هل فعلاً كل ما يُقال عن واقع المخيمات التربوية في المغرب يعكس حقيقتها؟ سؤال يُطرح بإلحاح، لكنه يتطلب مقاربة أعمق من الانطباعات العابرة. فالمخيم التربوي، في جوهره، ليس مجرّد نشاط موسمي يُختزل في فصل الصيف، بل هو مكوّن استراتيجي في مسار التنمية البشرية، وتجربة متكاملة تحمل أبعادًا نفسية، تربوية، ثقافية واجتماعية. وإذا أردنا الإنصاف، فإن تجربة المخيم بالمغرب تقف على عتبة قرن من التراكم، قرابة مئة سنة من العمل والتجريب والتطوير، راكمت خلالها الأطر الوطنية رصيدًا معرفيًا وبيداغوجيًا ثمينًا، يجعل هذا الورش التربوي أحد أعمدة تأهيل الأجيال الصاعدة، ومكونًا حيويًا لأي مشروع تنموي يؤمن بأن الإنسان هو الأساس. وحين طرحنا هذا الموضوع للنقاش، لم نبحث عن الإثارة السطحية أو العناوين الجاهزة. بل اخترنا الإصغاء لجميع الأصوات: وفتحنا المجال لحوار هادئ، مسؤول، يبتعد عن المزايدات والصراخ، نقاش يترافع عن النواقص بحكمة، ويُثمّن المكتسبات دون بهرجة أو تضخيم. لقد حاولنا كدلك ، من خلال هذا الطرح، أن نلامس العمق، وأن نخرج من قوقعة "النقد المناسباتي" الذي لا يظهر إلا في فصل الصيف، إلى رؤية تمتد على مدار السنة، تستحضر الحاجة إلى سياسات عمومية مندمجة، تُشرك الوزارات المعنية، الجماعات الترابية، المجالس الإقليمية والجهوية، وجميع الفاعلين المهتمين بالطفولة. لأن المخيمات، ببساطة، ليست شأناً قطاعيًا ضيقًا، بل قضية مجتمع. رافعة أساسية في مشروع وطني يراهن على بناء الإنسان، ويرى في التربية غير النظامية والأنشطة التكوينية جزءًا لا يتجزأ من معادلة التنمية المستدامة.