كتب الأستاذ محمد حفيظ منشورا أو ما سماه "بوست" قال فيه "عبد الإله بن كيران كَذَّاب"، وأتبعه في اليوم الموالي بمنشور ثان نشره في موقع "لكم 2 الإخباري" عنونه بقوله لماذا كتبت "عبد الإله بن كيران كَذَّاب"؟ يفسر فيه دواعي هذا الوصف الذي أثار -حسب قوله- استغراب بعض أصدقائه، إما لأنهم لم يعهدوا منه هذا الأسلوب في الكتابة أو لأنه تأخر في إطلاق هذا الوصف. وبعد قراءتي للمنشور الثاني حيث لم أكن على علم بالمنشور الأول، خلصت إلى أن السيد محمد حفيظ وبعد أن سقط في المرة الأولى في الانتخابات التشريعية لسنة 1997، وزُوِّرَ له، سقط مرة ثانية بعد 28 سنة وبشكل فظيع حول الرواية الصحيحة بخصوص طريقة رفض المقعد المزور… لقد سقط السيد محمد حفيظ وهو يَرُدُّ بهذا الأسلوب الغريب -والذي استغربه منه حتى بعض أصدقائه- على ما رواه السيد عبد الاله ابن كيران بخصوص تفاصيل ووقائع رفض المقعد المُزَوَّرِ، وهو يصف مخاطبه "كَذَّاب"، لا لشيء إلا لأنه ادعى أنه هو السبب الذي كان وراء رفضه للمقعد المُزَوَّر!! لقد سقط السيد محمد حفيظ وهو يستعرض عضلاته اللغوية عوض استعمال عقله وحججه، ويستدعي -حسب قوله- جميع مرادفات الكذب في مواجهة مخاطبه "غير صحيح، مجانب للحقيقة، الادعاء، الزيف، البهتان، الزور، الدجل…"، بل وينتحل بشكل مثير صفة عالم نفس وطبيب نفسي متردد واصفا حالة مخاطبه النفسية بأنها حالة من "الكذب المرضي" أو "الوهم الذاتي"! وسقط السيد محمد حفيظ لأنه كان بإمكانه لو تصرف كسياسي واثق من روايته وكمثقف يملك الحجج الكافية أن يكتفي بالرد بالوقائع على الوقائع، وأن يواجه الحكي بالحكي، ويقدم الرواية مقابل الرواية، عوض أن يستعمل قاموسا غريبا ويدخل في تحليل نفسي لا يجوز ولا يليق ولايفيد… وسقط السيد محمد حفيظ لأن ما نشره على ما يبدو في لحظة غضب لم يقابل الوقائع بوقائع أخرى والرواية برواية أخرى، وكشف أن الأمر لا يتعلق بصحة أو عدم صحة رواية معينة، وإنما بكون السيد محمد حفيظ يلحظ بنفسه ويقف بنفسه وعلى ما يبدو لا يروقه حجم المصداقية والاحترام اللذين ما زال يتمتع بهما السيد ابن كيران إلى الآن، إذ لم يسجل عليه الكذب وهو يجاهر بل ويتحدى أمام الملأ، وأن الثابت والمشهور عنه شفافيته وإشراكه بكل صراحة ووضوح للوقائع المرتبطة بالشأن العام كما شهدها وعاشها من موقعه وفي الزمان والمكان الذي شهدها، على خلاف ما تعودته وتعرفه الساحة السياسية من صمت مريب وتستر ومحاولة إضفاء الهالة والطلاسم على الشأن العام لإخفاء العجز والحقائق عن الجمهور أو لمحاولة رسم بطولات مزيفة. وسقط السيد محمد حفيظ وهو يكشف ويُخْرِج في لحظة غضب كافة خصوماته الإيديولوجية والسياسية والحزبية مع السيد عبد الاله ابن كيران، وهو يمتعض من كونه ترسخ عند المغاربة أنه رجل وطني وأنه قدم ويقدم حقيقة خدمات جليلة لوطنه، ولكونه وحزبه كانوا حاضرين قبل 2011 وخلال 2011 وما بعد بعد 2011 وما زالوا حاضرين إلى الآن، وأنه وحزبه مازالوا يتمتعون بالمصداقية والمتابعة وما زالوا حاضرين في الميدان يبدون رأيهم ويعبرون عن مواقفهم دون ملل أو كلل ويدافعون عن قضايا الوطن وثوابته وعن قضايا المواطنين وهمومهم في الوقت الذي توارى للخلف من كان ينتمي إليهم السيد محمد حفيظ. وسقط السيد محمد حفيظ وهو يكتب "الرجل -يعني ابن كيران-.. يتوهم أن لديه من المقومات ما يجعله مطلوبا لإسداء "الخدمات الجليلة" للدولة. والحال أنه لم يعد صالحا حتى لحزبه، فأحرى أن يصلح للدولة."، إذ، وبخصوص صلاحية ابن كيران لحزبه فهذا ما لا يملك السيد محمد حفيظ أن يخوض فيه أو يقرر بشأنه، فهو شأن يعني أعضاء الحزب لوحدهم وهم من يقررون فيه بكل ديمقراطية ومسؤولية واستقلالية وشفافية معهودة ومشهودة في مؤتمرهم الوطني، وهو ما يشهد الجميع به، أصدقاء وخصوما، وهو ما قد يكون السيد محمد حفيظ أمضى عمره يتمناه لعائلته السياسية ولم ينله إلى الآن. وأما صلاحيته للدولة، فهذا ما لا يملك السيد محمد حفيظ أيضا أن يتحدث بشأنه لأنه لم يعين بعد ناطقا رسميا باسمها، وهو أمر أيضا بإرادة المغاربة، ما دام السيد محمد حفيظ يدعي بأنه شرس في دفاعه عن الديمقراطية. وسقط السيد محمد حفيظ وهو يكتب "وقاسى المجتمع وما يزال من قراراته -يعني ابن كيران- لما كان على رأس الحكومة"، فكيف للسيد محمد حفيظ الديمقراطي والعقلاني والذي أكد في تصريحات سابقة بأنه شرس في دفاعه عن الديمقراطية، أن يجمع بين ما قاساه المجتمع مع ابن كيران -حسب زعمه- وتصويت المغاربة بشكل غير مسبوق في 2015 و2016 وبعدد أكبر مما حصل عليه الحزب في 2011، على حزب العدالة والتنمية وأمينه العام ورئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران، من طرف مختلف الأطياف والمشارب السياسية والحزبية، بما فيهم من هم قريبون من السيد محمد حفيظ. أليس هذا إنكارا للديمقراطية وتحقيرا للمجتمع ولأصوات المغاربة الذين بصموا وختموا بهذا التصويت الكثيف على الحصيلة الحكومية لرئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران بصمة وخاتما غير قابل للمحو ولا يملك السيد محمد حفيظ ولا أمثاله ولا غيره أن يمحوه، ولا أن يستدركوا على الإرادة الشعبية؟ وسقط -أخيرا وليس آخرا- السيد محمد حفيظ لكونه لم يأت بجديد مقابل الوقائع التي سبق وصرح بها هو وصرح بها السيد ابن كيران ولم يسبق له أن واجهه في السابق مقابلها بهذا الوصف-وهو التأخر الذي استغربه عليه بعض أصدقاءه- وذلك لأن ما أثار السيد محمد حفيظ حقيقة وجعله يخرج من طوره هو كون الرواية التي قدمها السيد ابن كيران من موقعه وكما عاشها هُوَ تسائل وتنهي الرواية/الأسطورة التي رسمها السيد محمد حفيظ لنفسه "أنا أول برلماني رفض أن يكون برلمانيا مزورا"، لأن هناك روايات عديدة ومن داخل عائلة السيد محمد حفيظ نفسه تروي تفاصيل أخرى عن تسلسل وطريقة وتوقيت التخلي والرفض، ومنها ما ذكره السيد محمد حفيظ نفسه والذي تأخر في الإعلان عن الرفض رغم أنه كان على علم وصرح بكون النتيجة التي أعلنت كانت مخالفة للمحاضر التي توصل بها ليلة اقتراع 14 نونبر 1997.