يحمل المواطن بطاقة التأمين، لكن يخرج من المستشفى دون دواء. ينتظر دوره ساعات، ثم يطلب منه أن يعود غدا. وفي كثير من الحالات، لا يجد إلا الصبر أو الرشوة. ورغم توسع التغطية، ما زال الحق في العلاج معلقا بين النوايا والواقع. واستنادا إلى استطلاع رأي أنجزته "أفروباريوميتر"، وهي هيئة بحثية مستقلة تعنى بقياس مواقف المواطنين في أكثر من ثلاثين بلدا إفريقيا، فإن 71 بالمئة من المغاربة أصبحوا مشمولين بشكل من أشكال التغطية الصحية. ويستفيد أكثر من نصف هؤلاء (56 بالمئة) من النظام الوطني للتأمين الإجباري عن المرض. ورغم هذا المعطى، فإن 73 بالمئة من المستجوبين عبروا عن قلقهم من صعوبة الولوج إلى العلاج أو تحمل تكاليفه، ما يشير إلى فجوة قائمة بين التغطية الإدارية والحماية الفعلية. وفي المقابل، أقر 86 بالمئة من المؤمّنين برضاهم بدرجات متفاوتة، بينما أفاد 23 بالمئة من غير المنخرطين بأن كلفة الاشتراك تمثل بالنسبة إليهم حاجزا ماديا لا يمكن تجاوزه. ويبدو أن تجربة المواطنين داخل البنيات الصحية العمومية لا تعكس الطموح المؤسسي المعلن. فقد صرح 52 بالمئة ممن ارتادوا المستشفيات أو المراكز الصحية خلال الاثني عشر شهرا الماضية بأنهم واجهوا صعوبة في الحصول على الرعاية. كما أقر 37 بالمئة بأنهم اضطروا إلى تقديم رشوة أو هدية أو خدمة مقابل تلقي العلاج، وفق ما ورد في نتائج الاستطلاع. وتتعدد أوجه القصور بحسب المستجوبين، بين طول الانتظار (95 بالمئة)، وقلة الأطر الطبية أو شبه الطبية (85 بالمئة)، وغلاء العلاجات (85 بالمئة)، ونقص الأدوية أو المعدات (81 بالمئة)، إلى جانب رداءة البنيات والتجهيزات (79 بالمئة). وهي اختلالات تجعل الاستفادة من الخدمات الصحية رهينة بعدة عراقيل متراكبة، لا تلغيها التغطية الورقية. وتنعكس هذه العوائق على استمرارية العلاج، إذ صرح 54 بالمئة من المواطنين بأنهم أو أحد أفراد أسرهم اضطروا إلى إيقاف تناول دواء أو عدم استكمال علاج خلال العام الماضي، إما بسبب الكلفة أو لصعوبة الولوج. في المقابل، لا تزال وزارة الصحة تحظى بمستوى نسبي من الثقة، إذ قال 58 بالمئة من المشاركين إنهم يثقون بها بدرجة "مرتفعة" أو "متوسطة"، وهي النسبة نفسها تقريبا التي اعتبرت أن الحكومة لا تؤدي أداء جيدا في تحسين الخدمات الصحية الأساسية. أما بشأن تمويل المنظومة، فقد عبر 48 بالمئة من المواطنين عن تأييدهم لتوسيع الرعاية الصحية حتى ولو تطلب الأمر فرض ضرائب إضافية، في حين عارض 37 بالمئة ذلك. ويبدو أن الثقة في البرامج الوقائية لا تزال قائمة، إذ أيد 74 بالمئة إلزامية تطعيم الأطفال ضد الأمراض المعدية.