قضت المحكمة الابتدائية بتارجيست، الأربعاء، بالحبس النافذ ستة أشهر في حق القيادي البارز في حزب الاستقلال نور الدين مضيان، مسدلة الستار ابتدائيا على قضية "التشهير والمس بالحياة الخاصة" التي رفعتها ضده زميلته في الحزب رفيعة المنصوري، وأثارت جدلا سياسيا وأخلاقيا واسعا داخل المملكة. وأدانت الهيئة القضائية البرلماني المخضرم والرئيس السابق للفريق النيابي لحزب الاستقلال، بتهم تتعلق ب"القذف والتشهير والتهديد والمس بالحياة الخاصة للأشخاص"، مقررة في الوقت ذاته تغريمه مبلغ 3000 درهم، مع تحميله أداء تعويض مدني قدره 150 ألف درهم لفائدة المشتكية الرئيسية، و30 ألف درهم لفائدة مشتكية ثانية في الملف ذاته. وتعود فصول هذه القضية، التي عرفت إعلاميا ب"تسجيلات مضيان"، إلى مطلع العام الجاري، حين تقدمت رفيعة المنصوري، التي تشغل منصب نائبة رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، بشكوى رسمية تتهم فيها زميلها باستهداف شرفها وسمعة أسرتها عبر تسريبات صوتية تم تداولها على نطاق واسع عبر تطبيقات التراسل الفوري. وتضمنت التسجيلات المنسوبة لمضيان، وهو وجه سياسي بارز في منطقة الريف وعضو اللجنة التنفيذية للحزب المشارك في الائتلاف الحكومي، عبارات حادة طالت الحياة الشخصية للمنصوري، ما حول الخلاف من صراع حزبي داخلي تقليدي إلى قضية رأي عام استدعت تدخل القضاء. وألقى هذا الملف بظلاله القاتمة على المشهد السياسي المغربي والبيت الداخلي لحزب الاستقلال تحديدا، حيث تزامن تفجره مع التحضيرات للمؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الذي انعقد في أبريل الماضي. وتحت وطأة الضغوط وتوالي الانتقادات من منظمات حقوقية ونسائية، اضطر مضيان في مارس الماضي إلى إعلان تجميد عضويتة في اللجنة التنفيذية للحزب واستقالته من رئاسة فريقه بمجلس النواب، في خطوة وصفت حينها بأنها محاولة لتجنيب الحزب المزيد من الإحراج السياسي وحماية تماسكه التنظيمي. ورغم محاولات الصلح والوساطة المكثفة التي قادها الأمين العام للحزب نزار بركة وقيادات تاريخية أخرى لطي الملف وديا قبل وصوله إلى ردهات المحاكم، أصرت المنصوري على المسلك القضائي، معتبرة أن ما تضمنته التسجيلات يتجاوز الخلافات السياسية ويمس كرامتها كامرأة وسياسية بشكل لا يقبل التسوية الودية. ويأتي هذا الحكم في سياق وطني يتسم بتشديد الملاحقات القضائية ضد منتخبين ومسؤولين في قضايا مختلفة، تزامنا مع دعوات رسمية وحزبية لتخليق الحياة السياسية في المغرب وربط المسؤولية بالمحاسبة. ومن المرتقب أن يستأنف دفاع نور الدين مضيان الحكم الصادر، مما يفتح فصلا جديدا من التقاضي أمام محكمة الاستئناف بالحسيمة، في قضية يتوقع أن تواصل إلقاء ثقلها على المشهد الحزبي في المنطقة.