- جميع الأنظمة تقلد النظام الملكي بغوغائية و فعالية أكثر أو أقل. سلفادور دالي - التغيير في العالم العربي يجب أن يكون شاملا و جذريا و ألا يقتصر على التغيير السياسي. أدونيس إذا أردنا نكثف المطالب العريضة لحركة 20فبراير في مطلب وحيد و فريد، يمكن أن نجازف بالقول: يجب على الملك أن ينتصر على الملكية المقدسة المثقلة بحمولة تقاليد و أعراف الآداب السلطانية القروسطية، و التي تتنافى مع القيم الحداثية الكونية على أكثر من صعيد. فعصب التغيير الشامل و الجذري يلزم أن يبدأ من هنا ، لا من منطلق آخر لتفادي جميع الصدامات الدموية و الفورات الاجتماعية التي سوف تغرق المغرب- لا محالة- في دوامة من العنف و الفوضى. فحركة 20 فبراير تفطنت إلى ما غفلت عنه الأحزاب السياسية الهرمة لأكثر من عقد و التي باتت بدورها معيقة للتغيير، و هو " وجود تناقض بين شخص الملك و المؤسسة الملكية" كما يقول الباحث في العلم السياسية محمد الطوزي، الذي أكد في أحد الحوارات الصحافية على أن المؤسسة الملكية محافظة بطبعها لأنها تجر من وراءها إرثا كبيرا، في الحين أن الملك كشخص له اختيارات فردية و خاصة به. أعتقد أن تفعيل وثيرة إخراج مضامين انتصار الملك على الملكية المقدسة هو السبيل السليم و الواعد في تغيير حقيقي و هادئ و إلا سيدفع المغرب تكلفة باهضة الثمن على غرار ما يشهد العالم العربي من تحولات عنيفة و مفتوحة على المجهول. إذا كان البعض يشكك في قدرة الملكية على التغيير كالباحثة هند عروب بقولها: هل يمكن لملكية ترفل في نعيم القداسة أن تقود التغيير؟ و ما مضمون التغيير الذي تقوده؟ أو يعقل أن تقود التغيير ضد نفسها؟ و هل كل تغيير يعني بالضرورة تقدما و تطورا؟ و كيف تفسر احتكارية عملية لعبة التغيير؟ و أي دور لهذه اللعبة و لرواسي الحكم في إعاقة التغيير المنتج للقلب التاريخي؟ و أنى لبنية تتأسس على فكرة الإله و الدم و الجسد و التحكم في الرقاب و الزرع و الخصب و الجفاف على مذابح الطقوس وقرابين الرموز، ليظل الملك وحده لا شريك له، أن تنتج تغييرا وفق خطاطات علمية و عقلانية؟ كما نجد عبد الله العروي أكثر تشاؤما من الباحثة الآنف ذكرها، إذ يعترف في كتابه " العرب و الفكر التاريخي": لا مفر من الاعتراف بأن حظوظ العقلنة الشاملة عندنا ضعيفة جدا. و ربما مستحيلة. إذ النظام مشيد لكي يضمن لذاته الاستمرار على الحالة التي هو عليها. لا أعتقد أن النظام على هذه الرتابة القاتمة و المنغلقة، فقد أبان بالواضح و الملموس على انفتاح كبير و أعطى إشارات إيجابية للتحريض على التغيير. إذ استغنى بشكل مداور على المشروعيتين التاريخية و الدينية بمشروعية الإنجاز و الفعل. و الورش الدستوري الحالي الذي يعرف عصوبات جمة في التنزيل، لا بد و أن يأتي بجديد يستجيب لمطالب و انتظارات الشعب و ينتصر لقيم الحداثة الكونية. فالتغيير حاصل لا محالة، لا يمكن معاكسة حركة التاريخ و المجتمع. فحركة 20 فبراير حركت البركة الآسنة للسياسة و أشعرت المسئولين من مغبة الاستمرار في نفس أساليب التسيير المتخلفة. لكنها الآن على وشك فقدان عفويتها و براءتها و امتدادها المجتمعي لسطوة متطرفين عليها. متن خطابهم يتناقض و روح انطلاق الحركة و يكشف عن نواياهم السيئة و المفضوحة. إذا كان بعض من هؤلاء المتطرفين يريد استغلال الديمقراطية من أجل اغتيالها من بعد. بالإضافة إلى تكريس الخرافة بتزكية الشطحات الصوفية و تحويل الرؤيا إلى ديماغوجيا. فإن البعض الآخر اختار لغة يسارية رثة لما قبل الحرب الباردة ممارسة و تنظيرا و فكرا تفصح عن أسطورة الإنسان التقدمي و حنينه إلى عصر الإيديولوجية الباردة و لاهوت إذلال الإنسان. تشويش من هذا القبيل لا بد وأن يعرقل و ينصب المتاريس لقطع التواصل بذكاء طيب بين الملك و حركة 20 فبراير. فاعل جمعوي بأصيلة يهتم بالشأن السياسي و الثقافي. أتمنى أن تحظى هذه المقالة بالنشر. مع أزكى التحيات.