على وقع تحديات معيشية متفاقمة، جددت هيئات مهنية تمثل سائقي سيارات الأجرة الصغيرة بطنجة مطالبتها للسلطات المحلية بمراجعة الحد الأدنى لتسعيرة النقل، في خطوة تعكس استمرار الاحتقان داخل القطاع منذ سنوات، دون أن تجد هذه النداءات استجابة عملية حتى الآن. في مراسلة حديثة وجهت إلى ولاية جهة طنجةتطوانالحسيمة، اقترحت الهيئات تعديل قاعدة حساب التسعيرة إلى 30 سنتيما لكل 100 متر، بدل 120 مترا المعتمد حاليا، مع رفع الحد الأدنى للأجرة إلى 7 دراهم بدلا من 5 دراهم. كما شملت المطالب إقرار تعريفة ليلية تبدأ من الثامنة والنصف مساءً شتاء والتاسعة والنصف صيفا. ويستند السائقون في مطالبهم إلى ما يصفونه ب"الظروف الصعبة" التي أصبحوا يعيشونها، وسط ارتفاع أسعار المواد الأساسية وتزايد الالتزامات الاجتماعية والمهنية. ويشير المهنيون إلى أن كلفة تأمين السيارة، ومصاريف الصيانة الدورية، ورسوم تجديد الوثائق الإدارية، ناهيك عن ارتفاع أسعار الوقود، كلها عوامل تستنزف دخلهم اليومي. ويؤكد عدد منهم أن التسعيرة الحالية لا تواكب ارتفاع تكاليف العيش في مدينة تعرف وتيرة متسارعة من الغلاء مقارنة بمدن أخرى. ويضربون المثل بجارتي طنجة، تطوان والمضيق، حيث لا يقل الحد الأدنى للأجرة عن 7 دراهم، رغم أن هذه المناطق، حسب رأيهم، تعرف مستوى معيشيا أقل تعقيدا من العاصمة الاقتصادية للشمال. غير أن السلطات المختصة تتعامل مع هذه المطالب بكثير من التحفظ. فمصادر مقربة من لجنة دراسة ملفات النقل تؤكد أن رفع التسعيرة قد يثقل كاهل الفئات ذات الدخل المحدود، خاصة في ظل ضعف منظومة النقل الجماعي البديل بالمدينة. كما ترى السلطات أن أي قرار بتغيير التسعيرة يجب أن يراعي توازنات اقتصادية أوسع، من بينها ضمان قدرة المواطنين على التنقل بأسعار معقولة، خصوصا في الأحياء الشعبية التي تعتمد بشكل شبه كلي على خدمات سيارات الأجرة الصغيرة. وتضيف هذه المصادر أن مدينة طنجة، بحكم طابعها السياحي والتجاري، تحتاج إلى الحفاظ على صورة جاذبة في ما يخص خدمات النقل الحضري، مبدية تخوفها من أن يؤدي رفع التسعيرة إلى تعميق شعور المواطنين بالاحتقان الاجتماعي. رغم ذلك، يبدو أن الإشكال مرشح للاستمرار في غياب قنوات حوار مؤسسية دائمة بين الأطراف المعنية. فمحاولات رفع الحد الأدنى للأجرة ليست جديدة، إذ سبق لمهنيي القطاع أن تقدموا بمطالب مماثلة سنوات 2014 و2018 و2021، دون أن تفضي إلى أي تعديل فعلي. وبين ضغوط السائقين المطالبين بتحسين أوضاعهم الاجتماعية، وتخوف السلطات من تداعيات اجتماعية أوسع، يظل ملف تسعيرة سيارات الأجرة الصغيرة بطنجة معلقاً، في انتظار حلول توازن بين كلفة المعيشة وحق التنقل للجميع.