تهب على منطقة مضيق جبل طارق منذ صباح الجمعة رياح شرقية قوية مثيرة لاضطراب واسع في الحالة الجوية البحرية ومؤثرة على انتظام حركة النقل البحري بين المغرب واسبانيا، في ذروة موسم العبور الصيفي. وتسجل معطيات منصات الطقس البحري الدولية هبوب رياح تصل سرعتها الى 26 عقدة، مع هبات تفوق 48 كيلومترا في الساعة، وارتفاع امواج يناهز 1.6 متر، وهي ظروف تؤثر بشكل مباشر على استقرار الملاحة، خاصة في المسار الرابط بين ميناء طنجةالمدينة وميناء طريفة الاسباني. وتتولد هذه الرياح الشرقية عن تمركز ضغط جوي مرتفع شرق المتوسط، وتدفع كتل هوائية دافئة في اتجاه المحيط الاطلسي، عبر منطقة ضيقة تعبرها يوميا مئات السفن والقوارب. غير ان قوة الرياح الحالية المصنفة ضمن الدرجة السادسة على مقياس بوفور تجعلها مصدرا فعليا لارتباك ميداني في الملاحة، حيث تزداد الخطورة كلما تزامنت مع تيارات بحرية معاكسة. وبحسب ما أكدته مصادر ملاحية متطابقة، فقد شهد الخط البحري الرابط بين طريفة وطنجةالمدينة تأجيلات متكررة، كما ألغيت بعض رحلات البواخر السريعة بسبب صعوبة الإبحار في عرض المضيق، في حين استمرت الرحلات على خط الجزيرة الخضراء – طنجة المتوسط لكن مع تسجيل تأخيرات في الوصول والمغادرة. ويواجه الربابنة صعوبات اضافية حين تتقاطع هذه الرياح مع تيارات المد البحري المتجهة غربا، مما يتسبب في تكوّن امواج قصيرة وحادة تؤثر على توازن السفن وتعرقل المناورة، خاصة خلال الدخول الى الموانئ او عبور ممرات الملاحة الكثيفة. وتشير بيانات منصة Windfinder الى ان منطقة مارينا جبل طارق سجلت صباح الجمعة رياحا شمال شرقية بسرعة بلغت 30 عقدة، مع طول موجي تجاوز سبع ثوان، وهي مؤشرات تعكس وضعية بحرية غير مستقرة، مرشحة للاستمرار خلال الساعات القادمة وربما طيلة نهاية الاسبوع. ورغم ان هذه الرياح تساعد تقنيا السفن المتجهة غربا في اتجاه المحيط الاطلسي، الا انها تشكل عائقا كبيرا امام الملاحة في الاتجاه المعاكس، ما يجعل من تخطيط العبور عملية معقدة تتطلب التزاما صارما ببرامج التنبؤ والتحديثات الفورية عبر الراديو البحري ومنصات الملاحة المتخصصة. ويحرص مشغلو الخطوط البحرية على تفعيل تدابير الحيطة والسلامة، مع تنسيق متواصل مع وحدات خفر السواحل وهيئات المراقبة، بينما تواصل الوكالة الاسبانية للأرصاد الجوية AEMET إصدار نشرات تحذيرية موجهة الى الموانئ والسفن العابرة للمضيق، تشمل توقعات بهبات رياح قوية وامواج عاتية في بعض الفترات. ويعد مضيق جبل طارق واحدا من اكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، حيث تمر عبره سنويا اكثر من مئة الف سفينة، كما يشكل شريانا استراتيجيا في حركة النقل البحري بين القارات الثلاث. ويكتسي خلال فصل الصيف اهمية اضافية بالنظر الى تزايد حركة المسافرين المغاربة المقيمين بالخارج ضمن عملية مرحبا، وهو ما يرفع من مستوى اليقظة امام اي طارئ جوي او بحري. ولم تسجل الى حدود منتصف نهار الجمعة اي بلاغات رسمية عن حوادث ملاحية في المياه الاقليمية المغربية، الا ان استمرار الرياح الشرقية بهذه الوتيرة قد يدفع السلطات الى اتخاذ تدابير تنظيمية احترازية اضافية، خصوصا اذا ما تزايد الضغط على الموانئ خلال عطلة نهاية الاسبوع.