حين نقول المغرب باللغة العربية أو "لوماروك" بالفرنسية ، يكون ذلك بصيغة المذكّر . وحين نقول فرنسا أو "لافرانس" ،فإن ذلك يكون بصيغة المؤنّث سواء بالعربية أو بالفرنسية. فالمغرب الذي... ليس هي فرنسا التي ... لو استحضر السفير الفرنسي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، الذي كشف عن وجهه القبيح ، وانكشفت سوءاته بعد أن سقط عنه رداء الحصانة الدبلوماسية التي لا تغطّي بقدر ما تعرّي، لعرف أن المغرب الذي قال فيه ما قال من كلام ساقط وتافه، أكبر بكثير من آلاف الكائنات مثله التي حاولت قبله ومن بعده الإساءة إليه ،فكان مصيرها إلى مزبلة التاريخ . قطعا ، لن يكون السفير فرانسوا دولاتر في مستوى وحجم الماريشال ليوطي الذي ذاق المرائر سنوات طوال قبل أن يعلن عمّا سمّاه بالتهدئة في المغرب ،أي إخضاع المملكة لقوة الحديد والنار، علما أن فرنسا لم تدخل المغرب كقوّة احتلال ،كسائر البلدان التي استعمرتها، بل كقوة حماية . وقتها، لم يكن الحديث يدور عن صنوف وأشكال التعذيب التي كان الفرنسيون يتلذذون في ممارستها على شعب أعزل بعد أن اختطفوا السلطان الشرعي محمد بن يوسف وأسرته ، ويتم ترحيل الجميع إلى كورسيكا قبل نقلهم إلى مدغشقر. الفرق بين الماريشال ليوطي والسفير دولاتر ،هو أن ليوطي العسكري عرف وخبر المغاربة في الميدان ،بينما لم يستطع دولاتر الدبلوماسي أن يتعرّف على نفسه أمام المرآة،فبالأحرى أن يعرف الآخر. وقبل ليوطي ،كان ملوك فرنسا ، الذين يطلبون ودّ وحماية المغرب، على معرفة تامة بقيمة المغرب كدولة وحضارة وثقافة . وحتى في أسوأ الأزمات بين الرباط وباريس ،لم يتجرأ عتاة وجبابرة الاستعمار الفرنسي على إطلاق الكلام على عواهنه ،لأنهم كانوا يدركون جيدا أنهم يتعاملون مع دولة ،كاملة الكيان وقائمة الذات ، رغم أن الظروف جعلتها تحت سيطرتهم . كما أن السفير المذكور لن يكون في مستوى قبح دانييل ميتران ،سيدته الأولى السابقة ، التي حاولت أن تكيل للمغرب ما كانت تحلم به ،فتم ردّ بضاعتها إليها بأحسن ما يكون ، وعادت إلى مقبعها وهي تجرّ أذيال الخيبة ، نادمة على المقلب الذي أوقعها فيه كائنات من فصيل السفير دولاتر. السفير غير المحترم، ربّما،لا يعلم أن المغاربة عرفوا فرنسا ،قبل أن يصبح هو فرنسيا، وأقاموا معها علاقات رغم أنهم لم يكونوا متيّمين بها ، ومع ذلك قاموا بحمايتها في وقت كانت تتعرض للاغتصاب الفظيع الذي كان يتناوب عليه النازيون والفاشيون. و هؤلاء المغاربة هم الذين ساهموا في تحريرها من قبضة هؤلاء وأولئك ، كما ساهموا في بناء اقتصادها حتى وقفت على رجليها ليأتي أسلاف السفير دولاتر ويشرعوا في قتل المغاربة أو طردهم في أحسن الأحوال. السفير غير المحترم، ربما، لم يدرك أن كلامه الشاذ الذي يعبّر في العمق عن حالة شذوذ يعاني منها، "جعل الغاز في الماء" كما يقول الفرنسيون بين الرباط وباريس. لذلك، على فرنسا أن تقوم بالتطهير اللازم لبيتها الذي لطّخته قذارة السفير دولاتر، وتجبر الضرر الذي أصاب العلاقات المغربية الفرنسية ليس بالتعبير عن الأسى والأسف من خلال بلاغ بدون روح. المغرب ليس في حاجة لهذا، كما أنه ليس في حاجة لتلقّي دروس من أيّ كان، ولو من فرنسا، في مجال حقوق الإنسان ، فما اقترفه الفرنسيون من انتهاكات وخروقات جسيمة للحقوق الإنسانية ما زال محفورا في الذاكرة المغربية وفي الأرشيفات الفرنسية . ليفتح السفير دولاتر غير المحترم سجلاّت بلده ويتمعّن فيها ويقرأها كفى بنفسه .لكن ممارسة شذوذه لا تسمح له بالاطّلاع على المعاملات الشاذة التي قام بها من سبقه من أسلافه المستعمرين. المغرب الذي ... ليس هو فرنسا التي... و"لو ماروك" ليس هو"لافرانس".