديد القراءات الماركسية على ضوء قدرات الجماهير على التحرك وحسم السلطة دون حزب ثوري ، وطبيعة الأزمة الرأسمالية في علاقتها مع القدرة على التحول والاستمرارية ..الخ ، كما ت رياح التغيير"الربيع العربي " و الهبة الجماهيرية التي حركت الماء الراكد في المجتمعات العربية ، مقدمات لتطور نوعي في مفهوم الحركات الاجتماعية وقدراتها على الارتقاء من وضع إصلاحي دو طبيعة اقتراحية مطلبية إلى طبيعة ثورية جذرية ... (4) ونرى فيها مقدمات أساسية يجب الانكباب على فهم جديدها نذكر بعض سماتها :
- طول النفس الجماهيري في الدفاع عن المطالب و التنظيم و تعبئة الموارد البشرية و التواصل الإعلامي
- الهبة الجماهيرية الغير المرتبطة بموعد سياسي أو زمني فكري ، و التوحد الجغرافي على أرضية هبة قومية ، مع التفاوت الحاصل في التجارب السياسية للأنظمة الحاكمة و الأحزاب المعارضة وإعادة تجديد منظورات بعضها البعض .
- تصدر فئات واجتماعية للاحتجاج ، كانت إلى زمن قريب توصف بالسلبية والبورجوازية ، ولعبها أدوار طلائعية في حسم الصراع الاجتماعي / يقابلها ضعف بنى الطبقة العاملة وترهل أداتها السياسية .
- التواجد النشيط للحركات الدينية وإعادة تجديد تحالفها مع القوى الامبريالية على أرضية معادية لمصالح الثورة الشعبية .
- تنوع المرجعيات الإيديولوجية وتوحدها على أرضية مطالب تحقيق الثورة و القطيعة مع الاستبداد بالرغم من تعدد منظوراتها الطبقية .
بعض المدارس النظرية في سيرورة البناء النظري للحركة
يمكن اعتبار أن أهم المدارس التي رافقت التنظير للحركة الاجتماعية ، تأثرت بشكل أو بآخر بالسجالات التي رافقت التجربة الماركسية من نقد في البناء النظري و المرجعية ، ولذلك نلحظ أن الحركة الاجتماعية قد اغتنت مكتبتها النظرية مع التناقضات التي افرزها النظام الرأسمالي وإيديولوجيات المقاومة التي نشأت عنه ويمكن اعتبار المدارس التالية من أهم المرجعيات التي حاولت فهم طبيعة الحركة الاجتماعية و ميكانيزمات حركيتها :
الهوية و التشكل و الفعل نظرية البراد يغم : ينظر توماس كون إلى تقدم العلم عن طريق مفهوم الثورة العلمية ، فالعلم يتقدم بالثورات ، و يمكن أن نلخص الكيفية اللانهائية التي يصف بها تقدم العلوم كمتوالية :1 ما قبل العلم 2 العلم السوي 3 أزمة4ثورة 5 علم سوي جديد6 أزمة جديدة...يشتغل العلماء داخل البراديغم في ما يسمى بالعلم السوي science normal و المشتغلون بهذا العلم يقومون بصياغة نموذج علمي من أجل توضيح بعض السلوكيات المناسبة التي تم الكشف عنها عبر نتائج التجربة ، ودمجه في وحدة متكاملة ،و يواجه هؤلاء العلماء مجموعة من الصعوبات..ومن ثم نرى أن طبيعة البناء الحركي للحركة ، تجعلها تعيش ديمومة دينامكيية اجتماعية ، تحول دون ركودها أو تحقيقها لاستقرار اجتماعي ،باعتبارها حركة تروم إلى التغيير و التصدي ضد الهيمنة و تحصين الهوية ، عبر الاحتجاج و التكتل على إيقاع دينامية الفرد والجماعة في وثيرة التغيير .
مدرسة شيكاغو : أسسها ParkوBlumer انتعشت في مرحلة الثلاثينيات ، تعتبر من الكلاسيكيات المؤسسة لعلم الاجتماع الحضري ، حققت أول دراسة أمبيريقية تحت عنوان (الفلاح البولندي في أوروبا وأمريكا ل(توماس زنانيكي) عام 1917 'ثم بدأت في إصدار المجلة الأمريكية لعلم الاجتماع عام 1895' ثم إنشاء الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع عام 1905 كما تم إنشاء أول وأكبر قسم لعلم الاجتماع في العالم ، عالجت نماذج التنظيم الاجتماعي والمساهمة في تطوير أول نظرية عن علم النفس الاجتماعي الخالص مثل نظرية (ميد) عن البحث الامبيريقي في مجالات مختلفة كالأجناس، والمناطق المغلقة ،والانتحار....
الوظيفية أو كما سماها دافيد ماتزا مدرسة شيكاغو الجديدة : أسسها تالكوت بارسونز في الأربعينيات ، كما سيتم تطوير المدرسة مع كتابات وأبحاث جوفمان وإنسيام ستراوس ودافيد جولد ..باعتبارهم مجموعة من الدارسين أسهموا في إحياء الاهتمام بالتفاعلية الرمزية والبحوث الكمية في الستينيات . تقتبس النظرية الوظيفية منطلقاتها من التراث الفكري اليوناني المنطوي على رؤية الأحداث الاجتماعية بأنها مكونة من أجزاء مترابطة مفصليا ً و وظيفيا ً بحيث يكون كل جزء مكملا ً للآخر بنائيا ً وحركيا ً و وظيفيا ً، يعجز أي جزء الاستغناء عن وجود الأجزاء الأخرى عند قيامه بحركته و وظيفته، وهو ما ينطبق على البناء الاجتماعي الحركي باعتباره نسق في أبسط معانيه العلائقية أو الارتباط أو التساند ، و حينما تؤثر مجموعة وحدات وظيفية بعضها في بعض فإنه يمكن القول أنها تؤلف نسقا ً يتسم بخصائص معينة
نظرية السلوك الاجتماعي collective behavior theory): تأثرت إلى حد ما بمدرسة شيكاغو ، نظرية صاحبت فترة الأربعينيات و الخمسينيات من القرن الماضي ، وترى أن تشكل الحركة ينتج بالضرورة عن مجتمع مريض ، يفرز ردود فعل جماهيرية سيكولوجية كالهستريا الجماهيرية و الانفجارات و العنف (وترى أنها قد تصل في ذروتها إلى نماذج مريضة : مثل الحركات الفاشية في ألمانيا، وإيطاليا، واليابان) وفي ذلك تجني على توصيف الحركة التي تتأسس على مطالب اجتماعية أكثر مما هي عرقية أو ثقافية أو سياسية..
إن هذا الامتداد لعلم النفس الاجتماعي سيضع السلوك الجماعي موضع رد فعل منحرف عير منطقي "حيث لا تحتاج المجتمعات السوية إلى حركات اجتماعية " ..
نظرية تعبئة الموارد(البشرية و المادية ): ظهرت مع تنامي نضالات النساء و احتجاجات السود و البيئيين في أمريكا وضع أسسها زالد Zald ومكارثي McCarthy وتقوم على ثلاثة ركائز: 1- لا يمكن اعتبار الفاعل الاجتماعي موضوعا للسيكولوجيا، ذلك أنه يعمل عقلانيا 2- لا تعد واقعية النظرية التقليدية مسألة ملائمة، ذلك أن التحولات الاقتصادية الاجتماعية متجاهلة عند ظهور الفعل الجماعي 3- تعد التنظيمات، على عكس فرضيات نموذج مجتمع الجماهير، المفتاح الذي نفهم من خلاله عمليات التعبئة...أي أنها تربط تشكل الحركة الاجتماعية بوجود موارد اقتصادية وسياسية للفاعلين ،باعتبارها تعبير "عن استجابات منطقية لمواقف وإمكانيات طرأت حديثا في المجتمع " وليست خللا حاصلا فيه .تبتعد نظريات تعبئة الموارد عن الهبات الجماهيرية العفوية ، الذي تفتقد فيه الجماهير إلى الوعي و التنظيم ، وتهتم بالفعل التنظيمي الشبكي و تحصيل الموارد واستثمارها عقلانيا ، مما يفسر ارتكاز نظريتها على دور الطبقة المتوسطة وضعف اهتماها بالفئات الفقيرة وبذلك تكون قد أهملت دور البنى السياسية – نقد Peter singer- على اعتبار " أن اختلاف السياق السياسي و الجغرافي يحدد طبيعة الحركة الاجتماعية " من حيث شكل تمظهرها ونوعيتها .
الحركة الاجتماعية الجديدة: ظهرت في أوروبا لتبرير شرعية وجودها وفرزها ، وتعتبر محطة 1968 فرصة لإعادة النظر في العديد من المنطلقات الإيديولوجية مع ألان تورين في فرنسا و مع البرتو ملوسي بايطاليا وكلوز أوف بألمانيا و كريسي بسويسرا و كلونديرمان و تارريشمن وفيرنانديز بوي باسبانيا ..هي بمثابة التتويج التاريخي النظري لمفهوم الحركة الاجتماعية في اعتبار وجودها انعكاس طبيعي لتناقضات المجتمعات الحديثة وصراع الطبقات : الرأسمالية المتوحشة أو البيروقراطية الناشئة عن الهيمنة الطبقية ،تناقض الفرد والدولة كما ترى في فرزها الحديث انتقالا من الحراك الاجتماعي على أسس طبقية إلى الانتقال التاريخي لتحرير الإنسان في كونيته . حيث تفضي مراجعاته للماركسية التقليدية إلى تقديم إجابات لمجتمع مرحلة ما بعد التصنيع القائم على "البرمجة"، والذي يتميز بأنماط مختلفة تماما من العلاقات والصراعات الطبقية. ففي المجتمع "المبرمج" يشكل التكنوقراط الطبقة المهيمنة، بينما ينتهي دور الطبقة العاملة كفاعل أساسي في تغيير الأوضاع القائمة؛ وبالتالي يرون أن الصراع الطبقي أساسا هو ذو طبيعة اجتماعية-ثقافية.
إلى الحلقة الثانية : سياق تبلور الحركة الاجتماعية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا
الهامش :
كتاب : الاضطراب الكبير : انجاز مجموعة من المتخصصين والباحثين ترجمة -.عصام خفاجي ، أديب نعمة دار الفارابي طبعة أولى 1991 : مساهمة اندريه غندر فرانك ومارتا فويتس بمقال " الحركات الاجتماعية في التاريخ العالمي الحديث "
عبد الرحيم العطري : الحركات الاحتجاجية بالمغرب : مؤشرات الاحتقان ومقدمات السخط الشعبي : دفاتر وجهة نظر عدد 14
جون إتيان : القاموس السوسيولوجي : Hatier باريس الطبعة الثانية 1997 ص 216
راجع المقررات الصادرة عن جمعية اطاك المغرب في باب الحركات الاجتماعية بالمغرب : مقرر صادر سنة 2008 المؤتمر الثالث – مقرر صادر سنة 2012 المؤتمر الرابع .
مركز الدراسات و التثقيف الذاتي بالمغرب C.E.A.E.M الهاتف : 0663529978 البريد الالكتروني: HYPERLINK "https://google.com/profiles" حي الزاوية تجزئة هنية ، 4، ابن جرير
---
*رئيس مركز الدراسات و التثقيف الذاتي بالمغرب
* عضو سابق في السكرتاية الوطنية لاطاك المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.