يحمل تعيين محمد خلفاوي (58 عاماً) على رأس إقليم الفحص-أنجرة، رهانا على كفاءة أكاديمية متخصصة في الرياضيات، لتدبير التوازنات المعقدة في مجال يجمع بين الطابع القروي الكامل وأحد أضخم الأقطاب الاقتصادية في أفريقيا. ويأتي هذا التعيين، الذي جرى في اكتوبر الماضي، لينقل خلفاوي من قاعات المحاضرات ومكاتب التدبير الجامعي إلى ميدان الإدارة الترابية، وهو مسار غير تقليدي لرجل لم تشمل سيرته المهنية أي محطة سابقة في هذا المجال. بالمقابل، راكم خلفاوي، المولود في تونفيت (إقليم ميدلت)، خبرة تدبيرية تمتد لأكثر من ربع قرن في قلب منظومة التعليم العالي. فبعد حصوله على دكتوراه في الرياضيات من جامعة مونبلييه الفرنسية عام 1997، تدرج من أستاذ باحث إلى مدير للمدرسة العليا للتكنولوجيا بسلا. وشغل لاحقا منصب الكاتب العام لجامعتي ابن زهر بأكادير ومحمد الخامس بالرباط، قبل تعيينه عام 2017 مديراً للمركز الوطني للبحث العلمي والتقني، وهي مؤسسة استراتيجية تشرف على سياسات البحث العلمي الوطنية. وكانت آخر محطة لخلفاوي قبل هذا التعيين، هي منصب الكاتب العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الذي تولاه مطلع عام 2025. ويستقبل الفحص-أنجرة عامله الجديد بملف تنموي متعدد الأبعاد. فالإقليم، الذي يتكون حصريا من جماعات قروية، عرف تراكما إيجابيا في مؤشرات التنمية بفضل برامج متعددة، لكنه لا يزال يتطلب جهودا لمواكبة التحديات. ويبقى التحدي الأبرز الذي سيواجه خلفاوي كامنا في إدارة الثنائية الجغرافية-الاقتصادية الاستثنائية للإقليم. فالفحص-أنجرة، رغم طابعه القروي، يحتضن على شريطه الساحلي مجمع ميناء طنجة المتوسط، أحد أضخم المشاريع الاقتصادية في شمال أفريقيا. ويفرض هذا التجاور بين دينامية اقتصادية عالمية ونسيج قروي تقليدي، على العامل الجديد، إيقاعاً تدبيريا مزدوجا. إذ يتعين عليه ضمان استمرارية التنمية في العمق الترابي، وفي الوقت نفسه تسهيل نشاط المنصات الاقتصادية الكبرى ومواكبة المستثمرين. ويُنتظر أن توفر الخلفية الأكاديمية والتحليلية لخلفاوي، وخبرته الطويلة في إدارة المؤسسات الكبرى، القدرة اللازمة لقيادة التنسيق بين مختلف الفاعلين، من منتخبين وشركاء اقتصاديين، لتحقيق التوازن الدقيق بين إيقاعين تنمويين مختلفين.