طالبت فعاليات جمعوية وثقافية بمدينة أصيلة، والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، بالتدخل لإيقاف هدم بناية "كاساسكرينيا" التاريخية، بعد صدور قرار إخلائها عن طريق مقرر جماعي تمهيدا لهدمها . ودعت الهيئات المدنية في تصريحات لموقع "لكم، المندوبية الجهوية لوزارة الثقافة بالتدخل من أجل الإبقاء على هذا المعلم الأثري وإصلاحه خاصة وأنه في نظرهم يمثل حقبة مليئة بالأحداث التي تختزل الوعي التاريخي الجماعي والذاكرة الأصيلية.
من جهتها سارع سكان البناية البالغ عددها 23 أسرة، إلى مراسلة محمد امهيدية والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، من أجل إيقاف تنفيذ أحكام اعتبروا "سندها إستغلال نفوذ و تمويه للعدالة". وكان المجلس الجماعي المحلي قد أصدر سنة 2005 ضمن قرارات دورة يوليوز، قرارا يقضي بترتيب "كاساسكرينيا"، ضمن التراث المحلي الذي يعني منع هدمه وتغييره، قبل أن يصدر قرارا جديدا سنة 2018 يؤكد على ضرورة إخلاء بناية "كاساسكرينيا" تمهيدا لهدمها. وفي هذا الصدد، قال ممثلوا السكان في رسالتهم التي يتوفر "لكم" على نسخة منها، أنهم تفاجؤوا بطريقة تفويت البناية إلى شركة إبن عمدة مدينة أصيلة، مرفقين رسالتهم بنسخة شهادة الملكية مستخرجة من المحافظة العقارية في إسم المالك محمد أمين بنعيسى، مضيفة أن المعني بالأمر قام بتمويه العدالة بتقديم رخصة هدم مسلمة من طرف أبوه في خرق سافر لكل القوانين والأعراف. وطالب السكان بتدخل والي الجهة بصفته ممثلا للملك، وإيقاف هذه الأحكام بالإفراغ في حقهم. لجنة دعم الأسر المهددة بالإفراغ ولإيجاد حل مناسب للأسر القاطنة ببناية "كاساسكرينيا"، أسست مجموعة من فعاليات المدينة لجنة لدعمهم، حيث كانت أول مبادرة عملية قامت بها هي عقدها يوم 08 مارس الجاري لقاء مع باشا المدينة، تم إطلاعه على أهم الإشكالات المتعلقة بهذا الملف. وفي تصريح لموقع "لكم"، قال أعضاء اللجنة، إنهم أخبروا باشا المدينة بالوضعية الإجتماعية للأرامل والعائلات المهددة بالطرد من هذه الإقامة مطالبين بضرورة مراعات الوضعية الاجتماعية والنفسية والإقتصادية لهذه العائلات المهددة بالشارع . وحسب تصريح اللجنة، فإن الباشا عبر عن تفهمه للوضعية الصعبة التي توجد عليها تلك العائلات المهددة بالإفراغ مشيرا بأن الأمر هو في الأصل قضائي ويجب معالجته قضائيا مؤكدا على أنه سيقوم وفي إطار اختصاصاته بكل ما من شأنه أن يساهم في إيجاد حل يرضي الأطراف المعنية في إطار ما يسمح به القانون. وأعلن الباشا في ذات اللقاء بأنه سيتابع بصفة شخصية ملف هؤلاء الأرامل ووضعية المقيمين بهذه البناية حيث أكد على أهمية ودور المجتمع المدني في لعب دور الوساطة واقتراح البرامج والحلول الممكنة عند كل أزمة أو مشكلة. وعبرت اللجنة المشار إليها في ذات التصريح، عن تشبت ساكنة أصيلة بالمقرر الذي صادق عليه المجلس سنة 2005 الذي اعتبر بناية "كاساسكرينيا" معلمة من معالم مدينة أصيلة التاريخية. خبرة وخبرة مضادة وكان رئيس مجلس جماعة أصيلة قد أصدر سنة 2018 قرارا بإخلاء بناية "كاساسكرينيا" تمهيدا لهدمها، وقعه وبتفويض منه نائبه الأول، توفيق لزاري. وحسب الوثيقة التي يتوفر "لكم" على نسخة منها، فإن القرار جاء بناء على تقرير اللجنة التقنية الإقليمية للمباني الآيلة للسقوط بتاريخ 10 يوليوز 2017، وبناء أيضا على الخبرة التقنية المنجزة من طرف المختبر التقني للتجارب والدراسات والمراقبة والمقدمة من طرف شركة « star corps »، تحت رقم 05 بتاريخ 18 يناير 2018. ويطالب القرار بإخلاء البناية المسماة "كاساسكرينيا"، الواقعة بشارع محمد الخامس في أجل 48 ساعة، مهددا بإجراءات إذا لم يتم تنفيذ مقتضيات هذا الأمر. من جهتها قامت 17 أسرة من أصل 23 من تقطن بنفس البناية بتاريخ 21 ماي 2018 بطلب خبرة، في سياق قرر المجلس الجماعي لأصيلة بهدمها بداعي أنها آيلة للسقوط، حيث خلصت إلى أنها تحتاج فقط لإصلاحات، محددة كلفتها في حوالي 600.000 ألف درهم، مشترطة أن تكون تحت إشراف مكتب دراسات مختص أو مكتب مراقبة متخصص. وحددت الخبرة التي يتوفر "لكم" على نسخة منها، نوع الإصلاحات التي تستلزمها البناية، منها طلاء الواجهات الثلاثة للبناية بالصباغة المقاومة لتقلبات الطقس، ومراجعة كافة جدران البناية، وإصلاح شقوق السطح مع مراعاة الحفاظ على الميلان الازم لضمان تصريف مياه الشتاء، بالإضافة إلى تغيير جميع قنوات الصرف لمياه الشتاء ولمياه الصرف الصحي على أن تعهد هذه الأشغال لتقني القنوات والترصيص. معاناة الورثة المالكين للبناية وقالت لجنة دعم الأسر المهددة بالإفراغ من البناية التاريخية، في حديث مع موقع "لكم"، إن الورثة المالكين لهذه الإقامة عانوا كثيرا، مشيرة إلى أنه بمجرد علم رئيس المجلس الجماعي للمدينة بخبر عملية البيع سنة 2005 حتى سارع لعقد دورة استثنائية للمصادقة على مقرر يمنع به أي تصرف كالهدم أو البناء في هذه الإقامة واعتبارها معلمة من معالم المدينة التاريخية . وأضافت أن هذا القرار لم يدم طويلا حيث سارع نفس المجلس بمنح الترخيص لشركة خاصة، والتي فازت بصفقة شراء الإقامة في المزاد العلني، حيث اكتشف الورثة أصحاب الملك بأن صاحب الشركة ما هو إلا ابن رئيس المجلس الجماعي لمدينة أصيلة الوزير السابق محمد بنعيسى، وأن مقر الشركة المزعومة هو عبارة عن إقامة منزل في طابق تعود ملكيته لأخت رئيس المجلس، معتبرين في تصريح لموقع "لكم"، أن رئيس المجلس الجماعي قام بكل وضوح بالشطط في استعمال السلطة والنفوذ ليصبح هذا البيع بيع الغبن الممنوع في الشرع والقانون . أهمية البناية معماريا وتراثيا وللوقوف على أهمية هذه البناية التي بنيت بداية فترة الحماية، على المستويات التاريخية والمعمارية، تواصل موقع "لكم" مع الباحث أحمد الزيداني المقيم بالديار الإسبانية، الذي أكد على أن إسم البناية مشتق من إسم منعش عقاري إسباني إسمه José Maria Escriña، الذي يعتبر من رجال الأعمال الأوائل الذين عرفتهم منطقة الحماية، مشيرا إلى أن نفس الاسم نجده أيضا بمدينة العرائش، كما أن حيا كاملا بمدينة القصر الكبير يحمل اسمه، بناه في فترة الحماية، وهو من أرقى الأحياء في ذلك الوقت. وأضاف الزيداني في حديثه مع موقع "لكم"، أن لهذا المعماري حس معماري جميل ومتين، تعود أصوله للفترة الأندلسية، يظهر أيضا ليس فقط في أصيلةوالعرائش بل حتى في مدينة تطوان، مبرزا أن هذا المعماري شارك أيضا في بناء خط السكة الحديدية الفاصلة بين مدينتي طنجة وفاس، حيث تكلف بالجزء الذي يربط منطقة سيدي اليماني ومدينة أصيلة. وأبرز الباحث، أن José Maria Escriña، (خوسيه ماريا إسكارينيا) كان يبني منازل وإقامات لكبار موظفي نظام الحماية، وبناية "كاساسكرينيا" بمدينة أصيلة هي من ضمن هذه البنايات، وفق المتحدث. يشار إلى أن موقع "لكم" تواصل مع كل من محمد بنعيسى رئيس المجلس الجماعي لمدينة أصيلة، ونائبه الأول توفيق لزاري، لكنهما لم يبديا تفاعلا مع أسئلة الموقع، بداعي ظروفهما الصحية، كما يجدر التنويه إلى أن موقع "لكم"، تواصل أيضا منذ 3 أيام مع المحافظة الجهوية للتراث بجهة طنجةتطوانالحسيمة، لطلب رأيها في الموضوع، إلا أن الموقع لم يتوصل لحد الآن بأن توضيح أو موقف من هذه الجهة.