طقس الإثنين: حرارة مرتفعة بالجنوب الشرقي ومنخفضة بباقي أرجاء المملكة    ريضال تستغل الصيف لجني أموال إضافية بدعوى تأخر أداء المواطنين للفواتير    وسط استقبال "مهيب"... سفن "أسطول الصمود" القادمة من إسبانيا تصل إلى تونس        فرنسا.. تصويت حاسم على الثقة في الجمعية الوطنية يهدد بسقوط حكومة بايرو        الإسباني ألكاراس يتوج ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة لكرة المضرب            هزة ارضية شعر بها سكان الحسيمة والدريوش    سانشيز يعلن 9 إجراءات لوقف "الإبادة"    جرحى بإطلاق نار في القدس الشرقية        تيزنيت : وقفة احتجاجية غاضبة من تردي أوضاع المستشفى الإقليمي و المراكز الصحية بالإقليم ( فيديو )    طقس اليوم الإثنين بالمغرب    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وزامبيا اليوم في تصفيات كأس العالم    تأجيل إبحار «أسطول الصمود» من تونس لكسر حصار غزة إلى الأربعاء    زلزال الحوز .. دينامية متواصلة لإعادة الإعمار في جميع الأقاليم المتضررة    كرة القدم .. المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يتعادل مع نظيره الأمريكي (0-0)    الإصابات تربك حسابات الركراكي    بعثة منتخب الجزائر تصل إلى البيضاء    "منظمة حقوقية تشيد بأجواء جنازة أحمد الزفزافي وتلتمس العفو عن معتقلي "حراك الريف    فيدرالية اليسار بالفقيه بن صالح تتضامن مع أحد أعضاءها وتدين الاستدعاءات المتكررة        البيئة ليست قضية اختيارية أو محلية بل هي قضية وجود الإنسان والحياة    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى الرئيس البرتغالي على إثر الحادث المأساوي لخروج القطار المائل السياحي عن مساره    الزفزافي‮:‬ ‬سجين ‬من ‬على ‬سطح‮..‬ ‬الحرية‮!‬    جديد الشاعرة المغربية سعاد الرايس: «لوحات الإبحار» اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي    أعمال أدبية وفنية مغربية تستفيد من منح الصندوق العربي للثقافة والفنون    أنا وأنا وما بينهما .. رسائل بين عبدالله المتقي ومحمد بوحوش    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    هيئات مهنية ونقابية تصعد ضد مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة    الفانوس " يضيء ليالي مهرجان المسرح التجريبي والضنحاني يوقع النسخة العربية والإنجليزية للمسرحية    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى الرئيس البرازيلي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    رصد فلكي غير مسبوق لمذنب يقترب من المجموعة الشمسية    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    غزو القضاء يتواصل بإطلاق 24 قمرا اصطناعيا جديدا    زيادة ملحوظة في حركة المسافرين عبر مطار الحسيمة الشريف الإدريسي        المغرب يستقبل شحنات جديدة من الأعلاف الروسية    تواصل أشغال الربط السككي بميناء الناظور غرب المتوسط ب111 مليون درهم    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    هزائم تدفع رئيس وزراء اليابان للتنحي    الجمارك تحجز باخرتين بالأبقار البرازيلية وتطالب بملياري سنتيم ضريبة    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    أسعار المحروقات تتراجع دوليا وتباع بضعف قيمتها محليا    فيليز سارسفيلد يحرز لقب كأس السوبر الأرجنتيني بفوزه على سنترال كوردوبا    المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    نقد مقال الريسوني    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزلزال والسؤال السوسيولوجي في المغرب؟
نشر في العرائش أنفو يوم 02 - 10 - 2023

لقد هب الجميع يتحدث بل ويتحرك في شأن كارثة الزلزال التي ضربت مؤخرا مناطق الحوز في المغرب(8شتنبر 2023)، بل ونظموا مشكورين قوافل تضامنية من الجنوب والشمال ومن الشرق والغرب ومن كل البقاع، يقومون بمواساة معنوية إنسانية لإخوانهم ويقدمون لهم مساعدات مادية عينية عارمة بكل تلقائية وسرعة وسخاء، مما كان له صدى مبهر في كل الأوساط داخليا وخارجياسارت بأخباره كل المواقع والقنوات والنشرات في الفضائيات، ذلك أنه جسد بحق هوية هذا الشعب الطيب المعطاء، وما تشبع به على الدوام من قيم التضامن والتراحم(رحماء بينهم). غير أن هناك بعض الفئات والهيئات لم يسمع لها دابر حس ولم يرى لها كبير أثر، خاصة بالشكل المنظم والجماعي النضالي والميداني الذي عرفت به كالأحزاب والنقابات، أو بالشكل الفئوي البحثي والترافعي الذي دأبت عليه كالحقوقيين والسوسيولوجيين ومن لف لفهم، هذا على الرغم من أن الحدث المأساة مجال اشتغالهم وميدان بحثهم..تحقيقهم وترافعهم بامتياز، وكان لتواجدهم أن يعطي للتضامن قيمة مضافة وطعما بكثير من الإسعاف؟.
عديدة هي الأسئلة الحارقة التي توجب تواجد مثل هؤلاء الخبراء في الميدان المنكوب ومواكبتهم لمخلفاته الانشطارية وكراته النارية والثلجية، خاصة فئة السوسيولوجيين(علماء الاجتماع) وفئة البسيكولوجيين (علماء النفس).. باعتبار علمهم السوسيولوجي(علم الاجتماع) وعلمهم البسيكولوجي(علم النفس)، هو من ستأخذ عنه كل العلوم الاجتماعية والإنسانية الأخرى، السياسية منها والاقتصادية، وحتى الحقوقية والتشريعية والبيئية والاجتماعية..، ملاحظاتهم واقتراحاتهم، وما يمكن أن يشبه مشاريع قوانين اجتماعية للتغلب على الأزمة وحسن تدبيرها بكل موضوعية؟. وتدبير الأزمة هذه، قد احتوته الآن أو تكاد، عديد من المبادرات الرسمية والشعبية المتساندة والمسعفة، ورافقته بعض التشنجات المحتجة والتساؤلات المشروعة القلقة والمقلقة..، وكل هذا قد لفظ عن بعض المفاهيم الجوهرية في حياتنا، ما تراكم عليها من الأتربة حتى كادت تكون متجاوزة في حياة وتطلعات وتشريعات بعض الفئات من الناس، أو في أحسن الأحوال ك"مدفونة القب" مدفونة خبز في قب جلباب المرء، يأكل منها متى داهمه الجوع، ويردها في قبه وراء ظهره منسية متى رد منها جوعته؟.
ما هوية الشعب أيها المستلبون المتسولون لخردة الهويات؟، هذه الهوية، هل هي قول وفعل أم مجرد ادعاء في القلب وشعور في الوجدان؟، ما الذي حمل المغاربة على كل هذا التضامن بكل هذه الأشكال والأحجام المبهرة.. التلقائية والسريعة.. العفوية والعارمة؟. أين القانون التنظيمي/ التقييدي للإحسان العمومي الذي أصر المصرون على تمريره وفرضه رغم مرافعة الجمعيات الخيرية الميدانية ضده، وقبلها فطرة وعوائد الشعب المغربيى الأصيل والمعطاء والتي أبان عنها في هذا الزلزال وقبلها كارثة الفيضان ونعود بالله من البركان؟. أي تنمية وفك عزلة وقفتم عليها أيها السوسيولوجيون في عالمنا القروي والأرياف والجبال؟، وما الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لذلك؟. ودون إثارة هل لنا سياسة عمومية لتدبير الأزمات والكوارث؟، ولا هل سلمت رؤيتنا للتعامل الإداري مع الناس أوقات الطوارىء؟، ولا الأعراض النفسية التي ظهرت على الأطفال، نوعها ومدى خطورتها وكيف علاجها والتخفيف منها؟، دعونا فقط، نتطرق إلى إعادة الإعمار مثلا، وقد رسمت بعض معالمه، وبدأت تعطى فيه بعض الإشارات وتمارس فيه بعض الممارسات ربما من باب إغاثة اللهفان أسرع ما يمكن، لكن بأية مقاربة تشاركية سياسية ومدنية؟، وبأية مقاربة مع الجهات والجماعات والجمعيات؟. ما رؤيتنا للتعامل مع التراث اللامادي؟، وما خطتنا للحفاظ على رمزية المكان؟، ما تجارب إعادة الإعمار في المناطق المنكوبة عبر العالم وما مرتكزاتها؟، في ما نجحت وفي ما فشلت، كيف ولماذا؟.
أراء تتحدث الآن، عن أفضلية الترحيل إلى ضواحي المدن الكبرى، على غرار ما جرى الآن من ترحيل المتمدرسين إلى مدينة مراكش واستثمار داخلياتها، على الأقل يكون المرحلون مجموعون في مناطق مفتوحة على كل شيء وقريبة من كل المصالح وسيسهل تفقدهم وخدمتهم جراء ما كانوا يعيشون فيه من العزلة، ولكن، قد تنشأ عندهم ظواهر سيئة من بطالة وفقر وغير ذلك من مآسي الهجرة والتهجير؟. وأراء تتحدث عن إعادة التوطين في نفس الموطن لارتباط المنكوبين بأرضهم، وككل سكان العالم،الناس يعيشون في الأرياف وفي الجبال وحتى الإسكيمو والصحراء، لكن بقدر ما من العدالة المجالية والتنمية المستدامة؟، ترى، أي شروطنشترطها على أنفسنا لفك عزلة المناطق المنكوبة؟،.. لحفظ كرامة سكانها؟،.. لحفظ المآثر الدينية والتاريخية؟،.. مسجد تينمل.. مهد الموحدين.. ومدارس قرآنية عتيقة.. ومخازن جماعية..، وكل ما يشكل ذاكرة المنطقة؟. أيها السوسيولوجيون.. والحقوقفيون.. والعلماء الربانيون.. والإعلامييون.. "ابن خلدون" و"أوجست كونت" و"دوركايم" و"ماكس فيبر" وكل علماء الاجتماع المؤسسين والمطورين يؤكدون لكم أننا لا نريد السقوط ربما في التجربة التنموية المحكية على الألسن لقرية نمذجوها في الحكايات ببناء صنابير ماء عصرية في كل منزل.. وإذا بالنساء بعد حين من الزمن يكسرنها.. لا لشيء إلا لأنهن يفضلن السقي وجلب الماء من خارج البيت ولو على مسافات.. لأنهن افتقدن ما يحدث بينهن في طريقهن إلى السقي خارج البيت من احتكاك وأحاديث جماعية وترانيم شعبية.. في حياة تشاركية.. واشتقن لذلك؟.
معشر السوسيولوجيون الحكماء الفضلاء، لقد كان من قبلكم من المؤسسين لعلمكم في هذا الوطن، يمتازون بخطهم النضالي فتجرأوا على الحديث والتفاعل مع هموم المجتمع، وقالوا من الأقوال وفعلوا من الأفعال ما به أفادوا واستفادوا واستفاد الوطن، لكن هل كان علم الاجتماع على الدوام شيئا غير الحس النقدي وكونه علما تطبيقيا كان مع أو ضد؟. فكم تدرسون لطلبة الجامعة أن الزلزال رغم كونه ظاهرة طبيعية فهو أيضا ظاهرة اجتماعية، ولأن الظاهرة الاجتماعية – كما تقولون – رغم كونها مستقلة فهي أيضا مرتبطة بالعديد من الظواهر الأخرى، يعني بمظاهرها ونتائجها إن حسنا فحسنا وإن سوءا فسوءا؟. ولكن يبقى الأمل، أن وراء كل ظاهرة اجتماعية – كما هو معلوم – قوانين تتحكم في نشرها وشيوعها كما تتحكم في الحد منها وتوقيفها، وبالتالي، ما علينا الآن إلا البحث عن هذه القوانين، وهذا واجب الوقت وواجب الوطن؟. كم كنتم تدرسون للطلبة أيضاأن مؤسس علم الاجتماع بشكله الوضعي"أوجست كونت"، إنما دفعه إلى ذلك ما أراد به المساهمة في تجاوز النظام الاقطاعي نحو نظام رأسمالي كان يراه الأعدل، وأراد بذلك المساهمة في العلاج والحد من الفوضى العارمة والمشاكل المعقدة التي شهدها المجتمع الغربي بعد الحرب العالمية الأولى وما أغرقت فيه الأبرياء من زلزال الدمار والموت والفقر والتشريد والهجرة والبطالة والجريمة والانتحار.. فأراد بتقعيده علمهبعضا من البناء السوسيولوجي المتماسك القائم على الأنوار بدل الدمار المفكك والهدم الماحق المنبعث من الاعصار؟.
الحبيب عكي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.