في تقرير "حالة الديمقراطية في العالم 2025"، ورد أن المغرب قد سجل في عام 2024 أداء متفاوتا عبر مؤشرات الديمقراطية الأربعة المعتمدة في مؤشرات حالة الديمقراطية العالمية، حيث حصلت المملكة على المرتبة 107 عالميا في مؤشر التمثيل الديمقراطي بدرجة 0.432، وكلما اقتربت الدرجة من 1 فإن ترتيب البلد يتحسن. وفقا للتقرير الصادر عن المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، فإن المغرب حاز المرتبة 77 في فئة الحقوق بدرجة 0.509، بينما جاء في المرتبة 103 في فئة سيادة القانون بدرجة 0.396، واحتل المرتبة 96 في فئة المشاركة بدرجة 0.531 من واحد.
وتأتي هذه النتائج في سياق عالمي بالغ التعقيد، يتسم بما وصفه التقرير ب "عصر الشكوك الجذرية"، حيث تشهد الديمقراطية عبر العالم تراجعا ملحوظا في مختلف جوانب أدائها الأساسية. فبحسب المؤشرات التي يغطيها التقرير، أكثر من نصف الدول التي خضعت للتقييم سجلت تراجعا في جانب واحد على الأقل من جوانب الأداء الديمقراطي خلال السنوات الخمس الماضية. وعلى المستوى الدولي، أبرز التقرير أن عام 2024 شهد تراجعا في 94 دولة، أي ما يمثل 54 في المائة من مجموع الدول التي شملها التقييم، مقارنة بأدائها قبل خمس سنوات. في المقابل، 55 دولة فقط، أي ما يعادل 32 في المائة، سجلت تحسنا في جانب واحد على الأقل من الأداء الديمقراطي. أما من حيث التفاصيل، فقد سجلت فئة التمثيل عالميا أدنى مستوياتها منذ عام 2001، خصوصا في سنة انتخابية استثنائية وُصفت ب "السوبر سايكل"، حيث تراجعت فيها مستويات نزاهة الانتخابات في عدد كبير من البلدان. وبالنسبة لفئة سيادة القانون، فقد أكد التقرير أنها تظل الفئة الأضعف على الصعيد العالمي، إذ صُنفت 71 دولة، أي 41 في المائة من العينة، كدول منخفضة الأداء. كما أن التراجع في هذه الفئة كان الأكثر اتساعا، حيث سجل 32 بلدا تراجعا، 38 في المائة منها في أوروبا، تلتها مناطق إفريقيا والأمريكتين وآسيا والمحيط الهادئ وغرب آسيا. أما على مستوى العوامل المكونة لهذه الفئة، فقد كان تراجع استقلالية القضاء الأبرز والأكثر اتساعا. وفيما يخص الحقوق، فقد أبرز التقرير أن أكبر التراجعات على المستوى العالمي حصلت في حرية الصحافة، تليها حرية التعبير، ثم المساواة الاقتصادية والوصول إلى العدالة. حيث شهدت حرية الصحافة تراجعا في 43 بلدا، وهو ما يمثل نحو ربع الدول المشمولة (24.9 في المائة)، وهو أكبر تراجع مسجل في هذا المؤشر منذ بدء قاعدة البيانات في عام 1975. وقد حذر التقرير من أن هذا التراجع يمثل تهديدا خطيرا للمساءلة العامة والمشاركة السياسية الواعية. أما على صعيد المشاركة، أوضح التقرير أن المشاركة عالميا ظلت مستقرة نسبيا، إذ لم تعرف سوى 11 دولة تغيرات كبيرة بين 2019 و2024، منها 9 شهدت تراجعا، بينما سجلت دولتان فقط تحسنا هما البرازيل وفيجي. وغالبية التراجعات في هذا المؤشر وقعت في دول منخفضة الأداء أصلا، مثل أفغانستان وجمهورية إفريقيا الوسطى والكويت وميانمار ونيكاراغوا وروسيا. وإلى جانب تقييم المؤشرات الأربعة، أفرد التقرير مساحة مهمة لتحليل العلاقة بين الهجرة والديمقراطية، مشيرا إلى أن عدد المهاجرين بلغ في عام 2025 نحو 304 ملايين شخص، أي ما يعادل 3.7 في المائة من سكان العالم. وأكد التقرير أن الهجرة غالبا ما تظل إقليمية أو نحو دول الجوار، على خلاف بعض التصورات الشائعة. وأوضح التقرير أن المشاركة السياسية للمواطنين المقيمين بالخارج تسهم في تعزيز صمود الديمقراطية وفي تقوية روابط الانتماء بين المواطنين ودولهم الأصلية. ومع ذلك، فإن نسب المشاركة في عمليات التصويت خارج الوطن تبقى منخفضة نسبيا، والمعلومات المتوفرة عن الناخبين المؤهلين في الشتات تظل محدودة وغير متوازنة. وشدد الخبراء على أن تصميم السياسات القانونية والإدارية الخاصة بهذه المشاركة له تأثير مباشر على نسب التسجيل والإقبال على التصويت، وهو ما يتطلب حلولا دقيقة وملائمة لكل بلد. كما وضع التقرير هذه التحديات ضمن إطار "اللايقين الجذري" الذي يشمل أيضا تحولات في المشهد السياسي الأمريكي بعد عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، والتي انعكست على مكانة الولاياتالمتحدة كمدافع عن الديمقراطية عالميا، وعلى انخراطها في جهود دعم التحول الديمقراطي. فقد رصد التقرير 20 إنذارا أصدرها المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية بين يناير وأبريل 2025 توثق محاولات تقويض مؤسسات الديمقراطية في الولاياتالمتحدة نفسها، وهو ما وصفه بعض المراقبين ب "الانقلاب الرئاسي".