قبل ساعات من انطلاق صافرة البداية، وقبل أن تمتلئ المدرجات بأهازيج التشجيع، كان للمغرب موعد آخر لا يقل أهمية، مع أبنائه العائدين من مختلف بقاع العالم تزامنا مع اقتراب انطلاق كأس إفريقيا للأمم 2025. ومع العد التنازلي لهذا الموعد القاري، تشهد مطارات المملكة توافدا ملحوظا للمغاربة المقيمين بالخارج، في مشهد بات يتكرر مع المحطات الكبرى، حيث تتحول نهاية السنة إلى فترة استثنائية من الحركية الاجتماعية والاقتصادية. في قاعات الوصول، تتقاطع الحقائب المثقلة بالهدايا، وتختلط مشاعر الشوق بالترقب، فيما تبدو الأجواء الاحتفالية حاضرة قبل أن تدور الكرة فوق المستطيل الأخضر، في إشارة إلى أن كأس إفريقيا تعاش في المغرب قبل أن تلعب. وبمطار الرباط–سلا، تسجل رحلات وصول متتالية تقل عائلات وشبابا قدموا فرادى أو جماعات، تجمعهم رغبة واحدة في معايشة الحدث من قلب الوطن. ورغم تعدد اللهجات واللغات، تظل الدارجة المغربية القاسم المشترك، تعبيرا عن ارتباط متجدد بالجذور. وتتكرر في قاعات الوصول مشاهد التقاط الصور التذكارية أمام المجسمات والفضاءات المزينة بألوان كأس إفريقيا للأمم 2025، في تعبير واضح عن فخر واعتزاز باحتضان المملكة لهذا الموعد القاري. وفي هذا السياق، قال ياسين، وهو مغربي مقيم بفرنسا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه حل بالمغرب في زيارة خاطفة لحضور حفل الافتتاح ومباراة المنتخب المغربي، قبل العودة في اليوم الموالي. وأضاف: "لم أتردد لحظة واحدة. حتى من أجل 48 ساعة فقط، الأمر يستحق. كأس إفريقيا بالمغرب ليست تظاهرة عادية، إنها فخر وذاكرة وانتماء". وأوضح المتحدث، المقيم بباريس منذ أكثر من عشر سنوات، أن متابعة المباراة عبر التلفاز "ممكنة"، لكن التواجد في المدرجات وسماع النشيد الوطني ومعايشة الأجواء "تجربة لا تقدر بثمن"، على حد تعبيره. من جهته، أكد سمير، أحد أفراد الجالية المغربية المقيمة بإيرلندا، الذي وصل إلى المملكة رفقة أسرته لقضاء فترة كأس إفريقيا بين الرباط ومراكش، أن اختيار متابعة المنافسة من أرض الوطن "يمنح إحساسا مختلفا بالفخر". وأشاد، في تصريح مماثل لوكالة المغرب العربي للأنباء، بجودة الاستقبال والتنظيم، معتبرا أن الخدمات المقدمة تعكس صورة إيجابية عن المغرب. وإلى جانب بعدها الرمزي، تبرز لكأس إفريقيا للأمم آثار اقتصادية مباشرة، إذ تسهم كثافة حركة المسافرين في تنشيط المطارات وقطاعات النقل والفندقة والمطاعم والتجارة، مع ارتفاع الطلب وتزايد التنقلات بين المدن المحتضنة للمباريات وباقي جهات المملكة. وتشير هذه الدينامية إلى أن كأس إفريقيا للأمم 2025 تتجاوز كونها منافسة رياضية، لتتحول إلى موعد جامع يعزز الروابط بين المغرب وأبنائه المقيمين بالخارج، ومحرك للتنشيط الاجتماعي والاقتصادي على الصعيدين المحلي والوطني.