كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق تحتضن مناقشة رسائل تخرج الطلبة الفلسطينيين    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت بالمغرب    تعزيز التعاون يجمع المغرب وموريتانيا    استئناف موسم صيد الأخطبوط بالمغرب    فتاح العلوي: مونديال 2030 فرصة تاريخية لتحقيق نمو اقتصادي كبير    أسعار النفط تتكبد خسارة أسبوعية ب1%    تعاون مغربي فلسطيني في حقوق الإنسان    حملة هندية تستهدف ترحيل آلاف المسلمين .. رمي في البحر وهدم للمنازل    "القسّام": إسرائيل تعطّل المفاوضات    الدفاع الجديدي يتعاقد مع حارس موريتانيا    فيلدا: فوز "اللبؤات" على مالي مستحق    سيدات نيجيريا إلى نصف نهائي "الكان"    السغروشني: تكوين الشباب رهان أساسي لتحفيز التحول الرقمي بالمغرب    سائقو النقل بالتطبيقات يطالبون بترخيص السيارات المستعملة عبر دفتر تحملات    "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    زيادة كبيرة في أرباح "نتفليكس" بفضل رفع أسعار الاشتراكات    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات.. المغرب يبلغ المربع الذهبي بفوزه على مالي    أخنوش: تنظيم مشترك لكأس العالم 2030 يسرع التحول الاستراتيجي للمغرب    لقجع:كأس إفريقيا 2025 ومونديال 2030.. مقاربة إستراتيجية للبنيات التحتية والاستثمار تقوم على الاستمرارية من أجل إرث مستدام    حادث سير إثر انقلاب سيارة تقودها سيدة مقيمة بهولندا في منحدر بالحسيمة    توقيف شخصين وحجز كميات من مخدر الشيرا        رياض مزور يكشف التحول الصناعي نحو الحياد الكربوني    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    جمعية أبناء العرائش بالمجهر تتضامن و تنتقد تغييب المنهج التشاركي في تنفيذ مشروع الشرفة الأطلسية والمنحدر الساحلي بمدينة العرائش    إشارة هاتف تقود الأمن إلى جثة الطبيبة هدى أوعنان بتازة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    أخنوش: التنظيم المشترك لمونديال 2030 عامل تسريع لتحول استراتيجي للمغرب    البيت الأبيض يكشف: ترامب مصاب بمرض مزمن في الأوردة الدموية    بأمر من المحكمة الجنائية الدولية.. ألمانيا تعتقل ليبيا متهما بارتكاب جرائم حرب وتعذيب جنسي    السياقة الاستعراضية خطر محدق وإزعاج مقلق لساكنة «بريستيجيا» بمدينة سلا    نادي الهلال السعودي يجدد عقد ياسين بونو حتى 2028    إحداث أزيد من 6200 مقاولة مع متم ماي الماضي بجهة الشمال    اتحاديو فرنسا يرفضون إعادة إنتاج "الأزمة" داخل الاتحاد الاشتراكي    كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الكتاب والأدباء والإعلاميين وصناع المحتوى..    نجل المهدي بن بركة يؤكد تقدم التحقيق بعد ستين عاما من اختطاف والده        قاضي التحقيق يودع ثلاثة موظفين سجن عكاشة بملف سمسرة قضائية    حرب خفية على المنتجات المغربية داخل أوروبا.. والطماطم في قلب العاصفة    اشتباكات بين عشائر ومقاتلين "دروز"    "أنا غني".. سجال هاشم يستعد لإشعال صيف 2025 بأغنية جديدة    مدينة تيفلت تفتتح سهرات المهرجان الثقافي الخامس بباقة موسيقية متنوعة    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية        جيش الاحتلال الصهيوني يواصل مجازره ضد الفلسطينيين الأبرياء    رحيل أحمد فرس.. رئيس "فيفا" يحتفي بالمسيرة الاستثنائية لأسطورة كرة القدم الإفريقية    بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    وداعا أحمد فرس    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الإنسان ...ما بين فتى الناظور "وصاية إنزكان" !!
نشر في ناظور سيتي يوم 15 - 07 - 2015

اعتدى مواطنون على فتاتي إنزكان في منتصف يونيو من العام الجاري، وبعد ذلك بحوالي أسبوعين عض كلب شرس ، منفلت من مالكه ، طفلا عضا نتج عنه جروح خطيرة دخل الضحية على أثرها مصحة خاصة في حالة حرجة تطلبت رتق مواضع متعددة من جسمه.
في الحالة الأولى/ صاية إنزكان اختلف المواطنون بين مؤيدين ومعارضين؛إذ رأى بعض المدافعين عن الحرية الشخصية أن من حق الفتاتين أن ترتديا ما تشاءان من اللباس ، وأن للسلطات المختصة وحدها الحق في معالجة النازلة ، وهي التي تحدد كيف تتعامل مع كل ما من شأنه الإخلال بالحياء أو بالنظام العام.
بينما ذهب آخرون إلى ضرورة التدخل ومنع الفتاتين من إثارة مشاعر الناس خاصة قبيل شهر رمضان . وقد يكون سبب تطاول هؤلاء على الفتاتين راجعا – في نظرهم- إلى عدم تدخل الجهات المسؤولة عن النظام والأمن في الوقت المناسب.
و مما يدعو إلى التساؤل أن الفتاتين اللتين كانتا ضحية اعتداء اقترفه بعض المواطنين قد اقتادتهما الجهة المختصة إلى مقر الدائرة الأمنية حيث قضتا ليلة رهن الاحتياط ، ليطلق سراحهما في انتظار المثول أمام أنظار المحكمة في ما بعد.
وإذا كانت الجهات المعنية قد تدخلت وتعاملت مع الحادث وفق منظور هي وحدها تعرف أبعاده ،بغض النظر عن ظروف إفلات المعتدين على الفتاتين من العقاب ، فإن المثير حقا هو تدخل ما يسمى بالمجتمع المدني والجمعيات الحقوقية التي سارعت إلى رفع الشعارات المؤيدة ل"الصاية " تأييدا يكاد يكون أعمى من خلال رفع شعارات من قبيل : " صايتي" حريتي دون تحديد حدود ل"مساحة " هذه " الصاية " التي قد تصبح شيئا آخر غير التنورة التي تعود المغاربة على رؤيتها .
وأما المحامون الذين جندوا أنفسهم لنصرة "الصاية " فقد كان عددهم مثار جدل وتساؤلات من لدن المواطنين والمحللين الذين لم يجدوا مسوغا منطقيا لهذا العدد الكبير من المتطوعين ، إلى أن علق أحدهم بالتساؤل الغريب قائلا : ما الفرق بين وجود محام واحد وأكثر من ثلاثين محاميا ؟ وماذا سيقول كل واحد منهم ؟ وهل سينصت أعضاء المحكمة إلى كل هؤلاء ؟.
وأما الحدث الثاني الذي وقع بالناظور والمتمثل في تعرض طفل ذي ثماني سنوات للعض من كلب مملوك للتجارة انفلت من راعيه... فلم تتدخل الجهات المختصة كما تدخلت في واقعة " صاية " إنزكان ، ولم نر للمجتمع المدني ولا الجمعيات الحقوقية أي دور ، ولم يلبس أي محام بذلته السوداء لنصرة الطفل المعضوض ، ولم يرفع أي شعار ، ولم يتدخل المواطنون في حادثة الشمال لحماية الطفل كما تدخلوا في الجنوب " لحماية " عيون المتقين من النظر إلى ما زاد عن "الصاية" من جسد الفتاتين . ولم يعتد آخرون على أي من أطراف النازلة مثل ما وقع في إنزكان من اعتداء على صاحبتي " الصاية " .
وباستقراء المواقف التى صاحبت حادثة فتاتي إنزكان وإخضاعها لمنطق المتدخلين نفسه نجد أنه من المفترض أن تفعل الجهات المعنية المختصة كما فعلت في حملة " الصاية " ، وذلك باقتياد الطفل/ الضحية إلى مركز الشرطة أو حمله إلى المستشفى مؤقتا في انتظار أن يحضر جلسة المحكمة كمشتك أو متهم تماما كما حصل إزاء الفتاتين ، وذلك بمنطق أن الضحايا / الفتاتين والطفل يتحملون قدرا من المسؤولية ؛ فالفتاتان أثارتا غرائز المغاربة الخاشعين المتقين ! والطفل ألهب غرائز الكلب الجائع المشتاق إلى لحوم الأحياء بعدما مل لحوم الأموات ! ، وأما الحقوقيون والمحامون فالمفروض أن يرفعوا شعارات ضد الكلب المعتدي الذي لم يتحكم في غرائزه نحو الطفل مثلما لم يتحكم بعض الإنزكانيين في أحاسيسهم نحو "الصاية"، وأن يتطوعوا للدفاع عن الطفل المجروح حتى ينال حقوقه كاملة ، ويطالبوا بمعاقبة الكلب المعتدي ومالكه.
وبما أن المحامين والحقوقيين قد بلعوا ألسنتهم ، وأن المواطنين لم ينقسموا إلى مؤيدين ومعارضين ، ولم يرفع أي شعار ضد الكلب والسعار ، فإن "الحكايتين" مختلفتان في ميزان المسؤولين،وفي نظر المواطنين والمحامين والحقوقيين على حد سواء.
و هذا يفرض علينا طرح السؤال التالي على السلطات المختصة والمواطنين والحقوقيين والمحامين : لماذا تدافعون عن حقوق الإنسان في واقعة الصاية ، و لا تدافعون عنها في حادثة الكلب ؟
وخلاصة القضية أننا أمام حالة شاذة تبين درجة من الانفصام الذي أصاب مبادئ الناس وأفكارهم ، وأن على المحامين أن يعودوا إلى الأصل ويضعوا القبعة على رؤوسهم والتي كانت في الماضي البعيد ترمز إلى أن المحامي محايد لا يزيل القبعة من فوق رأسه إلا وقت النطق بالحكم ، و أن يتذكروا أنهم ، في الأصل ، كانوا رجال دين.
وما يقال عن المحامين يقال عن الأطراف الأخرى التي تدخلت في واقعة " الصاية" وتخلفت عن موعد الكلب .
وعلى الرغم من كل ما جرى ، فإن ذلك لن يغير شيئا من أخلاق المغاربة وقناعاتهم الراسخة بأن المغرب أرض تعايش وتكافل ، وليس أرض صراع وتطاحن ، وعلى المواطنين أن يسعوا جميعا إلى تحقيق السلم والأمن ، وسد الطريق على دعاة الفتنة من أي طرف كانوا.
وهكذا ، فمتى كان المواطن مواطنا ، والمحامي محاميا، والحقوقي حقوقيا ، فإن " الصاية " هي الأخرى ستبقى "صاية " وسيظل الكلب كلبا : يلهث أو ينبح ، و يعض أو يأكل ويلعق ، ويحرس أو ينام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.