لقجع يستقبل رئيس اللجنة الأولمبية للسنغال لتعزيز التعاون الرياضي استعدادًا للأحداث الكبرى    بيبي ميل: المدرب الجديد لاتحاد طنجة لكرة القدم "مقتنع بمشروع اتحاد طنجة"    الفنيدق.. مقتل 3 أشخاص وإصابة 8 آخرين بجروح إثر عطب في فرامل شاحنة أدى إلى اقتحامها مقهى    مصر تدعو إلى نشر قوة دولية بغزة        ستون صورة ومغرب واحد نابض بالعاطفة.. افتتاح استثنائي يكرّس المغرب في ذاكرة الصورة    ريتشارد يحتفي بإطلاق نيالا ويستعد لتمثيل سوريا في الدوحة    مدينة طنجة تحتضن معرضا يخلد 2500 عام على تأسيس نابولي    لجنة تحكيم ثلاثية دولية لاختيار أفضل عرض سيرك لسنة 2025 بالدورة 7 للمهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة    الجزائر تستعمل لغة غير لائقة في مراسلاتها الدولية وتكشف تدهور خطابها السياسي    الركراكي: حكيمي يبذل جهداً كبيراً للحاق بالمباراة الأولى في "كان 2025"    الأردن يبلغ ربع نهائي "كأس العرب"    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    نماذج من الغباء الجزائري: أولا غباء النظام    11 قتيلا في إطلاق نار بفندق في جنوب أفريقيا    وزير الصحة يجدد في طوكيو التزام المغرب بالتغطية الصحية الشاملة    أخنوش: ضخ استثمارات غير مسبوقة في درعة تافيلالت ل7 قطاعات حيوية وخلق آلاف مناصب الشغل    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى رئيس جمهورية فنلندا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أخنوش بميدلت لتأكيد سياسة القرب: مستمرون في الإنصات للمواطن وتنزيل الإنجازات الملموسة    جهة طنجة .. إطلاق النسخة الثانية من قافلة التعمير والإسكان في خدمة العالم القروي    معهد يقدم "تقرير الصحافة 2024"        مقهى بتازة في مرمى المتابعة بسبب بث أغاني فيروز "بدون ترخيص"    أنشيلوتي: مواجهة المغرب هي الأصعب في مجموعتنا في كأس العالم 2026    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    الرياح الحارة تؤجج الحرائق في شرق أستراليا    أمن الناظور يُحبط تهريب أزيد من 64 ألف قرص ريفوتريل عبر باب مليلية    كأس العالم 2026.. الجزائر تترقب الثأر أمام النمسا    لماذا يُعتبر المغرب خصماً قوياً لمنتخب اسكتلندا؟    ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    مشعل: نرفض الوصاية على فلسطين    الحكم الذاتي الحقيقي التأطير السياسي للحل و التكييف القانوني لتقرير المصير في نزاع الصحراء    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. تكريم حار للمخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    مرصد مغربي يندد بتمييز زبائن محليين لصالح سياح أجانب ويدعو لتحقيق عاجل    لاعبون سابقون يشيدون بأسود الأطلس    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    العنف النفسي في المقدمة.. 29 ألف حالة مسجلة ضد النساء بالمغرب    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    مجلس المنافسة يفتح تحقيقا مع خمسة فاعلين في قطاع الدواجن    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    تعيين أربعة مدراء جدد على رأس مطارات مراكش وطنجة وفاس وأكادير    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    الحكومة تمدد وقف استيفاء رسوم استيراد الأبقار والجمال لضبط الأسعار    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    خلال 20 عاما.. واشنطن تحذر من خطر "محو" الحضارة الأوروبية    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا علينا تعليم أبناءنا اللغة الصينية؟
نشر في لكم يوم 15 - 08 - 2021

أشرنا في مقال "من دروس النهضة الصينية والانتقال من الحدارة إلى الحضارة…" إلى أن الصين تتوفر على معطيات جغرافية وديموغرافية وسوسيوثقافية، تساعد على تسهيل وتسريع عملية التنمية، ويظهر ذلك بوضوح من خلال :
أولا- ميزة الحجم، ذلك أن كبر حجم الصين وسع من إمكانية تخطيها العقبات التي تعترض طريق تطورها الاقتصادي، خصوصا في مجال إقامة الصناعات الكبيرة، وفي تحديد حجم السوق المحلية ، ومدى إمكانية وجود طلب كاف للسلع المنتجة، كما أن المساحة الكبيرة توفر موارد أكثر تنوعا بالشكل الذي يغني عملية التنمية الاقتصادية و يوفر المواد الأولية اللازمة لإقامة الصناعات المختلفة بتكاليف منخفضة. أما حجم السكان الأكبر فيتيح إمكانية توفير عدد اكبر من الأيدي العاملة بمختلف مستوياتها بكلفة منخفضة، إضافة إلى توليده طلبا أكبر على السلع المنتجة محليا، والذي يدفع باتجاه زيادة الإنتاج والدخل المحليين، أي انه يؤدي إلى إحداث نمو اقتصادي كبير، إذا صوحب بتغيرات نوعية معينة يمكن أن يحقق تنمية اقتصادية و اجتماعية شاملة تهيئ الأساس للانطلاق نحو التنمية الشاملة …
ثانيا- التقارب الحضاري والاجتماعي للسكان، إذ تتميز الصين بقدر كبير من التجانس بين رعاياها، بحكم أن الغالبية العظمى من السكان تنتمي إلى القومية الهانية، ويدينون بنفس الديانات، ويتكلمون لغة واحدة ، وتتقارب مستويات معيشتهم و ثقافاتهم و تقاليدهم و هو مامنح للصين قدرا من الاستقرار الذي انعكس إيجابا على مسار التنمية بعد 1978…
فالصين تتميز عن سائر بلاد الدنيا قاطبة بتجانسها البشري الواضح، برغم كثرة عدد سكانها، ووجود 56 قومية بها، والفضل في ذلك يعود إلى قومية " هان" الكبيرة، التي لعبت دورا أساسيا في تشكل القومية الصينية، فبحسب الإحصاءات الرسمية تمثل قومية "هان " ما يزيد عن 90 % من إجمالي السكان، أي أن هناك نحو مليار و مائة مليون نسمة من عرق واحد، وهذا يعني تجانسا بين 20 % من سكان الكوكب. وهذا التجانس لا يقتصر على العرق فحسب، بل يتعداه إلى التجانس في اللغة والتاريخ والثقافة وأسلوب التفكير، لكن ذلك لم يحل دون احتفاظ باقي القوميات بخصائصها الثقافية والنفسية الخاصة بها ..
ففي الصين هناك قول سائد "ثقافة المناطق الخمس الكبرى"، وذلك يحيل بشكل أساسي إلى تكوين الثقافة التقليدية الصينية، الذي يعد جزءا من البيئة الحضارية للحضارة الصينية. فالصينيون مثل كل الشعوب الأخرى هم نتاج عمليات امتزاج حدثت على امتداد زمن طويل في الماضي، ولعل أهم نقطة في هذا الموضوع هي الحقيقة التي تقرر أن الشعب الصيني، أيا كانت أصوله في الماضي فانه يمثل اكبر مجموعة بشرية في العالم اجمع، يتسم بالوحدة والتجانس الثقافي [1]. رغم بعض الفروق بين ثقافة المناطق والتي تظهر في الحياة الاجتماعية الحديثة، وهذا طبيعي في ظل بلد تتعايش فيه 56 قومية انصهرت فيما بينها على مدى تاريخ الصين لتعطي هذا المزيج الذي يصطلح عليه "بالقومية الصينية"[2].
والجدير بالذكر، أن اغلب هذه الأقليات القومية الصغيرة تتركز في مقاطعات أطراف الصين وتخومها بالقرب من الحدود مع البلدان المجاورة. وقد عانت هذه الأقليات عبر حقب تاريخية من "سياسات شوفينية" من قبل الغالبية "الهانية" حتى وصل بعضهم للانقراض. غير أن هذه السياسات قد تغيرت بعد 1980، حيت عملت الدولة على تشجيع النمو السكاني لهذه الأقليات ومنحهم حرية أكبر للعيش في مناطق تركزهم، فسمح لهم بإنجاب ثلاثة أطفال بدلا من طفل واحد، كما كان محددا سابقا وفقا لتحديد النسل الذي يسري على كل القوميات[3].
لكن بالمقابل مازالت السياسات الخاصة بتشجيع "الهانيين" على الانتقال إلى مناطق تركز هذه القوميات خصوصا في الغرب، بهدف ضمان سيطرة بكين على هذه المناطق ، وهو ما أثار حفيظة العديد من الأقليات العرقية. وما حصل من أحداث عنف في مطلع 2010 بمقاطعة "زانجيانغ" ذات الأغلبية المسلمة دليل على ذلك. فكل أقلية قومية تحاول الاحتفاظ ببعض الخصائص الثقافية التقليدية والنفسية الخاصة بها ، بل إن فهم خصوصية الأمة الصينية والأواصر القوية التي تربط بين أفراد هذه الجماعة لن تستقيم من دون معرفة القدر الضروري من خبراتهم الماضية ، خاصة وأن الشعب الصيني يختلف كثيرا عن باقي الشعوب الأخرى، فهو شعب شديد الاهتمام بالماضي، وهم ينظرون لأنفسهم من منظور تاريخي فإذا ما أرادوا تحليل سماتهم المعاصرة، فسوف يبحرون في ماضيهم السحيق. لذلك، فان فهم عملية التحديث وما يحدث في صين اليوم، لن يستقيم من دون الإبحار في ماضي المعتقدات والممارسات الدينية للأمة الصينية. على اعتبار أن هذا المنحى سيمكننا من فهم حاضرها، وتحديد ملامح مستقبلها. فهذه المعتقدات والممارسات جميعها تمكن الجماعة "الصينية" "من أن تجدد دوريا المشاعر الخاصة بها وبوحدتها"[4] ..
و على الرغم من أن الصين ظلت لمئات السنين تعيش في عالمها الخاص، وقليلة الاحتكاك بالمحيط الخارجي إذ أن الأباطرة الصينيون نجحوا في زرع حب العزلة في نفوس الصينيون. إلا أن ذلك لم يحل دون تأثر الصين بالرياح الثقافية والفكرية لمختلف مناطق العالم القديم. ومع هذا فان الصين تمكنت من رسم مسار ثقافي ينسجم وخصوصية البيئة الطبيعية والبنية السيكولوجية للإنسان الصيني. فتحليل موجز لبعض خصائص الثقافة الصينية يحيل إلى تميز الثقافة الصينية قديما و حديثا، حيث كان لقساوة المناخ وللاعتبارات السياسية والوطنية تأثيرا في تشكل القومية والخصوصية الصينية[5] ، التي تميل أكثر للتمسك بالبنية العشائرية، وتعطي أولوية لقيم الطاعة والأخلاق…
فشعور الصينيون بانتمائهم للثقافة الصينية واعتزازهم بهذا الانتماء، يظهر أكثر من خلال صينيوا ماوراء البحار، فالصينيون بالرغم من إقامتهم في الغرب و الشرق، لعقود إلا أنهم لايزالون صينيون في طريقة أكلهم وتحدثهم وتربية أبنائهم . بل إن الصينيون أصبحوا أكثرا اعتزازا وتشبتا بقيمهم الثقافية بعدما أصبحوا يرون أن قصاصات الأخبار على كل وسائل الإعلام تتحدث عن نجاح الصين . فهذا الشعب الذي تذوق مرارة الهزيمة الثقافية والاحتلال الياباني أصبح أكثر إصرارا من قبل على التمسك بقيمه الثقافية وبوطنيتة، لاسيما وأن الحكومة نجحت في تسويق صورة الصين خلال العقود الأخيرة . ولعل تنظيم الألعاب الأولمبية في صيف 2008 وذلك الاستعراض الكبير الذي تم به افتتاح الدورة، تأكيد على النزعة الثقافية للصين، فهذه الأخيرة لم تقلد الغرب بل حاولت التمسك بهويتها..و من يريد التعامل مع الصين مستقبلا و يراهن عليها كحليف و شريك تجاري و سياسي فعليه بداية تعلم اللغة الصينية لأنها المدخل لفهم الشخصية الصينية . و هو ما سنحاول توضيحه في مقال موالي إن شاء الله تعالى … والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون..
*إعلامي وأكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني والشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية والسياسات العامة..

[1] – Jacques Gernet, " A History of Chinese Civillization", Cambridge , Cambridge University Press, second edition 1996. 6-27.
[2] – Zhixiong, Wang « Chine, la démocratie ou le chaos ? », Editions Bleu de Chine. Paris. 1997. pp.94-95.
[3] -"Population And Family Planning Law of the People's Republic of China", China Population Publishing House Order of the President of the People's – Republic of China, No.63, September 1, 2002.
[4] -Emile Durkheim," The Elementary froms of the Religious Life; study in Religious Sociology". Trans, Joseph ward.Swain. New York, Free Press.1965.pp.21-32.
[5] – Louir-Augusto Martin. "Les CIvilisation primitives en Orient, Chinois, Indiens. Perses Babyloniens, Syriens,Egyptienns". Paris, Dider et Ge, Libraire, Editeurs. 1861.pp. 1-15


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.