أجواء حارة في توقعات طقس الجمعة    توقعات أحوال الطقس ليوم الجمعة    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المغرب في المجموعة الثالثة إلى جانب البرازيل والمكسيك وإسبانيا    شنغهاي: معرض الصين الدولي ي حدد اتجاهات جديدة في السياحة العالمية    "الأشبال" في مجموعة صعبة بالمونديال    السميرس: الحوامض فَقَدَ 40 ألف هكتار.. والوسطاء يُضرّون بالمنتِج والمستهلك    تطورات حادثة البرانص 2 بطنجة: وفاة أحد الشابين المصابين متأثرًا بجروح بليغة    تنظيم الدولة الإسلامية يعلن مسؤوليته عن "أول هجوم" يستهدف القوات الحكومية السورية الجديدة منذ سقوط الأسد    المنتخب المغربي في مجموعة الموت بكأس العالم لأقل من 20 سنة    اعتقال عشريني متهم بتسريب امتحانات البكالوريا عبر الواتساب    رئيس "كومادير" يؤكد استفادة الفلاحين الصغار من دعم عمومي إجمالي بلغ 52 مليار درهم    سيدي ولد التاه على رأس البنك الإفريقي للتنمية: موريتانيا تقتنص لحظة تاريخية في قلب إفريقيا    تحقيق ألماني يكشف: مرتزقة البوليساريو قاتلوا في سوريا بدعم جزائري–إيراني إبان عهد الأسد    النيابة العامة بأكادير تكشف تفاصيل الإيقاع ب 8 أشخاص على خلفية غش امتحانات الباكالوريا    تفاصيل الإيقاع بمتورطين في عمليات الغش بامتحانات الباكالوريا    سيارة تصدم شرطيا بطنجة والسائق في حالة فرار    حماس "ترفض" مقترح أمريكا للهدنة    عقوبات تأديبية بسبب شبهة تلاعب في إحدى مباريات البطولة    الرباط تحتضن أول مكتب إفريقي للأمم المتحدة للسياحة للابتكار    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحومة الفنانة نعيمة بوحمالة    جريدة "العلم" تجري حواراً حصرياً مع وزير الخارجية المصري    المغرب- إسبانيا.. توقيع بروتوكولات اتفاق لأربعة مشاريع كاتالونية باستثمار إجمالي قدره 500 مليون درهم    تعيينات جديدة في مناصب عليا    بينهم 11% من الخصوصي.. نصف مليون تلميذ يجتازون امتحانات البكالوريا    مجلس المنافسة يؤاخذ شركة "غلوفو"    الملك يعزي أسرة الفنانة نعيمة بوحمالة    الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    نشرة إنذارية: موجة حر الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملك    تشابي ألونسو يحسم مستقبل ابن الناظور إبراهيم دياز داخل ريال مدريد    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    استطلاع: جل المغاربة متخوفون من تأثير الغش والتسول والتحرش على صورة المغرب خلال "المونديال"    زخات تؤجل منافسات جائزة التبوريدة    الكيني نغوغي وا تيونغو يفارق "الأدب الإفريقي"    "مسناوة" تفتتح فعاليات الدورة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية"    ما لم يُذبح بعد    مليار مستخدم لأداة الذكاء الاصطناعي "ميتا إي آي" (زوكربيرغ)    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    رقمنة.. السغروشني تدعو في لقاء بإستونيا إلى تعاون مثمر يغطي عددا من المجالات    انخفاض أسعار الإنتاج الصناعي في المغرب خلال أبريل 2025    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة بالدار البيضاء    إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأميركية    إسرائيل تعلن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    الناظور.. افتتاح معمل "أليون" الصيني المتخصص في صناعة شفرات توربينات الرياح    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع برسم سنة 2025    %10 من سكان غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    لارغيت يكشف كواليس غير معروفة عن اختيار حكيمي تمثيل المغرب عِوض إسبانيا    المدافع جوناثان تاه يوقع مع بايرن ميونيخ حتى 2029    سؤال الأنوار وعوائق التنوير في العالم العربي الإسلامي    طقس حار يعم عددا من مناطق المملكة اليوم الخميس    جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء    بحضور الرباعي المغربي.. الأهلي يتوج بلقب الدوري المصري للمرة 45 في تاريخه    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أحوج الوطن إلى تحصين جهاز الأمن ..
نشر في الأستاذ يوم 19 - 01 - 2015

لا أعتقد أن أحدا منا بمقدوره التشكيك في ما يلعبه الأمن من دور طلائعي، في حياة الشعوب والأمم. وتكمن أهميته في كونه أحد أبرز المكتسبات الحضارية، المميزة للمجتمعات الإنسانية الراقية. والمغرب من بين البلدان العريقة، التي حرصت على إيلاء جهازها الأمني العناية اللازمة، وفق مواصفات حديثة، غايته الكبرى الحفاظ على سلامة الأفراد والمجتمع، ودعم الاستقرار…
ويعد رجال الأمن عيون الدولة المتقدة على الدوام، الساهرة على استتباب الأمن وإنفاذ القانون. يبذلون قصارى جهودهم من أجل إسعاد الآخرين، يضحون بالنفس فداء للوطن وحماية أرواح المواطنين، ويسعون مخلصين إلى تهييء شروط السكينة والاطمئنان وكافة وسائل الراحة والاستجمام. في حالة استنفار دائمة، ورهن إشارة مؤسستهم الأمنية في كل لحظة وحين، حتى خارج أوقات العمل وإبان العطل الرسمية، ولا يتلكأون في الاستجابة لنداء الوطن مهما كانت الصعاب. من بين وظائفهم التقليدية وواجباتهم المهنية نجد: منع الجريمة بمختلف أشكالها، الحد من تفاقمها والقبض على مرتكبيها، محاربة الإرهاب وتفكيك خلاياه وفق خطط استباقية ذكية، السهر على تنظيم حركة المرور والجولان، احترام قانون السير واحتواء بؤر الانحراف. يصارعون قساوة الطبيعة وأحوال الطقس صيفا وشتاء، آناء الليل وخلال النهار، لمطاردة اللصوص والمجرمين ومروجي المخدرات، عبر دوريات تمشيطية. يقدمون خدمات إنسانية عند النكبات والكوارث الطبيعية، وفي المجالات الاجتماعية بإغاثة المرضى ومساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين عند الطوارئ وعبور الطريق أو استقلال وسائل النقل. ناهيكم عن مكافحة الشغب في الملاعب الرياضية وما يتعرضون له من اعتداءات وأخطار.
ولا يمكن لأي مجتمع ينشد الرخاء والازدهار، اكتساب قوته وبناء حضارته في أجواء من الاحترام، إلا بوجود جهاز أمن قوي برجاله، قادر على تحصينهم ضد كل اختراق أو انحراف، يمكن أن تكلف تداعياتهما البلاد غاليا، ما يتحتم معه توفير كافة الإمكانات المادية واللوجستية الضرورية، التي من شأنها تحفيزهم على البذل والعطاء بمنتهى الحيطة والحيوية.
ذلك أن الدولة وفرت للإدارة العامة للأمن الوطني ووزارة الداخلية، معهدا ملكيا للشرطة بمدينة القنيطرة، وهي مؤسسة عمومية تعنى بتأطير رجال الأمن من مختلف الدرجات، الذين اجتازوا بنجاح مباريات ولوج سلك الشرطة، ومن المتوفرين على الشروط النظامية الواردة في القانون الأساسي، عبر تكوين عصري في الدراسات القانونية وغيرها، وتدريب مكثف على حمل السلاح وحسن استعماله. وتحرص كذلك على أدائهم قسم التخرج للتفاني والإخلاص في العمل وعدم إفشاء السر المهني، وتزويدهم بأحدث الآليات والوسائل المساعدة على تذليل الصعاب، والارتقاء بمستوى رسالتهم الأمنية، دون تقصير أو زوغان…
بيد أن الرياح تجري أحيانا بما لا تشتهي السفن، حيث ما انفك المواطنون يسجلون بتذمر واستياء عميقين مظاهر الفساد والرشوة، وارتفاع وتيرة الخروقات الصادرة عن بعض رجال الشرطة ورؤساء مفوضيات الأمن، في التعاطي مع قضاياهم اليومية، جراء ما يتعرضون إليه من ابتزاز ومضايقات، تسببت في إصابتهم بالإحباط وأفقدت الكثيرين منهم الثقة في مصداقية وهيبة جهاز الأمن، الذي من المفروض أن يشكل ملاذهم الآمن ضد العابثين بسلامتهم وحقوقهم.
فأمام تعسف وتجاوزات بعض رجال الشرطة، الذين يعتبرون أنفسهم فوق القانون، ظهرت فئة من الناس أطلق عليها لقب "القناصة"، تسلحت بكاميرات دقيقة الصنع، إما في شكل أقلام أو ساعات يدوية أو أي طراز آخر، وصار همها الوحيد هو ترصد حركات وسكنات رجال الأمن، في أي مكان وأي حاجز أمني مروري، وبحركة بسيطة تشرع الكاميرا في التصوير لتوثيق الأحداث. وقد يعمل بعض هؤلاء أحيانا على الإطاحة بضحاياهم، عبر استدراجهم للانفعال والسب أو للتفاوض على مبلغ مالي.
خلال الأيام القليلة الماضية، وفي ظرف لا يزيد عن أسبوع، تم الإيقاع بما لا يقل عن خمسة أشخاص من رجال أمن في حالات تلبس صارخة، يتلقون رشاوى من مواطنين ارتكبوا مخالفات مرورية، موثقة تفاصيلها في أشرطة فيديو نشرت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي واليوتوب، وخلفت ردود أفعال قوية بين المواطنين داخل البيوت وفي المقاهي.
جملة من الفضائح أساءت إلى شرف مهنة الأمن النبيلة وأضرت بصورة الوطن، خصوصا ما شاهده المغاربة من مهزلة، عبر شريط ساخر بطلاه شرطيي حاجز أمني مروري بمدينة طانطان، أوقعهما في "فخه" سائح اسباني يستعمل دراجة نارية، ويحمل كاميرا صغيرة مدسوسة بعناية في خوذته الواقية، تؤكد نيته المبيتة في تحويلهما إلى صيد ثمين، لم تتجاوز كلفته الإجمالية مبلغ خمسين درهما.
صحيح أن إدارة الأمن الوطني لم تفتأ تعمل جاهدة على تطهير جهازها من العناصر الضالة والمعزولة، باتخاذها إجراءات تأديبية وزجرية ضد المخلين بالقوانين منها: تنقيل أو توقيف أو إحالة على القضاء، كل من ثبت في حقه جريمة ارتشاء أو شطط في استعمال السلطة، مستعينة بلجن تفتيش وكاميرات عالية الجودة لمراقبة العاملين بالحواجز الأمنية. وأنها طبقا لما نشر مؤخرا من تسجيلات، ووعيا منها بضرورة الحد من مثل هذه الانحرافات، دعت في مذكرة عممتها على كافة مصالحها صباح يوم الجمعة: 17 يناير 2015، إلى تقيد جميع موظفيها بأحكام مدونة قواعد السلوك الخاصة، سيما المتعلق منها بمقتضيات النزاهة والاستقامة والشرف، والقطع مع الممارسات المنافية للقانون والمندرجة في إطار جرائم الفساد الإداري من قبيل الرشوة والابتزاز، مؤكدة على تدعيم التخليق عبر حملات للتوعية في صفوفهم، وتكثيف المراقبات الدورية والمباغتة، وتعزيز برنامج التكوين لتأهيلهم مهنيا، وتحصينهم ضد مختلف أشكال الفساد الإداري…
وفي هذا الإطار تحضرني رواية عالم المستقبليات المرحوم: المهدي المنجرة في إحدى المناسبات، حيث أفادنا بما معناه: أنه عندما أراد الصينيون القدامى العيش في أمان، فكروا في بناء سور الصين العظيم، اعتقادا منهم أنه لن يجرؤ أحد على تسلقه لشدة علوه، إلا أنه خلال القرن الأول من بنائه، تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات ! وفي كل مرة، لم تكن جحافل العدو البرية في حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه، بل كانت تكتفي بتقديم رشوة للحارس، ثم تدخل آمنة وبسلام من الباب. ما يعني ببساطة، أن الصينيين (القدامى طبعا) انشغلوا ببناء السور وأهملوا بناء الحارس/الإنسان…
إن المصلحة العليا للوطن تقتضي بناء مواطن صالح، عبر أسرة مسؤولة، مدرسة قوية ومجتمع متماسك. وفضلا عن كون المسألة الأمنية قضية مجتمعية، تستدعي انخراط جميع فعاليات المجتمع في تخليق الحياة العامة، فإن الشرطة ملزمة بالمزيد من الجدية في تجويد خدماتها، التعجيل باسترداد ثقة المواطنين والتعاون معهم، والحكومة مدعوة إلى إقرار سياسة واضحة المعالم لمكافحة الرشوة، ومساعدة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، للقيام بما أناطها به الدستور من مهام، وإنقاذ البلاد من هذه الآفة الخطيرة، التي تنخر هياكل إداراتنا العمومية وتلوث سمعة بلادنا…
ما أحوج الوطن إلى تحصين جهاز الأمن ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.