قد يباغتك ابنك بسؤال لا تود سماعه مثل الكثير من الآباء الذين يشعرون بالحرج عندما يستفسرهم أولادهم عن سر الفوارق الطبقية الموجودة بين الناس، وقد يأتي السؤال بصيغة تحمل الكثير من القسوة المغلفة ببراءة الأطفال، «بابا علاش معندناش الفلوس بحال اللي عند عائلة صاحبي». قد يكون السؤال مربكا لكنه وارد الطرح في أي لحظة لذا يستحسن أن يجهز الآباء الصيغة المناسبة للإجابة على هذا السؤال، كما يستحسن أخذ التدابير التربوية اللازمة حتى لا يطرح هذا السؤال من الأصل وإن كان الأمر صعبا بعض الشيء خاصة في السنوات الأخيرة التي يرى فيها الدكتور عبد الله زيوزيو مؤشرا على ظهور الكثير من الفوارق الكبيرة بين الأطفال داخل المدارس سواء على مستوى اللباس، أو مصروف الجيب الذي يمنحه الأباء لصغارهم حيث يترواح مصروف البعض ما بين 50و100 درهم في اليوم. وقوف الأطفال على قيمة المصروف الذي يمنح لزملائهم في المدرسة، إضافة إلى نوعية الملابس التي تعد تمظهرا للإنتماء العائلي والغنى بسبب غياب الهندام الموحد، كفيل بدفعهم نحو التساؤل عن سر هذا التفاوت خاصة خلال المرحلة الإبتدائية والإعدادية. ويرى الدكتور زيوزيو أنه في حال طرح الأبناء للتساؤل حول الإختلاف الطبقي انطلاقا من المظاهر داخل المدرسة، يتوجب على الأسرة الاتصال بالمسؤولين عن المدرسة قصد التوصل لحل معقول من خلال ضبط بعض الممارسات مثل منع بعض الأطفال من التباهي بمصروفهم اليومي، أو فرض الوزرة لتجاوز الفوارق على مستوى الملابس. ينصح أولياء الأمور أيضا بإشراك أطفالهم في مسألة تدبير مصاريف البيت من خلال إخبارهم بأجرة الأب، وطريقة صرفها من خلال تقديم تفاصيل للابن عن كيفية تخصيص جزء منها للكراء، والطعام، وفواتير الماء والكهرباء وغيرها من المصاريف ليعي الطفل جيدا حقيقة وضعه المادي. إشراك الإبن في كيفية صرف أجرة الأب يجعله أكثر وعيا بحقيقة الوضع المادي للأسرة، مما يمنعه من المطالبة بأشياء تفوق إمكانياته المادية المتاحة، إضافة إلى الإبتعاد عن طرح السؤال حول السر في تمكن بعض زملاء الدراسة من الحصول على أشياء لا يستطيع هو الحصول عليها، لأن وعيه بالوارق ترسخ بطريقة غير مباشرة. من النصائح التي يوجهها زيوزيو للآباء، الإبتعاد عن التضحية ببعض المسائل الأساسية داخل المنزل من أجل تلبية رغبات أطفالهم، ويتعتبر الإختصاصي النفسي أن هذه الخطوة الخاطئة لا تشعر الأبناء بوضعهم المادي الحقيقي، حيث يتمكن الإبن من الحصول على حذاء غالي أو لباس تساوي قيمته مدخول ووالده الشهري، مما يفرض على الأسرة الإقتراض من أجل تدبر مصاريف باقي الشهر، وهذا ما يفسر وضع الكثير من الأسر التي أصبحت تلجأ للقروض من أجل العطلة، واقتناء الملابس، وتسجيل أبنائهم في مدارس خاصة، أو توفير العيد… «تعويل الأسرة على القروض يصبح أشبه بالفيروس الذي ينتقل من الآباء إلى الأبناء» يقول زيوزيو الذي يرى أن الأبناء بدورهم يعولون على القروض من أجل العيش في مستوي يفوق استطاعتهم وميزانيتهم، وهو ما يرسخ لدى الأبناء فكرة الحصول على مايريدون بأي طريقة مما ينعكس على سلوكات بعض التي تتطور للدخول في مساومات مع أشخاص بالغين من أجل الحصول على ما يريدون، كما هو الحال لبعض الفتيات اللواتي يتعرفن على رجال من أجل الحصول على بعض الملابس المسايرة للموضة لأنهن تعودن الحصول على كل ما يطلبنه، « لذا لا يجب غض النظر عن هذه السلوكات ولا يجب على الآباء تلبية جميع الرغبات التي تفوق قدراتهم المادية، بل يتوجب عليهم أن يصارحوا أطفالهم بعبارة مباشرة.. ها باش حنا عايشين..» إعداد سكينة بنزين