منذ أيام عديدة والمغرب يعرف تزايدا ملحوظا في عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا، حيث سجلت الوفيات أرقاما قياسية تجاوزت المئة حالة يوميا. تزايد أرقام الوفيات التي باتت تقارب 11 ألفا منذ بداية تفشي الجائحة، يأتي تزامنا مع تأكيد المسؤولين أن عملية التلقيح تسير بشكل جيد وأن الفئات المستهدفة تتسع، كما يتزامن مع تنبيه أطر صحية ونقابية أن المستشفيات باتت ممتلئة، وهو ما يطرح عدة تساؤلات يقابلها ضعف تواصل وزارة الصحة.
ضعف الخدمات الصحية وأمام هذا الوضع، قال علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إن السبب الأساس لارتفاع وفيات كورونا هو ضعف الخدمات الطبية المخصصة للمصابين، خاصة منهم الموجودون في حالة متقدمة. وأشار لطفي في تصريح لموقع "لكم" إلى وجود عجز كبير، سواء في المراكز الاستشفائية الجامعية، أو في باقي المستشفيات، إذ لم تعد لها القدرة على الاستجابة لانتظارات العدد الهائل من المصابين، بما فيهم الحالات الخطيرة، التي تحتاج لأجهزة التنفس. وأكد أن أسرة الإنعاش المخصصة لمرضى كوفيد مملوءة في المدن الكبرى، موضحا أن نسبة الملء التي تبلغ حوالي 45 في المئة على الصعيد الوطني، ليست معبرا، فالمدن الكبرى التي تعرف كثافة سكانية كبيرة لم تعد توجد بها أسرة للإنعاش. ومقابل ذلك تطالب المصحات الخاصة المرضى بأسعار خيالية، ما يضطر كثيرا منهم للعودة إلى منزله، وانتظار الشفاء من الله أو الوفاة. واعتبر رئيس الشبكة أن ما يحدث اليوم في المستشفيات والمصحات المغربية، يرقى إلى جناية عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر، حيث يتم استقبال المريض في الباب بعبارة "ما عندي فين نديرك". كما أبرز لطفي أن رقم أسرة الإنعاش الخاصة بكورونا لا تتعدي 3 آلاف، وهي لاشيء مقارنة ب35 مليون نسمة، مضيفا أنه "حتى وصلات الأمور لما لا يطاق، عاد بدأ تشييد مستشفيات ميدانية". وفي سياق المقارنة، قال رئيس الشبكة، إن الدول التي تتوفر على إمكانيات الاستقبال، والكشف المبكر، تنقذ مواطنيها من الوفاة جراء الإصابة، إلا أنه وفي المغرب، ينضاف إلى ضعف خدمات الاستقبال والخدمات الصحية عموما، مشكل ضعف الكشف المبكر. ارتفاع الأسعار ونبه إلى أن الارتفاع الكبير لسعر الكشوفات، يؤدي إلى ضعف الكشف المبكر، فسعر الكشف الواحد يساوي 700 درهم، وإجراء أسرة كاملة للكشف، يعني تخصيص أجرة شهر لهذا الأمر، وهو ما يتطلب إعادة النظر في هذه النقطة، إما بجعل الكشوفات مجانية على غرار دول أخرى، أو على الأقل جعلها في متناول المواطنين. وسجل لطفي مفارقة وجود أشخاص يموتون بسبب الوباء، في مقابل أشخاص آخرين يغتنون، فبعض المختبرات الخاصة سجلت مداخيل وأرباح كيرة، خاصة مع وجود الاحتكار. غياب الشفافية وبخصوص اختلاف أرقام الوفيات بين المدن والجهات، فقد أوضح المتحدث أن العامل الديمغرافي يلعب دورا أساسيا، كما أن اختلاف تسجيل الحالات يعزى أيضا لاختلاف عدد التحاليل التي يتم إجراؤها، ففي الوقت الذي يتم إجراء ألف تحليلة مثلا في مدينة ما، لا يتجاوز عدد التحليلات مئة في مدينة أخرى، وذلك بهدف التقليل من عدد الإصابات. وأوضح أن بعض المديرين الجهويين للصحة، كما هو الشأن في فاس يأمرون بعدم إجراء التحاليل بشكل كبير حتى لا يتم تسجيل الحالات ويظهر أنهم يشتغلون بشكل جيد ويطوقون الأمر، في حين أنهم يساهمون في تأخير الكشف المبكر، وهو أمر خطير ويهدد حياة المواطنين. وشدد لطفي على ضرورة الشفافية في التواصل مع الرأي العام، وتوضيح الأوضاع والحقائق، سواء من طرف وزارة الصحة أو اللجنة العلمية، أو باقي المسؤولين. وأبرز الأهمية الكبرى للتواصل مع الرأي العام سواء في التوعية أو تصحيح الأخطاء والمغالطات، وكذا الشائعات التي تنتشر بين الناس، فتوضيح معطى أن جل الحالات في الإنعاش والوفيات لم تقم بالتلقيح، من شأنه أن يسهم في تزايد الإقبال على التطعيم. وانتقد المتحدث تحميل الحكومة والوزارة الوصية مسؤولية تفشي الوباء للمواطنين، موضحا أن المتحول "دلتا" ينتشر بسرعة كبيرة، ويمكن أن يصيب حتى الأشخاص الذين يتقيدون بالإجراءات الحاجزية. وخلص المتحدث إلى الإشارة إلى الأطر الصحية، التي تحتاج إلى التحفيز، خاصة في ظل الضغط الذي تعيشه، والأوضاع التي باتت لا تطاق بالنسبة لها.