نحو بناء منظومة صحفية قوية ومستدامة تشكل الأحداث الأخيرة المرتبطة بملف الصحافي حميد المهداوي، والشهادة المصورة لعبد الله البقالي، عضو لجنة الأخلاقيات بالمجلس الوطني للصحافة، فرصة تاريخية لإعادة النظر في حكامة المجلس الوطني للصحافة واستقلاليته وتعزيز شفافية مساطر اتخاذ القرار. الأزمة لم تعد مجرد نزاع حول بطاقة مهنية، بل أصبحت اختبارًا لقدرة المجلس على تطوير هيكلية مؤسساتية قوية ومستدامة تضمن أسس ومقومات الحكامة المؤسساتية وعلى رأسها الاستقلالية والشفافية والمساءلة. شهادة البقالي: نقطة انطلاق للإصلاح تسليط الضوء على بعض الاختلالات المسطرية خلال عمل اللجنة المؤقتة، وفق شهادة البقالي، التي تعتبر في معايير التدقيق مصدرا موثوقا للمعلومات وعنصرا هاما من عناصر الإثبات، يقدم فرصة لتفعيل آليات الإبلاغ الداخلي وضمان أن تكون كل الإجراءات واضحة، مفهومة، وموثقة. هذه الشهادة تشجع على الانطلاق في إعادة بناء منظومة حكامة جديدة -تنطوي من بين ما تنطوي عليه- على تعزيز الشفافية وإرساء مساطر دقيقة لتعزيز ثقة المجتمع في المؤسسات الصحفية. تعزيز الحكامة المؤسسية وتنويع تركيبة المجلس تشير الأزمة الحالية التي فجرتها تسريبات فيديو اللجنة المؤقتة إلى أن تطوير هيكل المجلس الوطني للصحافة ضرورة استراتيجية، لا تقتصر على تصحيح اختلالات مؤقتة، بل تهدف إلى بناء منظومة مؤسساتية قوية ومستدامة تضمن نزاهة القرارات واستقلالية المجلس. لتحقيق ذلك، يمكن التركيز على المحاور التالية: ضمان وضوح المساطر وتعليل القرارات: يجب أن تكون كل القرارات متسقة وواضحة، مع ضرورة توثيق المساطر وتعليلها، بما يعزز الشفافية ويمنح الصحافيين ثقة في الإجراءات. عزيز آليات الرقابة الداخلية والخارجية: تشمل هذه الرقابة تمكين المجلس من آليات طعن داخلية قبل اللجوء للقضاء، والتنصيص الصريح على الدور الرقابي للمجلس الأعلى للحسابات، لضمان حكامة مؤسساتية وإدارية ومالية سليمة. تحديد صلاحيات اللجان المؤقتة: يجب حصر مهام أي لجنة مؤقتة على تصريف الأعمال الروتينية والإدارية فقط، مع منعها من اتخاذ قرارات استراتيجية أو تقريرية تؤثر على الاستقلالية المهنية للمجلس. تعزيز الاستقلالية وحماية التمويل العمومي: ضمان استقلالية المجلس عن التأثيرات الخارجية مع الحفاظ على الشفافية في التمويل العمومي، وربطه بمعايير الحكامة والمساءلة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد. تنويع تركيبة المجلس: إشراك القضاة، المستقلين، وممثلي الهيئة الوطنية للنزاهة ضمن تركيبته يخلق رقابة مؤسساتية فعّالة ويعزز حياد القرارات، مع دعم مصداقية المجلس لدى الصحافيين والمجتمع المدني. حماية المبلغين وضمان بيئة صحفية مسؤولة: تأسيس آليات فعّالة لحماية من يقومون بالإبلاغ عن الاختلالات، لضمان بيئة صحفية آمنة ومسؤولة، تشجع على الالتزام بالقواعد المهنية. ربط الدعم العمومي بالشفافية والحكامة: التأكيد على أن كل الامتيازات المالية المقدمة للمجلس أو للصحافيين يجب أن تتوافق مع مؤشرات الشفافية والمساءلة والإنصاف لضمان الاستخدام الفعال والمسؤول للأموال العامة. رؤية مستقبلية القانون الجديد لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يمثل فرصة فريدة لتطوير مؤسسة مستقلة، شفافة، وقادرة على ضبط المساطر المهنية بكفاءة. عبر الإصلاحات البنّاءة، يمكن أن يتحول المجلس من هيئة تواجه تحديات مؤسساتية إلى نموذج للحكامة الصحفية والمساءلة المهنية في المغرب، يعزز ثقة المجتمع في الصحافة ويضمن حقوق الصحافيين ويحمي استقلالية القرار. ملاحظة: يمكن التوسع في بعض المحاور والنقاط لو لا أن المقام لا يسمح بذلك. خبير دولي في الحكامة ومكافحة الفساد