تسجيل ما مجموعه 1770 مليون متر مكعب من الواردات المائية منذ فاتح شتنبر 2025    من أشقاء إلى خصوم.. محطات رئيسية في العلاقات السعودية الإماراتية    نجم الغابون أوباميانغ يغادر المغرب    الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يحسن وظائف الرئة ويقلل خطر الأمراض التنفسية    أثمان الصناعات التحويلية تزيد في نونبر        أوغندا تتحدى نيجيريا في ملعب فاس    في الفرق بين تربية الأصلاء والفضلاء وتربية بيوت الرذيلة    احتفالات بفوز المغرب على زامبيا تتحول إلى عنف في مدينة "ليل" الفرنسية    نقد أطروحة عبد الصمد بلكبير    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    تقرير للبنك الدولي: المغرب يتفوق على المعدلات العالمية في مناخ الأعمال    نقابة المالية بمراكش تدعو لوقفة احتجاجية أمام الخزينة الإقليمية    أبيدجان.. الاحتفاء بفرح وحماس بتأهل "أسود الأطلس" إلى ثمن نهائي كأس إفريقيا 2025    الركراكي: المنافسة بدأت الآن..وسنقاتل لإبقاء الكأس في المغرب        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    فعاليات برنامج مسرح رياض السلطان لشهر يناير تجمع بين الجرأة الإبداعية ونزعة الاكتشاف    المعرض الوطني الكبير 60 سنة من الفن التشكيلي بالمغرب    النسوية: بدايات وتطورات وآفاق    عليوي: الحركة الشعبية أصبحت "حزبا شخصيا" لأوزين.. والمجلس الوطني ك"سوق بلا أسوار"    إحداث أزيد من 35 ألف مقاولة بشكل رقمي    برادة: نسبة تعميم التعليم الأولي بالعالم القروي تبلغ 81 في المائة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    كيوسك الثلاثاء | المغرب ضمن أفضل 20 دولة عالميا في مؤشر الحرية المالية    تقرير رسمي: ربع سكان المغرب سيكونون من المسنين بحلول عام 2050    ثلاث نقابات بوزارة التجهيز ترفض "تجميد" النظام الأساسي بدعوى الأولويات    تأسيس المكتب المحلي للأطر المساعدة بمدينة سلا    المعاملات الآسيوية تقلص خسائر الفضة    لجنة العدل تشرع في مناقشة مشروع قانون المسطرة المدنية    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    ثلاثة قتلى.. حصيلة فيضانات جنوب إسبانيا    رسالة تهنئة من السفيرة الصينية يو جينسونغ إلى المغاربة بمناسبة عام 2026    "أجواء أكادير" تفرح الكرة المصرية    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات    حقيقة تعرض سجينة للتعذيب والاعتداء بسجن عين السبع 1    احتجاجات التجار تقلق النظام في إيران    دفاع مستشار عمدة طنجة يطلب مهلة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    إذاعة فرنسا الدولية: المغرب وجهة مفضلة للمشجعين والسياح    أبو عبيدة.. رحيل ملثم أرّق إسرائيل طوال عقدين    سعد لمجرد يلتقي جماهيره بالدار البيضاء    مونية لمكيمل وسامية العنطري تقودان الموسم الجديد من "جماعتنا زينة"    ترامب يعلن إحراز "تقدم كبير" في سبيل إنهاء الحرب بأوكرانيا    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تعقد جمعها السنوي العادي    القوات الروسية تعلن السيطرة الكاملة على بلدة ديبروفا في دونيتسك واسقاط صواريخ وطائرات مسيرة    الصين تطلق مناورات عسكرية وتايوان ترد بالمثل    وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما    اتباتو يتتبع "تمرحل الفيلم الأمازيغي"        علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعددية الحزبية في المغرب: محاولة للفهم
نشر في صحراء بريس يوم 23 - 11 - 2014

ليس حكما مسبقا إن قلنا في بداية هذا البحث أن التنظيمات الحزبية في المغرب تلعب دور الأداة في تطبيق سياسة الدولة وتوجهاتها الكبرى دون المساس بالعلاقات والروابط التاريخية المعقدة سوسيولوجيا بين الشعب من جهة والملكية من جهة أخرى،وهي بذلك وضعت نفسها في إطار ضيق لا تستطيع تجاوزه ولا يتعدى التعبير عن الاختلاف والتباين في كيفية تنفيد الاستراتيجية العامة والخيارات الكبرى للنظام في مجال يضمن حرية التعبير دون أن يمس الملكية والدين الإسلامي والوحدة الترابية.
فالانشقاقات المبكرة التي عرفتها الأحزاب المغربية في وقت مبكر والصراع بين أجنحتها جعل وظيفتها تنحصر فقط في خدمة توجهات السلطة المركزية والحفاظ على الوضع القائم والسكوت أحيانا عن الملفات الكبرى والبحت فقط عن الوظائف داخل السلطة والاستيلاء عليها أو على الأقل المشاركة فيها مما يجعل الباحث في الظاهرة الحزبية المغربية لا يكاد يميز بين الحزب السياسي وجماعات المصالح حتى تحدث بعض الباحثين عن كون "الحزب الزبوني يشكل أحد ثوابت الحياة السياسية المغربية".فطبيعة النظام السياسي المغربي لا تسمح بوجود أحزاب عصرية تعمل بشكل حداثي على غرار الأحزاب الغربية وتقوم بقطيعة مع البنيات السياسية الموروثة منذ ظهور الملكية في المغرب مرورا بعهد الحماية ثم ما بعد الاستقلال فأصبحنا أمام بنية حزبية مركبة تتداخل فيها الموروثات الثقافية المغربية ومظاهر الحداثة الحزبية المكتسبة في سنوات الحماية الفرنسية. وبهذه المفارقة أصبحت الأحزاب السياسية لا تملك إلا هامش صغير عبارة عن قنوات لتمرير الإرادة الملكية ولا يمكنها أن تصبح مراكز للقرارات والمبادرات ناهيك عن أن تصبح مراكز معارضة للسياسة المركزية. فالدور الذي من أجله أنشئت الأحزاب السياسية في المغرب لا يعدو آن يكون آلية من بين الآليات المعتمدة في التاريخ السياسي المغربي لتنظيم المواطنين وتمثيلهم أمام السلطان والسلطة المركزية، رغم الانطباع السائد بكوننا داخل دولة حزبية صحيحة يسعى فيها الحزب إلى الوصول إلى السلطة وتطبيق برامجه وخياراته الاجتماعية والاقتصادية كمنع ترشيح اللامنتمين للانتخابات بموجب خطاب ملكي. هذا الدور الضيق الذي تسعى إليه الأحزاب السياسية المغربية جعل النسق السياسي المغربي تحكمه قاعدة التنازع والتصادم بين مكوناته ثارة والتصالحية المرحلية تارة أخرى فأصبحنا بين دعوات للاندماج في الحياة السياسية في ظل شروط معدة سابقا خارج رؤية الحزب واستراتيجيته استحضارا لواقع توازنات ظرفية للحكم يحكمها منطق الرموز والرسائل غير المباشرة وبين القطيعة مع الحياة السياسية لأسباب موضوعية يحكمها الخوف من القضاء على إستراتيجية الحزب ورؤيته للتغيير وتشرذم العمل الحزبي وانقسامه نتيجة عدم مشاركته في وضع الشروط والآليات التي تجعل اندماجه فاعلا ومؤترا.
فتنائية (التقليد-الاندماج) و (القطع-الاحتجاج) جعلت العلاقات بين الأحزاب السياسية المغربية محكومة بنوع من السكون والحفاظ على مبدأ استمرارية العلاقات ذاتها و الصراع الخفي والعلني أحيانا وفي نفس الوقت التوافق حول المنطلقات والأهداف والبرامج في حده الأدنى دون أن يصل هذا التوافق إلى التنسيق والتوحد، لأن الدولة كمؤسسة وجودها مرتبط ومتوقف على وجود وتطوير بنية المؤسسات الأخرى وعلى رأسها الأحزاب السياسية فلا يمكن تصور ديمقراطية من دون أحزاب ومن دون انتخابات ومن دون معارضة وغياب أي مخطط وأي مشروع لإدماج الأحزاب السياسية يشكل خطر انغلاق الدولة على ذاتها وتفردها بالسلطة، لذلك تسعى إلى التحكم ومراقبة التعددية الحزبية القائمة حاليا والعمل على عدم حصول أي حزب مهما كانت إيديولوجيته على الأغلبية المطلقة في البرلمان كي يتم اللجوء إلى تحالفات هشة تحرم الحزب دائما من الحصول على أغلبية متناسقة ومنسجمة ومستقرة وهو ما نستخلصه من الفصل السابع من دستور01 يوليوز2011 حين نص على أن "نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع" وهو ما يمكن تفسيره بكون النسق السياسي المغربي في بنيته لا يسمح بهيمنة حزب واحد على الحياة السياسية ولو كان ذلك نتيجة لصناديق الاقتراع. وقبل التحكم ومراقبة التعددية الحزبية المغربية فلا تترك الدولة الصراع بين النخب يستمر فقط خارج النسق السياسي المغربي وإنما تعمل على إدماج هذه النخب ولو كانت غير منتمية لأي حزب سياسي في إطار مؤسسات لكي تجعل من توازن النخب المدخل الحقيقي لتوازن المؤسسات لأن النظام السياسي المغربي يجعل من هذه المؤسسات حلبة أو مجال لصراع النخب فالصراع يجب أن يكون داخل النسق وليس خارجه لتبقى مهمة النظام هي خلق التوازن بين الأطراف المتصارعة ومن هنا كانت وظيفة التحكيم التي يتمتع بها النظام أهم بطاقة يتوفر عليها. وكثير من الأحيان يستعمل النظام هذه البطاقة ليس لضبط المؤسسات المتصارعة فقط وإنما يتجاوز ذلك إلى خلق التوازن داخل المؤسسة الحزبية الواحدة إما عن طريق خلق أحزاب جديدة بتسهيل إجراءات التأسيس وبالتالي انسحاب الكثير من المنتمين لبعض الأحزاب إلى الحزب الجديد وإما عن طريق خلق انشقاقات داخل الحزب الواحد.
لقد أكد أحد الباحثين المتخصصين في العلوم السياسية أن تاريخ الأحزاب السياسية المغربية هو تاريخ انشقاقاتها المتتالية وهو ما يفيد أن التعددية الحزبية لم تكن ولادة طبيعية داخل النسق السياسي المغربي إنما كانت نتيجة هيمنة حزب الاستقلال بعيد الاستقلال فكان الانشقاق داخل هذا الحزب اللبنة الأولى لإنشاء وإقرار التعددية الحزبية في المغرب وليس التعددية السياسية .
هذه الأخيرة ستكون موضوع الجزء الثاني من هذا البحث نتساءل فيه عن مدى وجود أو غياب التعددية السياسية في الحقل السياسي المغربي وهل التعددية الحزبية انعكاس لهذه التعددية السياسية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.