رسالة تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أسرة المرحوم عفيف بناني والد الدكتور أيوب    فاجعة..عثور على حارس سيارات جثة هامدة    مندوبية السجون ترد على "جيراندو": ضابط الشرطة حي يرزق ومحكوم ب18 شهرا فقط    توقيف مروجين للمخدرات في الجبهة وتنقوب ودرك شفشاون يحجز على شيرا وكوكايين    تسعيرة جديدة لسيارات الأجرة بالحسيمة تثير استياء المواطنين    جريمة قتل في شاطئ السواني.. الجاني يكشف تفاصيل المأساة    نشرة إنذارية... موجة حر من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    وزيرة خارجية فلسطين: الدفاع عن القضية الفلسطينية ثابت أساسي في دبلوماسية الملك محمد السادس    نيجيريا... وفاة أزيد من 600 طفل بسبب سوء التغذية خلال ستة أشهر    مستقبل كرة القدم الإفريقية يتشكل بافتتاح مكتب الفيفا بالمغرب    أكثر من 50 طفلا و30 بالغا يسبحون من المغرب إلى سبتة مستغلين الضباب الكثيف    فؤاد عبد المومني.. تلميذ كسول في القانون    حلم التتويج الإفريقي يطرق أبواب المغرب: لبؤات الأطلس في مواجهة نيجيريا    لقجع ينفي حسم ملعب نهائي مونديال 2030 ويؤكد: لا قرار دون توافق الدول الثلاث    أخنوش يقود اجتماعا سياسيا يشيد بنجاح الأوراش الملكية وتوازنات الاقتصاد المغربي            صحيفة "إلكونفيدينثيال": طنجة وجهة مفضلة للإسبان لصيانة سياراتهم بتكاليف منخفضة    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية المالديف بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد        وفاة الموسيقار اللبناني زياد الرحباني    انطلاق فعاليات الملتقى السنوي لمغاربة العالم بإقليم زاكورة    جواز السفر المغربي يتقدم عالميًا ويُتوَّج الأقوى في شمال إفريقيا    مسؤول : ميناء الناظور غرب المتوسط سيفتح آفاقا تنموية واعدة بجهة الشرق والحسيمة    غزة: 100 ألف طفل بالقطاع مهددون بالموت الجماعي خلال أيام    هيئة: 104 مظاهرة في 60 مدينة مغربية للتنديد بتجويع غزة والدفاع عن القضية الفلسطينية    "التقدم والاشتراكية": دعم السكن رفع أسعار العقار وحرم محدودي الدخل من اقتناء منازل    الغلوسي: الظروف الحالية تفرض على الدولة ومؤسساتها عدم التساهل مع الفاسدين    شفشاون تمثل المغرب ضمن 11 جماعة إفريقية في برنامج الاقتصاد الأخضر الإفريقي    جامعة "ابن طفيل" تحتفل بتخرج أول دفعة من شعبة الأنثروبولوجيا    المنتخب المحلي المغربي ينهزم أمام بوركينا فاسو في مباراة إعدادية لل"شان    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب بابوا الغربية بإندونيسيا    إدارة الدفاع: المنصات التي تعرضت للاختراق السيبراني هي تلك التي لم تخضع مسبقاً للافتحاص الأمني    تحالف أسطول الحرية: مسيرات تحلق فوق سفينة "حنظلة"    تفوق على معايير الفيفا .. مسؤول بالكاف ينبهر بتطور ملعب طنجة الكبير        كيوسك السبت | افتتاح مكتب "الفيفا" بالرباط وسط أجواء نهائي كأس إفريقيا للسيدات        مقتل 8 أشخاص في هجوم بإيران    ""التوحيد والإصلاح" تستنكر قرار ضم الضفة الغربية وغور الأردن وتعتبره جريمة سياسية وأخلاقية    صور مزيفة بالذكاء الاصطناعي تجمع ترامب وإبستين تحصد ملايين المشاهدات    وفاة الموسيقار اللبناني زياد الرحباني    صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    إيقاف ميسي وألبا لعدم مشاركتهما في مباراة كل النجوم (رابطة الدوري الأميركي)    عصيد: النخبة المثقفة تركت الساحة فارغة أمام "المؤثرين وصناع المحتوى"    سجلماسة: مدينة وسيطية بتافيلالت تكشف عن 10 قرون من التاريخ    الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش على مزاعم بيع النقط وتسجيلات مسلك الماستر    أخنوش: تعميم التغطية بشبكات المواصلات حاجة ملحة ولا تقبل التأجيل أو الانتظار    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى رحيل الملك الحسن الثاني
نشر في لكم يوم 23 - 07 - 2025

كانت مدينة السعيدية ذلك اليوم هادئة تماما. سماء ممعنة في زرقة آسرة، كانت تتقاطع مع زرقة البحر وأشعة شمس متوسطية، لتشكل لوحة طبيعية باذخة الجمال والروعة. كانت شواطىء المدينة الفسيحة والممتدة على عدة كلمترات، تضم أفواجا من المصطافين القادمين من مدن ومناطق مغربية مختلفة، للتخفيف من شدة الحر والقيظ. رغم أن المدينة كانت متواضعة في كل شيء. فنادق محدودة وبسيطة. ومقاه ومطاعم قليلة. وبنية تحتية هشة وفضاءات غير مهيئة. لكن تلك الظهيرة من يوم 23 يوليوز 1999.كانت طويلة وحاسمة وذات حمولة وجدانية ومشاعر جياشة. كنت جالسا رفقة الصديق محمد العباسي في فندق متواضع غير بعيد عن الشاطئ. وبعد لحظات باغتنا أحد المسؤولين بنطق جملة ثقيلة. عزاؤنا واحد في وفاة جلالة الملك الحسن الثاني. كان وقع هذه الجملة مزلزلا عصف بالمكان والزمان وأفرز حالة نفسية وذهنية ووجدانية اختلط فيها كل شيء. غادرنا للتو الفندق. لم يكن الخبر قد انتشر على نطاق واسع. لكن لما بثت القناة الأولى خبر رحيل المغفور له الحسن الثاني. و حلت حصص القرآن الكريم محل البرامج المعتادة. علم جزء كبير من سكان وزوار مدينة السعيدية بالحدث. ورغم أنني كنت أقضي عطلتى السنوية ،حاولت الاتصال بمساعدة التحرير في القناة الثانية المرأة الطيبة والنبيلة خديجة الناصري .لكن الضغط على خطوط الهاتف كان كبيرا. وسرعان ما اتصلت بي هي قائلة:يجب أن تلتحق بالقناة في أقرب وقت. كان ذلك قرار الإدارة. توجهت وصديقي محمد العباسي إلى مخيم التينس البسيط الذي كنت مقيما فيه رفقة المناضل الصالحي عبدالقادر وآخرين. هناك وجدت المصطافين في حالة ارتباك وحيرة. وبحكم أن بعضهم كان يعرفني انطلاقا من ظهوري على الشاشة. فقد طرحواعلي بعض الاسئلة من قبيل.هل الأوضاع عادية وهل ستهجم علينا الجزائر ؟ كانت أجوبتي محفزة على ضرورة إحساس الناس بأنهم في بلد آمن تحكمه المؤسسات وأن الأمور لاتدعو إلى القلق. كان طبيعيا أن يطرح المواطن البسيط هذا النوع من الأسئلة. لأن الأمر يتعلق بحدث استثنائي .رحيل ملك بصم تاريخ المغرب وطبعه ،بما هندس وخطط له من مشاريع. وما بناه من مؤسسات رغم السياقات السياسية والاجتماعية التي تميزت بالصراع والتوتر والصدامات الدامية عبر محطات مختلفة. ورغم الاختيارات التي أثارت حنق فئات عريضة من المغاربة.
لملمت أغراضي وغادرت المخيم، وتركت مدينة السعيدية غارقة في أجوائها الصيفية التي علاها حزن عام. توجهت إلى مدينة بركان بمعية الأخ العباسي،وكان شقيقي مصطفى في انتظارنا. أسئلة كثيرة كانت تستقر في أذهاننا ونحن جيل رضع حليب السياسة مبكرا وأدى ضريبة غالية في سبيل بناء المجتمع العادل والدولة الديمقراطية. جلسنا في مقهى ابن سيناء التي عادة ماكانت تتردد عليها نخبة بركانية تسجل حضورا لافتا في فصل الصيف. وهناك جمعتنا الصدفة مع أحد أنجال الراحل البكاي الذي شغل منصب الوزير الأول في أول حكومة. سافرنا جميعا إلى ردهات التاريخ وحكى السي محمد بفرنسية أنيقة مجموعة من الوقائع. كنا ننصت إليه خاصة وأنه قضى سنوات في سلك الجندية. و فاز في الانتخابات البرلمانية سنة 1963 عندما ترشح باسم الحركة الشعبية كما كان رئيسا لجماعة بركان. وكان خطاب نجل البكاي لهبيل يتسم بمسحة دينية، خاصة وأنه تفرغ على امتداد سنوات للإطلاع على المذاهب الفقهية وإتقان اللغة العربية وقراءة مختلف التفاسير التي كتبت عن القرآن الكريم.
مساء ذات اليوم استضفنا السيد على الكعواشي في منزله، وكان آنذاك يتحمل مسؤولية الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في بركان. جرى نقاش طويل ومتشعب بيننا. كنا نستعرض التاريخ بكل طراوته وعنفوانه، ونطرح جملة من الأسئلة حول راهن المغرب ومستقبل البناء الديمقراطي والآفاق المنتظرة سياسيا واقثصاديا واجتماعيا.
صباح الغد. غادرت بركان صوب وجدة استعدادا للسفر جوا إلى الدار البيضاء. ورغم أن الرحلة كانت مبرمجة عصر نفس اليوم، إلا أنها تأخرت كثيرا، بسبب حالة الارتباك التي طالت حركة الطيران على خلفية رحيل الملك الحسن الثاني. وتأسيسا على ذلك،ظللت مرابطا لفترة طويلة في مطار وجدة أنجاد.ولم أصعد إلى الطائرة إلا في حدود العاشرة ليلا.
عندما وصلنا إلى مطار محمد الخامس، كان علي أن اتدبر أمري لأصل إلى القناة الثانية. لم يكن هناك من وسيلة سوى انتظار القطار الذي ركبته وأنا في حالة تعب شديدة. ولما وصلت إلى مقر القناة الثانية، وجدت أغلبية العاملين خاصة المسؤولين والصحافيين حاضرين. وكانوا يتناولون وجباتهم داخل قاعة التحرير. بعد أخذ قسط من الراحة والاطلاع على مختلف التفاصيل المرتبطة بخطة القناة للتعاطي مع حدث عظيم. رافقت الزميل والصديق محمد مماد إلى منزله حيث قضيت الليلة هناك.
صباح الغد ،اسيقظنا باكرا ،وتسلحنا بجرعة عالية من الحماس المهني. توجهنا إلى القناة ،لمباشرة مختلف الاستعدادات المتعلقة بتغطية مراسيم تشييع جنازة الملك الراحل الحسن الثاني. أتذكر أننا عقدنا اجتماعا برئاسة المدير السابق للقناة الثانية العربي بلعربي وبحضور محمد مماد باعتباره كان مسؤولا عن قسم الأخبار. وأعتقد أنه كان هناك صحافيون ومخرجون وتقنيون. كان المدير العام القادم من عالم التدبير والمال والأعمال والمنحدر من أسرة ليست بعيدة عن الإعلام والسياسة، يبدو متوترا بعض الشيء وقلقا. لأن تدبير حدث له رمزية خاصة يتطلب حنكة وخبرة وجرأة مهنية وشجاعة فكرية. باغتي السيد بلعربي قائلا. هل تتولى لوحدك تغطية جنازة الملك الراحل أم يكون إلى جانبك الصحافي محمدالعمراني وحميد ساعدني؟ كان علي أن أكون دبلوماسيا ومهنيا في الرد. قلت له ليس هناك أي مشكل في أن أقوم بالمهمة. لكن يستحسن إشراك الزميلين في تغطية هذا الحدث الاستثنائي والمؤثر. فاستقر الرأي على هذه الصيغة.
عندما ذهبنا إلى الاستوديو، بعد فترة وجيزة من التحضير وأخذ عدد من المعطيات والمعلومات ،عن المسار الطويل والمركب لرجل استثنائي، مثل الملك الحسن الثاني.كنت أحاول أن استثمر قراءاتي ومعرفتي ،في الربط بين وقائع الجنازة ،ومجموعة من المحطات والأحداث ،التي كان فيها الراحل فاعلا وصانعا وشاهدا.
مؤكد أنه في عالم الصحافة،كما في عالم السياسة والثقافة. كل شخص له أسلوبه وطريقة تفكيره وفهمه وتمثله للأحداث.والعمل الجماعي إذا كان منسقا ومنسجما ومهيئا بشكل مهني ،تكون له مردودية مقنعة.
صحافي وكاتب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.