وصف زعيم الحزب الشعبي الإسباني، ألبرتو نونيز فيخو، مدينة مليلية بأنها "جزء من الأمة الإسبانية وستظل كذلك"، في تصريح أدلى به خلال تجمع حزبي نُظم يوم الجمعة داخل المدينة الواقعة فعليًا تحت السيطرة الإسبانية منذ أواخر القرن الخامس عشر. ويعيد هذا التصريح إنتاج مفردات مألوفة في الخطاب السياسي الإسباني، خاصة في سياقات التوتر الداخلي والمزايدات الانتخابية، دون أن يتضمن أي مقترح عملي بشأن وضع المدينة أو آفاق العلاقة مع المغرب. ويأتي كلام فيخو في وقت يحاول فيه حزبه استعادة التوازن أمام تصاعد حضور حزب فوكس اليميني المتطرف، الذي يزايد في خطاب السيادة والهجرة، ويستثمر بدوره في الرمزية التاريخية لسبتة ومليلية. لا يغير هذا النوع من التصريحات في المعادلة الميدانية، إذ تتواصل العلاقات بين الرباط ومدريد وفق ترتيبات ثنائية معقدة تشمل الأمن والهجرة والاقتصاد، وتبقي ملف الثغرين خارج النقاش الرسمي المباشر، رغم حضوره الرمزي والسيادي في الخطاب المغربي. ويعتبر المغرب سبتة ومليلية مدينتين مغربيتين تحت الاحتلال، لكنه يدير هذا الملف بمنطق استراتيجي لا يخضع للردود الظرفية، ويرى أن استعادة السيادة عليهما تمر عبر مسارات تراكمية تتجاوز اللغة السياسية اليومية. ولا تعد تصريحات فيخو استثناء داخل المشهد الحزبي الإسباني، إذ غالبًا ما تستدعى نبرة السيادة الرمزية حين يحتدم التنافس الانتخابي، دون أن تنعكس على أي مستوى من مستويات القرار أو التشريع. ويلاحظ أن هذه الخرجات تظل مقتصرة على الفضاء الداخلي الإسباني، ولا تصدر في سياقات دبلوماسية أو تقارير مؤسساتية مشتركة، ما يعكس الفارق القائم بين الخطاب التعبوي ومقتضيات العلاقة الثنائية مع الرباط. وتندرج هذه التصريحات ضمن نمط مألوف من الخطاب الحزبي، يجد صدى داخل المدينة بفعل ارتباطها الإداري الكامل بالمؤسسات المركزية، واستمرار توظيفها كرمز سياسي في الحملات الانتخابية المحلية والوطنية. كما لا تتجاوب الرباط مع هذا النمط من التصريحات، إذ تعتبره جزءًا من الأدبيات الإسبانية الداخلية، وتفضل تثبيت موقفها في سياقات رسمية قائمة على وضوح المصطلح وتراكم أدوات السيادة دون انفعال.