أظهرت بيانات رسمية أن نحو 54% من المغاربة في سن العمل لا يستفيدون من أي نظام للتقاعد، في وقت تحذر فيه تقارير حكومية من أن صناديق رئيسية مهددة بنفاد احتياطاتها ابتداءً من 2028، ما دفع السلطات إلى إطلاق ورش إصلاح شامل لأنظمة التقاعد. وبحسب أرقام وثيقة رسمية صادرة عقب الاجتماع الأول للجنة إصلاح أنظمة التقاعد، يقدر عدد السكان النشيطين بالمغرب بنحو 11 مليون شخص، منهم 3,5 ملايين فقط يشتغلون في القطاع الخاص المهيكل و970 ألف موظف عمومي، إضافة إلى 187 ألف مستخدم بالمؤسسات العمومية. في المقابل، يشتغل حوالي 6,3 ملايين شخص دون أي تغطية تقاعدية.
وتواجه أبرز الصناديق، وعلى رأسها الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، اختلالات متزايدة. فالأول يتوقع أن يستنفد احتياطاته المالية بحلول 2028، فيما يتوقع نفاد احتياطات النظام الجماعي سنة 2052، رغم تحقيقه فائضًا مرحليًا بفضل مستوى احتياطاته الحالية (135 مليار درهم في 2021). أما صندوق الضمان الاجتماعي، الذي يغطي أجراء القطاع الخاص، فيتوقع أن يبدأ تسجيل عجز ابتداءً من 2038 . وكانت اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد قد أوصت منذ 2013 برفع سن التقاعد تدريجيًا إلى 65 عامًا، وزيادة نسبة المساهمات إلى 28% بدل 20%، واعتماد قاعدة احتساب جديدة للمعاشات ترتكز على متوسط الأجور خلال آخر ثماني سنوات بدل آخر سنتين، لكن تنزيل هذه التوصيات تم بشكل جزئي فقط . وتقترح اللجنة الحالية اعتماد هيكلة جديدة تقوم على قطبين عمومي وخاص، بنظام أساسي موحد، تكميلية إجبارية بالنقاط، وأخرى اختيارية مبنية على الرسملة. كما أوصت بإحداث صندوق خاص لتمويل الإصلاح وضمان الاستدامة على المدى الطويل، مع تقليص أثر الإصلاح على ميزانية الدولة وتنافسية المقاولات. ويؤكد الخبراء أن إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب لم يعد خيارًا بل ضرورة استعجالية، نظرًا لارتفاع الدين العمومي، وتدهور المؤشرات الديموغرافية، وتزايد عدد المتقاعدين مقارنة بعدد النشيطين، وهو ما يهدد بمفاقمة العجز الاجتماعي والاقتصادي خلال العقد المقبل.