خلف الحريق الذي اندلع في سوق القرب بني مكادة بمدينة طنجة خسائر مادية جسيمة، لكنه كشف عن اختلالات محتملة في توزيع المحلات التجارية، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى احترام معايير الشفافية والعدالة في تدبير هذا المشروع الذي أنجز في إطار برنامج "طنجة الكبرى". ورغم أن المشروع كان يهدف إلى تمكين صغار التجار وذوي الدخل المحدود من الاستفادة من المحلات البالغ عددها 626، كشفت معطيات ميدانية عن تجاوزات أثارت استياءً واسعا. وتشير هذه المعطيات إلى أن بعض الأفراد تمكنوا من الاستحواذ على أكثر من محل تجاري في ظروف غامضة، تحت غطاء ممارسات يُعتقد أنها اعتمدت على ثغرات إدارية أو تدخلات غير مشروعة. وفي تصريح نقلته وسائل إعلام محلية، أعرب أحد التجار المتضررين عن فقدانه لثمانية محلات دفعة واحدة جراء الحريق. وبينما يعكس هذا التصريح حجم الخسائر، فإنه يثير تساؤلات جدية حول كيفية حصول هذا التاجر على هذا العدد الكبير من المحلات، في ظل معايير كان من المفترض أن تضمن توزيعا عادلا بين جميع المستفيدين. إلى جانب ذلك، كشفت معطيات أخرى عن لجوء بعض المستفيدين إلى تفويت أجزاء من المساحات التجارية التي حصلوا عليها إلى مستفيدين آخرين بطرق غير رسمية، مما أدى إلى تزايد غير قانوني في عدد المتاجر والمساحات. وقد زاد هذا التضخم في عدد المحلات من الضغط على البنية التحتية للسوق، خاصة من حيث استهلاك الكهرباء. كما تشير بعض المصادر الى وجود تجاوزات تتعلق باستخدام الكهرباء، إذ لجأ عدد أرباب المحلات إلى الربط المباشر وغير القانوني بالشبكة العمومية، مما أدى إلى ضغط مفرط على المولدات الكهربائية. ويُعتقد أن هذا الضغط قد يكون أحد الأسباب المباشرة لاندلاع الحريق، في ظل غياب مراقبة فعالة على استهلاك الطاقة داخل السوق. وفي ظل غياب أي توضيحات رسمية بخصوص هذه التجاوزات، تتزايد الدعوات لمراجعة هذه الممارسات وضمان الشفافية في تسيير الأسواق التجارية. ويرى مراقبون أن معالجة هذه الاختلالات تتطلب اتخاذ إجراءات صارمة لفرض توزيع عادل للمحلات، إلى جانب فرض رقابة صارمة على عمليات الربط الكهربائي غير المشروع. ويبقى مستقبل سوق القرب بني مكادة مرتبطا بمدى القدرة على تصحيح هذه الاختلالات، وتعزيز الثقة بين التجار والمجتمع، بما يضمن استدامة هذه المشاريع التنموية ويحول دون تكرار حوادث مماثلة في المستقبل.