باشر عمدة مدينة طنجة منير ليموري، مؤخرا، سلسلة لقاءات تواصلية مع فعاليات مدنية، في خطوة أثارت تباينا في المواقف، بين من اعتبرها تجسيدا لمبدأ القرب والانفتاح، ومن ربطها بالتحضير غير المباشر للاستحقاقات الانتخابية المرتقبة. ودشن العمدة هذه المبادرة بلقاء أول جمع ممثلي منظمات مدنية تشتغل في مجالي العمل الاجتماعي والثقافي، وهي منظمات تجمعها شراكات مؤسساتية قائمة مع جماعة طنجة. ووفق معطيات رسمية، يندرج هذا اللقاء ضمن تصور يرمي إلى إشراك مكونات النسيج الجمعوي المرتبطة باتفاقيات شراكة مع المجلس، قبل توسيع قاعدة المشاورات لتشمل جميع الجمعيات الفاعلة على مستوى المدينة. بالتوازي مع اللقاءات الميدانية، أطلق ليموري عبر المنصات الرسمية للجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مبادرة تفاعلية تقوم على تخصيص فقرات مباشرة للإجابة عن تساؤلات المواطنين في قضايا تهم تدبير الشأن المحلي، من البنيات التحتية إلى الخدمات الاجتماعية مرورا بالشأن الثقافي والرياضي. غير أن هذه الدينامية التواصلية، التي تشكل سابقة نسبية في عمل المجلس الحالي، قوبلت بتحفظات من جانب عدد من الفاعلين المدنيين والمتابعين للشأن المحلي. ورأى معارضون أن توقيت إطلاق هذه الحملة يعزز الانطباع بكونها مرتبطة بسياق انتخابي أكثر منه تواصلي بحت، مشيرين إلى أن التحديات اليومية التي تواجه الساكنة كانت تقتضي انخراطا تواصليا مبكرا، وليس انتظار منتصف الولاية لفتح قنوات الحوار المباشر. وانتقدت بعض الأصوات ما وصفته ب"الانتقائية" في اختيار الجمعيات المدعوة للمشاركة في اللقاءات التمهيدية، معتبرة أن الاقتصار على الجمعيات الشريكة قد يحول المبادرة إلى مجرد واجهة شكلية تفتقد إلى شمولية النسيج الجمعوي الذي يضم فاعلين مستقلين عن المجلس. في المقابل، دافعت مصادر قريبة من العمدة عن الخطوة، مؤكدة أن المبادرة جاءت بعد تراكم مجموعة من المنجزات الميدانية، مما يجعل من التواصل في هذه المرحلة تحركا مبررا وليس مجرد دعاية ظرفية. وقالت هذه المصادر إن المجلس الجماعي برئاسة ليموري كان قد أقرّ منذ بداية ولايته تصورا استراتيجيا للتواصل، أخذ في التبلور مع توالي المحطات الكبرى، مشيرة إلى أن "الإنجاز والتواصل يسيران جنبا إلى جنب، لكن لابد من توفر قاعدة من النتائج الملموسة لتقديمها للرأي العام بكل مسؤولية". وأوضحت ذات المصادر أن اللقاءات مع الجمعيات الشريكة تمثل مرحلة أولى فقط، في انتظار تعميم العملية بشكل أوسع لضمان مشاركة جميع الفاعلين، "بغض النظر عن طبيعة ارتباطهم المؤسسي بالمجلس". ويرى بعض المراقبين أن نجاح هذا المسار التواصلي يظل رهينا بمدى تجاوب الجماعة مع القضايا التي يثيرها المواطنون، ومدى استعداد المجلس لتحويل النقاش العمومي إلى التزامات عملية قابلة للقياس والتتبع، بدل الاكتفاء بالتفاعل الإعلامي الظرفي. وفي مدينة تعرف نموا ديمغرافيا وعمرانيا متسارعا مثل طنجة، تعتبر العلاقة بين المجلس الجماعي والمجتمع المدني عنصرا حاسما لضمان توازن السياسات العمومية مع حاجيات السكان، وسط رهانات كبرى تشمل تدبير النقل الحضري، والتوسع العمراني، وحماية النسيج الاجتماعي الهش. وبينما يراهن المجلس على ترسيخ صورة جديدة قوامها الانفتاح والحوار، يرى خصومه أن النجاح الحقيقي يكمن في مدى قدرة هذه المبادرات التواصلية على تجاوز العوائق الهيكلية، التي ما فتئت تؤثر على نجاعة تدبير المدينة في عدة مجالات حيوية.