واصل المهاجرون المغاربة في إسبانيا فرض حضورهم القوي في سوق الشغل، متصدرين قائمة المساهمين الأجانب في نظام الضمان الاجتماعي الإسباني، بأكثر من 365 ألف منخرط خلال شهر أكتوبر الماضي، وفق بيانات رسمية. ويعكس هذا التموقع المتقدم الدور الحيوي الذي يضطلع به العمال المغاربة، خاصة في قطاعات استراتيجية كالفلاحة والبناء والنقل والفندقة. وأفادت وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية أن إجمالي العمال الأجانب المنخرطين في النظام الاجتماعي تجاوز 3.1 ملايين شخص بنهاية أكتوبر 2025. حيث شهد هذا العدد زيادة شهرية بلغت نحو 13 ألفا، وارتفاعا سنويا ناهز 7 في المئة، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف معدل نمو العمال الإسبان. ويتصدر المغاربة قائمة المنخرطين الأجانب ب365 ألف شخص تقريبا، متقدمين على الجنسيات الرومانية (أكثر من 331 ألفًا)، والكولومبية، والفنزويلية، والإيطالية، والهندية. ويتركز غالبية هؤلاء العمال في مجالات تعتمد على الجهد البدني والعمل الموسمي، وهي قطاعات تُسجَّل فيها نسب تأطير إداري ضعيفة نسبيًا. وتُظهر البيانات تحولا تدريجيا في بنية سوق الشغل الأجنبي، حيث بلغت نسبة النساء بين المساهمين الأجانب 43 في المئة (نحو 1.3 مليون امرأة). كما ارتفع عدد العاملين الأجانب بصيغة العمل المستقل إلى ما يقارب 494 ألف شخص، بينهم مغاربة يزاولون أنشطة تجارية أو خدماتية صغيرة، لا سيما في قطاعات النقل الفردي والبيع بالتقسيط والصيانة. وفيما تستقطب القطاعات التقليدية كميات كبيرة من اليد العاملة الأجنبية، تُسجل الوزارة منحى تصاعديًا لولوج العمال غير الإسبان – ومنهم المغاربة – إلى قطاعات تتطلب تأهيلاً تقنيًا أعلى، مثل الطاقات المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، والتأمينات، والخدمات المالية، خصوصًا بين فئة المستقلين. ويعتبر مراقبون هذا التموقع المغربي علامة على اندماج مهني ناجح، لكنهم يشيرون في الوقت نفسه إلى هشاشة تنظيمية في بعض المهن المرتبطة بالعقود المؤقتة والأجور المنخفضة. وفي ظل تراجع نسبة السكان النشطين وانخفاض معدلات الإنجاب في إسبانيا، يُرتقب أن يزداد الاعتماد على اليد العاملة الأجنبية كرافعة اقتصادية لا غنى عنها لضمان استمرارية بعض القطاعات الحيوية.