يتجه المغرب نحو تشديد الرقابة على الإعلانات الانتخابية المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، عبر مشروع قانون جديد يفرض غرامات ثقيلة وعقوبات حبسية على المخالفين، في خطوة أثارت جدلًا في الأوساط السياسية والحقوقية. ويناقش مجلس النواب مشروعًا قانونيًا تقدمت به وزارة الداخلية، يهدف إلى ضبط استخدام الإعلانات الممولة خلال الحملات الانتخابية، لا سيما تلك المنشورة عبر منصات أجنبية مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك. ويشمل القانون جميع الفاعلين السياسيين والمترشحين والأحزاب، إضافة إلى الصفحات والمواقع الإلكترونية التي توظف محتوى ممولًا لأغراض انتخابية. ويفرض المشروع غرامات تصل إلى 500 ألف درهم على من يخالف مقتضياته، مع إمكانية العقوبة الحبسية في حال العود أو التمادي في الاستعمال غير المصرّح به، خاصة إذا تبيّن تمويل الإعلانات من جهات أجنبية أو عبر مسارات مالية مشبوهة. وتنص المسودة على ضرورة التصريح المسبق بكل إعلان انتخابي رقمي، مع إلزام المترشحين بالكشف عن طبيعة الجهة المالكة للمنصة، وكلفة التمويل، والمدة الزمنية للنشر، وهو ما يعكس توجهًا تشريعيًا نحو تقنين شامل للسلوك الانتخابي الرقمي. ويبرّر واضعو المشروع هذا التقييد بضرورة ضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين، والحد من التأثير الخارجي على العملية الانتخابية، معتبرين أن الإعلانات الممولة تخرق مبدأ الإنصاف وتمثل شكلًا من أشكال الدعاية المقنّعة. في المقابل، حذّر عدد من البرلمانيين من المبالغة في العقوبات، مطالبين بتعديل بعض المقتضيات حتى لا يُفسَّر القانون كأداة للرقابة على حرية التعبير أو تكميم وسائل الإعلام البديلة، خصوصًا في ظل توسع الحضور الرقمي للحملات السياسية. ويُرتقب أن تُعرض الصيغة النهائية لمشروع القانون على التصويت خلال الدورة التشريعية الحالية، وسط ترقب لمواقف الأحزاب الممثلة في البرلمان، في وقت تتصاعد فيه رهانات الإصلاح الانتخابي في أفق الاستحقاقات المقبلة.