"سكانضال" يسجل في تاريخ الأكاديمية الجهوية طنجةتطوان -الحلقة الرابعة إن حالة الارتباك التي كانت تخلقها زيارات السيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية المباغتة للمؤسسة، وطريقة استفساره عن القضايا التي كان يأتي من أجلها بأسلوب غريب، لم تكن تفيد العملية التربوية بالمؤسسة في شيء، يؤكد الخنوسي، بل كانت تزيدها تصدعا وشرخا، فالدخول المفاجئ يوم السبت عند الخامسة مساء للمؤسسة أي على بعد خمسة دقائق من موعد الخروج، له ما له من دلالات ويحتمل ما يحتمل من تأويلات، إذ لا يسمح لا بتفقد مستوى التلاميذ ولا تتبع عمل المربين. أضف إلى ذلك يقول الخنوسي "الحملة التي قادها السيد الرئيس هو وأعوانه لمراقبة عملية استخلاص واجبات التسجيل والتأكد من مطابقة التواصيل، وهذا كله بتزامن مع إلحاحه الشديد على تغيير صيغة العمل إلى الصيغة الثانية، حتى بعد إخباره كتابة أن ذلك من شأنه خلق فوضى عارمة في أوساط الأولياء قد لا تخدم بالدرجة الأولى مصلحة النيابة، إلا أنه واصل إصراره بواسطة مراسلة أخرى لم تصل للمؤسسة إلا عند بداية الدورة الثانية، بعد المقاطعة الطويلة للبريد، مراسلة فريدة من نوعها، تشهد فيها مصلحة الشؤون التربوية أن الأشغال قد انتهت وأنه لا مناص من العمل بالصيغة الثانية، فكان الرد بعد استشارة المجالس بالإجماع على أن الظرف لا يسمح بذلك بعد مرور نصف السنة وأننا نأجل العمل بها للموسم الدراسي الموالي:2012/2013. أجل، بقيت المصلحة التربوية متمسكة بمطلبها حتى بعد التأشير على جداول حصص الأساتذة والموافقة على العمل بصيغة المسترسل" يواصل الخنوسي. و يقول "شيء معقول أن نفترض أن تكون تحركات السيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية تلك أتت بعد توصل مكتبه بشكايات كيدية من طرف جهات حاقدة أو أقلام مأجورة، إلا أن عدم صدورها عن جهات رسمية معترف بها كجمعية الآباء أو هيئة من هيئات المجتمع المدني مثلا، كان يفرض التعامل معها بحذر شديد ودون تسرع و مس باستقرار المؤسسة". و يتابع بالقول "لكن من غير المعقول أيضا أن تكون مصلحة الشؤون التربوية هي من تقر بأن الأشغال قد انتهت بينما لم تجرأ المصلحة المعنية على ذلك، وشيء مضحك حقيقة ومحزن في آن أن تقرأ تلك المراسلة وأنت تقوم بجولة في المؤسسة، جدران تلفظ كميات من الرمل يوميا وتهدد بغلق المجاري، جدار بمكتب الإدارة يتقاطر ماء، يزكم الأنوف برائحة برودة خانقة تلحق رطوبتها أضرارا حتى بالوثائق و..و..فينتابك شعور بأن هذه الأشغال التي أقامت الدنيا وأقعدتها لم تبتدئ بعد لتنتهي". و يسترسل الخنوسي: ومازلت أذكر أنني اقتربت مرة من أحد المسؤولين عن الأشغال أثناء إحدى زياراته المتكررة للورش وسألته عن طبيعة الصفقة، هل تتعلق بالطابق العلوي فقط أم بالسفلي أيضا، فكان رده " بينما كنا نعمل في إطار صفقة خاصة بالطابق العلوي تلقينا من الأكاديمية مكالمة تطالبنا بالتوقف ومباشرة أشغال الصيانة في الأسفل". و يسرد الخنوسي كيف أن المسؤول نفسه دخل عليه المكتب يوما مصحوبا بالمقاول وقال له " هذا هو السيد المقاول، اذهب معه إلى متجر الزليج واختر اللون الذي يناسبك وهو سيتولى الباقي" لستر البقعة الخضراء على جدار المكتب، كما أذكر أن لجنة أخرى حلت لمراقبة الورش، وبعدما قامت بجولة في الطابق العلوي ونزلت إلى الأسفل، سمعت اثنان من أفرادها يطالبون الثالث بالتوقيع على أحد المحاضر وهو يرفض مرددا" لا لن أوقع، لأنني إذا فعلت فستذهبون إلى منازلكم بينما أذهب أنا إلى السجن". و يتابع الخنوسي "كانت هذه المشاهد الدرامية المتكررة تتركني بلا كلمات، أنا الذي آمنت بمقولة لولا أبناء الفقراء لضاع العلم، والذي صرخت بمكتب الباشا بحضور رجال الدرك ورجال التعليم وفي اجتماع رسمي بأن ملك البلاد يريد أن يتمدرس كل أطفال الوطن ولكن لوبيا يدفعهم خارج المدرسة، وذلك بعد تلاعب في تكليفات نتج عنه حرمان تلاميذ إحدى الفرعيات ما يناهز الثلاث أشهر من الأستاذ المخصص لهم كتابة، وأنا الذي لم يعص يوما أمرا لمسؤول أو تأخر في إنجاز مطلوب، أنا الذي كانت كل متاعبي مع المتهاونين المدعومين الذين كانوا يطمحون لفرض قوانينهم الخاصة وحين كانوا يصطدمون بحقيقتي كانوا يلجأون إلى أساليبهم التي كانت تفوق المسؤولين قوة، ومع ذلك بقيت مقاوما بالمبدأ والعقيدة". ويضيف الخنوسي قائلا "فبينما كانت مدرسة ابن خلدون تعرف نسبة عالية من الأطفال في وضعية صعبة، تتطلب الإنصات إلى كل حالة على حدة، وتوفير الدعم الاجتماعي والتربوي والنفسي لتمنيعهم ضد الآفات التي يعج بها محيطهم، كانت الإدارة عوض أن توفر الجو المناسب من هدوء وسكينة، دون الكلام عن الدعم المعنوي واللوجستي، لا تتردد في اختلاق الأسباب للتشويش على المجهودات المبذولة وتبخيس المبادرات المتخذة". و بخصوص نازلة " الأرشيف المفخخ"، يشير الخنوسي إلى أن مدرسة ابن خلدون لم تكن أبدا أرض خلاء حتى يزايد عليها من يشاء بما يشاء، وهذا معطى جوهري لا يجوز تجاهله. و يقول ، "فبعد اكتشافي للكارثة والتعبير عن موقفي الواضح منها والمتلخص في أنني لن ألمس ذاك الأرشيف حتى أعرف من فعل به ذلك، حيث لم يكن همي أنني كنت ضحية عملية نصب من طرف الإدارة التي أخفت عني وفي مرفق تحت مسؤولية جهة أخرى جزءا كبيرا من أرشيف المؤسسة في حالة يرثى لها بقدر ما كان يهمني الوصول إلى الفاعل ودفعه إلى الاعتذار عن فعلته، فمواجهة النصب كانت في متناولي عكس الوصول إلى الفاعل لأن الإدارة كانت تقف درعا واقيا بيني وبينه". و يتابع "بعد ذلك بحوالي شهر حل مدير الأكاديمية والنائب شوقي بالمؤسسة في زيارة تفقدية للورش، ولا زلت أذكر أنهما طلبا مني اصطحابهما إلى أعلى، وفي رأس الدرج عرجا على الجناح الذي يوجد الأرشيف ملقى على أرضيته، وسارا على طول الممر حتى بلغا المكان الذي كان مكوما وممزقا فيه تحت الأزبال، وهناك حدث ما لم يكن في الحسبان ولا كان ليخطر على بال إنس ولا جان، نظرا وتمعنا في المشهد ودارا بكل برودة دم ليتابعا زيارتهما للجناح الذي يحتضن المركز الجهوي للتكنولوجيات التربوية دون أن ينطقا بكلمة". "انتظرت أن يسألاني عن ما وقع تحت أنظارهما من مشهد نشاز فلم يفعلا، وهذا لن تجد له تفسيرا مهما حللت سوى أنهما كانا يعلمان بالأمر ومن وراءه، لأن سواد عيني ما كان ليثني النائب شوقي عن اتخاذ أقسى الإجراءات في عين المكان، كما انتظرت أن يطالباني بإيجاد حل للمعضلة فلم يفعلا أيضا، وهذا أيضا لا تفسير له سوى أنهما كانا يستندان إلى محضر التسلم، الذي أكون بموجبه أنا ولا أحد سواي المسؤول الوحيد عن ذلك، كحجة قوية للضغط علي، المحضر التاريخي الذي لا يعدو أن يكون في آخر المطاف سوى وثيقة ملغية أصلا لأنه مشوب بعيب التنافي. وللتوضيح أكثر لمن يعنيه الأمر فإن عملية التسليم تندرج إداريا في خانة إجراءات المساءلة والمحاسبة لذلك ارتأى المشرع أن يسندها لطرف ثالث أعلى درجة ورتبة من طرفي العملية أي المسلم والمتسلم، ولا يجوز قطعا إسناد أمرها لأحدهما لما في ذلك من خرق للمسطرة وتشجيع على المراوغة والتلاعب، إلا في الحالات الاستثنائية". و يؤكد بالقول "طبعا لم أكن غبيا إلى درجة أن أعتبر صمت الرؤساء الساميين علامة رضا، ولكنني فهمت الإشارة جيدا، إما أن أنحني إلى الأرض وأجمع الأرشيف – بدون تعليق- وأن أضعه بجواري في المكتب و"مريضنا ما عندو باس" أو أتحمل التبعات، وبعد عميق تفكير، وجدت أنني لو فعلت، أكون اعترفت بسمو ونبل فعل الآخر وأنكرت ونفيت صفة الآدمية عني" يعترف الخنوسي. "ففوضت الأمر لله وقررت الثبات على موقفي، الذي حتى إلى يومنا هذا، يبقى قرارا صائبا و مسؤولا لما ينطوي عليه من غيرة على المرفق العام"، يقول الخنوسي دائما . "وبقي الأرشيف مكانه طيلة ما تبقى من السنة الدراسية ) أزيد من خمسة أشهر( دون أن أتلقى استفسارا أو تنبيها أو توبيخا بسببه، فهل كانت الإدارة تراهن على شيء أفظع من التوبيخ؟"، يتساءل الخنوسي، مستطردا، "هذه كلمة حق أخرى لن يرى فيها غير العقلاء سوى تغريدا خارج السرب"، يقول الخنوسي. رابط الحلقة السابقة: http://presstetouan.com/news14646.html