هجرة .. المشاركون في الندوة الوزارية الإقليمية لشمال إفريقيا يشيدون بالالتزام القوي لجلالة الملك في تنفيذ الأجندة الإفريقية    أوكرانيا تستبق "تصويت الكونغرس على المساعدات" بالتحذير من حرب عالمية ثالثة    فيتو أميركي يٌجهض قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة        في لقائه بأخنوش.. مدير "الفاو": المغرب نموذج يحتذى به في الاستراتيجيات الفلاحية    طريق المغرب للتحول إلى "بلد البترول والغاز"!    النواب يحسم موعد انتخاب اللجن الدائمة ويعقد الأربعاء جلسة تقديم الحصيلة المرحلية للحكومة    بوريطة: المواقف الثابثة لليبيريا بخصوص قضية الصحراء المغربية عززت توطيد العلاقات الثنائية    بوركينافاسو تطرد ثلاثة دبلوماسيين فرنسيين اتهمتهم بالقيام ب"أنشطة تخريبية"    توثق الوضع المفجع في غزة.. مصور فلسطيني يتوج بأفضل صورة صحفية عالمية في 2024    "أشبال الأطلس" يستهلون مشوارهم في بطولة شمال إفريقيا بتعادل مع الجزائر    نهضة بركان يفتقد خدمات 4 لاعبين أمام إتحاد العاصمة الجزائري    إعادة انتخاب بووانو رئيسا للمجموعة النيابية للعدالة والتنمية للنصف الثاني من الولاية الحالية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    غوغل تطرد 28 من موظفيها لمشاركتهم في احتجاج ضد عقد مع إسرائيل    الدكيك: نستعد لمواجهة ليبيا بجدية كبيرة    إيران تتوعد إسرائيل: "ستندم" على أي هجوم    تلميذ يرسل أستاذا إلى المستعجلات بتزنيت    مدير "الفاو" يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة        ما هو تلقيح السحب وهل تسبب في فيضانات دبي؟    الحكومة ستستورد ازيد من 600 الف رأس من الأغنام لعيد الاضحى    طنجة: توقيف شخص وحجز 1800 قرص مخدر من نوع "زيبام"    لماذا يصرّ الكابرانات على إهانة الكفاح الفلسطيني؟    مطار حمد الدولي يحصد لقب "أفضل مطار في العالم"    نجوم مغاربة في المربع الذهبي لأبطال أوروبا    مجلس الحكومة يصادق على مشاريع وتعيينات    المغرب متراجع بزاف فمؤشر "جودة الحياة"    واش تنادم معهم الحال حيث شافوه محيح مع العين؟ نايضة فالأهلي المصري بسبب سفيان رحيمي    السفينة الشراعية التدريبية للبحرية الألمانية "غورتش فوك" ترسو بميناء طنجة    ما الذي قاله هشام الدكيك قبل المواجهة الحاسمة أمام ليبيا؟    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    المغرب وليبيريا يجددان التأكيد على مواصلة تعزيز تعاونهما الثنائي    أصيلة.. توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتباطهم بالاتجار في المخدرات    فدوى طالب تكشف موعد عرض "مروكية حارة" بالقاعات السينمائية    منير بنرقي : عالم صغير يمثل الكون اللامتناهي    تاجر مخدرات يوجه طعنة غادرة لشرطي خلال مزاولته لمهامه والأمن يتدخل    تقرير دولي يكشف عن عدد مليونيرات طنجة.. وشخص واحد بالمدينة تفوق ثروته المليار دولار    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    عزيز حطاب يكشف ل"القناة" حقيقة عودة "بين القصور" بجزء ثانٍ في رمضان المقبل!    هل يتراجع "الكاف" عن تنظيم نسخة جديدة من "السوبرليغ" في 2024؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أكادير تحتضن الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ    تنظيم الدورة الثانية لمعرض كتاب التاريخ للجديدة بحضور كتاب ومثقفين مغاربة وأجانب    رونالدو يكسب يوفنتوس في ملف تحكيم    "نتفليكس" تعرض مسلسلا مقتبسا من رواية "مئة عام من العزلة" لغارسيا ماركيز    بينهم سوري.. عقود عمل وهمية والإتجار بالبشر يطيحان ب5 أشخاص في فاس    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب هذه الدولة        قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    وزارة الصحة: حوالي 3000 إصابة بمرض الهيموفيليا بالمغرب    عينات من دماء المصابين بكوفيد طويل الأمد يمكن أن تساعد في تجارب علمية مستقبلاً    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصية الراحل خالد الجامعي التي دفعتني إلى الكتابة عن الصين و نهضتها…
نشر في لكم يوم 08 - 06 - 2021

بمناسبة رحيل الصحفي و الإعلامي المغربي "خالد الجامعي" كان في نيتي كتابة مقال لرثاء الرجل و إعطاءه حقه، لاسيما و أن علاقتي به كانت لها خصوصية متميزة، فقد عرفت الرجل في نهاية عام 2012، و معرفتي به كانت على خلفية لقاء صحفي قام به رئيس تحرير جريدة " الغد" التي تملكها المؤسسة التي أتولى إدارتها ، و قد رافقته لحضور هذا اللقاء و التعرف على الراحل في بيته، و قد إستقبلنا بحفاوة و بلغته "العروبية" و ثقافته الواسعة و حسه الوطني الصادق، و قد و جه لي رحمه الله سؤالا طالبا مني أن أعرف بنفسي، و قد كان ما طلب فربما لأني لم أرد أن أتدخل في عمل زميلي فضلت الاستماع ، لكن فيما بعد أصبح الحوار الذي دار بيني و بينه جزء أصيل في نص الحوار ، و كان من عباراته التي تعلمت منها الكثير و فهمت أن حقل الصحافة و الإعلام في بلدي حقل ملغوم فقد كرر أكثر من مرة عبارة " غير قابل للنشر" لذلك، قسمنا الحوار إلى جزئين: جزء قابل للنشر و أخر لا يصلح للنشر، لكن أحتفظ به في ذهني و في خزانتي الصوتية..
و فيما بعد تكونت بيني و بين الراحل صداقة، و نصحني بأن أركز إهتمامي على توعية العالم العربي عموما و المغاربة خاصة بالتجربة الصينية ، و نصحني بعدم الكتابة في الجرائد التي أديرها، و أن يكون قلمي ذا نزعة أكاديمية ، و لم أفهم في حينه ماذا كان يريد بالضبط ، لكن فيما بعد فهمت لماذا نصحني بالابتعاد عن الشأن الصحفي اليومي، و التركيز أكثر على الجانب الأكاديمي و المستقبلي و التوعوي، وقد كان من العبارات التي رسخها في ذهني " لكل زمان رجاله و جهاله" ، و صدق الرجل فيما قال ، و أأسف على أني توقفت عن زيارته طيلة الفترة الأخيرة، وقد شكلت وفاته صدمة لي ، لأني وعدته بتكرار الزيارة كلما سنحت لي الفرصة، و تكريما لروح هذا الرجل ، و امتثالا لنصيحته فإن مقالي هذا سيكون بمثابة نعي للرجل و اعترافا بفضله و جميله، ليس في حقي فحسب، و إنما في حق المغرب و المغاربة، فالرجل حمل هم البلاد و قضايا الشعب المغربي، و كان الناصح الأمين الذي لا يغير مبادئه و قناعاته، إرضاءا لحاكم أو رغبة في مكسب أو مغنم، رحمه الله و إنا لله و إنا إليه راجعون…
و تبعا لنصيحة الراحل خالد الجامعي رحمه الله، فقد أشرنا في أكثر من مقال و محاضرة إلى أن صعود الصين هو تجسيد لدورة العمران على حد تعبير "ابن خلدون"، فالدول تمر من مرحلة الطفولة والشباب والفتوة ثم الشيخوخة والأفول، و أن ما يحدث اليوم للعالم العربي و الإسلامي من هبوط للقاع و تفكك ودمار و سفك للدماء، و تبعية مطلقة للأجنبي، و تفريط في الحقوق و الثروات الوطنية، خدمة لمصالح ضيقة الأفق تخص البطانة الحاكمة بالدرجة الأولى، كل هذه المثالب و السلبيات بقدر ما تثير في النفس الحزن والأسى، بقدر ما تدعو إلى التفاؤل لأن التغيير قادم لا محالة ، و دوام الحال من المحال…
و لعل هذا التفاؤل نابع من التجربة الصينية ، فالصين التي تتجه نحو قيادة العالم اقتصاديا و سياسيا و عسكريا، انتقلت من "حالة فقر الدم"، الذي عانت منه عند نهاية القرن 19 ومطلع القرن العشرين، حيث تدهور مستوى الإنتاج والسكان وانكسر نسيج التقدم العلمي، وانتشر الفكر الأصولي. لكن مع نهاية الربع الأخير من القرن الماضي دخلت "مرحلة الانطلاقة الكبرى" حيث تم تحديث البنية الاقتصادية والعلمية والثقافية للمجتمع الصيني.
غير أن هذا التحول السريع لم يكن ليتحقق لو لم تتوفر شروط موضوعية ساعدت على تحققه. فحالة النكوص والتدهور التي شهدتها الصين خلال القرن 19 وطيلة النصف الثاني من القرن 20، لا يمكن أن تخفي حقيقة أن الصين حضارة عريقة، تملك مقومات مادية ومعنوية تؤهلها لاحتلال مكانة سامقة بين الأمم العظمى. وأن حالة التخلف والانحطاط لم تكن إلا "طفرة ظرفية" في مسار تطور الحضارة الصينية، فإذا ماحللنا الوزن الجيوسياسي للصين China's Geopolitical Standing في مرحلة ماقبل إصلاحات 1978، سنجد بأن الصين كان لها حضور قوي على خريطة العالم. ويظهر ذلك من خلال المؤشرات التالية :
1. فعلى المستوى الاقتصادي بلغت حصة الصين من الناتج الداخلي الإجمالي للعالم سنة 1820 حوالي 32,9% ، وهو ما مكنها من احتلال الرتبة الأولى عالميا على مستوى GDP. و في سنة 1890 متلث الحصة حوالي 13,2% وهو ما مكنها من احتلال الرتبة الثانية عالميا ، بينما لم تتعدى هذه الحصة 4.6 % سنة 1952، 4,9% سنة 1978 ، وهو ما جعلها تحتل الرتبة الثالثة والرابعة على التوالي[1] .
2. على المستوى الديموغرافي : متلث ساكنة الصين حوالي 36,6 % من ساكنة العالم سنة 1820 ، وحوالي 26.2% سنة 1890 ونحو 22,3 %سنة[2]1978.
3. إن الحضارة الصينية في القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن 15م "كانت أكفأ بكثير من الحضارة الغربية في تسخير المعرفة العلمية[3]، وخاصة من الناحية التطبيقية التكنولوجية[4].
ولما كان العلم في جوهره هو معرفة منظمة ونظرية حول تكوين العالم وكيفية عمله، وليس كيفية تسهيل العمل أو السيطرة على الطبيعة [5]، فإن الصين عجزت عن مواكبة الثورة العلمية التي فجرها العلم الحديث، والتي تبلورت من خلال علوم الفلك، الفيزياء، والبصريات والرياضيات، وهي علوم لم تتطور عند الصينيين نتيجة لانعدام الحرية الفكرية لطلب العلم[6].
لذلك، فان الصينين تأخروا لا عن الغرب فقط بل عن العرب منذ حوالي القرن الحادي عشر[7].وبرزت هذه الفجوة المعرفية أكثر مع احتكاك الصينين بالعالم الغربي الذي دق أبواب الصين بمدافعه وفتوحاته العلمية بدأ من القرن 18 .
وهو ماجعل الزعماء الصينيون المعاصرين بدءا من ثورة 1911 إلى حدود انطلاق إصلاحات 1978، يجمعون على أن تقدم العلم والتكنولوجيا عامل لاغنى عنه في محاولات الصين لتحديث نفسها. واقتنعوا بأن الإصلاح الزراعي والعمالي وتشجيع الاستثمار الأجنبي، لا يكفيان لتحويل الصين إلى مجتمع حديث. ولتحقيق هذا الهدف ينبغي تشجيع العلم والتكنولوجيا، واتخاذ التدابير السياسية والتشريعية الضرورية[8].
لذلك، فان إصلاحات 1978لم تنطلق من "أرض محروقة"، بل على العكس وجدت أمامها مجموعة من المعطيات والعوامل الايجابية، التي أهلت الصين لاسترجاع حضورها في المسرح الدولي .
فقيام جمهورية الصين الشعبية (PRC) سنة 1949. أحدث تغيرا جذريا في النخبة السياسية الصينية، وفي منهجية ونمط إدارة الدولة، فالسيطرة المركزية أصبحت أكثر قوة مما شهدته العهود السابقة (حكم الإمبراطور أو حكم الكومنتانغ)[9]. فالحزب الشيوعي أصبح يسيطر على مختلف مواقع السلطة، كما أنه يسيطر على وسائل العنف المنظم، والأجهزة البيروقراطية ووسائل الإعلام والدعاية. كما حرص الحزب على نشر أيديولوجيته وتقويتها في أوساط الجماهير[10]. وعمل على إلغاء الملكية الخاصة سواءا المحلية أو الأجنبية للأراضي و رؤوس الأموال، لتصبح بذلك الصين تمتلك اقتصادا موجها على شاكلة الاقتصاد السوفياتي[11].وقد أسهم الاتحاد السوفياتي السابق في السنوات الأولى في توفير الدعم المالي والتقني للنهوض بالاقتصاد الصيني، من بناء المصانع وإقامة البنية التحتية للتصنيع، وتوفير المواد الأولية للصناعة وغيرها.
وقد شهدت الحقبة الماوية تغييرات سياسية مهمة، كان لها تأثيرا على جهود التنمية في الصين[12]، فخلال الحقبة الماوية تم اتخاذ مبادرات وسياسات جريئة لتحقيق التنمية: "كالقفزة الكبرى للأمام Dà yuè jìn " (60-58 ) ، و "الثورة الثقافية wéngé " (76-66) والتي كان لها تأثيرا عميقا على النظام التعليمي والسياسي للدولة[13].
وبالرغم من الانتقادات الكبيرة التي وجهت لهذه السياسات[14]، إلا أن النظام الشيوعي تمكن من تحقيق إنجازات اقتصادية واجتماعية مهمة، لم تسجلها الدولة في الحقب السابقة:
فعلى مستوى التنمية البشرية، نجح النظام الماوي في نقل البلاد من حالة البؤس والجهل والأوبئة[15]: فمعدل محو الأمية بلغ سنة 1978 حوالي 67% ، والعمر المتوقع عند الولادة انتقل من 35 سنة قبل 1949 إلى حوالي 67 سنة في عام 1978.
كما شهد الاقتصاد الصيني خلال هذه الحقبة تحولات هيكلية، فالمؤشرات الاقتصادية-تحديدا- Economic Indicators تؤشر على حقيقة هذه التحولات :
v فالقيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي انتقلت من حوالي 52071 مليون دولار(دولارات 1978) سنة 1952، إلى حوالي 82044 مليون دولار سنة 1975 و86732 مليون دولار سنة 1978. أما صافي القيمة المضافة في نفس القطاع فقد انتقلت من 112038 مليون يوان(يوان سنة 1987) سنة 1952 إلى 183071 مليون يوان سنة 1977. وجاء هذا التحسن في الأداء الزراعي نتيجة للجهود التي بدلت لتوسيع المساحات المزروعة، وإشراك الأسر الريفية في عملية الإنتاج.
v أما الناتج الداخلي الخام الصناعي، فقد انتقل من 17796 مليون يوان سنة 1952 إلى حوالي 115113 مليون يوان سنة 1970 ، و 189968 مليون يوان سنة 1977 و219314 مليون يوان سنة1978 [16].
v أما الناتج الداخلي الخام (مقدرا بدولارات 1990) فقد انتقل من 305854 مليون دولار سنة 1952 إلى نحو 636937 مليون دولار سنة 1970، 793568 سنة 1976 و 843097 سنة 1977، 935083 مليون دولار سنة 1978. وهو ما يعني تضاعف الناتج الداخلي الخام في الفترة ما بين 1952 و 1978[17].
v الناتج الداخلي الحقيقي للفرد فقد انتقل من 538 دولار سنة 1952 إلى حوالي 778 دولار سنة 1970، و853 دولار سنة 1976، ثم 894 دولار سنة 1977 وحوالي 978 دولار سنة 1978. وهذا يعني أن الناتج الداخلي الحقيقي للفرد قد نما بحوالي 82 % في الفترة مابين 1952- 1978.
v كما أن هيكل التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت عرف بدوره نموا معتبرا خلال هذه الحقبة، فإجمالي الاستثمارات الثابتة Gross Fixed Investments انتقل من 8.07 مليار يوان ( بالأسعار الجارية) سنة 1952 إلى نحو 47,30 مليار يوان سنة 1960 و 54,59 مليار سنة 1970 و 86,51 سنة 1976 و 91,11 مليار يوان سنة 1977 و نحو 107,39 مليار سنة 1978، مع العلم أن هذه الاستثمارات هي من النوع المقيم [18].
والجدير بالذكر، أن هذه الانجازات الاقتصادية والاجتماعية قد تمت في ظروف داخلية وإقليمية غير مواتية، ومن ذلك :
v الانفجار الديموغرافي الذي شهدته الصين خلال الحقبة الماوية كان استثنائيا، فمعدلات الخصوبة كانت جد مرتفعة _بالرغم من الخسائر البشرية التي تكبدتها الصين نتيجة للمجاعات التي اجتاحت الصين خلال هذه الحقبة_، فقد انتقلت ساكنة الصين من حوالي 400 مليون نسمة سنة 1900 إلى حوالي 533 مليون نسمة سنة 1945، و609 مليون سنة 1955 و 715 مليون نسمة سنة 1965 و 916 مليون نسمة سنة 1975. بمعنى آن الزيادة في عدد السكان في الفترة مابين 1949 و1978 بلغ حوالي 430 مليون نسمة، بينما لم تتعدى هذه الزيادة حوالي 330 مليون نسمة في الفترة مابين 1979 و 2008. فالصين في الحقبة الماوية كانت في أوج الانفجار الديموغرافي Demographic Explosion، والذي اتجه منذ مطلع الثمانينات إلى الاستقرار. وهذا الاستقرار الديموغرافي هو نتاج لفعالية سياسة الحد من النسل التي تم تبنيها في الفترة الماوية [19].
v كما أن الصين خلال هذه الفترة خاضت سلسلة حروب، بدءا بالحرب الأهلية لما قبل 1949، تم حرب كوريا والحروب الحدودية مع الجيران. بجانب الحصار الذي ضرب عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها. وتدهور العلاقات السياسية والاقتصادية مع الاتحاد السوفياتي، بعد تبني هذا الأخير لسياسة "التعايش السلمي" مع المعسكر الغربي، ودخول الصين في ما يمكن أن نسميه ب"الانعزالية الاقتصادية Economic Isolationism".إلى جانب معاناة الصين في هذه الحقبة من القلاقل الداخلية الناتجة عن فشل تجربة "القفزة الكبرى للأمام" ، والتناحر العنيف بداخل هيكل السلطة السياسية في مرحلة" الثورة الثقافية" [20].
في ظل هذه التي تمزج بين الايجابي و السلبي ، الطالح و الصالح ، نجحت القيادة الصينية متجسدة في الحزب الشيوعي الصيني ، إدارة الإخفاقات و الأزمات و الاستفادة من الإيجابيات و المكتسبات التي تحققت طيلة الفترة السابقة، فالبناء لا يتم إلا بالتراكم ، و ليس بالهدم فقط، و الأمة التي تلغي ماضيها فهي تضر بحاضرها و مستقبلها و الدرس الصيني يعد بحق وصفة علاجية واضحة المعالم للخروج من حالة اللاتنمية و اللاستقرار و لا هدف في عالمنا العربي و سأحاول في مقال موالي استكمال هذا النقاش .. و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لايعلمون ..
إعلامي و أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية و السياسات العامة..

[1] -Angus Maddison. "Chinese Economic Performance in the Long Run», SECOND EDITION REVISED AND UPDATED 960-2030AD, OECD, Development Centre Studies, OECD.2007.p.60.and, Angus Maddison « D'hier à aujourd'hui La croissance mondial depuis 1820 », PROBLEMES ECONOMIQUES. N0 2510/2511, 5-12 Mars 1997, pp :2-9.
[2] – Ibid.
[3] – Weedham, J. « Science and society in East », in the grand tradition : « London Allen and Unwin, 1969. pp. 190-214
[4]– Won-yan Quan , the Great Inertia : scientific stadgnation in Traditiona china » , London Groom Helm, 1985.
[5] – Karl Popper « Conjectures and Refutations », New York, Harper, 1968.
[6] – William de Barby « Neo-confucian orthodoxy and the learning of the Mind and Heart », New York Columbia University Press, 1981. pp. 131-135.
[7] – للتوسع أكثر أنظر:
Derk Bode, « Chinese thought , society and science : the intellectual and social Background of science and Technology in Pre-Modern china », Honolulu, University of Hawaï Press, 1991, ainsi, Kenneth R. Stunkel, « Technology and values in Traditional china and the west », Comparative civilizations Review on 23-19990. pp. 75-91 ainsi, Harry white « The fate of independent in traditional china », Journal of chinese Philosophy. 18-1991, pp.53-72.
[8] – Robert UM. Hartwell (1982), « demographic , Political, and social transformation in china, 750-1550 », Harward Journal of Assiatic studio 42, 1982, pp 365-445 and Jacques Gernet, (1982), « A History of chinese civilization », Cambridge, cambridge University 1982, pp .20-330.
[9] – Rocca, Jean-Louis « La condition chinoise : capitalisme, mise au travail et résistances dans la Chine des réformes » Paris, Editions KARTHALA, 2006.p.7.
[10] – R. Keith Schoppa, The Columbia Guide to Modern Chinese History, New York, Columbia University Press,2000. .p,111.
[11]– Tenev,Stoyan, Chunlin Zhang, and Loup Brefort.2002.Corporate Governance and Enterprise Reform in China: Building the Institutions of Modern Markets .Washington,DC: World Bank and International Finance Corporation.p.19.and, SHAHID YUSUF KAORU NABESHIMA AND "DWIGHT H.PERKINS UNDER NEW OWNERSHIP PRIVATIZING CHINA'S STATE-OWNED ENTERPRISES" , A COPUBLICATION OF STANFORD ECONOMICS AND FINANCE, AN IMPRINT OF STANFORD UNIVERSITY PRESS,AND THE WORLD BANK. Washington,DC.2006.p,13.
[12] – Denis Twitchett, John Fairbank, The Cambridge History of China, Volume 14: The people's Republic, Part I: The Emergence of the Revolutionary China 1949-1965, New York, Cambridge University Press, 1987, p22- 30.and, Roderick Mac Farquhar, The Origins of the Cultural Revolution, Volume II: The Great Leap Forward, 1958-1960, New York, Oxford, Columbia University Press, 1983.
[13] – الثورة الثقافية هي فترة من القلاقل مرت بها الصين منذ 1966، ولم تنتهي إلا بعد إزاحة عصابة الأربعة سنة 1976، انظر الفصل الذي تناولنا فيه الحزب الشيوعي الصين.
[14] -Collectif," Le Livre noir du communisme", Paris, Robert Laffont, 1998. Stéphane Balame. " La Chine", Le cavalier Bleu Editions, 2éme éditions, Paris. 2008. p.35. R. Keith Schoppa, The Columbia Guide to Modern Chinese History, op.cit, p.119. Dumont. R. " La Révolution Culturale",Paris, Seuil.1976.p.69.et, Marie-Claire Bergère, " La République populaire de Chine de 1949 à nos jours", Paris, Presses Universitaires de France.2000. pp.114-122. Mémoires du garde rouge Dai Hsiao-ai, autobiographie politique présentée par Gordon A. Bennett et Ronald N. Montaperto, Editions Albin Michel, 1971, p. 89.
[15] – Jacques Guillermaz, "Histoire du Parti Communiste Chinoise, des origines à la République Soviétique Chinoise 1921-1934", Op, cit.pp.16-20.
[16] – Angus Maddison, "Chinese Economic Performance in the Long Run», Op, cit.pp.146-159.
[17] – Ibid.p.146-159.
[18] – Ibid.p.162.
[19] – Roger Revelle, "Centre for Population Studies, Haward Uni. Versity, Letters, Science187, March 1975.And, Leo Orleans," China's Experience in Population Control, the 1975 Elusive Model", World Development 3, July-August.1976.
[20] – Marie-Claire Bergère, " La République populaire de Chine de 1949 à nos jours",op,cit .pp.114-122. et, Mémoires du garde rouge Dai Hsiao-ai, autobiographie politique présentée par Gordon A. Bennett.op,cit, p. 89. Simon Leys, "Les Habits neufs du président Mao", op,cit. et, Jean-Luc Domenach, Aux origines du Grand Bond en avant. Le cas d'une province chinoise (1956-1958), éditions EHESS/Presse de la FNSP, 1982,, pp,15-etc.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.