كثيرون من بين أعضاء، حزب "جماعة العدل والإحسان" الإسلامية، وكثيرون من بين أنصار "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي، يَعتبرون أنّ ما جرى في سُوريا في 7 ديسمبر 2024 هو «ثورة شعبية إسلامية». وهذا خطأ كبير. لماذا؟ أوّلًا، لأن عملية غزو سوريا، والإطاحة بالنظام السياسي السوري، لم تكن مُدَبّرة من طرف المِيلشيات الإسلامية التي دخلت العاصمة دِمَشق (مثلما رَوَّجَت لذلك وسائل الإعلام التّابعة لهيمنة الإمبرياليات الغَربية)، وإنما عمليّة غزو سُوريا كانت مُدبّرة، في الخفاء، من طرف حِلْف سياسي سِرِّي، يتكوّن مِن أمريكا، وإسرائيل، وتوركيا، والسعودية، والإمارات، وقطر. ثانيًّا، لأن العملية الحاسمة في غزو سوريا في 7 ديسمبر 2024، لم تكن هي انتفاضة شعب سوريا (مثلما روّجت كَذِبًا وسائل الإعلام الخاضعة لهيمنة الإمبرياليات الغَربية)، وإنما العملية الحاسمة كانت هي إرشاء أعضاء قيادة الجيش السّوري بِكَمِّيات ضخمة من الأموال بالدولار الأمريكي، بالإضافة إلى مَنحهم تسهيلات في التَجْنِيس (أنظر تصريحات رئيس الوزراء السّابق حمد بن جاسم إلى قناة "بِي بِي سِي" BBC؛ وانظر كذلك التَفَاصِيل في كتاب رحمان النوضة تحت عُنوان : "حرب سرية بين الملكيات والجمهوريات"(1)). وقد دخلت الميلشيات الإسلامية إلى العاصمة دمشق، في 7 ديسمبر 2024، بدون حُدوث أية مُناوشة بين هذه الميلشيات الإسلامية والجيش السوري. ثالثًا، لأن هدف هذا الغَزو لسوريا، ليس هو إنجاز ثورة شعبية وَطنية ديموقراطية تحرّرية (مثلما زعم البعض)، وإنما هدف هذا الغَزو هو إسقاط النظام السياسي السّوري الوطني (الذي كان يُعارض هيمنة أمريكا وإسرائيل، ودوّل الخَلِيج النَفطية)، وتعويضه بِعُملاء طَيِّعِين للحلف الإمبريالي المذكور. ثالثًا، لأن مُجمل المِيلشيات الإسلامية التي دخلت إلى دمشق في 7 ديسمبر 2024، تتكوّن مِن مُرتزقة إسلاميِّين دَاعِشِيِّين مُتَخَلِّفِين، ولا تتكوّن هذه الميلشيات الإسلامية من مناضلين سياسيِّين ثوريِّين. رابعًا، لأن الميلشيات الإسلامية التي دخلت دمشق في 7 ديسمبر 2024، لم تَنبثق من الشّعب السُّوري، ولم تَنمو داخل الشعب السُّوري، وإنما تَكَوَّنت خارج شعب سُوريا، وهي أجنبية عنه، وعدوّة له. وَمُمَوِّلُو، وَمُسَلِّحُو، هذه الميلشيات الإسلامية هم خُصوصا : السعودية، والإمارات، وَقَطر، وتُوركيا، وأمريكا، وإسرائيل. وهم كلّهم أعداء للجمهورية السُّورية. وتهدف هذه الميلشيات الإسلامية إلى تَركيع شعب سُوريا، وتخريب سُوريا، وإخضاعها، وَتَقْسِيمِها، وإبقاء سوريا ضعيفة، ومستسلمة، لِتَنفيذ مشاريع أمريكا، وإسرائيل، وتوركيا، وملكيّات وإمارات الخليج النّفطية. خامسًا، لأن هذه الميلشيات الإسلامية وأعضائها، لا يُؤمنون بأيّة مبادئ سياسية، ولا بأية أخلاق، ولا يحملون أيّ برنامج سيّاسي، أو مُجتمعي، وإنما يحترفون قَتْل المدنيِّين، وإرهابهم، مقابل أُجُور بالدُّولار الأمريكي, سادسًا، لأن مُجمل مُمارسة هذه الميلشيات الإسلامية، منذ 07/12/2024 إلى اليوم، تتجلّى في تخريب مؤسّسات دولة سوريا، وحل جيشها، وتحطيم اقتصادها، وتَقتِيل مُواطينيها، ومعاداة المقاومات الفلسطينية، ومعادة حزب الله المُقاوم الوطني، ومعادة إيران (المناهضة للإمبريالية وللصهيونية)، والسماح لكل من أمريكا، وإسرائيل، وَتُوركيا، والسعودية، والإمارات، وقطر، مِن تَنفيذ خُططتهم التَخريبية في سوريا. فَمِن الخطأ الفادح الاعتقاد أنّ ما جرى في سوريا في 7 ديسمبر 2024 هو «ثورة شعبية». وَمِن الغَلط تصديق كل مَن يَزعم أنّه «إسلامي». ومن الإِثْم تَصديق كل ما تُروِّجه شبكة التلفزات التّابعة لهيمنة الإمبرياليات الغربية. والسِرّ في ارتكاب هذا الخطأ، هو أنّ أعضاء حزب "جماعة العدل والإحسان"، وأعضاء "حزب العدالة والتنمية"، يَتعاطفون آلِيًّا مع كلّ مَن يزعم أنّه «إسلامي». بينما الميلشيات الإسلامية في سوريا، هي جماعات من المُرتزقة، الجُهَّال، والمُجرمين. وَلَنْ يَجْلُب هؤلاء المُرتزقة لسوريا سوى الخيّانة، والقتل، والخراب. والاحتلال، والتقسيم، والانحطاط. وهو ما سَتُؤَكِّده، أكثر فأكثر، الأيّام القادمة.