توقيف "داعشي" كان يحضر لعمليات ارهابية    عمالة الحسيمة تحتفل باليوم الوطني للمهاجر    "مراسلون بلا حدود" تدين اغتيال 5 صحفيين فلسطينيين وتتهم إسرائيل باستهداف الصحفيين في غزة    "واتساب" تختبر ميزة جديدة تتيح إرسال الصور المتحركة    الدار البيضاء: وصول أطفال القدس للمشاركة في الدورة ال 16 للمخيم الصيفي لوكالة بيت مال القدس    مالي.. مؤشرات انقلاب تكشف الوجه الخفي لمؤامرات النظام الجزائري في الساحل    كرة نارية من بقايا صاروخ صيني تضيء سماء شمال المغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    معتقلو حراك الريف بسجن طنجة 2 يدخلون في إضراب عن الطعام والماء    وفاة رجل مسن إثر هجوم كلاب ضالة بدوار إبراين في تامري    المغرب ضيف شرف الدورة 21 لمعرض بنما الدولي للكتاب    محمد رمضان يتعرض لموجة سخرية جديدة بعد ادعائه تلقي دعوة من لارا ترامب ليتضح أنه دفع 3500 دولار للحضور    فيلم «عايشه» للمخرجة سناء العلاوي يعرض في خمس قارات حول العالم    خريبكة: بديعة الصنهاجي تفتح قلبها لجمهور مهرجان الرواد    شهادة صديقة مقربة من عائلة مبابي تدعم براءة أشرف حكيمي        الدار البيضاء تحتضن ليالي غنائية كبرى تخليدا لعيد الشباب    العاشر من غشت يوم الوفاء للجالية المغربية وهموم الإقامة في تونس    الخطوط المغربية تعزز شبكة "رحلات بلا توقف" انطلاقا من مراكش نحو فرنسا وبلجيكا    "البيجيدي" ينبه لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لفئة واسعة من المغاربة    "مراسلون بلا حدود" تدين اغتيال أنس الشريف وتتهم إسرائيل باستهداف الصحفيين في غزة            الوصية .. في رثاء أنس الشريف ومحمد قريقع    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية تشاد بمناسبة العيد الوطني لبلاده    قتيل و29 مصابا في زلزال ضرب غرب تركيا    تقرير: نمو اقتصادي في المغرب يقابله اتساع العجز المالي والتجاري    الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر"    أستراليا تؤكد أنها ستعترف بدولة فلسطين    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    وفاة أسطورة كرة القدم اليابانية كاماموتو عن 81 عاما    أشرف حكيمي يتمسك بطموح الفوز بالكرة الذهبية رغم انزعاج باريس سان جيرمان    كأس أمم افريقيا للمحليين (كينيا أوغندا تنزانيا 2024):        فيتنام توسع قائمة الإعفاء من "الفيزا السياحية"    توقيف "شاب داعشي" بإقليم سطات    الملك على دراجته المائية يتبادل التحية مع المصطافين على شاطئ كابونيكرو    قطعة من أسطول البحرية الهندية تختتم مناورة مع "فرقاطة محمد السادس"    الجبالية الشحرية .. لغة نادرة في سلطنة عمان    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    أشرف حكيمي: "إنه حلم أن ألعب مع المغرب خلال كأس إفريقيا للأمم"    صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية: المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نموذج إفريقي رائد في التنمية والابتكار    الأرصاد تتوقع موجة حر شديدة في جنوب غرب فرنسا        من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر    كأس درع المجتمع: كريستال بالاس يحرز اللقب على حساب ليفربول    السفير المغربي بالصين: البعثات الطبية الصينية... رمز نصف قرن من الصداقة والتضامن بين المغرب والصين    الإدارة الأمريكية "تحضر" لقمة ثلاثية بين ترامب وبوتين وزيلينسكي (نائب الرئيس الأمريكي)    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    توقيف الناشطة لشكر بعد ارتدائها قميصاً مسيئاً للذات الإلهية    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعددية الحزبية في المغرب: محاولة للفهم
نشر في صحراء بريس يوم 23 - 11 - 2014

ليس حكما مسبقا إن قلنا في بداية هذا البحث أن التنظيمات الحزبية في المغرب تلعب دور الأداة في تطبيق سياسة الدولة وتوجهاتها الكبرى دون المساس بالعلاقات والروابط التاريخية المعقدة سوسيولوجيا بين الشعب من جهة والملكية من جهة أخرى،وهي بذلك وضعت نفسها في إطار ضيق لا تستطيع تجاوزه ولا يتعدى التعبير عن الاختلاف والتباين في كيفية تنفيد الاستراتيجية العامة والخيارات الكبرى للنظام في مجال يضمن حرية التعبير دون أن يمس الملكية والدين الإسلامي والوحدة الترابية.
فالانشقاقات المبكرة التي عرفتها الأحزاب المغربية في وقت مبكر والصراع بين أجنحتها جعل وظيفتها تنحصر فقط في خدمة توجهات السلطة المركزية والحفاظ على الوضع القائم والسكوت أحيانا عن الملفات الكبرى والبحت فقط عن الوظائف داخل السلطة والاستيلاء عليها أو على الأقل المشاركة فيها مما يجعل الباحث في الظاهرة الحزبية المغربية لا يكاد يميز بين الحزب السياسي وجماعات المصالح حتى تحدث بعض الباحثين عن كون "الحزب الزبوني يشكل أحد ثوابت الحياة السياسية المغربية".فطبيعة النظام السياسي المغربي لا تسمح بوجود أحزاب عصرية تعمل بشكل حداثي على غرار الأحزاب الغربية وتقوم بقطيعة مع البنيات السياسية الموروثة منذ ظهور الملكية في المغرب مرورا بعهد الحماية ثم ما بعد الاستقلال فأصبحنا أمام بنية حزبية مركبة تتداخل فيها الموروثات الثقافية المغربية ومظاهر الحداثة الحزبية المكتسبة في سنوات الحماية الفرنسية. وبهذه المفارقة أصبحت الأحزاب السياسية لا تملك إلا هامش صغير عبارة عن قنوات لتمرير الإرادة الملكية ولا يمكنها أن تصبح مراكز للقرارات والمبادرات ناهيك عن أن تصبح مراكز معارضة للسياسة المركزية. فالدور الذي من أجله أنشئت الأحزاب السياسية في المغرب لا يعدو آن يكون آلية من بين الآليات المعتمدة في التاريخ السياسي المغربي لتنظيم المواطنين وتمثيلهم أمام السلطان والسلطة المركزية، رغم الانطباع السائد بكوننا داخل دولة حزبية صحيحة يسعى فيها الحزب إلى الوصول إلى السلطة وتطبيق برامجه وخياراته الاجتماعية والاقتصادية كمنع ترشيح اللامنتمين للانتخابات بموجب خطاب ملكي. هذا الدور الضيق الذي تسعى إليه الأحزاب السياسية المغربية جعل النسق السياسي المغربي تحكمه قاعدة التنازع والتصادم بين مكوناته ثارة والتصالحية المرحلية تارة أخرى فأصبحنا بين دعوات للاندماج في الحياة السياسية في ظل شروط معدة سابقا خارج رؤية الحزب واستراتيجيته استحضارا لواقع توازنات ظرفية للحكم يحكمها منطق الرموز والرسائل غير المباشرة وبين القطيعة مع الحياة السياسية لأسباب موضوعية يحكمها الخوف من القضاء على إستراتيجية الحزب ورؤيته للتغيير وتشرذم العمل الحزبي وانقسامه نتيجة عدم مشاركته في وضع الشروط والآليات التي تجعل اندماجه فاعلا ومؤترا.
فتنائية (التقليد-الاندماج) و (القطع-الاحتجاج) جعلت العلاقات بين الأحزاب السياسية المغربية محكومة بنوع من السكون والحفاظ على مبدأ استمرارية العلاقات ذاتها و الصراع الخفي والعلني أحيانا وفي نفس الوقت التوافق حول المنطلقات والأهداف والبرامج في حده الأدنى دون أن يصل هذا التوافق إلى التنسيق والتوحد، لأن الدولة كمؤسسة وجودها مرتبط ومتوقف على وجود وتطوير بنية المؤسسات الأخرى وعلى رأسها الأحزاب السياسية فلا يمكن تصور ديمقراطية من دون أحزاب ومن دون انتخابات ومن دون معارضة وغياب أي مخطط وأي مشروع لإدماج الأحزاب السياسية يشكل خطر انغلاق الدولة على ذاتها وتفردها بالسلطة، لذلك تسعى إلى التحكم ومراقبة التعددية الحزبية القائمة حاليا والعمل على عدم حصول أي حزب مهما كانت إيديولوجيته على الأغلبية المطلقة في البرلمان كي يتم اللجوء إلى تحالفات هشة تحرم الحزب دائما من الحصول على أغلبية متناسقة ومنسجمة ومستقرة وهو ما نستخلصه من الفصل السابع من دستور01 يوليوز2011 حين نص على أن "نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع" وهو ما يمكن تفسيره بكون النسق السياسي المغربي في بنيته لا يسمح بهيمنة حزب واحد على الحياة السياسية ولو كان ذلك نتيجة لصناديق الاقتراع. وقبل التحكم ومراقبة التعددية الحزبية المغربية فلا تترك الدولة الصراع بين النخب يستمر فقط خارج النسق السياسي المغربي وإنما تعمل على إدماج هذه النخب ولو كانت غير منتمية لأي حزب سياسي في إطار مؤسسات لكي تجعل من توازن النخب المدخل الحقيقي لتوازن المؤسسات لأن النظام السياسي المغربي يجعل من هذه المؤسسات حلبة أو مجال لصراع النخب فالصراع يجب أن يكون داخل النسق وليس خارجه لتبقى مهمة النظام هي خلق التوازن بين الأطراف المتصارعة ومن هنا كانت وظيفة التحكيم التي يتمتع بها النظام أهم بطاقة يتوفر عليها. وكثير من الأحيان يستعمل النظام هذه البطاقة ليس لضبط المؤسسات المتصارعة فقط وإنما يتجاوز ذلك إلى خلق التوازن داخل المؤسسة الحزبية الواحدة إما عن طريق خلق أحزاب جديدة بتسهيل إجراءات التأسيس وبالتالي انسحاب الكثير من المنتمين لبعض الأحزاب إلى الحزب الجديد وإما عن طريق خلق انشقاقات داخل الحزب الواحد.
لقد أكد أحد الباحثين المتخصصين في العلوم السياسية أن تاريخ الأحزاب السياسية المغربية هو تاريخ انشقاقاتها المتتالية وهو ما يفيد أن التعددية الحزبية لم تكن ولادة طبيعية داخل النسق السياسي المغربي إنما كانت نتيجة هيمنة حزب الاستقلال بعيد الاستقلال فكان الانشقاق داخل هذا الحزب اللبنة الأولى لإنشاء وإقرار التعددية الحزبية في المغرب وليس التعددية السياسية .
هذه الأخيرة ستكون موضوع الجزء الثاني من هذا البحث نتساءل فيه عن مدى وجود أو غياب التعددية السياسية في الحقل السياسي المغربي وهل التعددية الحزبية انعكاس لهذه التعددية السياسية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.