أدرج تقرير "أبيكس 2025" الصادر عن مؤسسة "ستارت أب جينوم" المغرب ضمن قائمة الدول التي تم تقييم نظمها الوطنية لريادة الأعمال، دون أن يحجز لنفسه موقعا متقدما في التصنيفات العالمية أو الإقليمية، ما يعكس محدودية فعالية السياسات المغربية في هذا المجال حتى الآن. التقرير الذي يهدف إلى قياس الأداء الفعلي للنظم البيئية الداعمة لريادة الأعمال مقارنة بإمكانات الابتكار التقليدية، يركز على مقاربة قائمة على المقارنة النسبية بين الدول من خلال تطبيع المعطيات مع عدد السكان والناتج الداخلي الخام، وليس فقط من خلال الحجم أو الثروة، ما يمنح البلدان النامية فرصة للظهور إذا كانت سياساتها فعالة.
وتقود سنغافورة الترتيب العالمي، يليها الكيان الإسرائيلي ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتتموضع إستونيا في المركز الرابع، متقدمة على المملكة المتحدة، في حين تحافظ دول مثل الهند والصين والسويد وكندا وسويسرا على مواقعها ضمن العشر الأوائل، وفقا لما جاء في التقرير. أما على المستوى الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد احتلت "إسرائيل" المرتبة الأولى، تليها الإمارات العربية المتحدة، ثم مصر، والبحرين، والمملكة العربية السعودية، في حين تظهر دول مثل إيران، الأردن، لبنان، تونس، وقطر في مراتب تالية، إلى جانب المغرب الذي تم إدراجه ضمن قائمة الدول المُقيمة دون تحديد مرتبته بدقة، ما يرجح أن ترتيبه يتراوح بين المرتبة 21 والمرتبة 36 على الصعيد الإقليمي، استنادا إلى الرموز المُدرجة في المخطط التوضيحي في نهاية التقرير. وأشار التقرير إلى أن نظام ريادة الأعمال العالمي يشهد تحولات عميقة، في ظل فقدان النظم التقليدية للبحث والتطوير الجامعي-الصناعي لقدرتها على قيادة النمو الاقتصادي، وتحول الشركات الكبرى إلى شراء التكنولوجيات لتقليص العمالة بدلا من توسيعها. وفي هذا السياق، أصبحت النظم البيئية للشركات الناشئة المحرك الأساسي لنمو الوظائف وازدهار الاقتصادات، حيث يلعب صانعو السياسات دورا محوريا في تسريع هذا التحول من خلال سياسات مصممة لدعم الابتكار المحلي، وتمكين المواهب، وتوفير البنية التحتية والتمويل. وقد ركز تقرير "أبيكس 2025" على تقديم تقييم دقيق للأداء الفعلي للدول مقارنة بقدرتها الابتكارية النظرية، حيث تم احتساب درجات مركبة تأخذ في الاعتبار عوامل مثل الوصول إلى السوق، التمويل، البيئة التنظيمية، التجربة والخبرة البشرية، دعم البرامج، توفر البنية التحتية، والأسس التجارية. ومن بين ما يميز هذا التقرير عن مؤشرات الابتكار الأخرى هو كونه لا ينحاز للبلدان الغنية أو الكبيرة الحجم، بل يعمل على تسوية الفروق من خلال التطبيع الإحصائي، مما يسمح بتحديد الفاعلية الحقيقية للسياسات العمومية في دعم ريادة الأعمال. وتبين من خلال جدول السياسات المرفق في التقرير أن بعض الدول ذات الأداء الضعيف من حيث المؤشرات الاقتصادية الكلية، مثل الأرجنتين (بدرجة سياسة كلية تبلغ 6.5)، استطاعت تحقيق نتائج معتبرة في بعض مجالات دعم ريادة الأعمال، لا سيما في التمويل. وفي المقابل، تسجل دول مثل البرازيل (3.2) والهند (4.3) درجات منخفضة نسبيا في هذا المجال، مما يعكس ضعفا في تصميم البرامج أو توفر الموارد البشرية المؤهلة أو المخصصات المالية. كما يتناول التقرير التحدي المتعلق بالذكاء الاصطناعي بوصفه المرحلة الثالثة من موجات النمو المتسارع في النظم البيئية للشركات الناشئة، بعد الحوسبة ثم الشبكات. ويؤكد معدو التقرير أن من يتحرك أولا في هذا المجال سيجني فوائد هائلة، مشيرين إلى تجربة باريس التي حققت عائدا يقدر ب 50 ضعفا للاستثمارات الموجهة إلى الذكاء الاصطناعي. ويحذر التقرير من أن 90 بالمائة من وظائف الذكاء الاصطناعي الجديدة قد تتركز في الولاياتالمتحدة والصين، ما لم تسارع الدول الأخرى إلى دعم شركاتها الناشئة في هذا المجال، بدلا من الاكتفاء بتمويل البنى التحتية أو استيراد التقنيات الجاهزة.