تُجدد مدينة تاراغونا، من خلال مهرجان يحتفي بالتراث المغربي، الاعتراف بمكانة الجالية المغربية ضمن النسيج المجتمعي الكتالوني، في لحظة رمزية تجسّد امتدادا بشريا وثقافيا عميقا يربط شمال المغرب بساحل كتالونيا المتوسطي. فالجالية المغربية، التي يبلغ عدد أفرادها في كتالونيا نحو 250 ألفا، وفق الإحصائيات الرسمية الإسبانية، تشكل إحدى أقدم وأكبر الجاليات المقيمة في الإقليم. وينحدر عدد كبير من افراد الجالية المغربية، من مدن طنجة وتطوان والحسيمة، ما يضفي على العلاقة بعدا إنسانيا متينا يتجاوز التبادل الاقتصادي والمؤسساتي. وفي مهرجان المغرب، الذي انطلقت فعالياته الجمعة في تاراغونا بمبادرة من القنصلية العامة للمملكة بشراكة مع بلدية المدينة، برز هذا البعد في البرمجة الثقافية والفنية التي حملت بصمة واضحة للهوية المغربية الشمالية، من خلال الموسيقى والعروض الحرفية واللباس التقليدي والطبخ. وفي افتتاح التظاهرة، اعتبرت سفيرة المغرب في إسبانيا، كريمة بنيعيش، أن الحدث "يبرز ثراء وتنوع الموروث الثقافي والحرفي المغربي، ويوفر للزوار تجربة غامرة لاكتشاف مختلف جوانب الهوية المغربية التي تمزج بين الأصالة والحداثة"، مؤكدة أن مثل هذه المبادرات الثقافية تعكس متانة الروابط الإنسانية بين المملكتين. وقال عمدة تاراغونا، روبين فينياليس إلياس، إن "المغاربة المقيمون في تاراغونا جزء لا يتجزأ من روح مدينتنا". واعتبر أن المهرجان يجسد الاحترام المتبادل بين الشعب المغربي وساكنة المدينة، ويُبرز علاقات التقدير والتعاون التي تطبع هذه الروابط المجتمعية. أما المندوب الحكومي في كتالونيا، كارلوس برييتو غوميز نومبرادو، فاعتبر أن المهرجان يشكل "نافذة حقيقية على الثقافة المغربية بكل أبعادها"، مبرزا أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تزداد قوة في أوقات المحن من خلال التضامن المتبادل. ويمثل ارتفاع عدد المجنسين المغاربة في كتالونيا مؤشرا إضافيا على هذا الاستقرار، حيث سجلت الإحصائيات الرسمية أكثر من 60 ألف حالة تجنيس لمواطنين مغاربة في سنة 2023 وحدها، ما يعكس دينامية إدماج قوية، خصوصاً بين الأجيال الجديدة. وتقترح فعاليات مهرجان المغرب، التي تستمر لثلاثة أيام، عروضاً متنوعة تشمل الصناعة التقليدية، الموسيقى الفلكلورية، الطبخ الحي بإشراف الشيف موحا قواش، عروض القفطان المغربي، والنقش بالحناء، إضافة إلى أنشطة أثرية تنظم بشراكة مع المعهد الكتالوني لعلم البيئة القديمة وتطور الإنسان.