فيدرالية اليسار الديمقراطي بتيسة تدق ناقوس الخطر بشأن الأوضاع الاجتماعية وتنتقد المنع والتهميش    زيلينسكي والقادة الأوروبيون يبحثون في البيت الأبيض شروط اتفاق سلام في أوكرانيا    كأس آسيا لكرة السلة: المنتخب الأسترالي يتوج باللقب على حساب نظيره الصيني    نادي الجزيرة الإماراتي ينهي تعاقده مع الإطار المغربي الحسين عموتة    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    قرار هدم يثير الجدل بأزمور: مهاجر مغربي يشتكي من قائدة الملحقة الادارية الاولى    توقيف شخص وسيدة متورطين في سرقات محلات للهواتف بطنجة    نادي الجزيرة الإماراتي ينهي التعاقد مع الحسين عموتة    مظاهرات في إسرائيل تطالب بإنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن ونتانياهو يعتبرها "تعزز" موقف حماس    اغتصاب جماعي لطفل قاصر بموسم مولاي عبد الله أمغار    المليوي أفضل لاعب في مباراة المغرب والكونغو    برامج تنموية جديدة بتوجيه ملكي .. ولفتيت يحذر من التوظيف الانتخابي    ماكرون: بوتين يريد استسلام أوكرانيا    الرئيس عون: لبنان تعب من الحروب    السكتيوي: قوة شخصية اللاعبين وثقتهم بأنفسهم كانت حاسمة في المباراة ضد الكونغو الديمقراطية    هل الدولة المغربية محايدة سياسيا؟    بطولة إفريقيا للاعبين المحليين لكرة القدم.. المغرب يتأهل إلى ربع النهائي بفوزه على الكونغو الديمقراطية    حالة الطقس: جو حار ورياح نشطة غدًا الاثنين    الصحافة من بوابة الثقافة في ذكرى رحيل غلاب    الدرك الملكي يحجز أزيد من 200 كيلو غرام من مادة "المعسل"    ارتفاع ليالي المبيت ب13% في النصف الأول من 2025.. السياحة الوطنية ترتفع 5% والدولية 16%    السيارات المصنَّعة في طنجة تتصدر المبيعات في إسبانيا    إدغار موران : إسرائيل/ فلسطين : ثنائية النَّظرة    مؤرخان إسرائيليان ‬يقارنان المحرقة.. ‬والإبادة في‬ غزة!‬    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تتصل بزوجته لتأكيد التضامن‮ ‬ .. بعد تهديد وزير الأمن القومي‮ ‬الاسرائيلي‮ ‬للقائد السجين مروان البرغوثي‮ ‬داخل زنزانته    حادث مأساوي يودي بحياة شرطي في الشارع العام    تزكية معاذ القادري بودشيش شيخاً للطريقة القادرية البودشيشية    مشروع الربط السككي بين طنجة وتطوان يعود إلى قبة البرلمان    "سينما الشاطئ" تحل بطنجة وتحتفي بالإبداع المغربي في الهواء الطلق    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الغابون بمناسبة العيد الوطني لبلاده        الصيادلة يعلنون عن احتجاج وطني تنديدا بنظام تسعيرة الأدوية بالمغرب        السكتيوي يكشف تشكيلة المغرب لمواجهة الكونغو في الجولة الحاسمة من الشان        لأول مرة..الصين تكشف عن روبوت برحم صناعي قادر على الحمل والولادة    أطفال القدس الشريف يحلون بالحمامة البيضاء ويزورون أهم المعالم التاريخية لمدينة تطوان    البيجيدي يسائل وزير الداخلية حول مشاركة طوطو في مهرجان القنيطرة وضمانات التزامه بقيم المجتمع    أنفوغرافيك | خلال 2024.. المغرب ثاني وجهة استثمارية في شمال إفريقيا    ميرغت.. الزمان والمكان والذاكرة    130 سربة و42 ألف خيمة.. موسم مولاي عبد الله أمغار يسجل مشاركة غير مسبوقة    الصيادلة يصعدون ضد وزارة الصحة بسبب تجاهل مطالبهم المهنية    المغاربة على موعد مع عطلة رسمية جديدة هذا الشهر    الجزائر.. السلطات توقف بث قنوات تلفزية بسبب تغطيتها لحادث سقوط حافلة بوادي الحراش    مذكرات مسؤول أممي سابق تكشف محاولات الجزائر للتدخل وعرقلة المغرب في قضية الصحراء    المنتخب الوطني يواجه الكونغو الديمقراطية.. هذا موعد المباراة والقنوات الناقلة    "لاغتيست" يشعل منصة "رابأفريكا"    بورصة الدار البيضاء تنهي أسبوعها على وقع ارتفاع طفيف لمؤشر مازي    هكذا يتجنب عشاق ألعاب الفيديو متاعب العين    دراسة: أطباء يفشلون في تشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حراك ريف المغرب الحديث بين مفهومي دولة القانون ودولة الحق


بقلم: أحمد الدرداري
لاشك أن المجتمع المغربي عاش تطورات مختلفة منذ الإستقلال تميزت بالتناقضات في عدة مجالات خضع من خلالها لقانون التطور الليبرالي الفرداني التلقائي في مقابل مركزية الاهتمام الشيء الذي كرس الاختلالات المجالية والتي كرست فوارق إجتماعية واقتصادية ومعلوم أنه هناك أسئلة تطرح عموما على الصعيد الوطني وهناك أسئلة تتعلق بحراك الريف ومن بينها مايلي:
ماهي أهم الاسئلة التي تطرحها جميع مكونات المجتمع المغربي من قبيل مسألة الثروة واقتصاد الثقافة ؟ مسار التفكير السياسي المغربي ؟ حراك الريف بين الثابت والمتغير في الدولة ؟ الاحتمالات المرتبطة بالحراك في ظل التغيرات الدولية والاقليمية ؟
هناك تلازم بين التطور الإقتصادي والديمقراطية برابط المواطنة أو ما يسمى بالتربية في المذهب الليبرالي، ذلك أنه بالعودة إلى تالكوت بارسونز نجد أن الديمقراطية هي أفضل آلية لمعالجة تزايد الجماعات صاحبة المصالح المرتبطة بعملية التطور الصناعي كطبقة العمال وشرائح جديدة من العاملين، وليس بالضرورة أن تتوافق مصالح هؤلاء مع مصالح العاملين في الإدارة العليا وموظفوا الدولة على المستوى الوطني والاقليمي والمحلي… بالإضافة إلى المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين الذين يحاولون الإستفادة من إنفتاح أسواق العمل في البلدان المتطورة.
وحتى رجال الأعمال أنفسهم تتميز مصالحهم عن بعضها لتبقى الديمقراطية أكثر وظيفية لتقييم معايير شاملة ومفتوحة للمشاركة في النظام السياسي، وتسمح للجماعات الجديدة ومصالح اجتماعية جديدة بالتعبير عن ذاتها وبالانضمام الى التوافق السياسي العام.
والديمقراطية أكثر وظيفية من الديكتاتورية علما أن الديكتاتوريات تستطيع أيضا التكيف مع التغيير بشكل تسلطي باسم الفعالية الاقتصادية، لكن بدون حسن النية لدى المتدخلين الاجتماعيين وبدون ثقة بالنظام لن يحدث تعاون يجعله يعمل بهدوء في مجمل وظائفه.
وللتربية على المواقف السياسية تأثير يخلق على الأقل الشروط المسبقة لقبول الديمقراطية، مع العلم أن الهدف المعلن للتربية على المواقف السياسية هو تحرير الناس من الأحكام المسبقة والأشكال التقليدية للسلطة، ويقال في هذا الصدد أن المثقفين لا يخضعون للسلطة خضوعا أعمى بل يفكرون من تلقاء أنفسهم حتى ولو لم يكن تفكيرهم صحيحا، فالتربية تكسب الناس معنا معينا للكرامة يريدون احترامه من قبل المواطنين والدولة معا.
كما أن النخبة العلمية والتقنية المطلوبة لإدارة الإقتصاد والسياسات الاجتماعية تتطلب درجة عالية من التحرر السياسي، لأن البحث العلمي لا يمكن أن يتم إلا في جو من الحرية والتبادل المفتوح بين الأفكار الشيء الذي يبرر ظهور نخب تقنوقراطية تميل نوعا ما للأسواق والتحرر الاقتصادي وهو ما إمتد إلى المجال السياسي.
فالديمقراطية أصبحت قريبة من التسوية بين الفئات المتصارعة على السلطة ويخشى فقدان التوازن وظهور أخرى، كما أن الطبقة الوسطى إذا كانت قوية فهي تفضل بشكل طبيعي الحقوق الليبرالية والمشاركة السياسية بنسبة معينة
والتعليم أيضا يجب أن يكون شرطا مسبقا وضروريا لابد منه فهو على الأقل مساعد للديمقراطية التي لا يمكنها أن تعمل بشكل صحيح في مجتمع أغلبيته أمية، والتعليم يؤدي إلى الإيمان بالديمقراطية حسب ما وصلت إليه الكثير من الدول كما أن التربية تقود طبيعيا إلى القيم الديمقراطية حيث تعكس إعتدادا في تفكير المهتمين بدليل أن الطلبة الذين يدرسون في الغرب يعودون وهم مؤمنين بتفوق الديمقراطية الليبرالية على باقي أشكال الحكم الأخرى.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا اتجه النظام السياسي نحو التاريخ فإنه سيلجأ إلى البيروقراطية التسلطية كما لا يمكنه تحقيق مستقبل ليبرالي جيد إذا لم يفهم الأزمة الراهنة والثورة الديمقراطية والتحولات العالمية المتسارعة وتحدياتها المختلفة.
هذا وبدون فهم كافي للانسان ويحدد و يراعي خصائصه الأساسية يصبح مستحيل معه معرفة ما إذا كان السلم الاجتماعي الظاهر يمثل الرضى الحقيقي للرغبات الإنسانية أو أنه بالأحرى يرضي عمل الجهاز الأمني الفعال أو أنه يبقى مجرد هدوء يسبق بعض التيارات وردود الأفعال، كما حدث في كثير من دول التي كانت واثقة من أنظمتها الإجتماعية التي سرعان ما انقلبت 360 درجة.
مواضيع حراك الريف بين الثابت السياسي الوطني والمتغير التنموي الترابي
إن النقاش داخل الدولة مسألة صحية ويتحدد في ثلاث مستويات:
المستوى الأول: مستوى النظام السياسي ويختص بالنقاش من هم أهل له من منظرين ومفكرين وعلماء وفقهاء في مجالات الدولة ونظام الحكم ….
المستوى الثاني: مستوى التنظيم الدستوري ويختص بالنقاش فيه قانونيين وسياسيين وأكاديميين وممارسين حكوميين وبرلمانيين ومختصين …
المستوى الثالث: مستوى التنظيم الترابي ويختص بالنقاش فيه النخب المحلية والمجالس المنتخبة والمهنيين والهيئات والمواطنين وهيئات المجتمع المدني …
ومواضيع الحراك لا تعدو ان تكون مواضيع مرتبطة بالتنظيم وهي محصورة في دائرة إهتمام المؤسسات الجهوية والمحلية ماعدا تلك التي لاتقدر على تنزيلها هذا المؤسسات مما يتطلب الأمر تدخل مؤسسات وطنية في إطار التنظيم الدستوري وبالضبط الحكومة والبرلمان، هذا إذا ما عملنا على تفادي التاويل والأسقاط فيما يتداوله الرأي العام على إختلاف مستويات تفكيره.
أسس الحركات الاجتماعية في الريف:
تقوم الحركات الاجتماعية على ثلاث أسس:
الأول: النعرات التاريخية وتجمع في المحطة التاريخية للمستعمر الإسباني ومقاومة الريف بزعامة البطل محمد بن عبد الكريم الذي بقي رمزا للريف وللمغاربة، وهناك من يتبنى مشروعه رغم أنه تخلى عنه مقابل سكان الريف أنفسهم، وعليه يتم رفع علم غير قانوني لأن ذلك يرتبط بنقاش ليس له أسس ولا مشروعية أمام النظام السياسي القائم.
الثاني: الحصار الذي فرض على الإقتصاد الأسود لاسيما المرتبط بالمخذرات والتهريب والهجرة ومختلف أنواع الأنشطة الخارجة عن القانون التي ميزت منطقة الريف طيلة فترة الخمسين سنة الماضية مما رسخ نوع من حرية الإبتزاز للدولة والقانون، خصوصا مع تحكم الدولة في تطويق ظاهرة الإرهاب وتجارة المخدرات بحرا وبرا وهو ما يفسر أن الدولة أنهت الفوضى والجريمة وليس العكس مما ضيق الخناق على الذين انتهت مداخيلهم غير القانونية.
الثالث: الوضعية الاجتماعية التي عليها إجماع وطني لأنها تمس شعور كل المواطنين وصميم المنطق والقانون، والتي بدأت مع قضية محسن فكري، وما يضفي الشرعية على هذه المطالب كون المنطقة تعاطت عموما وطيلة عقود من الزمن إلى الاقتصاد غير المهيكل ومع المجهودات الكبيرة التي بذلتها الدولة في مجال محاربة المخدرات وعلاقتها بالارهاب كما هو معروف دوليا، بل وظهور مواجهات مسلحة بين أباطرة المخدرات والأجهزة الحكومية في كثير من الدول … بالإضافة إلى الحد من مختلف الجرائم العابرة للحدود وتقدم الدولة في المجال الأمني ومراقبة الحدود البحرية والسيارات المسروقة والمزورة … الخ، كل هذا أدى إلى إختناق الإقتصاد الأسود وانخفض بذلك مستوى العيش وهو ما أعطى أيضا ردود أفعال رافضة لفرض مبدأ دولة القانون في مقابل رفع شعار مبدأ دولة الحق والمطالبة بمحاسبة المسؤولين بصفة عامة وفتح نقاش حول موضوع الثروة.
حراك الريف وبعض الاخطاء في التعاطي
سببت برودة تفاعل الحراك في البداية بشعار السلمية حتى تفهم في سياق الحقوق والحريات الدستورية غير القابلة للانتهاك، لكن سرعان ماتم تاويلها انطلاقا من القناعة الذاتية والاندفاع والحماس الزائد في رفض الوضعية الاجتماعية حتى وصل الامر الى الضرب في الدولة والمؤسسات والقانون ورفع اعلام انفصالية.
وحتى الدولة ارتكبت اخطاء والسبب هو غياب شخصيات كبرى من ابناء الريف في التفاوض مع الحكومة وغيرها من جهة وتماطل الحكومة في التعامل مع المشاريع المختلفة لاسيما التي اعطى انطلاقها جلالة الملك منذ 2005 . وهو ما يبرر رفع شعار المحاسبة.
وتبقى التعبيرات رغم ذلك مؤطرة بالقانون وضمن الدولة ومواطن الخلل واضحة للعقلاء و الدستور يعطي لجميع المواطنين الحق في التنقل والاستقرار في جميع انحاء المملكة. واليوم وعلاقة المسؤولين المنحذرين من الريف بعائلاتهم وهم في مختلف المجالات بناء على ما اعطاه الريف للدولة من رجال ونساء في المسؤوليات الحكومية والسياسية والمدنية والقضائية و الجامعية والطبية … والقطاع الخاص يطرح مسألة التأثير في المحيط الاسري لاسيما حينما يخرج التعبير عن معقوليته وظهور زعامات خارج القانون والمؤسسات الدستورية لاسيما خارج الاحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الحقوقية التي عليها تطويق الفساد بالصفة وفقا للنصوص والمساطر القانونية .
ان التركيبة الاجتماعية معقدة حيث ان الاعلام والادارة والمؤسسات التربوية والتعليمية والانظمة الصحية والاجتماعية والضريبية والقضائية .. كلها مشوبة بعيوب و بالاخص الجوانب الاجتماعية مما يفرض على الدولة التدخل فيها ووضع نظام لمحاربة الفساد وتصحيح علاقة الادارة بالمواطنين …بالموازاة مع التدابير التي اتخذتها الدولة في مواجهة التحديات الكبرى وفي مقدمتها ملف الارهاب الشيء الذي يجر معه المخذرات والجريمة الدولية التي يعتبر المال هو الدافع او الهدف منها.
مرتكزات التغيير في سباق مع تنامي مظاهر التعبير
مرتكز الثروة:
تنقسم الثروة الى قسمين كبيرين قسم يتعلق بالثروة المادية وتتعلق بأموال الدولة ومدخراتها الجغرافية وما ينتج عنها من استغلال وما ترتبه من عائدات والتي توظف في تمويل السياسات العمومية وحاجيات الدولة المختلفة. والقسم الثاني ويتعلق بالثروة البشرية او الرأسمال اللامادي وهي الثروة التي تضفي التطور الفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي على المجتمع والدولة، والعلاقة التي تربط الثروتين برباط القانون هي التنمية، والحاجة الى اعادة انتاج هذه العلاقة بات امرا ملحا في ظل التحولات السياسية والمجتمعية والدستورية التي يشهدها المغرب منذ مطلع القرن الواحد والعشرين، حيث بات ضروريا هندسة صناعة جديدة للسياسات العمومية التي تروم الرأسمال البشري والاقتصاد الثقافي في ارتباط واضح بالثروة المادية والثقافة الاقتصادية، ذلك ان سؤال التحول والغاية من الانفتاح السياسي وتوالي الاصلاحات الدستورية يقف اليوم عند الشق المغيب والمتعلق بعلاقات الثروة بشقيها السالفي الذكر بالسياسات العمومية.
ان رصد التسييس غير المقنع للسياسات العمومية مع استحضار امكانية تخطي الطابع التقنوقراطي في التعاطي لهذه السياسات العمومية واغناء فضاءات النقاش العمومي حولها، وتغيير منهجية التعاطي معها حكوميا وبرلمانيا ومدنيا وأكاديميا… يتطلب تقوية التمثيل السياسي والتشاركي الجاد وربطه بالسياسات العمومية والخروج من التدبير التقنوقراطي كاحد الادوات الكلاسيكية للنظام السياسي والاداري الذي ينتج عنه تدافع مجتمعي يطرح الجواب عن المشاكل العمومية وربطها بالسياسات العمومية، وذلك بفتح النقاش في موضوع الثروة بشقيها والبحث عن وسائل الربط بينهما .
ان مشاركة الجهاز الاداري له دور في صياغة السياسات مما يعكس طبيعة النظام السياسي بحيث يختلف من دولة لاخرى و يبين مدى تقدم دولة عن اخرى وتميز مستويات التفكير والتخطيط العمومي بين المجتمعات.
والتحول العالمي يفرض على الدولة تخطي التركيز على الادارة والتقنية كرهان للسلطة وتحليل السياسات العمومية، فالاكتفاء بالربط الجامد بين الاداري بالسياسي لم يعد يحمل النجاعة ولا يضمن التنمية والاستقرار، كما ان البيروقراطية وعقلانية الدولة والتقنوقراطية اصبحت من المواضيع الكلاسيكية ضمن اهتمام علم الاجتماع السياسي. ومن جهة اخرى فان الدولة الحديثة تتميز بوجهين: الاول اداري عام كجهاز للدولة (بيروقراطي)، والثاني سياسي اي جهاز الحكومة وهو جزء تابع للادارة العامة، مما يربك العلاقة مع عولمة الاسواق وهيمنة الجوانب المالية على الاقتصاديات والتأثير بذلك على القرار السياسي، من خلال تحكم الخبراء الاقتصاديين والماليين والتأثير في صناعة السياسات العمومية، لذا اصبحت السياسات العامة موضوع صراع بين الاداري والسياسي وتم بذلك نزع صفة السياسي عن التسيير تحت تأثير قوة وحكم الاقتصاد، وتداخل الفاعلين دون اخراج السياسات العمومية من اطارها الاداري الشيء الذي لا يستجيب لحاجيات المواطنين وينتج عنه احتجاجات يؤطرها ممثلين مدنيين والخطر هو ان تكون خارجة عن التاطير …
ان الدوائر الاربعة لصناعة السياسات العمومية حسب p. Muller هي :
– دائرة هرم الدولة وتتمثل في قيادة الدولة السياسية والتنفيذية.
– دائرة الادارات القطاعية المتدخلة في مجالات اختصاصاتها.
– دائرة الفاعلين خارج الدولة وتضم النقابات والهيئات المهنية ورجال الاعمال.
– دائرة الهيئات السياسية وتضم المجالس المنتخبة والقضاء المالي والاداري.
وعليه فان تضارب الادوار وغموضها فرض نظام الشبكات والاعتماد على وكالات وخبراء ومجموعة مصالح في مقابل محدودية دور السياسيين المطوق بالصمت الديمقراطي حول السياسات العمومية لتجنب طرح سؤال الثروة المادية وعلاقتها بالثروة اللامادية كموضوع ومسؤولية الدولة، فبقيت بذلك الانتخابات ذات مشاكل سياسية ذاتية بعيدة عن سياسة المشاكل الوطنية والمحلية التي لا تناقش ضمن البرامج والمنطق الانتخابيين .
واليوم يطرح سؤال الثروة المادية في اطار تفعيل المحاسبة والمساءلة بشكل جدي في مواجهة الراسمال اللامادي وضرورة ان تجيب الاولى عن مطالب الثانية بما يعزز المشروعية السياسية وشفافية التدبير والخروج من الخطابات الحزبية الصدامية – الهجومية بخلفية او الصدامية – الدفاعية بخلفية امام ضخامة الاكراهات المجتمعية الشيء الذي يجمع حول أزمة الدولة في التعاطي للسياسات العمومية.
ان اشكالية الموارد الحقيقية للدولة والممتلكات العامة اصبحت تطفو على النقاش العمومي لاسيما مع تراجع دور الدولة الاجتماعي التنموي كالتعليم والصحة والتشغيل… وبسبب خضوع الدولة للمعايير الدولية في التصنيف يتبين وصول مرحلة الفشل، حيث ان اللامساواة الاقتصادية نتج عنها الاعتراف غير المتكافئ وعليه فان الاعتراض السياسي اليميني يهدف الى تحقيقى المساواة في الاعتراف بينما النقد اليساري فقد اصبح يركز على حقوق العمال كمشكلة اللامساواة الاقتصادية ومنها اللامساواة الاجتماعية وتنضاف الى ذلك اللامساواة في الاعراف الانسانية واللامساواة في الطبيعة البشرية الشيء الذي خلق عقبات تشريعية في تحقيق المساواة فيهما.
كما ان اهم مشكل تعانيه الدولة ويحول دون تحقيق التنمية يكمن في كون المجتمع استطاع ان يحقق ويتعاطى ويحافظ على أخلاقيات العبادات مقابل التخلي عن أخلاقيات العلم والعمل في حين دولة اليابان مثلا فقد حققت اخلاقيات وروحانيات العلم والعمل مقابل ضعف روحانيات العبادة والسبب هو القومية الاقتصادية.
عموما ليس التعبير الشعبي عن المطالب مكمن الخوف ولا بطء محاربة الفساد و المحاسبة ولا حتى التنظيم الترابي في بعده المتمثل في الحكم الذاتي ولا ولا … بل المشكل في ان يسمح للتآمر على البلاد او ان يسمح للتدخل في شؤون المغرب او ان يؤدي الجميع ضريبة الوحدة لاسيما مع المخاطر الدولية المتربصة … فالضمير الوطني المشترك ينبغي ان يتغلب على كل الازمات مادام الحق والحرية مضمونان دستوريا وقانونيا وايضا كل اشكال التعبير في ظل السيادة ككل لا يجزء ولا يساوم وان السلطة العليا واعية بالخبايا والاسرار بكل الاحتمالات بسبب المجهودات التي بذلت لحفظ المملكة المغربية من خطر الارهاب اضافة الى النقلة النوعية التي ميزت المغرب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.