أن يصوت البرلمانيون الأوروبيون ضد اتفاقية الصيد المبرمة بين المغرب والاتحاد، فذلك أمر وارد، وأن تختار التشكيلات السياسية الأوروبية الرافضة لمواصلة العمل بالاتفاقية تبريراتها فتلك لعبة المصالح، التي لا تعترف بأصدقاء ولا أعداء دائمين على حد تعبير الزعيم الأوروبي وينستون تشيرشيل. لكن أن تكون الصحراء مغربية عندما يريد جيران المغرب الشماليين إسكات صوت الغاضبين من الصيادين الإسبان، ثم تنقلب فجأة إلى «منطقة متنازع حولها» إذا وجدوا لهم بديلا عن الشواطىء المغربية بعدما استنزفوا خيراتها لسنوات، فذلك ما لا يمكن تفسيره إلا بعادة استسهال سيادة المغرب على بحره وأراضيه. الأخطر من ذلك، أن زكام استسهال السيادة المغربية بات يؤزم العلاقات المغربية الأروبية كل خريف، ففي نفس الفترة من السنة وبنفس منطق العصى والجزرة يرمي البرلمان الأوروبي بجرعات من فيروس التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب. وذلك تحت تسمية الديموقراطية وحقوق الإنسان. اليوم، البرلمان الأوروبي يقول إن الأقاليم الجنوبية ليست مغربية ولذلك يقرر تعليق اتفاقية الصيد، الفترة نفسها من السنة الماضية البرلمان الأوروبي يدين الأحداث الاجتماعية لمخيم «اكديم إزيك» بالعيون ويصل به الأمر إلى المطالبة بتحقيق دولي محايد، وقبل ذلك بعام، يندد البرلمان الأوروبي بممارسة السلطات المغربية لإجراءات السيادة، المعترف بها لكل دول العالم ويطلب منه حل مشكلة «ناشطة» مأجورة تضرب عن الطعام في أحد المطارات الإسبانية. لأبسط الأسباب وبسير كبير أصبح البرلمان الأوروبي يتطاول على سيادة المغرب على أراضيه ومياهه وبدون سابق إنذار، ها هو يرى أن «مصالح سكان الأقاليم الجنوبية المغربية غير مأخوذة بعين في الاعتبار» في اتفاقية الصيد التي سبق وصادق عليها لمرات عديدة ويصدر حكمه أول أمس الأربعاء بتعليق تمديد العمل بها. قرار يرفض به البرلمان الأوروبي اتفاقا ساري المفعول ب 326 صوتًا مقابل 296 نائبًا يؤيدون تمديد العمل بالاتفاق، وامتناع 58 عن التصويت، معارضا بذلك إرادة الحكومات الأوروبية، التي كانت تؤيد استمرار العمل بالاتفاق في صيغته الحالية. بعدما سبق للدول الأعضاء ال27 في الاتحاد الأوروبي بالسماح في يوليوز الماضي، بتمديد هذا الاتفاق المبرم مع المغرب، والذي يستفيد منه نحو 120 زورق صيد أوروبيا، لمدة سنة. سنة قبل ذلك وعندما كانت السلطات المغربية تمارس سيادتها على أراضيها بمنع الانفصالية أمينتو حيدر من الدخول إلى الأراضي المغربية بعدما تخلت علنا عن جنسيتها المغربية، وقتها انتقض البرلمان الأوروبي في وجه الرباط، عبر «قلقه البالغ» حيال صحة أمينتو التي تخوض إضرابا عن الطعام في أحد المطارات الإسبانية بإيعاز من المخابرات الجزائرية، و«يأمر» السلطات المغربية ب «احترام التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتعاون مع السلطات الإسبانية من أجل التوصل إلى حل إيجابي بخصوصها». تصرف، لا يمكن أن يوصف بالجديد، فقد اعتاد البرلمان الأوروبي أن يحشر أنفه في الأمور الداخلية للمغرب، كما حدث في السنة الماضية على هامش وقوع مواجهات بين القوات العمومية وبعض شباب العيون الغاضبين من سوء أحوالهم الاجتماعية، عندما أدان البرلمان الأوروبي ما أسماه «تدهور الوضع الخطير في الصحراء» مطالبا الأممالمتحدة ب «بدء تحقيق دولي مستقل في الحادثة».