أجمع أكاديميون وأستاذة جامعيون خلال ندوة فكرية بمدينة طنجة، على أن المدارس العتيقة بالمغرب، كان لها دور كبير في نشر الإسلام الوسطي المعتدل، على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من ثقافة الشعب المغربي الأصيل، محذرين من دعوات "تدويل القيم ونشر قيم لا تتلاءم وهوية المغاربة". وأبرز المتدخلون خلال هذه الندوة المنظمة حول موضوع "التعليم العتيق بالمغرب: مدرسة للوسطية و الاعتدال"، نظمتها جمعية طلاب و محبي التعليم العتيق للتربية و الثقافة، أن المناهج المعتمدة في هذه المدارس، تعكس هذه القيم، مؤكدين على أن المتغيرات الواردة على مختلف الأصعدة، تقتضي مراجعة مستمرة لهذه المناهج ونقاشا علميا يشمل جميع المتدخلين في هذا المجال بما فيهم طلبة العلم. وأبرز الباحث الجامعي، الدكتور عبد الله عبد المومن، أستاذ أصول الفقه بجامعة ابن زهر، أن قيم الوسطية والاعتدال، تتجلى في مناهج التعليم العتيق أو التعليم الشرعي، وما يؤول إلى التربية على القيم الإسلامية، لافتا إلى أن هذه المناهج قائمة على ثلاثية منهجية فريدة، هي المناهج في ذاتها، و في واضعها، و في البيئة الموضوعة لها. وأوضح الدكتور عبد المومن، أن هذه المناهج التي تتغير بتغير البيئات وتتبدل بتبدل الواقع و الوقائع مما يستدعي مراجعتها باستمرار، وهذه المراجعة حسب المتحدث، هي ظاهرة صحية في مناهج العلوم، و مما يستدعي أيضا انخراط الجميع في هذا النقاش العلمي بما فيهم طلبة التعليم العتيق . من جانبه، اختار الدكتور سعيد بوعصاب، الأستاذ بكلية العلوم الشرعية بالسمارة، تسليط الضوء على القيم المغربية الأصيلة المنبثة في برامج و مناهج التعليم العتيق والتي صنعت هوية وذات المغاربة عبر التاريخ معارفا وأخلاقا وإنجازات وحضارة، و خصوصا قيمة التعلق بالقرآن الكريم و حبه باعتبارها المكون الأساس و المصدر الأصلي في برامج و مناهج التعليم العتيق فضلا عن كونها القيمة التي طبعت الحياة العامة للمغاربة. وحذر الدكتور بوعصاب، من مثيري موضوع تدويل القيم ونشوء قيم تحمل تصورات مختلفة عن الله والكون و الإنسان والحياة ومشبعة بأفكار منحرفة و نظرات مادية منفصلة عن معين الوحي كمظهر من مظاهر العولمة المتوحشة. باقي المداخلات، منها مداخلة الأستاذ بكلية أصول الدين بتطوان، يوسف الزايدي، اتفقت على أن التعليم العتيق، يعتبر تعليما سياديا لا يخضع للمزايدة السياسية و لا للأهواء و الصراعات الايديولوجية، وفي كونه تعليما دينيا يستوعب بجمالية مغربية هذه المفردات "نحن و الآخر"، فضلا على أنه تعليم إنساني متفتح منفتحا على الجميع. و في كونه تعليما وسطيا لأن شخصيته على مستوى المعارف و المناهج و الإشراف قوية لا تقبل الاختراق و الذوبان، و في كونه تعليما ثابتا بثوابته الأشعرية في الاعتقاد و التعايش و بالجنيدية الصوفية في التزكية و الترقية و بالمالكية الفقهية في العبادات والإجراءات التشريعية، و الذي حافظ له على هذه الخصوصية حتى أصبح شامة و مطلبا دوليا نصدره للآفاق هي التوجيهات السامية لمولانا أمير المؤمنين و حامي حمى الملة و الدين جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده.
