احتل المغرب موقعا متوسطا في منظومة المعرفة العالمية وفق تقرير مؤشر المعرفة العالمي 2025، مسجلا الرتبة 89 من أصل 195 دولة شملها التقرير الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. في المنطقة العربية، حلت المغرب في المرتبة 11 من أصل 22 دولة عربية، إضافة إلى حلوله في المرتبة 10 من أصل 50 دولة ضمن مجموعات الدخل المدرجة في التقرير نفسه، حيث تبلغ قيمة مؤشر المعرفة العالمي الخاص بالمغرب 35.9 نقطة من مائة.
وفي تفصيل المكونات الفرعية، أوضح التقرير أن قطاع التعليم قبل الجامعي في المغرب سجل 48 نقطة محتلا المرتبة 129 عالميا، وهو ما يضع هذا المكون في المنطقة الأدنى من الترتيب العالمي. وتشمل المؤشرات التفصيلية للتعليم قبل الجامعي مؤشر الوصول والإتاحة بقيمة 45 نقطة (الرتبة 125)، وبيئة التعلم بقيمة 59 نقطة (الرتبة 109)، والنتائج بقيمة 41 نقطة (الرتبة 117)، حيث تؤكد هذه المعطيات وجود فجوات ملحوظة في مخرجات هذا المستوى التعليمي رغم تحسن بعض جوانب بيئة التعلم. أما في مجال التعليم التقني والمهني والتعليم العالي، فقد سجل المغرب 37 نقطة واحتل الرتبة 117 عالميا، مع مؤشرات فرعية توضح عمق التحديات القائمة؛ إذ بلغ مؤشر الوصول والإتاحة 18 نقطة (الرتبة 83)، وهو ما يعكس محدودية القدرة على الولوج، رغم تسجيل بيئة التعلم 77 نقطة (الرتبة 66)، وهي واحدة من النقاط القوية القليلة ضمن بنية المؤشر بالنسبة للمغرب، وفي المقابل سجل مؤشر النتائج 16 نقطة (الرتبة 158)، وهو أحد أضعف المؤشرات المسجلة في السجل الوطني للمملكة بحسب التقرير. ويتواصل الانخفاض في مكون البحث والتطوير والابتكار، حيث سجل المغرب 16 نقطة واحتل الرتبة 86 عالميا وفق البيانات نفسها، مع تفصيل يُبرز أن البحث والتطوير سجلا 16 نقطة (الرتبة 63)، بينما سجل الابتكار 15 نقطة (الرتبة 88)، وهي مؤشرات تعكس محدودية القدرات الوطنية في مجال إنتاج المعرفة العلمية والتكنولوجية رغم أهميتهما الفارقة في اقتصاديات المعرفة الحديثة. وأشار التقرير في فصوله التحليلية إلى أن الدول التي تستثمر بعمق في البحث العلمي تحقق إنتاجا معرفيا يفوق المتوسط العالمي بأكثر من 35%، وهو ما يعكس المسافة التي لا تزال قائمة بين المغرب وبين الاقتصادات المعرفية الصاعدة عالميا. وفي قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يظهر المغرب بقيمة 37.6 نقطة وفق الجدول العام، وبقيمة 38 نقطة (الرتبة 83)، وهو ما يضعه في مستوى متوسط أدنى مقارنة بالمتوسطات العالمية. وتُقدّم هذه المعطيات صورة واضحة عن حجم التحديات المتعلقة بالبنية الرقمية، لاسيما في سياق دولي يزداد فيه الاعتماد على تقنيات الجيل الرابع والخامس ومراكز تبادل الإنترنت، ويُعد هذا أحد المجالات الحاسمة التي تؤثر مباشرة في قدرة المغرب على تعزيز تنافسيته الرقمية والمعرفية. أما على مستوى الاقتصاد، فقد سجل المغرب 38 نقطة (الرتبة 100)، حيث ويشير هذا المكون إلى الأداء الاقتصادي في سياق المعرفة، حيث تتأثر القيم بقدرة الاقتصاد الوطني على التحول نحو القطاعات ذات القيمة المعرفية العالية، مثل الصناعات الرقمية والتكنولوجية. وفي مجال البيئة والمجتمع والحكامة، يأتي المغرب بقيمة 52.3 نقطة (الرتبة 70)، ويُظهر هذا المكون أداء أعلى من بقية المكونات، وهو ما يشير إلى قوة نسبية في مستويات الحكامة أو الجوانب الاجتماعية. على المستوى الدولي، تصدرت سويسرا تتصدر مؤشر المعرفة العالمي لعام 2025 بقيمة 67.8 نقطة، تليها سنغافورة بقيمة 64.6 ثم السويد والدانمرك وهولندا، وهي دول تتجاوز قيمها الستينات في معظم المكونات الفرعية، بفضل منظومات قوية تشمل البحث العلمي والتكنولوجيا والبنية الرقمية المتقدمة. وأشار التقرير إلى أن التطور في مؤشرات المعرفة يرتبط بشدة بتحسن البنية التحتية الرقمية، خاصة في مجالات مثل نقاط تبادل الإنترنت وانتشار شبكات الجيلين الرابع والخامس وتكنولوجيا الاتصال بين الآلات، وهي عناصر تشكل الأساس في بناء اقتصاد رقمي فعال، لكنها في الوقت نفسه تبرز الفوارق الكبيرة بين الدول المتقدمة والدول النامية. وكشف التقرير عن فجوات واسعة بين الدول الأعلى أداء في المؤشر وتلك التي تقع في المستويات المتوسطة أو الدنيا، حيث تحتل الدول الأوروبية والأخرى التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية صدارة المؤشر في غالبية المكونات، وخاصة تلك المرتبطة بالبحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، وفي المقابل تظهر أغلب الدول الإفريقية في ذيل المؤشر. وأبرز التقرير أن تحقيق تقدم في مؤشر المعرفة يتطلب تركيزا متوازنا على المكونات التعليمية والبحثية والمؤسساتية والاقتصادية. وبالنسبة للمغرب، تظهر قوة نسبية في بعض الجوانب البيئية والاجتماعية والحكامية، مقابل ضعف في مكونات البحث والتطوير والابتكار، ومحدودية في مخرجات التعليم العالي والتقني، وتحديات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث ويؤدي هذا التفاوت إلى تقييد القدرة العامة للمملكة على الصعود في سلم المؤشر العالمي للمعرفة.