سطات.. توقيف عنصر حامل للفكر المتشدد الذي يتبناه تنظيم "داعش" الإرهابي    صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية: المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نموذج إفريقي رائد في التنمية والابتكار    مقتل أربعة صحافيين من قناة الجزيرة بينهم أنس الشريف بقصف إسرائيلي قرب مستشفى الشفاء في غزة    وسط تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل… أستراليا تعلن عزمها الاعتراف بدولة فلسطين    أشرف حكيمي: "إنه حلم أن ألعب مع المغرب خلال كأس إفريقيا للأمم"    الأرصاد تتوقع موجة حر شديدة في جنوب غرب فرنسا    تفكيك مخطط إرهابي لشاب متشدد بسطات على صلة بقيادي في "داعش"    حُقوقيو تيزنيت يدقّون ناقوس الخطر بشأن تعثر مشروع طريق حيويّة لسنوات بتافراوت    عامل الجديدة يترأس لقاء تواصليا بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر    الإدارة الأمريكية "تحضر" لقمة ثلاثية بين ترامب وبوتين وزيلينسكي (نائب الرئيس الأمريكي)        كأس درع المجتمع: كريستال بالاس يحرز اللقب على حساب ليفربول    من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر        السفير المغربي بالصين: البعثات الطبية الصينية... رمز نصف قرن من الصداقة والتضامن بين المغرب والصين    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين        دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    تنديد مغربي بجرائم الاحتلال ضد إعلاميي غزة بعد استشهاد أنس الشريف ورفاقه    عامل إقليم الحسيمة يخلد اليوم الوطني للمهاجر.. والرقمنة في صلب خدمات القرب لمغاربة العالم    استشهاد 4 صحفيين بقصف إسرائيلي استهدف خيمتهم في غزة من بينهم مراسل "الجزيرة" أنس الشريف    توقيف الناشطة ابتسام لشكر بتهمة الإساءة للدين الإسلامي والذات الإلهية    "سان جيرمان" ينزعج من حكيمي    زلزال مدمر يضرب تركيا    توقيف الناشطة لشكر بعد ارتدائها قميصاً مسيئاً للذات الإلهية    النيابة العامة المختصة تأمر بوضع ابتسام لشكر رهن تدابير الحراسة النظرية        الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق الدورة الرابعة من الأبواب المفتوحة لفائدة مغاربة العالم    بلال مرابط يكتب..فن التعليق على كل شيء: بين سقراط وجيل لا يهدأ    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني بمدينة الدار البيضاء    محكمة ألمانية تلغي غرامة رادار من نوعية اقتناها المغرب.. وجدل محلي حول نجاعته    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    بعد مشاركتها في مهرجان المضيف .. دعاء يحياوي تحيي حفلها الأول بمهرجان صيف العرائش    صرخة العرائش:قراءة في بلاغ الجسد المديني ومقاومة المعنى !    مسؤول أممي يحذر من الخطة الإسرائيلية بشأن غزة    تشكيلة المنتخب المحلي أمام كينيا    التقلبات ترفع الذهب في المغرب ب"زيادة طفيفة".. وضُعف الطلب مستمر    مغاربة يحتجون على رسو سفينة بطنجة        بعثة تجارية بلغارية تستعد لزيارة المغرب    أشرف حكيمي: اتهامي بالاغتصاب ظالم        يوليوز 2025 هو الأقل حرارة في 6 سنوات في المغرب.. لكنه "مخادع" مناخيا    خط بحري جديد لنقل الفواكه والخضروات المغربية نحو أوروبا    مداخل المرجعية الأمازيغية لبناء مغرب جديد    ميسي يواصل الغياب عن إنتر ميامي بسبب إصابة عضلية طفيفة    بعد انهيار قاتل.. منجم نحاس في تشيلي يستأنف العمل    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    ارتفاع ودائع الجالية في البنوك المغربية إلى 213,2 مليار درهم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    ماذا نعرف عن فيروس "شيكونغونيا" الذي أعاد شبح "كورونا" إلى العالم؟    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحدث هذا فقط في حمارستان
نشر في صحراء بريس يوم 04 - 01 - 2016

إن الحكام الديكتاتوريين عبر العصور المختلفة كانوا يحكمون شعوبهم بالحديد والنار، وفي العصور المعاصرة تفتقت أذهانهم بحكم شعوبهم بالمخدرات والجهل أيضا لأن الشعب المسطول والجاهل سهل وسلس القيادة..
أما في دولة حمارستان، فقد تفتق ذهن الديكتاتور بحكم شعبه بوضع البرسيم الجاف بعد طحنه في دقيق الخبز؛ وبالتالي سوف ينتشر هذا البرسيم في عقول وأجساد الرعية...
وما فتئِت الأبواق الإعلامية تشرح فوائد البرسيم وما يحتويه من عناصر معدنية كالحديد وغيره من معادن مختلفة وألياف طبيعية تمنع أمراض السرطان وخاصة سرطان القولون وحتى تمنع توتر الأعصاب والأمراض النفسية...
وما برحت الأبواق الإعلامية تسهب في شرح سلامة وصحة الحمار والحيوانات التي تأكل البرسيم؛
فهل سمع أحد عن حمار أصيب بإسهال أو إمساك أو القولون العصبي؟ وهل سمع أحد عن حصان أصيب بسرطان المعدة أو القولون أو حتى التهاب بالمفاصل؟ وهل سمع أحد عن جاموسة تعاني من اكتئاب أو شيزوفرنيا وتظن نفسها أنها الأسد أو حتى زوجة الأسد؟...
اقتنع الشعب بفوائد خلط البرسيم مع الدقيق، ومع الوقت، تحول لون الرغيف إلى الأخضر من كثرة البرسيم وقلة الدقيق، وبعد وقت آخر, تحول كله إلى اللون الأخضر من البرسيم الغير مخلوط بأي دقيق، وتحول اسمعه إلى "الرغيف البرسيمي"...
وبعد مضي شهر من تناول الرغيف البرسيمي:
بدأ مزاج الشعب يعتدل؛ فالخناقات قلت بدرجة كبيرة وحتى الضرب لا يزيد عن الرفس، وازدادت قوة وصحة أفراد الشعب لدرجة أن كل واحد يعمل بقوة 503.25 حمارا (يا سلام على الدقة في حمارستان)، وبدأت الأمراض العضوية تختفي، والأمراض النفسية اختفت هي الأخرى، والمعدة تحرشت أكثر وازدادت خشونة لدرجة أنها تستطيع أن تهضم الزلط ذاته، والفضلات تحول لونها إلى الأخضر (جِلة)...
وبعد هذا التحسن في صحة الشعب، تفتق ذهن الديكتاتور عن إصدار مرسوم رئاسي بأكل البرسيم مباشرة بدون خَبز.
حسد الديكتاتور الشعب بعدما تحسن مزاجه بدرجة كبيرة وتحسنت صحته على البرسيم؛ فشارك شعبه في أكله.
حتى أنت يا برسيم لا تُترك للشعب!
سمى الديكتاتور الدولة "حمارستان" بعدما تضاعفت قوة كل فرد بالشعب إلى 1006.5 حمارا (أكيد هذا النصف يساوي 3/4 من الجحش)، وأصبح علمها أخضر بلون البرسيم وعليه صورة حمار بحدوة، وسمى نفسه "الزعيم الحمارستاني".
وهذا التحمير ليس جديدا على الإنسان؛ أليس الفلاسفة من زمان، قالوا عن الإنسان بأنه حيوان اجتماعي، وحيوان ميتافيزيقي، وحيوان إلهي، وحيوان ناطق، وحيوان ضاحك، وحيوان مدني، وحيوان متدين وو...؟
ألم يقل نيتشه بأن الإنسان حيوان غير مكتمل النمو؟
وألم يقل أحد علماء النفس الحيواني: بأن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يستطيع أن يكذب؟ .
وبعد مضي عدة أشهر أخرى:
بدأ صوت الملايين من أفراد الشعب يحول تدريجيا إلى النهيق، وأضحى شعار الشعب:
"بالروح والبرسيم نفديك يا حمارستاني".
و"يا حمير العالم اتحدوا".
و"ارفع رأسك يا أخي فأنت حمار".
و"لا صوت يعلو فوق صوت النهيق".
و"الحمار هو الحل"...
ملامح دولة حمارستان السياسية:
وقف الزعيم الحمارستاني في الأمم الحميرية المتحدة لكي يخطب ويروج للنظرية السياسية الحمورية:
"نحن شعب حمارستان لا يبدأ تاريخ دولتنا إلا منذ أكلنا الرغيف البرسيمي، وما قبل ذلك لا نعتده تاريخا لدولتنا...
نحن شعب حمارستان لا نعرف الاشتراكية ولا الرأسمالية ولا الديمقراطية ولا الديكتاتورية ولا الليبرالية ولا التقدمية ولا الرجعية... فهذه النظريات عبارة عن خزعبلات، وقد عفا عليها الزمن، ولا تناسبنا بالمرة لأنه لا يوجد حمارستاني واحد جائع، وفي الخطة النهيقية القادمة، سيأكل شعبنا التبن لأنه مغذي وصحي وليس فيه ألوان صناعية".
وتابع بحماس:
"نحن في دولتنا حمارستان لا نعرف إلا الطريقة السياسية الحمورية النهيقية والتي بسببها تقدمت بلدنا تقدما عظيما لا مثيل له؛ ويكفي تفردنا في التعليم وفي كرة القدم على مستوى العالم كله وخاصة في الرقم 90، ويكفي اختفاء الصراع والتنافس على الحكم، ويكفي انتهاء وجع الدماغ من الصراع بين المعارضة والنظام، ويكفي أن شعب حمارستان لا تسمع له أي صوت إلا بعض النهيق"...
وهز رأسه في أسف وهو يكمل:
"يوجد بعض المارقين الخونة من الشعب الذين يخالفون النهق العام للدولة ويمتنعون عن أكل الرغيف البرسيمي والبرسيم ذاته!
والعجيب أنهم يتهمونا بالديكتاتورية!
أرأيتم هذه المهزلة؟!
ولكن ماذا أقول؟ فهم لا يزيدون عن شوية كُتاب وصحفيين وأطباء ومهندسين ومدرسين ومحاسبين وو...".
وزعق بأعلى صوته:
"شوية إرهابيين وعملاء خونة"!
وواصل:
"ولكن قوة جيشنا الحماري بقيادة الوزير أبو حدوة، وقوة شرطتنا الحمارية بقيادة الوزير أبو بردعة، لن تتركهم أبدا أبدا...
ولقد قمنا برفسهم وسحقهم وقتلهم في المجزرة الأولى والثانية وحتى الرابعة ولكن في المجزرة الخامسة سوف لا يكون لهم أثر"...
في التعليم والثقافة:
كانت مشكلة الرسوب والحقد الذي ينشأ في قلب الراسب ضد الناجحين متأصلة منذ فجر التاريخ؛ لذلك تفتق ذهن وزير التعليم أبو جحشان عن حل ناجع لهذه المشكلة بأن جعل كل الطلاب راسبين...
وأصبحت جمهورية حمارستان تكرس ثقافة التحمير؛ فالكتابات تتحدث عن الفلسفة الحُمورية النهيقية المنطقية، وصدر الكتاب الحماري الأخضر، وأبرع بعض مثقفي الحمير في تأسيس النظرية الحُمورية في الاقتصاد، وبعضهم أطر نظرية في علم الاجتماع سموها "مقدمة ابن حمارون"، وفي السياسة، أسسوا "النظرية الحمورية السياسية النهيقية" والتي بمقتادها تحول الأعداء إلى أصدقاء ويجب حمايتهم الدفاع عنهم، وتحول بعض الشعب المشاغب والذي امتنع عن تناول البرسيم إلى أعداء وتم رفسهم وسحلهم وقتلهم وتهديم منازلهم وفر بعضهم إلى الخارج...
في الاختراعات:
اخترع العالم العلامة الدكتور الجحش والشهير ب"تور الله في برسيمه" جهاز التبن، وهذا الجهاز العجيب يحول فيروسات الأمراض المختلفة في أجسام المرضى إلى أصابع التبن المتبل، وبالتالي يتغذى المريض على هذه الأصابع، وبالهنا والشفا...
في الغناء:
ذاع صيت "حمارولا" في الغناء، وانتشرت الأغاني من نوعية "بحبك يا حمار" و"يا حبيبي يا حمار" و"يا حمار يا حبيبي"...
وذاعت الآلات النهيقية المتنوعة وموسيقى زريبة حمرون...
وذاعت برامج من نوعية:
أين تنهق هذا المساء؟
منْ سيربح البرسيم؟
الاتجاه المناهق
نهقنا لك
الكورة مع حمارون
وو...
وانتشرت أفلام من نوعية:
النهاقون الثلاثة
نهاقون لا يخافون الموت
النهقايا
النهيق في خطر
على نهقتي
وو...
في كرة القدم:
كان أكبر ناديين هما نادي البرسيم ونادي التبن، وجمهورهما البرسمياوية والتبناوية.
من المعروف أن مباريات كرة القدم تبث الشحناء والبغضاء بين الأندية بسبب مكسب مباراة أو مكسب الدوري أو الكأس، ولكن في دولة حمارستان، أمر وزير الرياضة أبو نهقة، كلَّ فريق بأن يدخل الكرة في شباك نفسه؛ وبالتالي كل فريق يخرج منهزما، والنتيجة (صفر 90) لكل فريق، ولادعي للشحناء والحقد من منهزم لفائز...
وكان الفريق القومي الحمارستاني حينما يلعب المباراة مع فريق منافس يحصل على ذات النتيجة وهي (صفر 90)...
في السياسة:
عاد الأفراد الذين فروا من ديكتاتورية الحمارستاني والذين امتنعوا عن تناول الرغيف البرسيمي والبرسيم وقاموا بثورة خلعته، ولكن شعب حمارستان العظيم بعدما أضحت قوة كل فرد 2013 حمارا (ما شاء الله على قوة الدفع الحمارية) بعد أكل التبن، أعاد الزعيم الحمارستاني إلى الحكم مرة ثانية، وتم رفس وسحق هؤلاء الأفراد الثوريين، ونهق الشعب بأعلى صوته:
"يحيا الزعيم الحمارستاني الأعظم... يحيا... يحيا... يحيا"...
"بالروح والنهيق نفديك يا حمارستاني"...
"بالروح والبرسيم نفديك يا حمارستاني"...
"بالروح والتبن نفديك يا حمارستاني"...
في السياحة:
ازدهرت السياحة في حمارستان لمشاهدة جهاز التبن العظيم والذي اخترعه العلامة الفذ الدكتور الجحش، وازدهرت أكثر بدرجة مهولة بسبب مجيء السياح من كل أصقاع العالم لمشاهدة شعب حمارستان العظيم؛ وخاصة أن الجيل الرابع ولد بذيل من كثرة تناول البرسيم والتبن، أما الجيل الأول فكان يضع الحدوة على رأسه بافتخار وعزة وكبرياء، وما زلت أغانيه تصدح وهو تهتف النشيد الوطني:
"حماري حماري لك عشقي وفؤادي
نهيقي نهيقي لك حبي ومنخاري"...
ولكن الجيل الثاني والثالث فمتروك للقراء للإبداع في التعبير عنه...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.