تعد المحميات الطبيعية في المغرب من الأسس الحيوية لحماية التنوع البيولوجي والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. هذه المحميات لا تقتصر على كونها مناطق طبيعية محمية فحسب، بل تمثل أيضًا جزءًا من استراتيجية وطنية تهدف إلى ضمان استدامة البيئة والتوازن البيئي، بالإضافة إلى تعزيز التنمية المستدامة. من خلال هذه المحميات، يُمكّن المغرب من توفير بيئات آمنة للأنواع النباتية والحيوانية المهددة، ما يسهم في الحفاظ على ثرواته الطبيعية للأجيال القادمة. في هذا السياق، تولت الوكالة الوطنية للمياه والغابات دورًا رياديًا في إدارة المحميات الطبيعية بالمغرب، حيث تبذل جهودًا مستمرة لحمايتها عبر مجموعة من السياسات والتشريعات التي تنظم وتنشّط حمايتها. أحد أبرز هذه الإسهامات هو القانون رقم 22.07 المتعلق بالمحميات الطبيعية، الذي يُعتبر خطوة محورية نحو تعزيز الحماية القانونية للمناطق المحمية في المملكة. هذا القانون يحدد الإطار التنظيمي لخلق المحميات الطبيعية، ويوضح حقوق وواجبات الأفراد والهيئات تجاه هذه المناطق المحمية، مما يعزز الجهود الرامية إلى المحافظة عليها من التهديدات البيئية. أحد الإنجازات البارزة التي تحققت في هذا المجال هو قرار إحداث 11 منطقة محمية جديدة في المغرب، بالإضافة إلى توسيع مساحة المناطق المحمية الحالية. هذه الخطوة تسهم في زيادة مساحة المحميات الطبيعية التي تمتد الآن على مساحة واسعة من التراب الوطني، وهو ما يعكس التزام المغرب بتوسيع شبكته المحمية بشكل يواكب التحديات البيئية. فبفضل هذه الإجراءات، يتمكن المغرب من توفير بيئات آمنة وملائمة لأنواع عديدة من الحيوانات والنباتات، بعضها مهدد بالانقراض، مما يساهم في استدامة التنوع البيولوجي الوطني. من جهة أخرى، تسعى الوكالة الوطنية للمياه والغابات إلى تطبيق استراتيجية شاملة تتضمن تعزيز المراقبة البيئية، بما في ذلك إجراء دراسات علمية مستمرة لمتابعة الوضع البيئي داخل المحميات. هذه الدراسات تساهم في اتخاذ قرارات مبنية على معطيات علمية دقيقة، مما يضمن حماية فعّالة للأنواع المهددة. في إطار هذه الجهود، تعتبر استراتيجية غابات المغرب 2020-2030 خطوة إضافية نحو ترسيخ مفهوم الإدارة المستدامة للمحميات الطبيعية. هذه الاستراتيجية، التي تهدف إلى توسيع الغابات المحمية وحمايتها من التهديدات المختلفة، تستجيب للمخاطر البيئية المتزايدة مثل التغيرات المناخية، التصحر، وحرائق الغابات. كما تشمل الاستراتيجية تطوير حلول لتحديات مثل الفقر البيئي والتوسع العمراني غير المنظم، الذي يشكل ضغطًا كبيرًا على المناطق المحمية. تعتمد الوكالة أيضًا على تعاون وثيق مع المجتمع المدني، والمؤسسات البحثية، والمنظمات الدولية لضمان نجاح هذه الجهود. ويعدّ التعاون مع هذه الأطراف ضروريًا لتحسين الوعي البيئي وتعزيز المشاركة المجتمعية في أنشطة الحماية، مما يسهم في تحقيق حماية مستدامة للمناطق المحمية. رغم النجاحات التي حققتها الوكالة في حماية المحميات الطبيعية، إلا أن التحديات تبقى قائمة، خاصة تلك التي ترتبط بالأنشطة البشرية مثل الرعي الجائر، الزراعة المكثفة، والتوسع العمراني غير المخطط. كما أن التغيرات المناخية تُشكل تهديدًا إضافيًا للمحميات، خصوصًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة ومخاطر التصحر التي تؤثر على بعض المناطق الهامة بيئيًا. لكن في ظل التقدم الذي أحرزته المملكة من خلال قانون المحميات الطبيعية، وتوسيع المساحات المحمية، وتطبيق استراتيجية غابات المغرب 2020-2030، تظل الأفق مشرعة أمام المغرب لتحقيق توازن بين الحفاظ على البيئة وتنمية المجتمعات المحلية بشكل مستدام. إن هذه الجهود تعد من الخطوات الأساسية لضمان حماية التنوع البيولوجي الوطني ومكافحة التدهور البيئي على مستوى واسع.