– محمد سعيد أرباط: شكل افتتاح الشركة الفرنسية "رونو" المتخصصة في صنع السيارات مصنعها الاكبر في افريقيا بمدينة طنجة في 2012، بداية الانطلاقة الحقيقية لوفود استثمارات كبيرة إلى المغرب، وخاصة إلى المنطقة الصناعية لمدينة البوغاز. ولوحظ بشكل لافت بعد السنة الاولى من انطلاق اشغال معمل "رونو" بطنجة التفات العديد من الشركات العالمية إلى مدينة البوغاز وتوجيه الانظار إلى مؤهلاتها الصناعية وبنياتها التحتية المعززة بواحد من أكبر الموانئ في افريقيا، وذلك من أجل الاستعداد للاستثمار بها. وقد لعب مصنع "رونو" دورا كبيرا في الاهتمام العالمي للشركات الكبرى بمطنقة طنجة الصناعية، حيث كان له دور تشجيعي هام في قرار مجموعة من الشركات الدولية الاستثمار في المغرب، بعد النجاح الذي أعلن عنه مسؤولو رونو في أول سنة من العمل. تشجيع شركات منافسة في مجال صناعة السيارات، فقد شجع استقرار شركة رونو في طنجة شركات عالمية كبرى منافسة، للتفكير في الاستثمار في المغرب، وتبقى شركة "فورد" الامريكية العملاقة أبرز الشركات التي قررت الاستثمار فعليا بالمملكة انطلاقا من سنة 2018، وقد أعلن مسؤولو الشركة الامريكية عن ذلك في ندوة صحفية بالدار البيضاء في الشهور الماضية. كما شجع استقرار رونو شركات أخرى للسيارات كمواطنتها الفرنسية "سيتروين"، وشركة "فولسفاغن" الالمانية التي بدورها تفكر في اختيار المغرب للاستثمار، حيث أعلن مسؤولو الشركة بداية السنة الجارية دراسة هذا الملف مع المستشارة الالمانية أنجيلينا ميركيل، ومن المحتمل أن يتم اصدار قرار فتح مصنع للشركة بطنجة في السنوات المقبلة. جذبُ استثمارات موازية لم يجذب مصنع "رونو" شركات منافسة في مجال صناعة السيارات فقط، بل جذب أنظار شركات أخرى في تخصصات موازية لصناعة السيارات، والتي قررت الاستثمار في المنطقة الصناعية لطنجة لتقديم خدماتها للمصنع الفرنسي بالدرجة الاولى. ففي مجال الخدمات اللوجيستيكية افتتحت الشركة الالمانية العملاقة "رينوس" فرعا لها في مدينة طنجة لتقديم خدمات نقل السيارات التي يتم انتاجها بطنجة، وتسعى إلى توسع نطاق خدماتها في افريقيا كلها انطلاقا من طنجة. وفي مجالات خدماتية أخري أيضا، كان لمصنع رونو دور كبير في اقدام شركة "أوروباك" الاسبانية في اقامة وحدتها الصناعية بطنجة لصنع وانتاج مادة الكرتون، وكان مسؤولو الشركة قد أعلنوا قبل اشتغال الوحدة الصناعية أن خدماتها في البداية ستكون موجهة في المقام الاول إلى المصنع الفرنسي لصناعة السيارات "رونو". كما أن ثالث أكبر شركة في العالم في صناعة الالياف البصرية والاسلاك "فوروكوا اليكتريك" اليابانية، اعلنت مؤخرا أن تتجه بشكل رسمي إلى فتح فرع لها بطنجة، لتقديم خدماتها لقارة افريقيا، والاستجابة لطلب انتاج الاسلاك لصالح سيارات مصنع رونو. استثمارات في الطريق النجاحات الكبرى التي يحققها مصنع رونو بطنجة، إلى جانب المؤهلات اللوجيستيكية وشبكات الطرق التي يتم انجازها، ومشروع قطار فائق السرعة "تي جي في" الذي اقترب من انطلاق عمله، والتطور الذي يعرفه ميناء طنجة المتوسط، لا زالوا جميعا يجذبون انظار العديد من الشركات. فقد أعلنت شركات عالمية التفكير بجدية في فتح فروع لها، كانت آخرها الشركة الفرنسية "أكت انترناسيونال" التي من المرجح ان تفتح فرعها في طنجة مع بداية السنة المقبلة 2016، كما أن الشركة الاسبانية "ايمبروفين" اختارت طنجة لفتح فرعها قريبا لتقديم خدمات النقل اللوجيستيكي للشركات المتواجدة بالمنطقة الصناعية. وحسب تقارير اقتصادية صادرة عن صحف دولية مؤخرا، يُتوقع أن تجذب المنطقة الصناعية لطنجة المتوسط العديد من الاستثمارات الدولية في المستقبل القريب، كما أشار اقتصاديون سابقا أن طنجة تتجه إلى جعل المغرب قوة اقتصادية كبرى في منطقة افريقيا وستتجاوز جنوب افريقيا الدولة الاقوى اقتصاديا في القارة السمراء منذ أزيد من عقدين.
