لا تزال العديد من الجمعيات المغربية، وعلى رأسها جمعيات حقوقية، تعاني مع وصول الإيداع المؤقتة والنهائية، بشكل تعتبره تضيقا على حقها في التنظيم ومخالفة صريحة للقانون والدستور. وقد سبق للهيئة المغربية لحقوق الإنسان، أن نددت أكثر من مرة من حرمانها من وصل الإيداع المؤقت، بعد سنة من إيداعها لملفها القانوني لدى ولاية جهة الرباط، مسجلة التلكؤ ورفض مصالح الولاية شرح أسباب التماطل.
وقد نظمت الهيئة مجموعة من الوقفات الاحتجاجية والندوات، لتسليط الضوء على معاناتها، كما راسلت مجموعة من الجهات، على رأسها رئيس الحكومة، الذي طالبته بالتدخل العاجل لفرض احترام القانون، وفاء لالتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان. وإلى جانب الهيئة تؤكد عدد من الجمعيات معاناتها مع إيداع ملفاتها والحصول على وصول الإيداع، ومنها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي نقل عنها تقرير هيومن رايتس ووتش لسنة 2021 حول حقوق الإنسان أن 79 فرعا من فروعها المحلية البالغ عددها 99 واجه رفض السلطات تسلم ملفاتها الإدارية حتى شتنبر 2020، مما يعيق عملها، هذا فضلا عن العصبة المغربية لحقوق الإنسان وغيرها من الجمعيات. وفي هذا الصدد أكد فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب أنه رصد أن عددا من الجمعيات تعاني من عدم تسلم الوصل المؤقت في الحال، ولا تتوصل بالمرة بالوصل النهائي، وأن عملية تأسيس الجمعيات، رغم الجهد الذي قام به المشرع بتعديل الفصل 5 من القانون المذكور، ما زالت متعثرة وتعرف عدة عراقيل. ومن هذا المنطلق تقدم الفريق بمقترح قانون يقضي بتغيير الظهير الشريف رقم 1.58.376 بتنظيم حق تأسيس الجمعيات. وبحسب الفريق النيابي، فعلى الرغم من أن القانون جاء بإجراء، يعتبر أن الجمعية يجوز لها أن تمارس نشاطها وفق الأهداف المسطرة في قوانينها، في حالة عدم تسلمها للوصل النهائي داخل أجل ستين يوما، إلا أن باقي المتدخلين كالأبناك والسلطات وباقي الشركاء المحتملين يعتبرون الجمعية غير قانونية دون وصل نهائي. وينص المقترح المقدم على تعديل الفصل الخامس من الظهير الشريف رقم 1.58.376 بتنظيم حق تأسيس الجمعيات الصادر بتاريخ 16 جمادى الأولى 1378 (27 نونبر 1958)، بإضافة أن الجمعية تمارس نشاطها وفقا للأهداف المسطرة في قوانينها، فور توصلها بوصل مختوم للسلطة الإدارية، بعد تسلمها من الجمعية تصريحا مباشرة أو بواسطة عون قضائي، أو بمحضر العون القضائي. وتأتي ضرورة هذا التعديل، حسب فريق "البيجيد"، من كون المغرب يعرف تطورا كبيرا ومطردا، في تأسيس الجمعيات، حيث ساهم الدستور في هذه الدينامية، عندما اعتبر الديمقراطية التشاركية، رافعة من رافعات التنمية، إلى جانب الديمقراطية التمثيلية.