أثارت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت وفدا لحركة حماس في العاصمة القطريةالدوحة جدلا واسعا، بعدما اعتبرت سابقة خطيرة تكشف أن إسرائيل باتت تستبيح الأراضي العربية وتنتهك سيادتها بشكل مباشر، ما يطرح علامات استفهام كبرى حول مستقبل الأمن الإقليمي ومكانة القانون الدولي. في هذا السياق، صرح المحلل السياسي كمال الهشومي لرسالة 24 أن ما وصفه ب"التغول الإسرائيلي" يجب أن يُقرأ من عدة أبعاد، أولها القانوني، إذ إن استهداف وحدة داخل أراضٍ قطرية دون موافقة الدولة أو تفويض من الأممالمتحدة يعد انتهاكا صريحا لسيادتها وخرقا لميثاق الأممالمتحدة، خاصة المادتين 2 و4، مشددا على أن ذلك يمس مبدأ حرمة الأراضي المنصوص عليه في القانون الدولي. وأضاف الهشومي أن البعد السياسي يتمثل في محاولة تقويض دور الوساطة القطرية والتشكيك في أمنها كمنصة للتفاوض، فيما يحمل البعد الإقليمي والدولي خطورة أكبر، لأنه يكرس منطق الإباحة العابرة للحدود، ويختبر قدرة الولاياتالمتحدة وحلفائها على ضبط سلوك إسرائيل، معتبرا أن قطر قد تلجأ إلى خطوات دبلوماسية تشمل تقديم شكوى للأمم المتحدة أو المطالبة بضمانات دولية لحماية الوسطاء والوفود مستقبلا. من جانبه، صرح المحلل السياسي خالد الشيات لرسالة 24 أن هذه الهجمات تمثل تحولا كبيرا في مسار أزمة الشرق الأوسط"ط، مؤكدا أن إسرائيل باتت تتحرك خارج أي قواعد سياسية أو عسكرية، في إطار مشروعها التوسعي. وأبدى استغرابه من تنفيذ هذا الاعتداء في عمق دولة عربية مثل قطر، التي لا تتمتع بحماية استراتيجية حقيقية في محيطها العربي والإسلامي. وأشار الشيات إلى أن استهداف قطر من قبل إيران سابقا، ثم إسرائيل اليوم، يكشف أن هذه الدولة "تمثل نموذجا للعالم العربي غير المحمي، المعرض دوما لسياسات القوى التوسعية، لافتا إلى أن الولاياتالمتحدة، رغم وجود قواعدها العسكرية بالمنطقة، لم تتجاوز حدود "إخطار السلطات القطرية في اللحظة الأخيرة". وختم الشيات بالقول إن هذه التطورات تطرح من جديد الحاجة الماسة إلى بناء فضاء عربي متماسك يقوم على التضامن، بدل حالة التفكك التي تجعل الدول العربية مكشوفة أمام التدخلات الخارجية. ومع تصاعد هذه التحولات الخطيرة، يظل السؤال مطروحا: هل تمهد إسرائيل، عبر استهدافها المباشر للدوحة، لمرحلة جديدة من الصراع الإقليمي قد تجر المنطقة إلى مواجهة واسعة، أم أن الأمر مجرد رسالة سياسية عابرة؟