مؤشر ثقة الأسر المغربية في وضعها المالي يتحسن.. وآراء متشائمة في القدرة على الادخار    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في صيانة محركات الطائرات    تفاصيل مصادرة أمتعة نهضة بركان بالجزائر    "كان الفوتسال".. أنغولا يتأهل إلى النهائي    نشرة إنذارية.. أمطار ورياح قوية غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    "صيد جديد".. الديستي والأمن بطنجة يطيحون بشبكة لترويج الكوكايين وحجز مبالغ بالملايين وسيارات    الوكيل العام يثبت جريمة الاتجار بالبشر في ملف التازي وينفي التحامل ضده    وزارة الصحة تكشف عن حالة وفاة جديدة بفيروس كورونا    تتمة لمسرحية التصعيد بينهما: إسرائيل تشن هجوماً على إيران.. ولا خسائر تُذكَر    اوزين حسم الصراع مع لشكر: غانمشيو للتصويت على رئاسة لجنة العدل والتشريع    ميراوي التزم بحل الإشكالات التي يمكن إثارتها بعد عودة طلبة الطب للدراسة (بيان)    اليونسكو ضيف شرف الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    سيول: راغبون في مشاركة المغرب بالقمة الكورية الإفريقية الأولى    الجزائر تبرر طرد صحافي بمواقف جون أفريك    حماية المعطيات الشخصية تذكر بشروط تثبيت كاميرات المراقبة في أماكن العمل    وفاة قنصل مغربي في هولندا والسلطات المغربية تسارع اجراءات نقل جثمانه    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    قرار جديد لوزارة الصحة يرفع سعر دواء للسرطان بنحو 973 درهم    السجن المحلي الجديدة 2 ترد على ادعاءات سجين سابق تقول ب "تجويع السجناء"    إطلاق الرصاص على كلب لإنقاذ قاصر مختطفة    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني عن 81 عاما    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    سفيرة المغرب بإسبانيا تتحدث عن سبب تأخر فتح الجمارك بباب سبتة    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمتحانات الإشهادية بين الغش العنف
نشر في صحراء بريس يوم 01 - 07 - 2011


بقلم : ذ. مولاي نصر الله البوعيشي *

صرحت السيدة وزيرة التعليم المدرسي بارتياح كبير وبكثير من الفخر والزهو بأن حالات الغش قد تقلصت هذه السنة بشكل كبير وحسب السيدة الوزيرة التي وجهت رسالة شكر وتنويه لنساء ورجال التعليم في الموضوع فإنه لم تسجل على الصعيد الوطني في امتحانات الباكالوريا سوى 407 حالة غش حالات في مجموع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وسجلت بذلك نسبة تراجع بلغت %21 مقارنة مع السنة 2010 التي عرفت تسجيل 495 حالة غش في امتحانات الباكالوريا و 237 فقط سنة 2009 مقابل 1000 حالة عام 2008 فيما تم تسجيل الرقم الأعلى خلال السنوات الأخيرة بحوالي 1350 حالة غش سنة 2007 وذلك حسب المركز الوطني للامتحانات والتقويم والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات. وهذا يؤشر حسب الوزيرة دائما إلى تنامي الوعي لدى المترشحات والمترشحين بضرورة الاعتماد على الجد والمثابرة والتحصيل للنجاح، كما يؤشر على نجاعة التدابير المتخذة في هذا المجال !!!!!!!
فهل فعلا هذه هي الحقيقة ؟؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار هذه الارٍقام صحيحة ؟ وإذا كانت كذلك --وهو أمر مستبعد -فهل مرد ذلك إلى التدابير الإحترازية المتخذة (تعميم توزيع دليل الامتحانات البكالوريا على كافة التلاميذ بالمجان، لتفسيرالمعطيات المتعلقة بالامتحانات، ولإبراز النصوص القانونية التي تنبه إلى خطورة الغش في الامتحان والعقوبات المترتبة عن ذلك)؟ أم أن سبب هذا التراجع هو التطور النوعي الملحوظ في أساليب الغش بالشكل الذي تعذر معه على المراقبين في مؤسسات عديدة من ضبط حالات عديدة للغش (خصوصا ما يوفره الهاتف النقال من تقنيات عالية ؟ ؟ ام أن هذا التراجع في نسب الغش مرده إلى سياسة غض الطرف وعدم التشدد في المراقبة في بعض المراكز والتساهل مع التلاميذ ؟ أو عدم اتخاذ أي إجراءات تأديبية في حق التلاميذ الغشاشين بناء على تعليمات قد تكون صدرت بعدم التشدد أثناء المراقبة ؟؟؟
وهل تملك وزارتنا المحترمة عصا سحرية تمكنها بين عشية وضحاها من وضع حد لظاهرة مستشرية منذ زمان ومستفحلة منذ إقرار نظام الإمتحانات الحالي سنة 2002 أو لنقل منذ إحداث الأكاديميات ؟؟ لا يمكن لأي كان أن ينكر بأن ظاهرة الغش حاضرة بقوة داخل المؤسسة التربوية، و الجميع يعترفون بشيوع الغش في أوساط التلاميذ والأساتذة ( الإمتحانات المهنية ). و,اصبح الغش في السنين الأخيرة سلوكا عاديا وبل ومحمودا لدى التلاميذ . وكيف لا وهم يعيشون على إيقاع الغش في حياتهم اليومية ومنذ نعومة أظافرهم . إن المدرسة والمجتمع والاسرة يتحملون مسؤولية كبرى في تربية التلاميذ على الغش، فالظاهرة لا ترتبط بالتعليم فقط، بل أصبحت ظاهرة عادية في المجتمع . ماذا تنتظرون من تلميذ . يعيش الغش يوميا .....في الانتخابات، ويرى كيف تبيع أمه وابوه اصواتهما مقابل دريهمات ، و في النتائج الرياضية حيث يسمع صباح مساء عن بيع وشراء في المقابلات والنتائج وفي إسناد تنظيم بطولات....وفي تناول المنشطات ....، و في جودة المواد الاستهلاكية، و في البناء والإصلاح حيث يرى بام عينه المشاريع التي تصرف عليها الملايير تنهار في رمشة عين ومع اول هبة ريح او قطرة مطر .....والغش في ضبط مخالفة ضوابط السير على الطرقات و… و…حيث يشاهد ويسمع ما يدور بين المراقبين ومخالفي القوانين ويرى كيف يتم غض الطرف ....واللائحة طويلة .... ظاهرة الغش استفحلت بشكل مقلق على جميع المستويات والاصعدة ،بل إن الغش بات السمة الغالبة في المجتمع بحيث نجده في المدارس وفي الانتخابات و في التجارة وفي عدم احترام القوانين والأنظمة والأعراف وفي الاغتناء غير المشروع، أو في تزوير النقود...، وفي المحسوبية والوساطة والسمسرة وهذه هي المبررات التي يسوقها البعض ومنهم بعض الأساتذة طبعا لإباحة الغش والدفاع عنه في الوسط المدرسي.
في هذا الجو المشحون بالغش ، لا يبقى للتلميذ / ابن بيئته إلا الغش و النجاح بأي ثمن، ولبلوغ هذه الغاية المثلى ،فإنه يبدع في ابتكار مختلف الوسائل العادية من شراء الدروس المصغرة بواسطة آلات النسخ (الحروزة او الحجابات ) من محلات مختصة في هذه المهمة ،( تخفى بين ثنايا الملابس ) ثم الكتابة على الأيدي، والسيقان، والأذرع، والوسائل الحديثة و المتطورة التي توفرها تقنيات البلوتوت والرسائل القصيرة للهاتف المحمول. والغريب في الأمر أن هذه التقنية الخطيرة في الغش تنتشر بشكل لافت في صفوف الاناث اللاتي يلجأن إلى ارتداء الحجاب أو النقاب أيام الإمتحان لاخفاء السماعات/ الكيت ، لاستقبال أجوبة عن أسئلة / تمارين الامتحان في شكل رسائل من خارج المؤسسة ،إما من أفراد العائلة أو بعض الطلبة الجامعيين، وأحيانا، حتى بعض الأساتذة ، فهناك من يحصل على مواد الامتحان بعد مدة معينة من دخول التلاميذ للقاعات، وهناك من ينقلها إلى المجموعة التي تنجز التمرين، ثم ترسل عبر الهاتف النقال على شكل رسائل يستقبلها التلميذ أو التلميذة في القاعة. ومن الوسائل التي لجأ إليها البعض المغامرين حضور شخص ينتحل صفة المترشح لاجتياز امتحان معين في مادة بدلا منه وقد ضبطت حالات عديدة استعملت فيها البطاقة الوطنية المزورة.وقد استعملت بعض الدول وسائل مضادة لمواجهة تقنيات الغش هذه، تتجلى في وضع جهاز ببناية كل مركز للامتحان يعطل برناج انتقال الترددات والموجات وبالتالي يحول دون وصول المكالمات والرسائل .
لا أريد ان اخوض هنا بتفصيل في الاسباب لأن ذلك قد تناوله الدارسون والباحثون وعلى كل يمكن إرجاع بعض هذه الأسباب إلى طبيعة مواضيع وأسئلة الامتحانات التي لا تستدعي إعمال العقل والتفكير ولا تقتضي بذل مجهود خاص في الفهم والتحليل والاستنباط، بل تتطلب فقط تكرار واسترجاع واستظهار الدروس الملقنة داخل الفصل مما يدفع بالتلميذ والاستاذ على حد سواء إلى الجري ضد الساعة لإنهاء المقرر ، في حدوده الكمية التي يتطلبها الامتحان،.... مما يتعارض جملة وتفصيلا مع الأهداف الرئيسية لنظام الأكاديميات المتمثلة في تطوير وتشجيع البحث التربوي وعقلنة التقويم . والحقيقة ان الاكاديميات / أكاديمية العيون بوجدور نموذجا تكتفي بوظيفة إعداد الامتحانات و تدبير الميزانية الضخمة المخصصة لها من تعويض عن مختلف المهام المرتبطة بها من اكل وشرب واعتكاف واستنساخ وهاتف وبنزين و..و....ويحق لي أن نسمي الأكاديميا اقساما للإشراف على الإمتحانات الإشهادية لان هذا ما تقو به منذ إحداثها . يضاف إلى الأسباب السالفة سبب رئيسي آخر بتمثل في رغبة الشاب /المراهق في الوصول إلى المبتغى بأقل مجهود يذكر..... ولماذا يتعب نفسه والمجتمع يعج بنماذج صارخة لأشخاص تسلقوا سلم الرقي الإجتماعي بدون أي تعب أو عناء …
ونحن نبحث في الاسباب ، لا يجب أن يغيب عن أذهاننا آفة غياب الضمير المِهني لدى بعض (وأؤكد على كلمة بعض) زملائنا الأساتذة سامحهم الله الذين يقصرون في تقديم رسالتهم على الوجه الأكمل سواء من حيث المواظبة أو الشرح أو الدعم وتواطؤ بعضهم مع التلاميذ وأسرهم بمنحهم نقطا لايستحقونها و لا تعكس مؤهلاتهم الدراسية الحقيقية بتاتا ، مما يزرع في التلميذ الخنوع والكسل والإلتجاء إلى الطرق الملتوية و التدليسية .
إن الغش في الامتحانات الاشهادية واثناء الفروض المحروسة ظاهرة تعرفها المدرسة المغربية مند عدة سنوات ولا تخلو منها حتى المدرسة الابتدائية حيث يقف الأطفال الصغار الذين يتلمسون طريقهم في الحياة مشدوهين أمام منظر بعض أساتذتهم من منعدمي الضمير وهم يكتبون أو يملون الاجوبة عن أسئلة الإمتحان على السبورة ابان الامتحان الخاص بالسنة السادسة أجوبة غريبة عنهم لم يسمعوا بها من قبل ومبررهم في ذلك الرغبة في رفع النسبة المائوية للنجاح بمؤسساتهم ليقال إن أساتذة المؤسسة كذا وكذا قد حققوا نسبة عالية في النجاح هذه السنة وهي دعاية لاستقطاب أكبر عدد السنة المقبلة من زبناء الساعات الخصوصية .
ومن الأسباب التي لابد أن نعرج عليها ، عدم رقي مهام الإدارة التربوية إلى مستوى رصد وتشخيص مختلف الظواهر المرضية التي يعرفها الواقع المدرسي، و البحث مع الشركاء عن الحلول الملائمة لها وباستثناء بعض الحالات النادرة التي نسمع أو نقرأ عنها هنا وهناك ، فإن دور إدارتنا التربوية بات ينحصر للأسف الشديد في تنفيذ التعليمات وفي القيام بالوظائف الإدارية المكتبية الروتينية من تسليم وتسلم الوثائق الإدارية والتربوية من المذكرات والتقارير والقرارات والإحصائيات المتداولة بين العاملين بالمؤسسة والمصالح الخارجية للوزارة ،مجرد سعاة بريد .....
هذا دون أن ننسى الطابع الأمني والأجواء غير العادية التي تعيشها المؤسسة ايام الإمتحان من حضور للشرطة وللدرك( في البوادي) وقوات مساعدة ومرابطتها بجوار المؤسسة بالإضافة إلى هذا الجيش العرمرم من المراقبين والملاحظين وملاحظي الملاحظين و الغرباء على المؤسسة والجديدة وجوههم على التلاميذ ؟ مع تلك الطقوس المصاحبة .... أليست هذه إجراءات غير عادية تثير الخوف والرعب في نفوس المترشحين ؟ ألا يدعو هذا إلى استفزاز التلميذ أليست هذه دعوة غير مباشرة لرد فعل غير محسوب العواقب ؟ أين نحن من الطابع التربوي للإمتحان ؟
هناك سبب آخر وجيه وهو أن ظاهرة الغش نتيجة حتمية للسيولة الناتجة عن الخريطة المدرسية التي تتحكم في عملية انتقال التلميذ من مستوى إلى آخر بعيدا عن معايير المعدلات والمستوى الدراسي والمؤهلات والقدرة على المسايرة ,اصبح التلميذ بفضل الخريطة المدرسية رقما فقط لا غير يزيد وينقص في ارتباط وثيق بالمقعد وبالمواد المادية والبشرية الأخرى المرتبطة به .
و اسمحوا لي أن أحكي لكم في هذا الباب هذه القصة :" أخبرني أحد الجيران ان ابنه الذي يتابع دراسته بالسنة الأولى ابتدائي لا يعرف لا القراءة ولا الكتابة وبالكاد يستطيع فك بعض رموزها ، وقد استغرب الوالد عندما علم بانتقاله ابنه إلى القسم الأعلى، وهو وضع غير طبيعي بالنسبة إليه ،في مما حدا به إلى الإتصال بإدارة المؤسسة ملتمسا منها أن يكرر ابنه هذا القسم نظرا لضعف مستواه ، لكن لدهشته فإن طلبه قوبل بالرفض القاطع لأن تعليمات مدرسة النجاح تفرض نجاح الجميع وانتقال الجميع الى القسم الأعلى ...."
ألا يجب أمام هذه الوضعية المزرية مراجعة مفهوم الخريطة المدرسية ومفهوم مدرسة النجاح على أساس لا انتقال من مستوى إلى مستوى اعلى بدون معدل .وأن القرار النهائي والأخير في ذلك يرجع إلى مجلس الأساتذة لا إلى أرقام وتعليمات الخريطة المدرسية ولا إلى منطق مدرسة النجاح ....النجاح أوصافي .
ان اعتماد الخريطة المدرسية والتي تحدد مسبقا عدد الناجحين بغض النظر عن مستواهم وعدد المقاعد بغض النظر عن محتواهم,جعلت التلميذ المجد والكسول في نفس الكفة,وجعلت المدرس يضخم المعدلات في نهاية السنوات لأن النجاح مضمون وما عليه الا أن يبرهن على كفاءته من خلال تفننه في نقطه.ليصل التلميذ الى السنة السادسة ابتدائي جاهلا لكل حروف الكتابة ولأبسط العمليات الرياضية .
ورغم أن تفشي ظاهرة الغش قد أدّى إلى مزيد من التشكيك في المنظومة التعليمية وقيمة الشواهد المحصّل عليها وخصوصا على الصعيد الدولي ، وبالرغم من أن مضارَّ الغش تمتد إلى ما بعد الدراسة، فالموظف أو المهني الذي اعتاد الغش أثناء تعليمه والذي حصل على شهادته بالغش ، قد يسهل عليه الغش في مهامه ويسهل عليه استباحة المال العام، والكسب بالطرق غير المشروع و تزوير في الوثائق الرسمية المؤتمن عليها وإفشاء أسرار مهنته بكل سهولة ويسر أما الرشوة فقد تعلمها من شراء نقطه .
ورغم كل ذلك فان هذه الظاهرة مغيبة من الانشغالات اليومية للوزارة و للأكاديميات والنيابات والمؤسسات التعليمية على حد سواء .، و لم يسبق لأي جهة من هذه الجهات –على حد علمي - أن تجرأت وطرحت على بساط الدراسة والبحث والنقاش والتحليل هذه الظاهرة في مختلف مجالسها بدءا بالمجالس الإدارية للأكاديميات وانتهاء بمجالس الأقسام .
لا بد من فتح نقاش واسع ومستمر حول هذه الظاهرة والوقوف عند اسبابها الحقيقية سواء عن طريق ندوات وعروض ونقاشات وو وضع برامج وصياغة اقتراحات قابلة للتنفيذ، لتجاوز هذه الظاهرة التي تسيء لمصداقية الشهادات المدرسية بشكل خاص وتسيء للعملية التربوية برمتها . ووضع خطط ناجعة للقضاء عليها أو على الاقل محاصرتها و التقليص من آثارها،
العنف الممارس على المراقبين أثناء الإمتحانات الإشهادية
من النتائج المباشرة لهذه الظاهرة ، ما يعانيه الأساتذة المكلفون بالحراسة أثناء الامتحانات الإشهادية من عنف جسدي ولفظي .
ففي ظل سلبيات التقويم التربوي العمول به حاليا وفي ظل غياب مجموعة من القيم، و الأخلاقيات وفي ظل التساهل الشديد مع مختلف الظواهر السلبية التي تعرفها المدرسة وفي ظل غياب رؤية ومنهجية واضحة للقضاء على هذه الظواهر ومنها الغش . في ظل كل هذا وغيره يصعب على الأستاذ المدرس المجد المتفاني في مهمته و المراقب النزيه المتحلي بأخلاقيات المهنة، والمؤمن بمبدأ تكافؤ الفرص، والساهر على إجراء الامتحان في جو خال من مظاهر الغش، أن يقوم بواجبه على الوجه الأكمل . وإذا فعل فإنه سيصبح حالة شاذة في نظر الآخرين من زملائه ،وفي نظر الممتحنين . وأمام الإصرار الكبير لمعظم المترشحين وأسرهم على الغش بأي ثمن ،يبقى المدرس / المراقب النزيه ، أبرز ضحايا نظام هذه الامتحانات ، فإما أن يكون سخيا ومتواطئا ومساهما بعين "ميكا" و مشاركا في الإجابة على بعض أسئلة الامتحان إذا كانت المادة تدخل ضمن تخصصه أو ضمن اهتماماته ، أو يعمل ساعي بريد يحمل الأجوبة من هذا إلى ذاك متنقلا بين الصفوف وإما فاللويل له من غضب المترشحين وأسرهم الذين ينتظرونه عند الخروج حيث يتم اعتراض سبيله وتعنيفه بالسب والشتم أو ضربه بالأيادي وبالأسلحة البيضاء والحجارة ، دون أن ننسى تعرض البعض منهم للكم والكلام الساقط داخل قاعات الحراسة، من طرف التلاميذ الذين حُرموا من الغش، والذين يحضر بعضهم في حالات غير طبيعية.
لقد اصبحت ظاهرة الإعتداء على الأساتذة /المراقبين عادية بعد انتهاء الإمتحانات الإشهادية ك
ما تصبح بعض المؤسسات الثانوية والاعدادية بالعيون سنويا مسرحا معروفا لهذه السلوكات حيث نسمع بوقوع معارك ضارية داخل الفصول بين المترشحين والمراقبين ، يتعرض فيها الأساتذة لشتى اصناف السب والشتم والوعيد بل منهم من يضرب ويلكم ويرفس كما يتعرضون لوابل من الحجارة ولا يستطيعون مغادرة مراكز الامتحانات الا تحت حراسة أمنية ،ذنبهم أنهم أدوا مهمتهم داخل اللجان المكلفة بمراقبة الامتحانات ومحاربة ظاهرة الغش بكل جدية وحزم.وذنبهم كذلك أن بعض زملائهم "طلقوا اللعب "في القاعات المجاورة وهو ما لايقبله الممتحنون ويعتبرون ذلك حيفا وظلما جيب أن يكون تكافؤ الفرص حتى في الغش أما أن نكون صارمين مع الجميع أو متساهلين مع الجميع .
وللإشارة فإن بعض هذه الإعتداءات تنجم عنها إصابة أحيانا خطيرة ( تم الإعتداء جسديا على أستاذ اصيب من جرائه بكسر في كتفه ..)ناهيك عن الحالات المسجلة عل الصعيد الوطني وابرزها اعتداء كولونيل بزيه العسكري على أستاذ أمام ثانوية الحسن الثاني بمراكش
يجب أن تعي الوزارة أن الاعتداء على الأساتذة خلال أدائهم لمهامهم هو هجوم على مخططاتها التي أفرغت المدرسة العمومية من محتوياتها وبالنسبة للتلميذ فالاستاذ هو رمز هذه المخططات وهو منفذها فاين سيجدون الوزيرة أو الوزير ليضربوه بالحجارة أو ليشبعوه سبا وشتما .
*ملحق الإدارة والإقتصاد
عيون الساقية الحمراء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.