تتواصل حالة عدم الاستقرار الجوي في شمال المغرب، وتحديدا في طنجة وتطوان والمناطق المحاذية لمضيق جبل طارق، حيث تسجل زخات مطرية متفرقة ورياح نشطة، وذلك نتيجة التأثيرات غير المباشرة لمنخفض "ايميليا" الذي يسيطر مركزه على جنوب غرب اوروبا، مصحوبا بكتل هوائية باردة في طبقات الجو العليا. وتشير المعطيات الرصدية الى ان المملكة لا تقع في قلب العاصفة، بل تتأثر بامتداد اخدود جوي سمح بتدفق تيارات رطبة من المحيط الاطلسي، ما يفسر استمرار الاجواء الغائمة والممطرة منذ منتصف الاسبوع الماضي، تزامنا مع هيجان البحر في الواجهة المتوسطية، حيث يتراوح علو الموج بين ثلاثة واربعة امتار، مما دفع السلطات المينائية الى رفع درجات اليقظة. وصنفت وكالات الارصاد الجوية الاوروبية، بما في ذلك الاسبانية والفرنسية والبرتغالية، هذا المنخفض باسم "ايميليا" نظرا لعمقه وشدة الرياح المرافقة له، في اطار نظام تسمية العواصف الهادف الى تنسيق التحذيرات الجوية وحماية الملاحة والبنية التحتية في المناطق المعنية مباشرة بمسار العاصفة، والتي سجلت فيها سرعة الرياح معدلات قياسية تجاوزت 100 كيلومتر في الساعة في بعض السواحل الايبيرية. وفي سياق التأثيرات المحلية، تسببت الرياح الغربية القوية في ارباك جزئي لحركة الملاحة البحرية، لا سيما بالنسبة لقوارب الصيد التقليدي التي اضطرت الى لزوم الموانئ في عدد من النقاط الساحلية الشمالية، بينما تحافظ حركة البواخر السريعة الرابطة بين ضفتي المضيق على وتيرتها مع احتمالية تسجيل بعض التأخيرات الظرفية تبعا لتقلبات الحالة الجوية في عرض البحر. ويصاحب هذه الاضطرابات الجوية انخفاض ملموس في درجات الحرارة، خصوصا خلال الفترات الليلية، مع احتمال تساقط بعض الثلوج فوق قمم مرتفعات الريف الغربي التي يتجاوز علوها 1500 متر، وهو ما يعزز المخزون المائي في المناطق الجبلية ويساهم في تغذية الفرشة المائية التي تضررت جراء مواسم الجفاف المتعاقبة. وتنظر الاوساط الفلاحية في منطقة اللوكوس وحوض طنجة بارتياح الى هذه التساقطات المطرية، التي وان كانت متفرقة، الا انها تكتسي اهمية بالغة بالنسبة للزراعات الخريفية والاشجار المثمرة، كما تساهم في تحسين نسبة ملء السدود الشمالية التي تشكل العصب الرئيسي للتزود بالماء الصالح للشرب في المنطقة. ويرتقب ان يستمر هذا الطقس المتقلب مع بداية الاسبوع الجاري، حيث تظل الاجواء مهيأة لنزول امطار متفرقة وهبوب رياح غربية، قبل ان يبدأ المنخفض في التحرك شرقا نحو شمال المتوسط، مما سيؤدي الى تراجع تدريجي في حدة الاضطرابات الجوية وعودة الاستقرار النسبي للمنطقة ابتداء من منتصف الاسبوع.