فيدرالية اليسار الديمقراطي تؤكد تمسكها بالإصلاحات الديمقراطية وترفض العودة إلى الوراء في ملف الحكم الذاتي    إسبانيا تقلد عبد اللطيف حموشي بأرفع وسام اعترافًا بدور المغرب في مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني    لجنة المالية بمجلس النواب تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    تقرير دولي: تقدم مغربي في مكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال    بتنسيق مع "الديستي".. شرطة سلا توقف شخصين بحوزتهما أكثر من 6000 قرص مخدر وكوكايين    الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس تفكك شبكة متورطة في اختلاس وسرقة مركبات من المحجز البلدي بوجدة    تيزنيت: نقابة مفتشي التعليم تشيد بالأدوار المحورية التي تضطلع بها هيئة التفتيش و ترفض محاولات طمس الهوية المهنية للهيئة وتقزيم أدوارها ( بيان )    كيوسك الأربعاء | آلاف المشاريع و26 ألف كلم من الطرق لتقليص الفوارق المجالية    ليلة الذبح العظيم..    تنصيب عبد العزيز زروالي عاملا على إقليم سيدي قاسم في حفل رسمي    مجلس النواب.. لجنة المالية والتنمية الاقتصادية تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    المعهد الملكي الإسباني: المغرب يحسم معركة الصحراء سياسياً ودبلوماسيا    انطلاق أشغال تهيئة غابة لاميدا بمرتيل ، للحفاظ علي المتنفس الوحيد بالمدينة    أجواء غائمة وممطرة في توقعات طقس الأربعاء    توقيع إعلان نوايا بين المملكة المغربية ومملكة السويد لتعزيز التعاون في مجال العدالة    مأساة بخريبكة.. وفاة خمسة أشخاص من عائلة واحدة غرقا داخل صهريج مائي    "جيروزاليم بوست": الاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعِف الجزائر ويعزّز مصالح إسرائيل في المنطقة    برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآن فعلا الشعب اسقط النظام
نشر في الشرق المغربية يوم 15 - 03 - 2011

كتب : مرفت فوزي / إن ابسط تعريف للثورة هو إسقاط نظام واستبداله بالكامل بنظام أخر . فبعد أن حققت الثورة واحدا من أهم شعاراتها وهو المنادي برحيل الرئيس والذي حاولت بعض الجهات تصويره وكأنه الهدف الذي قامت الثورة لأجله لذلك فقد طلعت علينا بعض الأصوات تنادي بعودة الشباب إلى منازلهم وإعطاء حكومة
تسيير الأعمال الفرصة لإدارة شئون البلاد وإعدادها للانتخابات الرئاسية فبعد إسقاط رأس النظام مرت الثورة بمنعطفات خطيرة أقلقت كثيرا من مؤيديها وأنصارها ليس في مصر والعالم العربي فقط بل في كل أرجاء المعمورة فالثورة ستفقد قيمتها إذا اكتفت بإسقاط رأس النظام فقط . وهذابحد ذاته يعتبر انجازا كبيرا يفوق نسبة 80%من قوة النظام لكننا إذا تجاهلنا بقية المائة المتمثلة بأعوانه وزبانيته وجهازه الأمني والمدني الذي تم بنائه على مدى 30 عام من عمر النظام وارتبطت مع بعضها بخيوط وثيقة من المصالح الشخصية المشتركة سنكون قد وقعنا في غلطة لو استمرت فإنها ستجهز على الثورة و تفرغها من مضمونها فأي تغيير يفقد قيمته ما لم يكن تغيير هياكل النظام كاملة أساسا له.
فثورة شباب مصر أو ما اصطلح مؤخرا على تسميتها بثورة 25 يناير قامت بطريقة مغايرة لكل ثورات شعوب العالم التي سبقتها وأصبحت مثالا يحتذي به لما سيعقبها من ثورات قادمة فهي ثورة بيضاء لم تسفك قطرة من دماء أعدائها بل إن دماء الثوار هي التي سفكت وكان شعار سلميه سلميه أقوى أسلحتها مما حدا بجيش الشعب للالتفاف حول شباب الثورة وحمايتهم وتنفيذا للشعار الذي هتف به كثيرا "الشعب والجيش يدا واحدة" فقد ارتضت الثورة أن يقوم الجيش بالإشراف على تنفيذ وتحقيق مطالب الشعب .
ومن الجانب المعاكس فقد بذلت قوى الثورة المضادة أقصى الجهد والمال الوفير لإحداث الفتن وزرع بذور الشقاق بين الشعب وقواته المسلحة .
فكان تمترس الشباب في ميدان التحرير الذي أصبح ملاذهم الآمن واتخاذهم الشعب عمقا وسندا لمطالبهم هو سلاحهم الفتاك ضد فلول الثورة المضادة التي يدعمها و يمولها أعوان النظام السابق وزبانيته الذي مازال الكثير منهم يتبوأ بعض مراكز صنع القرار فنحن لا نطالب بان تكون الثورة مقصلة عمياء تطيح بكل رأس تبوأ منصب في ظل النظام السابق فذالك نوع من السذاجة بل إن من يطالب بذلك إن كان حسن النية فهو يسيء للثورة ويضاعف أعدائها وكنا في قلق من الالتفاف على الثورة وزال أكثره بزوال حكومة احمد شفيق .
فكيف لثورة شعب أن تركن لحكومة يرأسها الصديق الشخصي لرئيس النظام السابق الذي اختاره لرئاسة الحكومة في اشد أيامه سوادا وذلك لثقته المطلقة بزميل لعبة الاسكواش .
حرص احمد شفيق على أن تبقي وزارته على وزراء كان من الممكن أن يتسببوا بانتكاسه ثورة الشباب لو استمروا في مناصبهم لعل أبرزهم وزير الخارجية احمد أبو الغيط ووزير العدل ممدوح مرعي ووزير الداخلية محمود وجدي والذي لا يستبعد أن تكون خطة تمسك شفيق بهم نابعة تنفيذا لتخطيط موجه من خلية شرم الشيخ حسب توصيف الأستاذ هيكل .
فوزير الخارجية ذلك الأسد الهصور على إخواننا الفلسطينيين والحمل الوديع مع أصدقائه الإسرائيليين كحال نظامه البائد والذي استمر معلقا صورة حسني مبارك في موقعها السابق بمكتبه ولاء منه لشخص الرئيس السابق متحديا بذلك إرادة الشعب الذي اعتبره مجرد غوغاء واستهزاء بقيادته الثورية واعتبرهم عملاء ينفذون مخطط جهات أجنبية تريد زعزعة امن واستقرار البلد وكان بقائه في وزارة الخارجية يمثل إحراجا لكثير من الدول فكيف تتعامل مع ثورة شعب يمثلها خارجيا من لا يؤمن بها و ما زالت تهديداته ووعيده التي أطلقها في بداية الثورة لمن يتعامل مع من وصفهم بالمأجورين ترن في أسماع من يقابلهم من ممثلي دول العالم .
أما وزير العدل المستشار ممدوح مرعي الذي لعب دورا مهما لإنتاج انتخابات مزورة بطريقة فجه كانت من الأسباب الرئيسية لغضب الشارع المصري بل إن أول المطالب التي رفعها الشباب (قبل أن يرتفع سقف مطالبهم وصولا لإسقاط النظام ) كانت المطالبة بحل مجلسي الشعب والشورى اللذان تشكلا نتيجة عملية التزوير الفجة والوقحة التي اشرف عليها رموز الحزب الوطني .
فكيف لحكومة تمثل عهدا جديدا أول أهدافها محاربة الفساد وتهيئة البلد للانتخابات ويحمل حقيبة الوزارة التي يقع على عاتقها ذلك وزير تقدم أكثر من 56 قاضيا ببلاغ ضده للنائب العام يتهمونه بالتربح من وظيفته وتسببه في ضياع أموال على الدولة بسبب استغلاله لنفوذه للمساعدة في إفلات كثير من الفاسدين من العقاب وقد كان الإبقاء عليه في وزارة احمد شفيق أملا من بعض القوى أن يلعب دورا مؤثرا في الانتخابات المقبلة .
أما وزير الداخلية محمود وجدي فرغم انه وجه جديد ضم لوزارة شفيق خلفا لسيئ الذكر العادلي إلا انه يحمل نفس العقلية والتكوين التي اجتهد النظام السابق أن يغرسها في رجال الأمن حيت اعتبر ذلك من المسلمات الثابتة لنظام الأمن ولم يستوعب أنها من أسباب ثورة الشعب وغضبهم بل وعدائهم لرجال الشرطة حيث استمرت القيادات بنفس تعاملها السابق مع الشعب بفوقية وعنجهية وتسلط وما حادثة المعادي التي قتل فيها ضابط شرطة بدم بارد مواطن بسبب تجرئ ذلك المواطن على مزاحمة سيارة الباشا الضابط بسيارة الأجرة التي كان يقودها وتمادي مدير امن إحدى المحافظات على سكان محافظته إلا نتيجة للعقلية التي استمر النظام يغذيها وينميها في حماة أمنة ونظامه مما أدى لاعتبارهم الشعب بأنة خادمهم وهم أسيادة وسيقطعون يد كل من تمتد على أسيادة وذلك فعلا هو ما صرح به مدير الأمن .
فليس الخير والحكمة أن نغير وزيرا بوزير ولكن يجب أن تتغير العقلية نفسها وإلا فان العلاقة العدائية للشعب برجال الشرطة ستستمر .
لقد كان لحكمة قيادة الجيش دورا كبيرا في نجاح ثورة الشباب واعتبر الجيش منفذا لإرادة الشعب و حاولت كثيرا من القوى تأليب الجيش على الشعب ولكنها لم تنجح لذلك اتخذت منحى أخر وهو تأليب الشعب ضد قواته المسلحة وحاولت بعض الكتابات المغرضة التشكيك بالجيش وان قادته حريصون على حسني مبارك كونه احد قادة الجيش في مسعى منها لإيجاد ثغرة تنفذ منها لدق إسفين بين الشعب والجيش الذي مازال شعار أنهم يدا واحدة هو السائد على ارض الواقع وفي نفوس الجماهير .
لقد رفض الشعب المصري فكرة التطبيع مع عدوه الإسرائيلي وألان أيضا يرفض التطبيع مع الركائز الأساسية للنظام السابق لأنه يعتبرهم أعدائه ولن تهدئ الثورة حتى تستكمل كل أهدافها ويكمن التحدي في الجمع بين مؤسسات مستقرة وقادرة على العمل مع عملية تغير سياسية واجتماعية واقتصادية حقيقية لذلك كان إسقاط حكومة شفيق وتأليف حكومة أخرى بقيادة عصام شرف الذي توجه إلى ميدان التحرير فور تكليفه وقبل أن يؤدي اليمين الدستورية ليعلن على الملا انه يستمد شرعيته من ميدان التحرير أي من الثورة أي من الشعب .
كل ذلك جاء ليدعم ويؤكد شعار الشعب يريد إسقاط النظام فألان فقط نستطيع أن نطمئن لان الشعب اسقط النظام بالفعل بعد أن قطع أخر الاحبال السرية التي كانت ترتبط برأس النظام وأدرك الشعب يقينا انه العامل الرئيسي والفاعل في أي تغيير يخص حياته ومستقبلة وسيبقى ميدان التحرير هو الملاذ والمنطلق للشعب ضد كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب العظيم .
لقد عرف الشعب طريقة وفهم ذلك كل من يريد أن يتربع على أي منصب قيادي .
إن ابسط تعريف للثورة هو إسقاط نظام واستبداله بالكامل بنظام أخر . فبعد أن حققت الثورة واحدا من أهم شعاراتها وهو المنادي برحيل الرئيس والذي حاولت بعض الجهات تصويره وكأنه الهدف الذي قامت الثورة لأجله لذلك فقد طلعت علينا بعض الأصوات تنادي بعودة الشباب إلى منازلهم وإعطاء حكومة تسيير الأعمال الفرصة لإدارة شئون البلاد وإعدادها للانتخابات الرئاسية فبعد إسقاط رأس النظام مرت الثورة بمنعطفات خطيرة أقلقت كثيرا من مؤيديها وأنصارها ليس في مصر والعالم العربي فقط بل في كل أرجاء المعمورة فالثورة ستفقد قيمتها إذا اكتفت بإسقاط رأس النظام فقط . هذا يعتبر انجازا كبيرا يفوق نسبة 80%من قوة النظام لكننا إذا تجاهلنا بقية المائة المتمثلة بأعوانه وزبانيته وجهازه الأمني والمدني الذي تم بنائه على مدى 30 عام من عمر النظام وارتبطت مع بعضها بخيوط وثيقة من المصالح الشخصية المشتركة سنكون قد وقعنا في غلطة لو استمرت فإنها ستجهز على الثورة و تفرغها من مضمونها فأي تغيير يفقد قيمته ما لم يكن تغيير هياكل النظام كاملة أساسا له.
فثورة شباب مصر أو ما اصطلح مؤخرا على تسميتها بثورة 25 يناير قامت بطريقة مغايرة لكل ثورات شعوب العالم التي سبقتها وأصبحت مثالا يحتذي به لما سيعقبها من ثورات قادمة فهي ثورة بيضاء لم تسفك قطرة من دماء أعدائها بل إن دماء الثوار هي التي سفكت وكان شعار سلميه سلميه أقوى أسلحتها مما حدا بجيش الشعب للالتفاف حول شباب الثورة وحمايتهم وتنفيذا للشعار الذي هتف به كثيرا "الشعب والجيش يدا واحدة" فقد ارتضت الثورة أن يقوم الجيش بالإشراف على تنفيذ وتحقيق مطالب الشعب .
ومن الجانب المعاكس فقد بذلت قوى الثورة المضادة أقصى الجهد والمال الوفير لإحداث الفتن وزرع بذور الشقاق بين الشعب وقواته المسلحة .
فكان تمترس الشباب في ميدان التحرير الذي أصبح ملاذهم الآمن واتخاذهم الشعب عمقا وسندا لمطالبهم هو سلاحهم الفتاك ضد فلول الثورة المضادة التي يدعمها و يمولها أعوان النظام السابق وزبانيته الذي مازال الكثير منهم يتبوأ بعض مراكز صنع القرار فنحن لا نطالب بان تكون الثورة مقصلة عمياء تطيح بكل رأس تبوأ منصب في ظل النظام السابق فذالك نوع من السذاجة بل إن من يطالب بذلك إن كان حسن النية فهو يسيء للثورة ويضاعف أعدائها وكنا في قلق من الالتفاف على الثورة وزال أكثره بزوال حكومة احمد شفيق .
فكيف لثورة شعب أن تركن لحكومة يرأسها الصديق الشخصي لرئيس النظام السابق الذي اختاره لرئاسة الحكومة في اشد أيامه سوادا وذلك لثقته المطلقة بزميل لعبة الاسكواش .
حرص احمد شفيق على أن تبقي وزارته على وزراء كان من الممكن أن يتسببوا بانتكاسه ثورة الشباب لو استمروا في مناصبهم لعل أبرزهم وزير الخارجية احمد أبو الغيط ووزير العدل ممدوح مرعي ووزير الداخلية محمود وجدي والذي لا يستبعد أن تكون خطة تمسك شفيق بهم نابعة تنفيذا لتخطيط موجه من خلية شرم الشيخ حسب توصيف الأستاذ هيكل .
فوزير الخارجية ذلك الأسد الهصور على إخواننا الفلسطينيين والحمل الوديع مع أصدقائه الإسرائيليين كحال نظامه البائد والذي استمر معلقا صورة حسني مبارك في موقعها السابق بمكتبه ولاء منه لشخص الرئيس السابق متحديا بذلك إرادة الشعب الذي اعتبره مجرد غوغاء واستهزاء بقيادته الثورية واعتبرهم عملاء ينفذون مخطط جهات أجنبية تريد زعزعة امن واستقرار البلد وكان بقائه في وزارة الخارجية يمثل إحراجا لكثير من الدول فكيف تتعامل مع ثورة شعب يمثلها خارجيا من لا يؤمن بها و ما زالت تهديداته ووعيده التي أطلقها في بداية الثورة لمن يتعامل مع من وصفهم بالمأجورين ترن في أسماع من يقابلهم من ممثلي دول العالم .
أما وزير العدل المستشار ممدوح مرعي الذي لعب دورا مهما لإنتاج انتخابات مزورة بطريقة فجه كانت من الأسباب الرئيسية لغضب الشارع المصري بل إن أول المطالب التي رفعها الشباب (قبل أن يرتفع سقف مطالبهم وصولا لإسقاط النظام ) كانت المطالبة بحل مجلسي الشعب والشورى اللذان تشكلا نتيجة عملية التزوير الفجة والوقحة التي اشرف عليها رموز الحزب الوطني .
فكيف لحكومة تمثل عهدا جديدا أول أهدافها محاربة الفساد وتهيئة البلد للانتخابات ويحمل حقيبة الوزارة التي يقع على عاتقها ذلك وزير تقدم أكثر من 56 قاضيا ببلاغ ضده للنائب العام يتهمونه بالتربح من وظيفته وتسببه في ضياع أموال على الدولة بسبب استغلاله لنفوذه للمساعدة في إفلات كثير من الفاسدين من العقاب وقد كان الإبقاء عليه في وزارة احمد شفيق أملا من بعض القوى أن يلعب دورا مؤثرا في الانتخابات المقبلة .
أما وزير الداخلية محمود وجدي فرغم انه وجه جديد ضم لوزارة شفيق خلفا لسيئ الذكر العادلي إلا انه يحمل نفس العقلية والتكوين التي اجتهد النظام السابق أن يغرسها في رجال الأمن حيت اعتبر ذلك من المسلمات الثابتة لنظام الأمن ولم يستوعب أنها من أسباب ثورة الشعب وغضبهم بل وعدائهم لرجال الشرطة حيث استمرت القيادات بنفس تعاملها السابق مع الشعب بفوقية وعنجهية وتسلط وما حادثة المعادي التي قتل فيها ضابط شرطة بدم بارد مواطن بسبب تجرئ ذلك المواطن على مزاحمة سيارة الباشا الضابط بسيارة الأجرة التي كان يقودها وتمادي مدير امن إحدى المحافظات على سكان محافظته إلا نتيجة للعقلية التي استمر النظام يغذيها وينميها في حماة أمنة ونظامه مما أدى لاعتبارهم الشعب بأنة خادمهم وهم أسيادة وسيقطعون يد كل من تمتد على أسيادة وذلك فعلا هو ما صرح به مدير الأمن .
فليس الخير والحكمة أن نغير وزيرا بوزير ولكن يجب أن تتغير العقلية نفسها وإلا فان العلاقة العدائية للشعب برجال الشرطة ستستمر .
لقد كان لحكمة قيادة الجيش دورا كبيرا في نجاح ثورة الشباب واعتبر الجيش منفذا لإرادة الشعب و حاولت كثيرا من القوى تأليب الجيش على الشعب ولكنها لم تنجح لذلك اتخذت منحى أخر وهو تأليب الشعب ضد قواته المسلحة وحاولت بعض الكتابات المغرضة التشكيك بالجيش وان قادته حريصون على حسني مبارك كونه احد قادة الجيش في مسعى منها لإيجاد ثغرة تنفذ منها لدق إسفين بين الشعب والجيش الذي مازال شعار أنهم يدا واحدة هو السائد على ارض الواقع وفي نفوس الجماهير .
لقد رفض الشعب المصري فكرة التطبيع مع عدوه الإسرائيلي وألان أيضا يرفض التطبيع مع الركائز الأساسية للنظام السابق لأنه يعتبرهم أعدائه ولن تهدئ الثورة حتى تستكمل كل أهدافها ويكمن التحدي في الجمع بين مؤسسات مستقرة وقادرة على العمل مع عملية تغير سياسية واجتماعية واقتصادية حقيقية لذلك كان إسقاط حكومة شفيق وتأليف حكومة أخرى بقيادة عصام شرف الذي توجه إلى ميدان التحرير فور تكليفه وقبل أن يؤدي اليمين الدستورية ليعلن على الملا انه يستمد شرعيته من ميدان التحرير أي من الثورة أي من الشعب .
كل ذلك جاء ليدعم ويؤكد شعار الشعب يريد إسقاط النظام فألان فقط نستطيع أن نطمئن لان الشعب اسقط النظام بالفعل بعد أن قطع أخر الاحبال السرية التي كانت ترتبط برأس النظام وأدرك الشعب يقينا انه العامل الرئيسي والفاعل في أي تغيير يخص حياته ومستقبلة وسيبقى ميدان التحرير هو الملاذ والمنطلق للشعب ضد كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب العظيم .
لقد عرف الشعب طريقة وفهم ذلك كل من يريد أن يتربع على أي منصب قيادي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.