افتتحت بمدينة العرائش مؤخراً وبالضبط يوم الإثنين 4 غشت الجاري، فضاءً للذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، الهدف من ذلك هو توثيق وحفظ تاريخ المدينة في المقاومة والجهاد البري والبحري، من خلال إبراز محطات من المجد لا تزال تحتاج لمزيد من تسليط الضوء والإهتمام. - إعلان - ففي بحر العرائش ونهر اللوكوس وأكناف مدينة العرائش، شهدت المنطقة أحداثا رهيبة، سالت فيها الدماء وأزهقت أرواح ودمر البنيان، أحداث غيرت مجرى التاريخ وحفظت بفضلها للمغرب هيبته لمدة تزيد عن 450 سنة قبل أن يدب الوهن والضعف في جسد الدولة المغربية، ويتمكن الاستعمار مجددا من الانقضاض على بلادنا لبرهة من الزمن بعد معركة تطوان عام 1860، قبل أن ينال إستقلاله. كتب التاريخ، دونت بمداد من ذهب، عددا من الملاحم التي قادها المجاهدون وأفراد المقاومة المغربية الأشاوس، والذين قادوا معارك وحروب شرسة ضد العدوان الخارجي، كان من أبرز ملاحمها، معركة وادي المخازن بقرية السواكن، وهي المعركة التي كان يرغب من خلالها الغرب الأوروبي، في احتلال ثغر العرائش ومينائها الاستراتيجي، فضلا عن معركة العرائش ضد الأسطول الفرنسي، ومعركة المليحة ضد الجيش البرتغالي. يقول محمد عزلي وهو مختص في تاريخ المدينة " العرائش عرفت أحداثا عسكرية تاريخية مهمة ومحورية، وقد كان لي شرف المشاركة في هذا الحدث الوطني البارز من خلال تقديم معرض توثيقي خاص حول البنية العسكرية الإسبانية بمدينة العرائش في النصف الأول من القرن العشرين، حيث ضم المعرض مجموعة مختارة من التصاميم والصور التي توثق للبنيات العسكرية التي أنشأها الاستعمار الإسباني بالمدينة، باعتبارها جزءا من ذاكرة العرائش وتاريخها المعماري والسياسي خلال مرحلة الحماية." وفد كبير من كبار الشخصيات المدنية والعسكرية حضر مراسيم إفتتاح فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالعرائش، حيث اطلع الوفد على كافة المعروضات المتحفية التي يضمها الفضاء، والتي تشمل وثائق وصورا تاريخية، وأسلحة وعتاد، وألبسة تقليدية، ومعروضات أخرى عتيقة. بالإضافة إلى مكتبة تضم أعمالا تؤرخ لمسار المقاومة والتحرير بالمملكة المغربية، وأبحاثا ودراسات من إصدارات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، كما شهد الحفل أيضا عرضا تجسيديا لشخصية سيدي بوقنادل التاريخية بزيه وأدواته، أداه الفنان الشافي الطالي باقتدار كبير. وفي كلمة له بالمناسبة، عبر المندوب السامي عن اعتزازه بتدشين هذا الفضاء، الذي يمثل الرقم 107 ضمن شبكة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بكامل تراب المملكة. المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكتيري، وجه شكره لجميع الشركاء الذين ساهموا في إحداث فضاء الذاكرة، ودعمه وتتبع مسار إنجازه، وعلى رأسهم عمالة إقليمالعرائش، ومجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، ومجلس إقليمالعرائش، وجماعة العرائش، كما نوه بروح التعاون التي أبان عنها المجتمع المدني المحلي المهتم بالتراث الثقافي والبحث التاريخي، معربا عن فخره بمستوى المشاركة والانخراط في الحفاظ على الذاكرة التاريخية الوطنية. ويأتي إحداث هذا الفضاء تخليدا لتضحيات أبناء العرائش في سبيل الاستقلال والوحدة، وتكريسا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى صون الذاكرة الوطنية وتلقين قيم المواطنة والتضحية للأجيال الصاعدة، من خلال معالم تربوية وثقافية تعزز الارتباط بالتاريخ وتثمن الرأسمال الرمزي الوطن، وتذكر الجيل الحالي بتضحيات الآباء والأجداد. وعلى رأس أم المعارك التي عرفها المغرب، نجد معركة وادي المخازن أو معركة الملوك الثلاثة، التي يخلدها الشعب المغربي هذه الأيام، ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، والتي تبقى معركة خالدة في كتب التاريخ، التي جسدت أروع صور الصمود والتحدي والشهامة، من أجل الدفاع عن حوزة الوطن وإعلاء راية الإسلام ومواجهة التحدي الصليبي. الجدير بالذكر أن حفل تدشين فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالعرائش، حضره وفد رسمي ترأسه مصطفى الكتيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلى جانب الكاتب العام لعمالة إقليمالعرائش، و ممثلي إقليمالعرائش في البرلمان، ورئيس جماعة العرائش، ورئيس مجلس إقليمالعرائش، وباشا المدينة، والنائب الإقليمي للمقاومة والتحرير بالعرائش، بالإضافة إلى عدد من رؤساء المصالح الخارجية وممثلي السلطات الأمنية والعسكرية، وفعاليات جمعوية وثقافية ومدنية، وكذا عائلات قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.