أكد ريكاردو سانشيز سيرا، نائب رئيس اتحاد الصحفيين في البيرو، اليوم الجمعة بالداخلة، أن المغرب يمثل نموذجا متفردا في مسار التنمية والديمقراطية، في مقابل "جحيم تندوف" فوق التراب الجزائري، حيث تحتجز النساء والأطفال في ظروف مهينة ولا إنسانية من طرف ميليشيات "البوليساريو"، وبدعم وتواطؤ مكشوف من النظام العسكري الجزائري. وشدد سانشيز سيرا، الذي كان يتحدث في الندوة الدولية حول "التكامل بين صحافة الجودة والتربية على الإعلام"، والتي ينظمها المجلس الوطني للصحافة على مدى يومين، على أن تندوف ليست سوى "سجن كبير"، بينما مدينة الداخلة تجسد "الحياة والتنمية والحرية والأمل"، بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وأوضح الصحافي البيروفي، الذي سبق له أن زار تندوف في مناسبات متعددة، أن ما يجري داخل هذه المخيمات هو "احتجاز ممنهج" تمارسه ميليشيات انفصالية لا تخضع لأي رقابة دولية، مبرزا أن سكان تندوف يعيشون في وضع "انتهاك كامل للحقوق الأساسية، دون حرية تنقل، ولا حرية تعبير ولا كرامة". وفي مقابل هذا الواقع المأساوي، أبرز سانشيز سيرا الدينامية التنموية المتواصلة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة، قائلا: "تجولت في مدينة الداخلة، ووقفت على مشروع الميناء الأطلسي الضخم، وشاهدت التقدم والبناء، ليضيف: "الداخلة هي الجنة، وتندوف هي الجحيم". وتوقف نائب رئيس اتحاد الصحافيين في البيرو عند خطورة الدعاية المغرضة التي يقودها النظام الجزائري وجبهة البوليساريو لتشويه صورة المغرب، مؤكدا أن ما يروج من أكاذيب حول حقوق الإنسان بالصحراء المغربية هو "جزء من حملة تضليل ممنهجة تدار من الجزائر". وأوضح في هذا الصدد أن الجزائر، من خلال البوليساريو، تشن حربا إعلامية قذرة تستند إلى تلفيق الأخبار وفبركة الصور، واختلاق المعطيات، بينما تتستر في الوقت نفسه على الانتهاكات المروعة داخل المخيمات، التي لا تصلها أي بعثة مراقبة مستقلة. وحذر الصحافي البيروفي من الخطر الذي تمثله ميليشيات "البوليساريو"، التي وصفها ب"العصابة"، مؤكدا أنها تشكل تهديدا أمنيا جسيما، بحكم ارتباطها المؤكد بجماعات إرهابية تنشط في منطقة الساحل، وب"حزب الله" المدعوم من إيران. كما نبه إلى استمرار الجزائر في توفير الدعم المالي واللوجستي لهذه الكيانات، في إطار مساع لتغذية التوتر الإقليمي وتنفيذ أجندة توسعية ترمي إلى الوصول إلى المحيط الأطلسي. ودعا سانشيز سيرا إلى التصدي للحملات التضليلية بمزيد من الانفتاح الإعلامي والاشتغال على التربية الإعلامية، باعتبارها "السبيل الوحيد لتحصين المجتمعات من الأخبار الزائفة والمحتويات الموجهة"، مشيرا إلى أن "الحقائق لا تدحض إلا بالحقائق". وقدم الصحافي ذاته شهادات من مناطق نزاع زارها بنفسه، من بينها دونباس بأوركرانيا، حيث لاحظ بنفسه كيف يتم طمس الوقائع وتشويهها من طرف وسائل إعلام دولية خاضعة لخطابات انتقائية ومتحاملة، مبرزا أن "من لم يكن حاضرا ميدانيا لا يمكنه أن يفهم أو ينقل الحقيقة كما هي". كما أشار إلى زيارة سابقة له إلى منطقة قره باغ، حيث كشف عن مشاهد مروعة لدمار المساجد والمعالم الإسلامية التي تعرضت للتخريب المتعمد من طرف القوات الأرمينية سنة 1992، في محاولة لطمس الهوية الثقافية والدينية للمنطقة. وأضاف قائلا: "هذه التجارب تؤكد أن الصحافي الحقيقي لا يمكن أن يشتغل من وراء شاشة أو مكتب. لا بد من النزول إلى الميدان والاحتكاك بالناس ومقابلة المسؤولين والاستماع إلى السكان. هذه هي الصحافة المهنية". ولم يخف سانشيز سيرا قلقه من تصاعد ظاهرة الأخبار الكاذبة، التي وصفها ب"المرض العصري الأخطر"، مؤكدا أن "الصحافة اليوم تواجه معركة حقيقية من أجل استعادة المصداقية"، في ظل استغلال العواطف وتضخيم الأحداث وترويج الأكاذيب لتوجيه الرأي العام. وأشار إلى أن الإعلام التقليدي فقد الكثير من ثقة الجمهور بسبب تخليه أحيانا عن مبادئ الموضوعية والاستقلالية، داعيا إلى ضرورة إرساء آليات صارمة للتحقق من المعلومات، والاشتغال وفق معايير أخلاقية صارمة، مع تمكين الأجيال الصاعدة من أدوات التفكير النقدي والتحليل الإعلامي. وأكد أن التربية الإعلامية يجب أن تصبح عنصرا مركزيا في مواجهة التضليل، لأنها تمكن الأفراد من فهم طريقة اشتغال الرسائل الإعلامية، وتكشف لهم خفايا التلاعب بالعقول، خصوصا في الفضاء الرقمي الذي يغمره المحتوى غير المهني.